الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة المتخصصة بالخطـب والمحاضرات 🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه •~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~• للتواصل مع إدارة القناة إضغط على الرابط التالي @majd321
للاشتراك في اللستة تفاعل نار🔥
دعـــــم طـــريــق الـــخـيــر🌪⬆️
فلقدبذلوا جهدا كبيرا...في سبيل هذا الدين...بامتثاله وحفظه.. ونشره.. والدعوة إليه..
...حيث سهروا الليالي وسافر وا في الصحاري والقفار....وحافظوا عليه من التحريف والتبديل.. والزيادة والنقصان...حتى وصل إلينا غضاطريا...فرضي الله عن المهاجرين والأنصار ...وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين...
-قال الله وهو أصدق القائلين:
((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ))..
-بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم..
وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيمَ لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
-الخطبة الثانية👇
الحمد لله وحده..والصلاة
والسلام على من لا نبي بعده .
أمابعد:
أيها الأحبة:
*الإسلام لا يُغالبُ جندُه*
*حاصـروا غزة.. حدّ الخنق، وقاتلوها قتال تمني الاجتثاث ..والاستئصال.. وذهاب الريح !!!*
*وبعد 20 شهراً جاءوا يفاوضونها مفاوضة الاعتراف.. بشرعيتها، وصلابتها، ووجودها، وثِقل أقدامها.*
*يقرون مذعنين أنّ الأفكار لا تجابه بالحديد؛ ...وأنّ الإيمان لا يؤثر فيه إجلاب باطلٍ مَريد،.. وأنّ الإسلام لا يُغالبُ جندُه،.. ولا تُكسر رايتُه،.. ولا تُهزم عزمتُه،.. وهو وإنْ حورب وأثخنته الجراح.. لكنه لا ولن يموت.. حتى يُظهره الله على كل ملة ونحلة أرضية.. بأيدي أولياء الله وجنده في ميادين العزّ.*
*﴿هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ﴾ [التوبة: 33]*
*سيمضي أولياء الله لقدرهم.. بالتمكين والعلوّ في الأرض ولو كره المجرمون، ...سنة الله الماضية في الدعوات ولن تجد لسنة الله تبديلا.*
*قل للذين يرقبون سقوط دعوتنا.. ويلكم...متى رفعت للجهاد رايةٌ لتُهزم القهقرى.. ويحكم.*
*إنّا على وعد النصر نرقب زمانه ..نصول ونجول.*
*وإنّا بالغو زمانه.. ولو كُسّرت النصولُ على النصول.*
*قال الله الحكيم العزيز: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغلِبَنَّ أَنا وَرُسُلي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزيزٌ﴾ [المجادلة: 21]*...
صحابة النَّبيِّ ﷺ بيننا!
لا أعتقدُ أنَّ أحداً منّا لم يتساءل بينه وبين نفسه، ولو مرَّةً واحدةً على الأقل، وهو يقرأُ عن بطولاتِ الصّحابة: أهؤلاء بشرٌ مثلنا؟!
ثمَّ جاءتْ غزَّة وأزالتْ عنَّا في أقل من عامين دهشةً عمرها أكثر من ألفٍ وأربعمئة سنة! وأخبرتنا أنَّ السِرَّ كلّه في الإيمان، هذا الشيءُ العجيب الذي إذا استقرَّ في القلبِ، وامتلأتْ به الرُّوح صار النَّاسُ لا يُشبهون بقيَّة النَّاس! كان الصَّحابةُ بشرٌ، وبطولاتهم حقيقيّة، ولكنّ الاستغراب منّا منبعه أنّ قلوبنا لا تُشبه قلوبهم! وإننا اليوم نتساءل بذات الدَّهشة القديمة: أحقًّا أهل غزَّة بشرٌ مثلنا؟!
نحن لم نرَ بلالاً حين كان يُردِّدها في وجه أُميّة: أحدٌ، أحدٌ!
ولكننا رأينا أهل غزَّة يرددونها صباح مساء، بألفِ صيغةٍ وصيغة!
نحن لم نرَ سُميّة وهي تبصقُ في وجه أبي جهلٍ، تُمرِّغَ كبرياءه أمام النّاس،... ولكننا رأينا أمهّات غزَّة يحملنَ جثث أولادهُنَّ دون أن تنزل من أعينهنَّ دمعة يشمتُ بها الصّهاينة،.. ويُردِّدنَ: فداء للأقصى...يارب خذ من دمنا حتى ترضى..
نحن لم نرَ أنسَ بن النّضرِ يوم أُحدٍ وفيه أكثر من سبعين ضربة، يجود بآخر أنفاسه موصياً: لا عُذر لكم إن خُلِصَ إلى رسول الله ﷺ وفيكم عينٌ تَطرِف!... ولكننا رأينا الشّهيد السّاجد،.. من إمامة المسجد إلى ميدان القتال، إلى الجنّة! ان شاءالله.
نحن لم نرَ عكرمة يطلبُ البيعة على الموتِ يوم اليرموك،.. ولا رأينا البراء بن مالكٍ يطلبُ أن يُلقى من فوق السُّور يوم اليمامة،... ولكننا رأينا مجاهدي الكتائب وهم يهجمون على دبابة الميركافا ويُلصقون عليها عُبوّة شواظ!
نحن لم نرَ سالم مولى أبي حُذيفة يوم اليمامة وهو يحملُ اللواء ويقول: بئس حامل القرآن أنا إذا أُوتيتم من قِبَلي! ولكننا رأينا بأس كتيبة الحُفّاظ تبثُّ صور أقدامها وتحتها رؤوس جنود الاحتلال!
نحن لم نرَ أبا دُجانة يتبخترُ في مشيته، ولكننا رأينا أبا عُبيدة واقفاً بعزَّة المؤمن وهو يقول: قصف تلِّ أبيب أهون علينا من شربة الماء!
نحن رأينا شيئاً قليلاً من البأس والشجاعة والصّبر والتسليم والوجع، وكثير من هذا لم نره، هناك حكايا ستُروى لاحقاً، ستخبرنا غزَّة أن فيها أشباه الصّحابة، وستخبرنا بما هو أهمّ، ستخبرنا أن الصّحابة كانوا كما قرأنا عنهم حقّاً وأنهم قابلون للتكرار، وويلٌ لهذا العالم منّا إذا نهضنا!
ويسألونك متى هو.. قل عسى أن يكون قريبا.
كلمة " يبتغون " هنا من أفعال القلوب،..فلا أقول لك ابتَغِ بيدك، أو برجلك، أو بكلامك؛ ... لأن الابتغاء.. فعلٌ قلبي، ..فهؤلاء المهاجرون، ما هو مقصدهم؟؟ ما هي نيَّتُهم عندما هجروا الدار والمال والوطن؟
هل كانوا فقراء في مكة، ووجدوا المدينة بلاد رفاهية وسَعة في العيش والرزق، ولأجل ذلك هاجروا؟
لا، ليس ذلك، بل قال الله عنهم وعن مقصدهم: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} ... فالمقصد الوحيد لهم هو أنْ يتفضَّل الله عليهم ويرضى عنهم.
ولسان حالهم:
يا ربِّ رِضَاكَ خير من الدنيا وما فيها
يا مالكَ النَّفسِ قَاصِيهَا ودَانِيهَا
فليْسَ للنَّفْسِ آمَالٌ تُحَقِّقُهَا
سوى رِضَاكَ فذا أشْهَى أَمَانِيهَا
- فَليتَصَوَّرْ كل واحد منا.. أنه هَاجَرْ من بلده وأحبابه ومَاله.. مِنْ أجل أنْ يحْصُلَ على رضا الله ؛ ربه وخالقه ومالك أمرِه.
،
_وليس له أيُّ غرضٍ دُنيوي، ولا مصلحةٍ نفسية؛.. لأنه لو كان لهم مصلحةٌ نفسية أو غَرَضٌ دُنيوي، فليسوا من المهاجرين إلى الله ورسوله؛... لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بيَّن لهم وللجميع بقوله: (( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)).
ثم قسَّم الهجرة هجرتين فقال: «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ، وَ رَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ».... هؤلاء يدخلون تحت قول الله عز وجل: { يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}، .
ثم قال عليه الصلاة والسلام: ((«وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ {ينكحها}يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»)).
أي: لو كانت هجرتُه من أجل رزقٍ يبتغيه أو امرأةٍ يحبها يجتمع بها في المدينة فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ. والحديث رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فهذه هي النفسية التي كانت عند المهاجرين،... جعلتْهم يرتفعون إلى مرتبة...يقول الله عنهم:
((وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)).
-حيث تبيَّنَ أنَّ هَدَفَهم الوحيد... هو رضا الله عنهم، ونُصْرَةُ اللهِ ورسوله.
وأمَّا النفسية التي كانت عند الأنصار... فقد وصفهم الله بالإيمان.. والمحبة.. وسلامة القلوب.. والكرم والإيثار،... قال الله تعالى في حقهم:
((وَالَّذِينَ تبوؤوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ))
فهم بَذَلُوا دِيارَهم.. ووطنهم.. وأرضهم.. لإخوانهم المهاجرين، قال تعالى:((وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ))...
فهم من استوطنوا الدار.. وَمَنْ هيأوا أنفسهم وديارهم... قبل وصول المهاجرين...والمعنى: أنَّ المهاجر.. لم يصل .. إلا وقد استقبلته قلوب الأنصار قبل أن تستقبلهم البلد ...لأنَّ هذه القلوب.. قد امتلأَتْ بالإيمان،... فهان عليها البذل، وسَهُلَ عليها التضحية.
ثم قال الله عز وجل في حق الأنصار كذلك:((يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ)).
والمحبة عمل قلبي،.. فقد أُخبركَ بأنني أُحبُّكَ.. وأتظاهر بذلك.. مع أنني لا أحبك وأدَّعي أنني أحبُّك،
...ولكنَّ اللهَ.. الذي اطَّلع على قلوب الأنصار.. فوجدها مليئَةً بحبِّ المهاجرين.. فقال:
((يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ)).
وهذه شهادةمن الله لهم..وليست شهادة من البشر..
-ثم إنَّ عليك أنْ تتصوَّر في واقعنا،...فقد يكون هناك تسجيل أسماء..إما في منَظَّمات إغاثة... أو غيرها.. مما يجعلك تأخذ منها بعض المال أو التغذية،... فماذا لو سجلوا اسم جارِك أو صاحبِك
..وأنت لم يسجِّلوا اسمك،.. ووجدْتَّه يستلم المال أو الغذاء أو غيرها،.. وأنتَ لم تحصلْ على شيءٍ من ذلك؟
ما هي المشاعر التي ستَحْمِلُها في قلبك؟
هذه المشاعر ستكون على الأقل مشاعر حقْدٍ وبُغضٍ وكراهة...هذا إنْ لم تُحْدِثْ مشكلة بسبب هذا.
-ولكنْ عليك أن تنظر.. ماذا كانت مشاعر الأنصار.. حين كان يُعطى العطاء لغيرهم .. وهم لم يأخذوا شيئًا،... قال الله تعالى عن ذلك: ((وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا)).
فهذه هي المشاعر التي كانت عند الأنصار،... لا يجدون في صدورهم حاجةً ..يعني: لا حقدًاولاضغينة ولا حسدًا ...
بل وكانت لهم ميزة أعظم من ذلك..... فقال الله عنهم: ((وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ))..
فهم يؤثرون غيرهم؛ لأنَّ البعض قد يتصوَّر أنَّ الأنصار كانوا في رفاهية وغنًى زائد حتى يعطوا الغير،.. لا..
لم يكونوا كذلك،.. بل كانت تمرُّ بهم مراحل فقر، كما وصفهم الله بقوله:((وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)). والخصاصة: هي الفقر...
كذلك ينبغي -أيها المسلمون- الاحتسابُ في قضاء الديون عن المعسرين الذين ثبت إعسارهم، ولا سيما مَنْ استدان لحاجة أو ضرورة، ويجوز إعطاؤهم من الزكاة وغيرها، قال صلى الله عليه وسلم "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كُرَب يوم القيامة، ومن يَسَّرَ على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة" أخرجه مسلم.
ويجوز أن تعطى الزكاةُ للدائن أو الغريم مباشرة، ولو لم يأذن المدين، مع التَّحري في ذلك والتثبت.
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عمن سواك.
اللهم إنا نعوذ بك من المأثم والمغرم.
اللهم اقضِ الدين عن المدينين ويسر أمورهم وفرج كروبهم.
عبادَ اللهِ: صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]
عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*التحذير من التساهل في الديون*
*للشـيخ / إبراهـيــــم الحـميـضـي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا.
أما بعد أيها المسلمون فإن المال قيامُ الحياة، تقوم عليه معايشُ الناس ومصالحهم، كما قال تعالى: ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ﴾ [النساء: 5]
وقد يحتاج الإنسانُ إلى مالٍ لقضاء حاجته أو حاجة عياله، أو إقامة تجارته أو زراعته، ولا يجدُ من يُقْرِضُهُ قرضًا حسنًا، فيلجأُ إلى الدَّين، وذلك بالسَّلم، أو الشراء بأجل، أو بالتقسيط، أو التَّوَرُّق، أو غير ذلك من صور الدَّين.
وهكذا التُّجَّار، قد لا تَرُوج بضائِعُهم بالبيع الحاضر، فيحتاجون إلى المداينة، والبيوع الآجلة؛ لتسويق تجارتهم وتحريك أعمالهم.
وقد أباح اللهُ تعالى الدَّينَ وجعل له شروطًا وآدبًا، تحفظ الدائن والمدين، مما يترتب عليه من أخطار ومفاسد دينية ودنيوية.
قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى... ﴾ [البقرة: 282].
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يُسْلِفون بالتمر السنتين والثلاث، فقال: "من أَسلف في شيء ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم". متفق عليه.
فينبغي للمسلم أن يراعي شروط الدَّين وآدابَه، ويحذر من المعاملات المحرمة بأنواعها.
أيها المسلمون: لقد تساهل كثيرٌ من الناس اليومَ بأمر الدَّين فاستدانوا لغير حاجة، وماطلوا في القضاء، أو استدانوا ما لا قدرةَ لهم على الوفاء به.
وكان الناسُ فيما مضى يستدينون للضرورة أو الحاجة الماسَّة، كَقُوت عيالهم، أو بناء بيوتهم، أو إصلاح مزارعهم، أو بضائع دكاكينهم، ونحو ذلك، وبقدر ما يحتاجون إليه، أما اليوم فأصبحت معظمُ الديون للإنفاق على الكماليات من أثاث فاخر، أو سيارات غالية، أو أسفار سياحية، أو حَفَلَاتٍ باذخة، وغير ذلك، ولا سيما مع إغراءات المُمَوِّلين، وتبسيطهم إجراءات التمويل.
ومنهم يستدين للدخول في مغامرات تجارية غيرِ مدروسة، استعجالًا للثراء، ولذلك قلَّ اليومَ أن تجد بيتًا لم يدخله الدَّين.
عباد الله: لقد عظَّم الإسلامُ شأنَ الدين وحذَّر من التساهل في قضائه؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة على الدائن والمدين، في الدنيا والآخرة، وهذا أمرٌ مشاهد، فكم من غنيٍ أو مستورٍ افتقر، وتعرَّض لإيقاف الخِدْمَات أو الحبس، بسبب تراكم دينه، وكان في غِنَىً عن ذلك، لو قَنِع بما عنده، ولم يتساهل بالدين، وقد يطالُ الضررُ أولادَه وأهلَ بيته، عافانا الله وإياكم، وأغنانا بفضله عما سواه.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام يترك الصلاة على مَنْ عليه دَيْنٌ ليس له وفاء؛ كما في حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بجنازة ليصلي عليها فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة أخرى فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: عليَّ دينُه يا رسول الله، فصلى عليه" أخرجه البخاري.
ولما فتح الله تعالى على المسلمين، وأفاء الله عليهم، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي مما أفاء الله تعالى عليه ديونَ المدينين ويصلي عليهم، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين، فيسألُ: هل ترك لدينه فضلًا؟ فإن حُدِّث أنه ترك لدينه وفاءً صلى، وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم، فلما فتح اللهُ عليه الفتوحَ قال عليه الصلاة والسلام: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن تُوفي من المؤمنين فترك دينًا فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته" متفق عليه.
وقال سعيد بن المسيب -رحمه الله تعالى-: "كتب إليَّ بعض إخواني من أصحاب رسول -صلى الله عليه وسلم-: أن ضعْ أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظننَّ بكلمةٍ خرجت من امرئ مسلم شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً" رواه البيهقي.
أسأل الله تعالى أن يحفظنا والمسلمين من وساوس الشيطان، ومن القيل والقال، وأن يجعل قلوبنا سليمة على إخواننا المسلمين، إنه سميع مجيب.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
-------------------------------------------------
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله،وإحسانه،وأشكره على توفيقه وامتنانه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه،وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- وأطيعوه، واحذروا المعاصي فإنها سبب فساد القلوب والأعمال، ومن فسد قلبه وعمله فهو حريٌّ بالهلاك والعذاب، (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء:88-89].
أيها المسلمون: كما نُهي المسلم عن الظن الباطل بأخيه المسلم، فهو منهيٌ كذلك عن الأعمال والأقوال التي تجعله محل التهمة، وتورد ظنون السوء فيه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، ولما ذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- مع زوجه صفية ليقلبها إلى البيت من معتكفه، ورآه رجلان فأسرعا قال -عليه الصلاة والسلام-: "على رسلكما، إنها صفية بنت حيي. فقالا: سبحان الله يا رسول الله!، وكَبُرَ عليهما، فقال -عليه الصلاة والسلام-: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءاً -أو قال- شيئاً" رواه الشيخان.
قال ابن دقيق العيد -رحمه الله تعالى-: "وهذا متأكَّد في حق العلماء، ومن يُقتدى بهم، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلاً يوجب سوء الظن بهم، وإن كان لهم فيه مخلص؛ لأن ذلك سببٌ إلى إبطال الانتفاع بعملهم، وقد قالوا: إنه ينبغي للحاكم أن يبين وجه الحكم للمحكوم عليه إذا خفي عليه، وهو من باب نفي التهمة بالنسبة إلى الجور في الحكم".
ومرَّ عمر -رضي الله عنه- برجل يكلم امرأة على ظهر الطريق فعلاه بالدّرة، فقال: يا أمير المؤمنين، إنها امرأتي، فقال -رضي الله عنه-: "هلا حيث لا يراك أحد من الناس".
وأُمر المسلم إذا سافر في رمضان وأفطر أن لا يجاهر بفطره أمام الناس لئلا يُظن به سوءاً، وإذا صلَّى وحضر الناس وهم يصلون فإنه يصلي معهم مرة أخرى؛ لئلا يُظن به السوء أيضاً، فعن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه أنه صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو غلامٌ شاب، فلما صلى إذا رجلان لم يصليا في ناحية المسجد، فدعا بهما؛ فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟! قالا: قد صلينا في رحالنا. فقال: لا تفعلوا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه، فإنها له نافلة" رواه أبو داود والترمذي.
ومن كان مجاهراً بالمعاصي، مظهراً لفسقه، معلناً منكراته، فليس له حرمة، والأصل فيه التهمة؛ لقلة دينه وحيائه، إلَّا أن يتوب من ذنبه، ويقلع عن غيه.
أيها الإخوة: في زمن الفتن تكثر الأقاويل، وتسري الإشاعات في الناس، وتروج سوق أهل الريب والظنون الفاسدة، ويُظن بأهل الخير والصلاح ما ليس فيهم؛ فتُلاك أعراضهم، ويقع الناس في غيبتهم! وإن كان في بعضهم ما يلصق به فليس من النصيحة التشهيرُ والتعييرُ، وتناقل العثرات، وتسليط الضوء على الزلات.
قال أبو حامد الغزالي -رحمه الله تعالى-: " ومهما خطر لك خاطر بسوء على مسلم فينبغي أن تزيد في مراعاته، وتدعو له بالخير؛ فإن ذلك يغيظ الشيطان، ويدفعه عنك بالدعاء والمراعاة؛ ومهما عرفت هفوة مسلم بحجة، فانصحه في السر، ولا يخدعنك الشيطان فيدعوك إلى اغتيابه، وإذا وعظته فلا تعظه وأنت مسرور بإطلاعك على نفسه؛ لينظر إليك بعين التعظيم، وتنظر إليه بعين الاستحقار، وتترفع عليه بإبداء الوعظ؛ وليكن قصدك تخليصه من الإثم وأنت حزينٌ كما تحزن على نفسك إذا دخل عليك نقصانٌ في دينك، وينبغي أن يكون تركه لذلك من غير نصحك أحبَّ إليك من تركه بالنصيحة، فإذا أنت فعلت ذلك كنت قد جمعت بين أجر الوعظ، وأجر الغم بمصيبته، وأجر الإعانة على دينه".
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*حكم سوء الظن بالمسلم*
*للشيخ / إبراهـيم الحقـيل*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أيها المسلمون: علاقة المسلم بأخيه المسلم أُسِّسَتْ في شريعة الله تعالى على الأخوة و المودة، والتراحم والتعاطف، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات:10].
فكل ما يحقق الأخوة، ويزيد في المحبة بين المسلمين فإن الإسلام قد جاء به، وحضت عليه الشريعة، ورُتب عليه من المثوبة بحسبه.
وكل ما يعكر صفو الأخوة بين المسلمين، ويؤدي إلى الاختلاف والفرقة، والتقاطع والتدابر، نهى عنه الإسلام، وسدّ الطرق المفضية إليه، وله في الشريعة من العقوبة الدنيوية والأخروية ما يناسبه؛ وذلك من أجل أن يكون المسلمون عباد الله إخواناً، ويتعاملون بالحسنى فيما بينهم، فلا يجدُ الشيطان مدخلاً على قلوبهم لإفسادها، وملئها بالعداوة والشحناء، والدغل والضغينة.
ومن أعظم ما يكون سبباً في فساد القلوب، وتغير النفوس، وانقطاع الأواصر، وقطيعة الرحم، وانفصام عرى الأخوة، وزوال المحبة والمودة سوءُ الظن بأخيك المسلم، بلا سبب يوجبه، ولا بينة تدل عليه. وهو البداية التي يبدؤها الشيطانُ مع العبد، فإن استسلم له عمل بموجب ظنونه التي وسوسها الشيطان في صدره، وقاده ذلك إلى كبائر الذنوب، وعظائم الأمور، من التجسس إلى الغيبة والنميمة، والكذب والبهتان والزور، وإشاعة الفاحشة في الأبرياء؛ وكل ذنب منها أعظم من صاحبه، وهي ظلمات بعضها فوق بعض.
وقد أمر الله تعالى باجتناب كثير الظن؛ احترازاً من الوقوع في الإثم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) [الحجرات:12].
قال الزرقاني -رحمه الله تعالى-: "الظن تهمةٌ تقع في القلب بلا دليل". وقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إياكم والظنَّ! فإن الظن أكذب الحديث".
وإنما كان الظن أكذب الحديث لأن الشيطان هو الذي يقذفه في قلب العبد، والشيطان ساعٍ أبداً في إغواء بني آدم ولو بالكذب، ولما صدق الشيطان مرة قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة -رضي الله عنه-: "أما إنه قد صدقك وهو كذوب". فالصفة الملازمة له هي الكذب، فكان ما يقذفه في قلب المسلم على أخيه المسلم من وساوس وخطرات وظنون من أكذب الحديث.
وخطورة الظن تكمن في أن صاحبه يعتقد أنه مستندٌ في ظنه هذا إلى أصل يتكئ عليه، وليس كذلك على وجه الحقيقة، فيكون الاغترارُ به أكثر من الاغترار بالكذب المحض الذي يظهر عواره لكل أحد، ولا مستند لصاحبه.
ونقل الحافظ ابن حجر عن القرطبي -رحمهما الله تعالى- قوله: "المراد بالظن هنا التهمة التي لا سبب لها؛ كمن يتهم رجلاً بالفاحشة من غير أن يظهر عليه ما يقتضيها؛ ولذلك عُطف على (وَلا تَجَسَّسُوا) وذلك أن الشخص الذي يقعُ له خاطرُ التهمة فيريد أن يتحقق، فيتجسس ويبحث ويستمع فنهي عن ذلك، وهذا الحديث يوافق قوله تعالى: (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) [الحجرات:12]، فدل سياق الآية على الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة؛ لتقدم النهي عن الخوض فيه بالظن، فإن قال الظانُّ: أبحث لأتحقق؛ قيل له: (وَلا تَجَسَّسُوا)، فإن قال: تحققت من غير تجسس؛ قيل له: (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً).
رابعا: جزاء جابروا الخواطر في الدنيا والأخرة:
معاشر الموحدين: إن لجبر الخواطر ثوابا عظيما عن الله تعالى فمن سار بين الناس جابرًا للخواطر.... أدركه الله في جوف المخاطر
تطييب الخواطر من مكارم الأخلاق، وهي صفة من صفات اﻷنبياء والصديقين والصالحين.
تطييب خواطر أهل البلاء من أعظم أسباب الألفة والمحبة بين المسلمين.
تطييب النفوس المنكسرة عبادة جليلة، وقد عده بعض العلماء في أبواب الاعتقاد.
الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه:
أيها الإخوة من سار بين الناس جبرا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر، عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: (صاحب المعروف لا يقع؛ فإن وقع وجد متّكًا) و صاحب و معية الله ليست الجائزة الوحيدة التي تنتظر العابد الجابر للخواطر بل أن رحمة الله سبحانه وتعالى تنتظر كذلك عباده المُحسنين الذين يجبرون الخواطر، حيث يتجاوز الرحمن عن عثرات جابر خواطر عباده المُعْسرين، فالله سبحانه وتعالى لا يضيع أجرَ من أحسن عملًا، فمن كان متسامحًا مع الآخرين رحيمًا بهم جابرًا خواطرهم يُقَدّر ظروفهم المعيشية، كان الله سبحانه وتعالى رحيمًا به متجاوزًا عنه يوم القيامة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا، فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا ". قَالَ: " فَلَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ " [8].
خامسا: أبواب جبر الخواطر
أيها الأحباب الحياة مليئة بما يجبر خواطر الأخرين أبواب جبر الخواطر عديدة نذكر منها على سبيل الإجمال
المواساة عند فقد الأحبة.
الاعتذار للآخرين، وقبول اعتذار المعتذرين.
تبادل الهدايا.
الابتسامة.
قضاء حوائج الناس.
زر مريضا وادع له تبعث في نفسه الأمل وتهون عليه رحلة الابتلاء.
فهم النفسيات.
إخفاء الفضل والمنة عند جبر الخواطر.
مد يد العون والمساعدة لإنسان في موقف صعب أو في مشكلة معضلة
إذا رأيت بائعا متجولا في وجه الحر على قدميه يطلب الرزق الحلال فاجبر خاطره واشتري منه
اجبر خاطر اليتامى امسح على رؤوسهم تفقد أحوالهم تكن مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى " وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلًا [9]
وأخيرا إياكم وكسر الخواطر فإنها ليست عظاما تجبر بل هي أرواح تقهر
عبادَ اللهِ: صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
جبر خاطر النبي صلى الله عليه وسلم:
أحبابي الكرام:و من صور جبر الخواطر الربانية لخير البرية صلى الله عليه وسلم عندما أخرجه قومه من مكة حزن النبي صلى الله عليه وسلم فاخبره أنه سبحانه سيرده إليها مرة ثانية فقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾القصص:85 رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أحب مكة التي ولد فيها ونشأ أُخرج منها ظلما، فاحتاج في هذا الموقف الصعب وهذا الفراق الأليم إلى شيء من المواساة والصبر، فأنزل الله تعالى له قرآن مؤكد بقسم؛ أن الذي فرض عليك القرآن وأرسلك رسولا وأمرك بتبليغ شرعه سيردك إلى موطنك مكة عزيزا منتصرا وهذا ما حصل.
جبر خاطر النبي صلى الله عليه وسلم في أمته:
ولقد جبر الله تعالى خاطر النبي صلى الله عليه وسلم في أمته فوعده جل جلاله أنه لن يسوئه في أمته ومثله أيضًا قوله تعالى:﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ [الضحى: 5]، وانظر لروعة العطاء المستمر في هذه الآية حتى يصل بالمسلم لحالة الرضا، فهذه الآية رسالة إلى كل مهموم ومغموم، وتسلية لصاحب الحاجة، وفرج لكل من وقع ببلاء وفتنة؛ أن الله يجبر كل قلب لجأ إليه بصدق عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَلَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ﴾ [إبراهيم: 36] الْآيَةَ، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي»، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟» فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: " يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ "[2].
جبر خواطر غير الورثة:
ومن صور جبر الخواطر الربانية في الآيات القرآنية أن جبر خواطر غير الورثة فأمر بالصدقة عليهم اذا حضروا القسمة فقال سبحانه ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 8]
وجبر خواطر النساء في غير ما أية من كتابه ومن ذلك:
قدم ذكر الإناث على الذكور فقال سبحانه ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 49-50]
قال ابن القيم رحمه الله: وتأمل كيف نكر الله الإناث فقال (إناثا) وعرف الذكور فجبر نقص الأنوثة بالتقديم وجبر نقص التأخير للذكور بالتعريف [3].
ومن ذلك إيجاب المتعة للمطلقة:
ومن جبر خواطر المرأة المطلقة أن أوجب لها المتعة فقال سبحانه: ﴿ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 241]، وقال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 49]و الحكمة من إيجاب المتعة للمطلقة جبر قسوة الطلاق وتطييب قلوب المطلقات استبقاء للمودة.
ثالثا النبي صلى الله عليه وسلم وجبر الخواطر: ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من احرص الناس على جبر خواطر أمته ولنأخذ على ذلك أمثله:
جبر خواطر الفقراء:
أحباب الحبيب صلى الله عليه وسلم: عندما جاء فقراء المهاجرين مكسوري الخاطر بسبب فقرهم وان الأغنياء سبقوهم الى الله تعالى بفضل أموالهم فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن جبر خواطرهم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَا، وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ، قَالَ: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ
وكذلك لا ننس أنه من الأعمال الصالحة في هذه الأيام الصيام، خصوصا يوم عرفة، فقد أتى رَجُلٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: كَيْفَ تَصُومُ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -غَضَبَهُ، قَالَ: "رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ" فَجَعَلَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ قَالَ: "لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ" -أَوْ قَالَ:- "لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ" قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: "وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟" قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: "ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام" قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: "وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ".
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ" [مسلم: 1162].
ولا تنسوا أن تتفقدوا أضاحيكم، وخلوها من العيوب المانعة من التضحية بها، ولا تذبحوها إلا بعد صلاة العيد، وثلاثة أيام بعده.
عبادَ اللهِ: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله، كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين، أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ! جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ، قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ! أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الحَقِي بِأَهْلِكِ".
فَطَلَّقَهَا.
وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ: اللَّحْمُ، قَالَ: فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ: المَاءُ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ.
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ".
قَالَ: فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ -لم يوافقاه- أي لا يوافقان مزاجه، ويشتكي من بطنه، ونحو ذلك، وأما في مكة؛ فإن المداومة على أكلها لا تحدث شيئا، وهذا من بركة دعاء إبراهيم -عليه السلام- قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ! أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ، قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟! قَالَتْ: نَعَمْ! هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ العَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ".
ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ، تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الوَالِدُ بِالوَلَدِ، وَالوَلَدُ بِالوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ! إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ، قَالَ: وَتُعِينُنِي؟ قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا.
قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ، جَاءَ بِهَذَا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولاَنِ: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ) [البقرة: 127].
قَالَ: فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ البَيْتِ وَهُمَا يَقُولاَنِ: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ) [البقرة: 127] [البخاري: 3364].
نعم: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ).
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
-------------------------------------------------
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:
عبادَ اللهِ: إن إبراهيم الخليل -عليه السلام- لاقى الشدائدَ والصعابَ في دعوةِ قومه المعاندين في شركهم، والمشاكسين في كفرهم.
وَلما فعلوا فيه هذا الفعل، وأقام عليهم الحجة، وأعذر منهم: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي) [الصافات: 99] مهاجر إليه -من العراق- قاصدٌ إلى الأرضِ المباركة؛ أرضِ الشام: (سَيَهْدِينِ) [الصافات: 99] ويدلني إلى ما فيه الخيرُ لي، من أمرِ ديني ودنياي.
وقال في الآية الأخرى: (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا) [مريم: 48].
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*قصة إسماعيل عليه السلام*
*وأمه هاجر وبناء البيت العتيق*
*للشــيخ / فـــؤاد أبـو ســعــيــد*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أيها الإخوةُ الكرام: إنا نستنشق في هذه الأيام، عَبَق الاستعدادِ لأداء مناسكِ الحجِّ لبيت الله الحرام، فبعد يوم يتوجه وفدُ الله إلى منى، محرمين ملبين، متوكلين على الرحمن، يحدوهم الإخلاصُ والإيمان، مستجيبين لنداءِ إبراهيمَ خليلِ الرحمن، الذي نادى قبلَ آلاف الأعوام، فأسمعَ من في الأصلاب والأرحام، قال سبحانه: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج: 27].
نَادِ فِي النَّاسِ دَاعِيًا لَهُمُ إِلَى الْحَجِّ إِلَى هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَمَرْنَاكَ بِبِنَائِهِ، فَذُكر أَنَّهُ قَالَ: "يَا رَبِّ! وَكَيْفَ أُبْلِغُ النَّاسَ وَصَوْتِي لَا يَنْفُذُهُمْ؟ فَقِيلَ: نَادِ وَعَلَيْنَا الْبَلَاغُ".
فَقَامَ عَلَى مَقَامِهِ، ... وَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنْ رَبَّكُمْ قَدِ اتَّخَذَ بَيْتًا فَحُجُّوهُ" فَيُقَالُ: إِنَّ الْجِبَالَ تَوَاضَعَتْ حَتَّى بَلَغَ الصَّوْتُ أَرْجَاءَ الْأَرْضِ، وأسمَعَ مَن فِي الْأَرْحَامِ وَالْأَصْلَابِ، وَأَجَابَهُ كُلُّ شَيْءٍ سَمِعَهُ مِنْ حَجَر ومَدَر وَشَجَرٍ، وَمَنْ كَتَبَ اللَّهُ أَنَّهُ يَحُجُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ" [تفسير ابن كثير، ت سلامة: 5/ 414].
وأولُ هذا الأمر: أنّ إبراهيمَ الخليلَ -عليه السلام- كبُر سنه، واشتعل بالشيب رأسه، ولم يولد له من زوجته سارّة ولد، فتزوج بهاجر المصريةِ القبطيةِ: أمِّ العرب.
فأنجبت له إسماعيلَ -عليه السلام-، ولأسباب أرادها الله -جلَّ جلاله-، جعل الغيرة تدبُّ في صدر سارَّةَ -رضي الله تعالى عنها- المحرومةِ من الولد، فصارت تلاحقُ هاجرَ -رضي الله تعالى عنها-، وتضيّق عليها، وخروجا من المشاكل، وتنفيذا لقدر الله -جل جلاله-، رحل إبراهيم -عليه السلام- بهاجرَ وابنِها إسماعيل إلى بلاد الله المقدسة، إلى مكة المكرمة، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ المِنْطَقَ -هو الحزام- مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لِتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ البَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ -أي شجرة عظيمة- فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى المَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ.
ثُمَّ قَفَّى -أي رجع- إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ! أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟! قَالَ: نَعَمْ! قَالَتْ: إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا.
- وهنا السؤال وسر الحكاية وأصل المعركة هل شرط الإيمان متحقق في المسلمين، وهل غرسناه في قلوبنا، وهل نراه واقعًا مشاهدًا في نفوسنا ومجتمعاتنا وأمتنا… بعيد كل البعد… ومعناه الآية بعيدة كل البعد أن تحقق فينا ونحن لم نؤد شرط الله جل جلاله الذي شرطه فيها بل في آيات العزة والكرامة والحرية والعدالة والحضارة والتقدم والرخاء والسعادة… {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}… ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا﴾… !.
- إذن فرق بين الإسلام وبين الإيمان، فرق بين تديّن الشخص الخارجي المظهري وبين تديّنه الداخلي، حتى ولو كان ما كان، ولو رأيتموه بلحية، ومسواك، وثواب قصير، ورأيتموه يخطب بالناس متفوّهاً متكلّماً متحدّثاً متفلسفاً ولو رأيتموه عاملاً ناطقاً… لكن ماذا عن إيمانه وصدقه مع ربه جل جلاله، فإذا كان هذا حال خيار الناس في الظاهر من أصحاب المناظر الإسلامية فكيف بحال عوام الناس…!.
- فشتّان بين عمل الباطن وعمل الظاهر؛ فعمل الباطن لا يشهده إلا الله، وعمل الظاهر يشهده الخلق، فمثلًا الصلاة والصيام والزكاة والحج وهذه الأمور الظاهرة هي أركانٌ للإسلام لا للإيمان، فالإسلام أعمال الظاهر، والإيمان أعمال الباطن، فهل نحن تحققنا بالإيمان حتى نرى هذه الآيات متحققة فينا في العيان، لا، بل بعيدة كل البعد عنا…!.
- ولهذا لا نستغرب كيف كان أوائلنا وكيف أصبح أواخرنا، كيف كان أجدادنا وكيف أصبح خلفنا… كيف صالوا وجالوا، وملكوا وتملّكوا، وخضعوا الدنيا كلها لهم، ووصل مدى صوتهم إلى أرجاء الدنيا كلها إنسها وجنها، حتى الجماد نعم والله الذي لا إله إلا هو خضع لهم فنجدهم يخدمهم حتى الجماد كالبحر الذي أصبح يابسا ناشفًا جافًا تمامًا كالصفا قطعة واحدة لمثل أبي العلاء الحضرمي، والدواب، والحيوانات المفترسة، والحشرات، والحيات القاتلة، وكل ضار خرج من الغابة سمعًا وطاعة لنداء قتيبة الباهلي، والشواهد لا تعد ولا تحصى…!.
- ألا فأعيد السؤال… كيف كنا وأين أصبحنا، هناك فرق بعيد كل البعد، وينذر بخطر عميق وشديد، وبالتالي فتجب المراجعة الدقيقة للأسباب وتناول العلاج، فهذا الداء وذاك الدواء في كتاب ربنا سبحانه وتعالى، وهو أصدق القائلين سبحانه، وأحكم الحاكمين، وخير الحاكمين، ولا أحسن ولا أصدق منه قيلًا ولا أحسن ولا أصدق منه حديثًا: ﴿فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ فَماذا بَعدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنّى تُصرَفونَ﴾!.
- فهل نحن تحققنا بالإيمان الواجب علينا أن نتحقق به ليتحقق فينا موعود الله تبارك وتعالى؟! لعله أبعد ما يكون، فمتى القرار لتناول الإيمان، والسعادة الحقة دنيا وآخرة!.
- وهنا أتحدث عن آية في كتاب الله كنموذج لما نحن فيه من بعد وواجب العودة بجد وصدق، ألا فهذا الله يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا} فقط فَرِيقًا جزء بسيط، حزب معين، طائفة معينة، دولة معينة، أي شيء حتى من أفراد: {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} نعم كافرين فلا إيمان لكم، لا إسلام لكم، فضلًا عن أمن، وأمان، وخيرات، وإحسان، وهو فريق فقط نطيعه من الكافرين، ومع ذلك سيسلبونكم كل شيء حتى إسلامكم: ﴿ما يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ وَلَا المُشرِكينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيكُم مِن خَيرٍ مِن رَبِّكُم﴾، ﴿وَدّوا لَو تَكفُرونَ كَما كَفَروا فَتَكونونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذوا مِنهُم أَولِياءَ﴾، ﴿وَدَّ كَثيرٌ مِن أَهلِ الكِتابِ لَو يَرُدّونَكُم مِن بَعدِ إيمانِكُم كُفّارًا حَسَدًا مِن عِندِ أَنفُسِهِم مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ﴾ ، ﴿وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم﴾، والآيات كثيرة في كتاب الله جل جلاله تبين هذا المفهوم، فهل وعيناه، وعرفناه…!.
- وأعود للآية التي جعلتها نموذجُا واحدًا لما نحن عليه وفيه: {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا } مُجَرَّد طَاعة لِفَرِيقٍ فكيف بهم كلهم كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}…
وهذا الواقع الذي نشهده ونشاهده، الواقع يقول على أن المسلمين اليوم يطيعون الكافرين في كل شيء إلا ما ندر، إن لم يكن من الأفراد فهو من الكبار، سواء كان حزبًا، كانت طائفة، كانت الدولة، كان حاكمًا، كان ما كان كل أحد له أفكاره وأيدولوجياته الخاصة به التي يركن بها على الكافرين من جهة أو من أخرى…!.
- هذا وهو فريق فما بالك إذا كانت الأمم المتحدة، أو قرارات دولية، أو مجلس أمن، أو محكمة دولية، أو قرارات ننتظرها من هنا وهناك، أو كانت اجتماعات نطالب بها، أو إدانات فقط ننتظرها وشكراً لهم أن يصدرو ذلك، أن يجتمعوا لأجلنا ليقولوا لا فقط أو ندين أو نستنكر… ثم ما بعده لن يُطبَّقوا شيئًا أبداً مادام في صالحنا
الأحوال المناخية, بل السبب الحقيقي لتأخر الأمطار هو هذه الأسباب التي ذكرها الرسول عليه الصلاة والسلام, وإذا ما أقلع الناس عن هذه الأمور واستغفروا الله بقلوب صادقة ، كانوا على رجاء الرحمة ونزول الغيث, كما قال سبحانه وتعالى على لسان نوح عليه السلام: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا يرسل السماء عليكم مدرارًا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا ما لكم لا ترجون لله وقارًا) .
وقال تعالى على لسان هود عليه السلام: (ويا قوم استغفروا الله ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارًا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين) , يا قوم استغفروا الله وتوبوا إليه من المعاصي كلها من الشرك والبدع وما يتعلق بهما من أكل الربا, ليس الاستغفار باللسان, إنما الاستغفار بالفعال, توبوا إليه, أقلعوا عن المعصية, ومع الإقلاع استغفروا الله عز وجل, عندها يرسل السماء عليكم مدرارًا ويزدكم قوة إلى قوتكم, وإن لم تفعلوا فسيبقى الحال على ما ترون .. ولا تنتظروا إن لم تقلعوا عن معاصيكم وتستغفروا ربكم أن ينزل عليكم المطر بمجرد قولكم: اللهم أغثنا .
إخوة الإيمان .. إن من أسباب نزول الغيث من السماء: أن نستغفر الله سبحانه وتعالى ونتوب إليه, وأن نتضرع إليه أفرادًا وجماعات ، إذ هو القائل تعالى: (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ، فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعلمون).
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الاستغفار والتوبة إنه على كل شيء قدير.
الخطبـــة.الثانيـــة.tt
الحمد لله الذي رضي من عباده باليسير من العمل, وأفاض عليهم النعمة ، وكتب على نفسه الرحمة ، وضمّن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه, والصلاة والسلام على نبينا محمد ، إمام المتقين وقائد الغُرّ الميامين ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أمـــا بعـــد :
أخرج الإمام مسلم في صحيحه, عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما رجل ـ أي فيمن كان قبلنا ـ بفلاة من الأرض إذ سمع صوتًا في سحابة يقول: اسق حديقة فلان ، قال: فانقطعت قطعة من السحاب حتى إذا أتت على حَرّة فإذا شَرْجة من تلك الشِّراج فاستوعبت الماء كله ، فتتبع الماء فرأى الماء يأتي إلى رجل في حديقته يدير الماء بمسحاته فقال الرجل: يا عبد الله, ما اسمك؟ قال: اسمي فلان للاسم الذي سمع في السحاب, فقال: يا عبد الله لم تسألني عن اسمي؟ قال: إني سمعت صوتًا في السحاب يقول: اسق حديقة فلان فماذا تفعل؟ قال الرجل: أما إذا قلت هذا فإني آخذ ما يخرج منها فأتصدق بثلثه ، وآكل أنا وعيالي ثلثه ، وأرجع ثلثًا إلى الأرض)) .
انظروا عباد الله ، كيف يخص الله عز وجل بالكرامة من يشكر نعمته عليه , الرجل يقسم الرزق الذي يرزقه الله إلى ثلاثة أثلاث, ثلت يتصدق به, ثلث يأكله هو وعياله, وثلث يرجعه إلى الأرض .
ما الذي يضر العباد إن فعلوا مثل ذلك الرجل؟ ما الذي يضرنا إذا أخرجنا من أموالنا شيئًا وإن كان قليلاً في كل شهر أو في كل يوم, أليس ذلك من موجبات رحمة الله تعالى؟ أليس ذلك من موجبات نزول الغيث من السماء؟
بلى والله ..
فاتقوا الله عباد الله ، واستغفروا ربكم وتوبوا إليه ، ينشر لكم من رحمته ، وينزل عليكم من رزقه ، إنه قريب مجيب .
وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية ...
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
إنه عندما نحسن الظن بالله ونحسن العمل فإن الله سبحانه وتعالى سيجري الأسباب ويقدر الأقدار ليحفظ العبد ويدفع عنه كل بلاء ويبارك في رزقه وأهله ومجتمعه ...
نسأل الله أن يؤلف بين قلوبنا وأن يهدينا سبيل الرشاد ...
قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم....
*الخطـبة الثانــية*
الحمدلله وكفى وسلاماً على النبي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين...
أما بعد: عبـــاد الله :-
ومن حسن الظن المأمور به شرعا حسن الظن بإخوانك المسلمين فهو خلق تربى عليه الأولون..
و سار عليه من بعدهم الصالحون..
صلحت نياتهم فصلحت أفعالهم و ظنونهم..
علموا أن الشيطان لا يفتأ يحرش بينهم.. يزعزع أمنهم و استقرارهم.. و يقض مضاجعهم..
فدفعوا وسوسته بقوة إيمانهم بالله.. و حسن إتباعهم لمنهج رسوله صلى الله عليه و سلم..
إن حسن الظن يؤدي إلى سلامة الصدر وتدعيم روابط الألفة والمحبة بين أبناء المجتمع،
فلا تحمل الصدور غلاًّ ولا حقدًا ،
امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا...".
وعليه فلا يجوز لإنسان أن يسيء الظن بالآخرين لمجرد التهمة أو التحليل لموقف ومهما كان الإختلافات في وجهات النظر ، فإن هذا عين الكذب " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " [ رواه البخاري ] ...
وقد نهى الرب جلا وعلا عباده المؤمنين من إساءة الظن بإخوانهم ،
فقال " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ "
وما ذاك إلا لأن الظن سيئة كبيرة موقعة لكثير من المنكرات العظيمة إذ هو ذريعة للتجسس ، كما أنه دافع إلى الوقوع في الغيبية المحرمة " ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا " ..
فلنتعلم جميعاً حسن الظن مع بعضنا البعض وننشر ثقافة الحب والتسامح ولنتخلص من الأنانية والأحقاد ولنتجه جميعاً إلى العمل الصالح الذي ينفع صاحبه ويعود خيره وبره وبركته على المجتمع والأمة ...
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ...
هــذا وقد أمركم ربكم فقال قولاً كريماً( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]...
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين،
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين: أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين ..
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ. ..
اللهم اجعل لإخواننا في غزة وفلسطين من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجا ومن كل عسر يسرا ومن كل بلاء عافية ..
اللهم اجعل لأهل فلسطين النصرة والعزة والغلبة والقوة والهيبة ،
اللهم انصر أهل فلسطين وثبت أقدامهم وسدد رميتهم واربط على قلوبهم وأمدهم بجنود من عندك،
اللهم أنزل عليهم من الصبر والنصر والثبات واليقين أضعاف ما نزل بهم من البلاء ،
اللهم مكن لدينك وكتابك وعبادك الصالحين ،
اللهم عليك باليهود الغاصبين،
اللهم لا ترفع لهم راية ولا تحقق لهم غاية واجعلهم لمن خلفهم من المجرمين والمنافقين والمطبعين عبرة وآية ، ، ،
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَحوالنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً...
اللهم مكن لدينك وكتابك وعبادك الصالحين ،
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ...
اللهم أصلح أولادنا واجعلهم قرن أعين لنا في الدنيا والآخرة ..
ربنا اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وارحمهما كما ربونا صغاراً ...
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ...
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛
فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
@- هذا ما تيسر ذكره ...وصلوا وسلموا رحمكم الله على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله،ﷺ
فقد أمرنا الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) [الأحزاب: 56]،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ، أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ. ..
اللهم اجعل لإخواننا في غزة وفلسطين من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجا ومن كل عسر يسرا ومن كل بلاء عافية ..
اللهم اجعل لأهل فلسطين النصرة والعزة والغلبة والقوة والهيبة ،والتمكين
اللهم انصر أهل فلسطين وثبت أقدامهم وسدد رميتهم واربط على قلوبهم وأمدهم بجنود من عندك،
اللهم أنزل عليهم من الصبر والنصر والثبات واليقين أضعاف ما نزل بهم من البلاء ،
اللهم مكن لدينك وكتابك وعبادك الصالحين ،
اللهم عليك باليهود الغاصبين،
اللهم لا ترفع لهم راية ولا تحقق لهم غاية واجعلهم لمن خلفهم من المجرمين والمنافقين والمطبعين عبرة وآية ، ، ،
اللهم دمر أمريكا واساطيلها يارب العالمين...
اللهم إنصر من نصر غزةَ وفلسطين ،واهلك من خذل غزة وفلسطين يارب العالمين..
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَحوالنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً...
اللهم احفظ بلادنا اليمن وسائر بلدان المسلمين يارب العالمين
اللهم إحفظ أمنه واستقراره وعقيدته
إجعله بلاد سخاء رخاء وسائر بلدان المسلمين
اللهم مكن لدينك وكتابك وعبادك الصالحين ،
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ...
اللهم أصلح أولادنا واجعلهم قرة أعين لنا في الدنيا والآخرة ..
ربنا اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وارحمهما كما ربونا صغاراً ...
اللهم إغفر للمسلمين والمسلمات ،المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك قريب مجيب الدعوات وقاضي الحاجات يارب العالمين...
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ...
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛
فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون....
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
ومع هذه الخصاصة.. يؤثرون،.. والإيثار : عندما تعطي شيئًا أنت تحتاجه..
ولن يكون هذا.. إلا بالإيمان الذي يقوي العزيمة.. ويشحذالهمة... ويجعلك تؤثر،...
فكأَنَّ الإيمان.. بديلًا عن طعامهم الذي سيقتاتونه.
هذه المواصفات التي كانت عند الأنصار... جعلتْهم يرتقون إلى مرتبة.. " أنَّ اللهَ وقاهم شُحَّ أنفسهم"..
وجعل الله وصْفَهم هذا... قانونًا يشمل كُلَّ مَن اتَّصَفَ بهذه الصفات العليَّة فقال:
((وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))...
أي: في أي زمان..وفي أي مكان.
إذًا.. هذه هي مواصفات المهاجرين والأنصار..الذين هم خير جيل بعدالأنبياء..
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ ))..
..روى البخاري (2652) ، ومسلم (2533).
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ اللَّهَ اختارَ أصحابي على العالَمينَ سوى النَّبيِّينَ والمرسلينَ،-أي:ولم يكن هذا للانبياءوالرسل من قبلي- واختارَ لي من أصحابي أربعةً يعني: أبا بَكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليًّا - رضي اللَّهُ عنهم - فجعلَهم أصحابي، وقالَ: في أصحابي كلُّهم خيرٌ، واختارَ أمَّتي على الأممِ، واختارَ أمَّتي أربعَ قرونٍ :الأوَّلُ، والثَّاني، والثَّالثُ، والرَّابعُ)).
-حديث( حسن).. أخرجه البزار في الأحكام الشرعية الكبرى...
4 /468، وقال: لا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد،... وأخرجه القرطبي في تفسيره وصححه 19 /348،... وعبدالحق الإشبيلي في الأحكام الصغرى 905، أشار في المقدمة أنه صحيح الإسناد،..
والهيثمي في مجمع الزوائد 10 /18 وقال: رجاله ثقات...
-فماذا يكون موقف من جاء بعدهم؟
ونحن من الذين جاؤوا بعدهم.
- قال تعالى وهو يوجِّه مَن جاء بعدهم: ((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)).. سورة الحشر (10).
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} المجيءُ نوعان: بمعنى المجيء الزمني،.. فكلُّ مَنْ جاء بعد المهاجرين والأنصار ولو إلى يوم القيامة، كلُّ مَن جاء بعدهم..فإنَّ الله ضَبَطَ علاقتهم مع المهاجرين والأنصار في هذه الآية.
-ومن معاني المجيء بعدهم: أن نتخذ منهم قدوة؛... لأنهم.. أكثر الأجيال معرفة بمنهجية رسول الله صلى الله عليه وسلم..والذي يؤيِّدُ هذا هو قول الله تعالى في سورة التوبة: (( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ.. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ.. وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (100)...
وإذا رضي الله عن شخص فلن يسخط عليه أبدا...
فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ}..فالاتِّبَاعُ بإحسانٍ.. هي الاقتداء بما كانوا عليه من فِعْلٍ حسَن.
والآية السابقة في سورة الحشر: ((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ))... هذه الآية.. تحدد العلاقة مع المهاجرين والأنصار.
فما هي هذه العلاقة التي تحددها الآية؟؟
كلُّ مَنْ جاء بعدهم.. ينبغي عليه أن يكون له مواقف منهم:
-الموقف الأول: أن يتخذ منهم قدوة، حتى يدخل في الذين قال الله فيهم: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ}...
-والموقف الثاني: أن يُحسن الظن بهم ويدعو الله بالمغفرة لهم،.. و أن يزيلَ الغِلَّ من قلبه على كلِّ مؤمن...(ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا)سواءً كان المؤمن في زمنه.. أو المؤمنين قبله في كل زمان... حتى يصل إلى زمن المهاجرين والأنصار ومن قبلهم؛ .. وليس التنكر لهم..
ولجهدهم الذين بذلوه في سبيل هذا الدين..
ونحن لانساوي ذرةرمل كانوا
يدوسون عليها بأقدامهم.
.فهم الأصول ونحن الفروع...هم الجذور ونحن الغصون...وهم السلف ونحن الخلف....ومن لم يكن له ماضي لم يكن له حاضر.. ومن لم يكن له حاضر لم يكن له مستقبل...فإن أنكرناهم أنكرنا وجودنا...
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*مواقف من السابقين اﻷولين*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
الحمد لله المُتفَرِدُ بالخلق والتدبيرْ... الواحدِ في الحُكْمِ والتقديرْ... الملكِ الذي ليس كَمِثْلِهِ شَيءٌ وهو السميع البصيرْ، ..المُنَزَّهِ في كمال وصْفِهِ عن الشَّبيهِ والنَّظيرْ..
نحمده سبحانه.. وهو العليمِ الذي لا يَخْفَى عليه ما في الضميرْ.. {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.
-وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له...إلهي:
كَمْ مِنْ هَمٍّ يَدُبُّ في الفؤادِ لا يَكْشِفُهُ أحدٌ إلا أنت،.. وكَمْ مِنْ مرضٍ يَبِيتُ في العِظامِ لا يَشْفِيهِ أحدٌ إلا أنت،..وكَمْ مِنْ عَثْرَةٍ زَلَّتْ بها الأقدامُ... لا يَقِيلُهَا أحدٌ إلا أنت.
لكَ الحمدُ يا مُستوجِبَ الحمدِ دائمًا
على كلِّ حَالٍ حَمْدَ.. فان لدائم
وسبحانكَ اللهُمَّ تسبيحَ شَاكرٍ
لمعروفِكَ المعروفِ ياذاالمَراحِمِ
-وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا وحبيبنا وقدوتنا وقرةو أعيننا وأسوتنا محمدًا عبده ورسوله...سيد
الخلق..ورسول الحق...وأرأف الخلق بالخلق...
يا خير من صعد المنابر واعْتلى
والزَّيغُ بعد مقالَةٍ منه انْجلى
بحرُ البلاغةِ يستقي من حوضكم
وكذا البيانُ وكلُّ قولٍ قد عَلا
لما ذكرتك أينعَت يا سيدي
بيداء شِعري بعدما كانت فَلا
صلى عليكَ اللهُ ما داعٍ دعا
أو رامَ حِفظًا من حديثٍ أو تلا
صلى الله عليه وعلى آله الأنقياء
الأزكياء الأطهار، ...وصحابته الميامين الأخيار،... مِنَ الذين هاجروا ابتغاءَ رِضوانِ الله.. وتَرَكُوا المالَ والوطنَ والدار،... ومن الذين آوَوْا وَنصرُوا....مِنَ الذين اسْتَحَقُّوا وصْفَ الإِكرامِ والإيثار ...خيرِ الخلقِ من المهاجرين والأنصار ....صلاة وسلاما ماتعاقب الليل والنهار... وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أماااابعد:
عبادالله: فأوصيكم ونفسي المخطئةالمذنبة أولابتقوى الله،
((ياأيهاالذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون))...
أيهاالأحبةالكرام: سنقف في هذا اليوم المبارك مع موضوع هام وشيق.. بعنوان :
(((( مواقف من السابقين الأولين))))..
أيهاالأحبة:
أتدرون ما هي النفسيات التي اتصف بها الرعيل الأول...من المهاجرين والأنصار؟
إن هذه النفسية تتضح لنا جليًّا من خلال النظر في آيتين من سورة الحشر، وهي مواصفات أثنى الله بها عليهم؛ ...
- فأما المهاجرون فقد استحقوا الوصول إلى مرتبة الصدق... بقول الله تعالى عنهم نهاية آيتهم: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}.
وأما الأنصار فقد استحقوا الوصول إلى مرتبة الفلاح* بقول الله عنهم نهاية الآية التي تتحدث عنهم: ((وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)).
والآيتان هي قوله تعالى: (( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)). (9)}.
*الآية الأولى تتحدث عن النفسية التي كان عليها المهاجرون،* قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}.
*الدلات اللفظية في الآية،* استفتحت الآية بقوله: " *للفقراء* " والفقر الذي كان فيهم :
-هل هو فقر أصالة؟
-هل هو فقر صادر عن بطالة؟
-هل هو فقر صادر عن كسل؟
لا، ليس كذلك؛ لأن الله قال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} معنى الآية: أنه كان لهم أموالٌ أُخرِجوا منها قسرًا، فصاروا بسبب هذا الإخراج فقراء.
{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا} ولم يقل: " خَرجُوا" لأنهم لم يخرجوا طواعية رغبة بالخروج،... وإنما هناك من أخرجهم غصبًا حين فتنوهم عن دينهم، .. وإلا فإنهم متعلقون بوطنهم وديارهم... تعلق الجنين بالقرار المكين، ولكنَّهم متعلقون بدينهم أكثر من ذلك.. فاحتفظوا بالدين.. وضَحَّوا بالوطن والبلد.
(( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ))..
ومما يبين خطورة التساهل بالدين -عباد الله- أن صاحبه قد يُمْنَعُ دخولَ الجنة ما لم يُقضَ عنه، كما في حديث سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه قال: كُنَّا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة، فقال: " أَهَاهُنَا من بني فلان أحد؟ " قالها ثلاثا، فقام رجلٌ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ما منعك في المرَّتَيْنِ الأُولَيَيْنِ أن تكون أجبتني؟ أما إني لم أُنَوِّهْ بك إلا لخير، إن فلانا، لرجل منهم مات، إنه مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ" قال: لقد رأيت أهله، وَمَنْ يَتَحَزَّنُ، قضوا عنه حتى ما جاء أحدٌ يطلبه بشيء". أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي بسند حسن.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حتى يُقْضَى عنه". أخرجه أحمد والترمذي، وصححه ابن حبان.
وقد بلغ التشديدُ في أمر الدين أن الشهيد تغفر لهم جميع ذنوبه إلا الدَّين، كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّين" رواه مسلم.
قال النووي:" وَأَمَّا قَوْلهصلى الله عليه وسلم: (إِلا الدَّيْن) ففيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين، وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر، لا يُكَفِّر حقوق الآدميين وإنما يكفر حقوق الله تعالى".
ولعظم أمر الدَّين -عباد الله- وخطورة عواقبه كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوَّذُ بالله تعالى منه، كما في حديث عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: "اللهم إني أعوذ بك من المأْثَم والمَغْرَم، فقال له قائل: ما أكثرَ ما تستعيذُ من المغرم! فقال عليه الصلاة والسلام: إن الرجل إذا غَرِمَ حَدَّثَ فكذب ووعد فأخلف" متفق عليه.
وهذا أمر مشاهد أيها الإخوة، فإن كثيرًا من المديونين ولاسيما مَنْ لا يجد قضاءً يلجأ إلى الكذب على الدائن، ويَعِدُهُ بالوفاء ولا يوفي، عافانا الله من ذلك.
فاتقوا الله عباد الله واحذروا من التساهل في الديون، واعرفوا آثارها، وإذا اضطررتم إليها، فلتكن بقدر الحاجة، وبقد ما تستطيعون الوفاءَ به، وبالطرق المشروعة الجائزة، مع العزم على الوفاء في الأجل المحدد، فمن كان بهذه الصفة فهو حريٌ أن يعينه الله على وفاء دينه، قال صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد أداءَها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" أخرجه البخاري.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفورٌ الرحيم.
-------------------------------------------------
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد أيها المؤمنون فقد كان الحديث في الخطبة الأولى عن المَدِينين، وهنا أوجِّه كلمةً للدائنين، فأقول: اتقوا الله تعالى في مدايناتكم، واحذروا البيوع المحرمة كالرِّبا وبيع العينة، وبيعِ ما لا تملكون، وغيرِ ذلك من البيوع الفاسدة، حتى تسلموا من الإثم ويباركَ لكم في تجارتكم وكسبكم.
ثم ارفقوا بالمَدِينين ولا تحملوهم ما لا يطيقون، وتثبَّتوا من حالهم وقدرتهم على الوفاء، ولا يكن همُّكم توثيقَ حقوقكم فحسب.
وإذا كان المدينُ مُعسرًا أو فقيرًا فأنظروه ولا ترهقوه وتطالبوا بإيقاف خِدْماته وحبسه، قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280].
ففي هذه الآية الكريم أمرٌ بإنظار المعسر، وترغيبٌ في الوَضْعِ عنه، حيث سماه الله تعالى صدقةً.
أما إذا كان غنيًّا قادرًا على الوفاء، ولكنه مماطل أو جحود، فيجوز أن يُعاقب ويطالب، قال صلى الله عليه وسلم "لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وعُقُوبَتَه". أخرجه أبو داود، والنَّسائي، وصححَه ابن حِبَّان.
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَطَلُ الغنيِّ ظلمٌ" متفق عليه.
ولا يجوز للمَدِين أن يتأخر يومًا واحدًا عن الوفاء، إذا كان عنده ما يُوْفِّي به، كما لا يجوز له أن ينفق ماله في الكماليات والسَّفَريات وعليه حقوقٌ للناس، بل ليس الحجُّ إلا بإذن الدَّائن إذا كان الدينُ حالًّا.
عباد الله لقد ورد فضلٌ عظيم في التيسير على المعسر ووضع دينه، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنهعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كان تاجرٌ يُداين الناس فإذا رأى معسرًا قال لصِبْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عنه، لعل الله أن يَتَجَاوَزَ عنَّا، فتجاوز اللهُ عنه".
وعن أبي الْيَسَرِ رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَنْظَر مُعْسِرًا أو وضع عنه، أَظَلَّه الله في ظلِّه، يوم لا ظِلَّ إلا ظِلّه". أخرجه مسلم.
ألا فاتقوا الله –أيها المسلمون- وظنوا بإخوانكم خيراً، وإياكم ووساوسَ الشيطان وخطَراتِه وخُطُواتِهِ! (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [النور:21].
عبادَ اللهِ: صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]
عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
وإذا اعتبرت الظنون، واستمع إلى مُصدِّريها؛ فشت الشائعات، وانتشرت الغيبةُ والنميمة، وأُخذ البُرَآءُ بمجرد الظنون والأوهام؛ فيتولد عن ذلك الأحقاد والضغائن، والانتقام والثارات، وحينئذ لا يأمن الناس على أنفسهم! فإن سلموا من الوقوع في الظن السيئ بإخوانهم، واتهام الأبرياء بمجرد الظنون، لم يأمنوا من أن يُلصق بهم ما ليس فيهم.
من أجل ذلك نُهي رأس القوم من أمير أو وزير أو مدير أو شيخ قبيلة، عن الاستماع إلى نقلة الكلام، والمتفكهين بالأعراض، الذي ليس لهم من البضاعة إلا القيل والقال، والظنون والأوهام؛ لئلا يصيبوا بريئاً بشر، وحتى لا تربح سوق الكلام والشائعات؛ فإن كثرة الطلب تزيد في العرض؛ فإذا ما استمع لأهل الظنون كثر العارضون لبضاعتهم الرديئة في أعراض الناس، وحصل للشيطان ما يريد من التحريش بين العباد، روى أبو أمامة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم". رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن.
وروى أبو داود وصححه ابن حبان من حديث معاوية -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم" قال: يقول أبو الدرداء: "كلمة سمعها معاوية من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفعه الله بها".
وذلك أن معاوية -رضي الله عنه- صار رأساً للناس في وقته بتوليه الخلافة، فكان لا يأخذ بالريبة، ولا يتبع عوراتهم عملاً بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-.
إن الشريعة الغراء جاءت بحسم مادة الشر بين الناس، وإغلاق الأبواب الموصلة إلى العداوة والبغضاء، وإخراس الألسن التي تلوك الأعراض؛ فلا يقبل قذفٌ إلا بشهود عدول، يرون الزنا صراحة بلا لبس ولا غموض، وإلا كان الحد في ظهورهم ثمانين جلدة. ولما وقع من وقع في الإفك وخاض في عرض الصديقة الطاهرة من خاض فيه؛ حدَّهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم من صالحي المؤمنين، وعاتبهم الله تعالى فقال:(لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) [النور:12].
وجاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قد داخلته الريبة في امرأته، وأحاطت به ظنون السوء فيها؛ لأنها ولدت غلاماً أسود على غير لونه ولونها، فأزال النبي -صلى الله عليه وسلم- ما في قلبه من ظن وريبة بسؤاله عن لون إبله، فقال: ألوانها حمر. قال: "هل فيها من أورق؟" قال: نعم، قال: "فأنى ذلك؟" قال: لعله نَزَعهَ عرق، قال: "فلعل ابنك هذا نَزَعَه عرق" رواه الشيخان.
إن الواجب على المسلم أن لا يظن بإخوانه إلا خيراً، فإن وقع في قلبه شيءٌ من الظن حرم عليه العمل بموجب ظنه هذا، فلا يتجسس ولا يتكلم في عرض أخيه، فإذا لم يعمل بموجب ظنه، وأمسك عن العمل والكلام فإن ما وقع في قلبه معفي عنه؛ لعجزه عن دفعه، فالقلوب لا يملكها إلا الله تعالى، قال سفيان الثوري -رحمه الله تعالى-: "الظنُّ ظنَّان: ظنٌّ فيه إثم، وظنٌ ليس فيه إثم؛ فأما الظن الذي فيه إثم فالذي يتكلم به، وأما الظن الذي ليس فيه إثم فالذي لا يتكلم به".
وقال ابن الأثير -رحمه الله تعالى- تعليقاً على الحديث: "إياكم والظنَّ!": "إياكم وسوء الظن! وتحقيقه، دون مبادئ الظنون التي لا تُملك، وخواطر القلوب التي لا تُدفع، معناه: لا تبحثوا عن عيوب الناس، ولا تتبعوا عوراتهم".
والواجب على المسلم أن يُدافع ما يقع في قلبه من ظنون على إخوانه، ويغالبها، ويخرجها من قلبه؛ حتى يكون قلبه سليماً على إخوانه المسلمين، فأسرار القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب، فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءاً إلا إذا انكشف لك بعيان لا يقبل التأويل، وليس له مخرج من المخارج، فعند ذلك لا يمكنك أن تعتقد إلا ما علمته وشاهدته، وما لم تشاهده بعينك، ولم تسمعه بأذنك، ثم وقع في قلبك فإنما الشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تكذبه؛ فإنه أفسق الفساق، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات:6].
وإن كان ظنك بأخيك ناشئاً عن كلام نقل إليك فالواجب عدم تصديق الناقل بلا بينة، وناقل الكلام بين الناس نمام أو مغتاب، فهو فاسق لا يُقبل قوله، ويجب نصحه.
وإن وقع الظنُ بسبب عمل أو كلمة محتملة قالها أخوك المسلم فلا تحملها على السوء ابتداءً وأنت تجد لها في الخير مخرجاً؛ لأن الأصل سلامةُ المسلم، فلا يُعدَل عن الأصل إلا بيقين أو غلبة ظن، وهو ما لا تفيده كلمة محتملة.
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لا يحل لامرئ مسلم سمع من أخيه كلمة أن يظن بها سوءاً وهو يجد لها في شيء من الخير مصدراً".
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]
عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
-------------------------------------------------
[1] تفسير أسماء الله للزجاج (ص: 34).
[2] مسلم 1/ 191 (202)
[3] التفسير القيم ص 469
[4] أخرج البخاري (843) و (6329)، ومسلم (595)
[5] «مسند أحمد» (34/ 275 ط الرسالة): «وأخرجه البخاري (923) و (3145) و (7535)، والبيهقي 7/18 من»
[6] «سنن ابن ماجه ت الأرنؤوط» (1/ 131): «وأخرجه الترمذي (3256)» (صحيح) انظر حديث رقم: 7905 في صحيح الجامع
[7] أخرجه مسلم (249)
[8] مسلم (3/ 1196 رقم 1562)، البخاري (4/ 308 - 309 رقم 2078)، وانظر (3480)
[9] «مسند أحمد» (37/ 476 ط الرسالة): «وأخرجه البخاري في "الصحيح" (5304) و (6005)»
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ»، فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا، فَقَالَ بَعْضُنَا: نُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: تَقُولُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» " [4].
جبر خواطر عمرو بن تغلب ومن معه ممن منعهم العطاء:
إخوة الإسلام: ومن جبر النبي صلى الله عليه وسلم للخواطر أنه كان يعطي أقواما ويترك أقواما لما علم من قلوبهم من صدق وقوة إيمان عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ شَيْءٌ فَأَعْطَاهُ نَاسًا وَتَرَكَ نَاسًا وَقَالَ جَرِيرٌ أَعْطَى رِجَالًا وَتَرَكَ رِجَالًا قَالَ فَبَلَغَهُ عَنْ الَّذِينَ تَرَكَ أَنَّهُمْ عَتِبُوا وَقَالُوا قَالَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنِّي أُعْطِي نَاسًا وَأَدَعُ نَاسًا وَأُعْطِي رِجَالًا وَأَدَعُ رِجَالًا قَالَ عَفَّانُ قَالَ ذِي وَذِي وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الَّذِي أُعْطِي أُعْطِي أُنَاسًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ وَأَكِلُ قَوْمًا إِلَى مَا جَعَلَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْغِنَى وَالْخَيْرِ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ وَكُنْتُ جَالِسًا تِلْقَاءَ وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْرَ النَّعَمِ »[5].
جبر خاطر جابر –رضي الله عنه-لما استشهد والده رضي الله عنمهما
معاشر الموحدين: استشهد والد جابر رضي الله عنه و ترك جابرا و لم يترك له مال بل تركه مدينا و ترك له أخوات فاجتمع على جابر رضي الله عنه هم فراق والده و هم الدين و هم الأخوات وشاهده النبي صلى الله عليه وسلم فوجده حزينا فجبر خاطره كما في حديثا طَلْحَةَ بْنِ خِرَاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، يَوْمَ أُحُدٍ، لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،: فَقَالَ: يَا جَابِرُ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتُشْهِدَ أَبِي وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قَالَ: أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللهُ بِهِ أَبَاكَ؟) قَالَ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: مَا كَلَّمَ اللهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا، فَقَالَ: يَا عَبْدِي، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ، قَالَ: يَا رَبِّ، تُحْيِينِي فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً، فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لاَ يَرْجِعُونَ، قَا لَ: يَا رَبِّ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ، تَعَالَى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).أخرجه ابن ماجة [6].
جبر النبي صلى الله عليه وسلم لخواطرنا ولم يرنا
معاشر الموحدين: ها هو الرحمة المهداة عليه الصلاة والسلام جبر بخواطرنا نحن الذين نحبه ونشتاق إليه ونتمنى لو كنا إلى جانبه نذود عنه وننافح عن دعوته، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: “السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ووَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا ” قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانُكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ” بَلْ أَنْتُمْ أَصْحابِي، وَإِخْوَانُنَا لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ “، فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ” أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ ” فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ” فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ “. [7]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
-------------------------------------------------
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله،وإحسانه،وأشكره على توفيقه وامتنانه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه،وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*نزهة الخاطر بعبادة جبر الخواطر*
*للشيخ / السـيد مــراد سـلامـة*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
اعلموا عباد الله أن تطيب الخواطر عبادة من أجل العبادات المنسية في مجتمعاتنا في زمن كثرة فيه الأنانيات والاهتمام بالذات والانهماك في الشهوات... قال سفيان الثوري: "ما رأيتُ عبادةً أجل وأعظم من جبر الخواطر
جبر الخواطر ذلك دأب أولي النهي *** وترى الجهول بكسرها يتمتع
فاجعل لسانك بلسما فيه الشفا *** لا مشرطا يدمي القلوب ويوجع
أولًا: تعريف جبر الخواطر:
جبر الخواطر معناه: رفع همه الشخص أو تهوين مصيبته والأخذ بيديه حتي يمر بمصيبته، ورفع همه الشخص قد تكون بالنصيحة أو الابتسامة أو الصدقة، وجبر الخواطر من المعاملات الإسلامية التي يجب أن يتحلى بها كل مسلم وكل شخص عمومًا بعيد عن ديانته، ومن يعمل علي جبر الخواطر فهو بالتأكيد شخص شهم ومعدنة أصيل.
وقد أجمع اللغويون على أن الخاطر هو القلب، وعدم كسره خلق عظيم، ولو تحققنا فسوف نجد أن أغلب أحكام ديننا قائمة على جبر الخواطر، فنحن نقدم واجب العزاء لجبر خاطر أهل المتوفي، نزور المريض لجبر خاطره، ندفع دية الميت لجبر خاطر أهله حتى السلام والابتسامة.
ثانيًا: الله تعالى وجبر خواطر عباده:
واعلموا عباد الله أن جبر الخواطر من أوصاف الله تعالى فمن أسمائه جلل جلاله الجبار قال الله تعالى ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]
هو “الجبار” وهذا الاسم بمعناه الرائع يُطمئنُ القلبَ ويريحُ النفس فهو سُبْحَانَهُ “الذِي يَجْبُرُ الفَقرَ بِالغِنَى، والمَرَضَ بِالصِحَّةِ، والخَيبَةَ والفَشَلَ بالتَّوْفِيقِ والأَمَلِ، والخَوفَ والحزنَ بالأَمنِ والاطمِئنَانِ، فَهُوَ جَبَّارٌ مُتصِفٌ بِكَثْرَةِ جَبْرِهِ حَوَائِجَ الخَلَائِقِ”. [1]
يقول ابن القيم رحمه الله:
كذلك الجبار من أوصافه *** والجبر في أوصافه نوعان
جبر الضعيف وكل قلب قد *** غدا ذا كسرة فالجبر منه دان
والثاني جبر القهر بالعز الذي *** لا ينبغي لسواه من إنسان
معاشر الأحباب: وفي القران الكريم صورا عديدة لجبره جل جلاله للخواطر نذكر منها على سبيل المثال:
جبر خاطر يوسف عليه السلام: إخوة الإسلام: لما اجتمع إخوة يوسف عليه السلام على رميه في الجب و أدرك يوسف عليه السلام تلك المؤامرة أراد الله تعال أن يجبر خاطره فاعلمه سبحانه أنه سيلتقي بهم و يخبرهم بفعلتهم قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [يوسف: 15]
جبر خاطر أم موسى عليه السلام:
لما أمر الله تعالى أم موسى عليه السلام بإلقائه في اليم و هذا أمر غريب و عصيب و مؤلم على قلب الأم جبر الله تعالى خاطرها و أخبرها أنه سيرده عليها و أنه سيجعله من صفوة خلقه المرسلين قال الله تعالى﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7].
(رَبِّ هَبْ لِي) ولدا يكون: (مِنَ الصَّالِحِينَ) [الصافات: 100].
وذلك عند ما أيس من قومه، ولم يرَ فيهم خيرا، دعا الله أن يهبَ له غلاماً صالحاً، ينفع الله به في حياته، وبعد مماته، فاستجاب الله له، وقال: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ) [الصافات: 101].
وهذا إسماعيل -عليه السلام- بلا شكٍّ.
ووصف اللهُ إسماعيل -عليه السلام- بالحلم، وهو يتضمن الصبرَ، وحسنَ الخلق، وسعةَ الصدرِ والعفوَ عمن جنى.
(فَلَمَّا بَلَغَ) الغلام -إسماعيل- (مَعَهُ السَّعْيَ) أي: أدرك أن يسعى معه، وبلغ سنًّا يكون في الغالب، أحبَّ ما يكونُ لوالديه، قد ذهبت مشقَّته، وأقبلت منفعتُه، فقال له إبراهيم -عليه السلام-: (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) أي: قد رأيت في النوم، والرؤيا؛ أن الله يأمرني بذبحك، ورؤيا الأنبياء وحيٌ: (فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى) فإنَّ أمْرَ الله -تعالى- لا بد من تنفيذه: (قَالَ) إسماعيلُ صابرا محتسبا، مرضيا لربِّه، وبارًّا بوالده: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ) أي: امض لما أمرك الله: (سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات: 102] أخبرَ أباهُ أنه موطنٌ نفسَه على الصبر، وقرنَ ذلك بمشيئةِ الله -تعالى-؛ لأنه لا يكونُ شيءٌ بدون مشيئة الله -تعالى-.
(فَلَمَّا أَسْلَمَا) أي: إبراهيم وابنه إسماعيل، جازما بذبح ابنه، وثمرةِ فؤاده، امتثالا لأمر ربه، وخوفا من عقابه، والابنُ قد وطَّن نفسَه على الصبر، وهانت عليه في طاعة ربِّه، ورضا والده: (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) [الصافات: 103] أي: تلَّ إبراهيمُ إسماعيلَ على جبينه، ليضجعه فيذبحه، وقد انكب لوجهه، لئلا ينظر وقت الذبح إلى وجهه.
(وَنَادَيْنَاهُ) في تلك الحال المزعجة، والأمر المدهش: (أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا) أي: قد فعلت ما أُمِرْت به، فإنك وطَّنت نفسك على ذلك، وفعلتَ كلَّ سببٍ، ولم يبقَ إلا إمرارُ السكين على حلقه: (إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [الصافات: 105] في عبادتنا، المقدِّمِين رضانا على شهوات أنفسهم.
(إِنَّ هَذَا) الذي امتَحَنَّا به إبراهيمَ -عليه السلام-: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ) [الصافات: 106] أي: الواضح، الذي تبيَّن به صفاءُ إبراهيم، وكمالُ محبتِه لربِّه وخُلَّتِه.
فإن إسماعيل -عليه السلام- لما وهبه الله لإبراهيم، أحبَّه حبًّا شديدا، وهو خليلُ الرحمن، والخُلَّة أعلى أنواعِ المحبة، وهو مَنصِبٌ لا يقبلُ المشاركةَ، ويقتضي أن تكون جميعُ أجزاءِ القلبِ متعلقةً بالمحبوب، فلما تعلَّقت شعبةٌ من شُعبِ قلبِه بابنه إسماعيل، أراد تعالى أن يصفي وُدَّه، ويختبرُ خُلته، فأمرهُ أن يذبحَ من زاحمَ حبُّه حبَّ ربِّه، فلما قدّم حبَّ الله، وآثره على هواه، وعزم على ذبحه، وزالَ ما في القلبِ من المزاحم، بقي الذبح لا فائدة فيه، فلهذا قال: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) [الصافات: 106 - 107].
أي: صار بدلُه ذِبْحٌ من الغنم عظيم، ذبَحهُ إبراهيم، فكانَ عظيمًا من جهة أنه كان فداءً لإسماعيل، ومن جهةِ أنه من جملة العبادات الجليلة، ومن جهة أنه كان قربانا وسنة إلى يوم القيامة -يذبحه المسلمون يوم الأضحى، والحجاج في حجهم، في بلد الله الحرام-.
(وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ) [الصافات: 108- 109] أي: وأبقينا عليه ثناء صادقا في الآخرين، كما كان في الأولين، فكل وقت بعد إبراهيم -عليه السلام-، فإنه فيه محبوب معظم مثنَى عليه.
(سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ) أي: تحيته عليه، كقوله: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) [النمل: 59].
(إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [الصافات: 105] في عبادة الله، ومعاملة خلقه، أن نفرِّجَ عنهم الشدائد، ونجعلَ لهم العاقبةَ، والثناءَ الحسن.
(إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) [الصافات: 111] بما أمر الله بالإيمان به، الذين بلغ بهم الإيمان إلى درجة اليقين؛ كما قال تعالى: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) [الأنعام: 75].
(وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) [الصافات: 112] هذه البشارة الثانية بإسحاق، الذي من ورائه يعقوب، فبشر بوجوده وبقائه، ووجود ذريته، وكونه نبيا من الصالحين، فهي بشارات متعددة" [تفسير السعدي، ص: 706 - 706، بتصرف يسير].
ولا ننس -عباد الله- ذكر الله -تعالى- في هذه الأيام العشر، وهو الذكر المطلق، أما الذكر المقيد، فيبدأ من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: رَبِّ (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [إبراهيم: 37].
وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى، أَوْ قَالَ: يَتَلَبَّطُ.
فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِيَ تَنْظُرُ؛ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا -أي ثوبها- ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ المَجْهُودِ -المتعب- حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ؛ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا" فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ: صَهٍ -تُرِيدُ نَفْسَهَا-، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ.
فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ قَالَ: بِجَنَاحِهِ، حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ فِي سِقَائِهَا، وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ" -أَوْ قَالَ: "لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ-، لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا".
قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا المَلَكُ: لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِي هَذَا الغُلاَمُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ".
فانظروا واعتبروا -يا عباد الله- هذه المرأة ورضيعها، ولا يوجد أحد من الناس غيرهما في ذلك المكان، والملَك الذي يحدثها وسينطلق عنهما ويتركهما بمفردهما، وانظروا وتفكروا في هذه الأيام كيف هذا المكان يغصُّ بالزائرين والملبِّين، والطائفين والمكبِّرين، والراكعين والساجدين، تذكروا ذلك البيت في تلك الأيام.
وَكَانَ البَيْتُ -أي مكانه- مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ، فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ -قبيلة- جُرْهُمَ -العربية- أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ، مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا.
وهو الطائر الذي يرتاد الماء، ويحوم حوله.
فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا.
قَالَ: وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ المَاءِ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ! وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِي المَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ!.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الإِنْسَ".
فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الغُلاَمُ وَتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ.
فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ؟ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ.
ولو أجمعوا جميعًا ومع ذلك نُطالب هؤلاء وننتظرهم ونأمل الخير منهم…!.
- فأصبح الحال على هذا من طاعتهم والركون إليهم والله يقول: { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}، والظلم عام فقد ربما يكون من مسلم، فكيف بكافر أن يظلم ثم نركن عليه { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ } والنار هذه التي نحن نتلظاها، ووُقِدنا بها في حياتنا قبل مماتنا، ورأينا شرها لأننا أطعنا وركنا على أعداء الله وأعداء ديننا وأعداءنا…
- ألا فهذا هو شأن القرآن الجلي الصريح وهذا هو شأننا، هذا هو الداء والدواء، فإما أن نبقى في دائنا فلن نخرج منه أبدًا، وسنبقى في أمراضنا أو على عكس ذلك بأن ننتشل أنفسنا وأن نُراجع ذواتنا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
*الــخـــطــبة الثانــــية:* ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد...: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…:
- إن الآيات التي وعد الله بها المؤمنين في كتابه الكريم لهي جلية واضحة ومحققة إن تحقق بها الناس، وعملوا بمقتضاها، وهذا الله يقول في كتابه مثلا: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }، فالعزة للمؤمن ما تحقق بالإيمان في قلبه وفي واقعه، العزة له، والغلبة له، والنصر له ما عمل بما يريده ربه: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم﴾…
- بل الله يتولاه ومن تولاه الله فمن ذا يهزمه:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} فهو يتولاه وينصره ويحميه ويحرسه ويدافع عنه ويصد عنه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذينَ آمَنوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوّانٍ كَفورٍ﴾، فيا ترى من ذا يجرؤ على مقاومة رب العالمين؛ إذ هو يقف جل وعلا في صف المؤمن لأنه تحقق بالإيمان فاستحق الدفاع من الرحمن.
- ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دينَهُمُ الَّذِي ارتَضى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدونَني لا يُشرِكونَ بي شَيئًا﴾، بل لا ليس هذا كله وفقط بل حتى تحسن حالنا وواقعنا الداخلي سيكون مع الأيمن أعظم وأفضل ما يكون وفوق الخيال، ألم يقل الله:﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ﴾، ﴿وَأَلَّوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، بل قال سبحانه وتعالى في أعظم سعادة وطمأنينة وحياة رغيدة: ﴿مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً﴾…! والآيات تطول وتطول في ذكر ما يجعل الله للذين آمنوا جزاء إيمانهم واتصالهم بربهم.
- عندما تحدث عن الذين آمنوا حياة طيبة،
فهل حياتنا طيبة في اقتصادنا؟ في معيشتنا؟ في نومنا واستقرارنا؟ في مقوماتنا الأساسية؟ في بنيتنا التحتية؟ هل ذلك واقع؟ لا وألف لا بل ينهار في كل يوم؛ لأن تحقيق الإيمان في نفوسنا وواقعنا بعيد عنا كل البعد، ويحتاج منا إلى تغيير كل التغيير بحجم ما غيرنا من أنفسنا ومن واقعنا وأعمالنا نحتاج إلى ذلك التغيير، لينهي ذلك الداء الموجود، فبقدر ما نزل عليك من ظلم تحتاج إلى مقاومة وإن كانت تبدأ من الأضعف والضعيف إلى أن يصل إلى الأحسن والأفضل والقوي وبتدرج: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}…
- وأقطع يقينا وكلنا على ذلك على أن واقعنا اليوم أفضل من واقع الجاهلية الأولى قبل الإسلام، فكيف تغير الصحابة كل التغيير من عباد أصنام ورعاة أغنام إلى قادة الأمم الأرض على الإطلاق، فكيف تغيروا من لا شيء إلى كل شيء، فإذا كان معنا نحن حتى بعض الشيء فبقي أن نتناول كل الشيء حتى ننال ما نال أوائلنا: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
-
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*الداء والدواء من كتاب ربنا لواقعنا*
*للشيخ/ عبدالله رفيق السوطي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخــطبة الأولــى:*
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الناظر في أحوال المسلمين اليوم
ليجد حالة ضعف واستضعاف، ومهانة وقتل وقتال، ودمار وإهلاك للحرث والنسل، وفشل في كل مُقوِّمات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية وحتى الدينية، وهذه وغيرها من الأشياء التي نراها بأم أعيننا لتتحتم علينا أن نبحث عن السبب لوجودها، وعن المخرج لزوالها؛ لأن موعود الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم لا بد أن يتحقَّق، وآياته الكريمة المُفَصِّلة المُبَيِّنة أن المؤمنين أعلى في كل شيء من أمورهم نجدها واضحة صريحة في كتاب الله عز وجل، ومن ذلك أنهم خير أمة أُخرِجت للناس، وأن العلُوَّ لهم دون غيرهم، وعلى أن الله تبارك وتعالى لن يجعل للكافرين ولايةً عليهم، وهذا كتاب الله ناطقٌ فينا، شاهدٌ بيننا، فما هو السبب لتراجعنا، وما هو المخرج من كارثتنا…!
- ألم يقل الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}، فهل هذه الآية القرآنية متحققةٌ فينا اليوم؟ أو على غير ذلك؟ لو نظرنا إليها، وقرأنها، وتمعنا فيها، وتدبرنا في مضمونها، ثم نظرنا في أحوالنا، ونظرنا في موعود الله تبارك وتعالى في نصها لوجدنا على أن أحوالنا ليست كذلك، وعلى أن أمورنا ليست على ما يُرَام، والآية في وادٍ وواقع المسلمين في وادٍ سحيق، فكيف نوفِّق بين هذه الآية الكريمة وبين أن الله تبارك وتعالى أصدق الصادقين، وأحسن القائلين، وأجل المُتحدِّثين: ﴿وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ حَديثًا﴾، ﴿وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ قيلًا﴾، ثم هذا كتابه المبين الذي نطق به رب العالمين، مع رسوله جبريل الأمين، على قلب خير وأصدق الصادقين عليه الصلاة وأزكى التسليم: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ العالَمينَ نَزَلَ بِهِ الرّوحُ الأَمينُ عَلى قَلبِكَ لِتَكونَ مِنَ المُنذِرينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبينٍ وَإِنَّهُ لَفي زُبُرِ الأَوَّلينَ﴾، فكيف لنا أن نفهم الآية الكريمة التي هي في واد بينما حال ووضع المسلمين في واد آخر تمامًا، وكيف لنا أن نُترجِمها إلى واقع المسلمين اليوم، وما هو السبب الذي عكس الأمر عكساً غير طبيعي: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}!.
- فهذه الآية واضحة صريحة أن الكافر لا يمكن يتسلط على المؤمنين، بينما الحقيقة والواقع على أن الكافرين اليوم هم المُتسلِّطون على المسلمين نعم على المسلمين وعلى أنهم يتحكمون في مفاصِل المسلمين، وفي كل شيءٍ من أمور المسلمين في اقتصادهم، في برهم، في بحرهم، في جوهم، في سياساتهم، في كل شيءٍ من أمورهم، ولو أمر فلانٌ أو علانٌ لأحدٍ الكافر بن الكافر، اليهودي ابن اليهودي، النصراني ابن النصراني، الملحد ابن الملحد… لو أمر أحدًا من قادة المسلمين وزعاماتهم عموماً لاستجاب وسلَّم كلما يريد دون تردد….!.
- لكن هذا الله يقول: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}، ومعناها لن نسلطهم عليكم بحيث أن يُسيطِروا على قراراتكم، وعلى سياساتكم، وعلى اقتصادكم، وعلى بُلدانكم، وعلى أي شيءٍ معكم ولكم، بل بالعكس أنتم من تفعلون ذلك بهم كما قال ربنا: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}… فما الأمر وما السبب أن الأمر عكس ذلك تماماً!.
- وقد آن الأوان أن أجلي الحقيقة البيِّنة الواضحة الدامغة الناطقة الشاهدة التي لا يختلف عليها اثنان حتى لا نُطيل في تجليتها أن السبب والعلاج في نص الآية البيِّنة فيها واضحة: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}، فقال جل وعلا: {عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}، ولم يقل على المسلمين بل {عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}، وقال: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}…
🎤
*خطـبـة جـمـعــة بعـنـوان :*
*أســبـاب.انـقــطاع.الـمــطـــر.tt*
*للشيخ/ سـامي بن خالـد الحـمــود*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبـــة.الاولـــى.cc*
أما بعـــد : (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله وهو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز) .
عباد الله .. تأخرُ نزولِ المطر في هذه الأيام ، هو حديث كثيرٍ من الناس ، في الأماكن والقرى التي تعتمد على الأمطار ، يشكون قلة الماء بعد أن كانت الأودية والعيون نابضة بالماء, ويشكون جدب الأرض بعد أن كانت الأرض مخضرة, يشكون ذلك, وحُق لهم أن يشكوا ؛ فإن الماء من أعظم نعم الله تعالى, وهو أساس الحياة ، كما قال عز وجل: (وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) .
وكثيراً ما يمتن الله تعالى على عباده بنعمة إنزال الماء من السماء ، (أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجًا فلولا تشكرون) ، (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابًا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفًا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون) .
ولا يعرف حقيقة الاستبشار إلا من تعلق قلبه بالأمطار, كما هي حال العرب التي وصفهها الله تعالى .
ثم قال سبحانه: (وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين ، فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها) انظر إلى آثار رحمة الله في النفوس القانطة، وفي الأرض الهامدة الخاشعة ، (إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير) .
عباد الله .. ولنا أن نتساءل: ما سبب تأخر نزول الأمطار؟ ما سبب القحطِ وجدبِ الأرض؟
أخرج ابن ماجه والبيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين ، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن ، لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ، ولم يَنْقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم ، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) .
وقد جاء في هذا الحديث أمران بهما يمنع القطر من السماء, و يحصل الجدب والقحط في الأرض .
الأمر الأول: لم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين, والأخذ بالسنين أحد أنواع البلاء والعذاب, كما قال تعالى عن عذاب آل فرعون في الدنيا: (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذّكرون) .
ما هو نقص المكيال والميزان؟ نقص المكيال والميزان هو التطفيف, فإن كان الأمر له استوفى حقه بالكامل, وإن كان الأمر لغيره بخسه حقه .
وهذا الأمر من أسباب شدة المؤنة لأنه صلى الله عليه وسلم قال : ((إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجَوْر السلطان))
ولا يقف قول النبي صلى الله عليه وسلم في نقص المكيال والميزان عند هذا الحد, بل يتعدى إلى ما يحصل في زماننا من سرقات أموال المسلمين, والتزوير والاختلاس ، وغش الناس في معاملاتهم ، فإذا دخلت السوق وجدت البائع يَغُش المشتري ، فيجعل الرديء من السلعة في الأسفل, ويجعل الحسن في الأعلى، والله المستعان.
ثم قال صلى الله عليه وسلم : (ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء) ..
هذا هو السبب الثاني لتأخر نزول الغيث من السماء , يكنزون الأموال ولا يخرجون حق الله فيها, وإن أخرجوا, أخرجوا دون ما أمر الله به, فترى بعضهم أمواله بالملايين ويخرج بضعة آلاف ظنًا منه أن هذه تغني عن الزكاة ولا يتحرى في زكاة ماله .
لم يا عبد الله .. لم هذا البخل؟ لم هذا الكنز للمال؟ أما سمعت قول الله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)
أتعرف ما هذا العذاب الأليم؟ (يوم يُحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) .
ثم قال صلى الله عليه وسلم :( ولولا البهائم لم يُمَطروا ) ، أي ولو نزلت قطرات المطر, وغيث السماء ما كان ذلك إلا للبهائم, ولولا البهائم لم ينزل الله المطر , فالمطر ليس لهؤلاء العصاة المصّرين على معاصيهم, الذين لا يقلعون عنها, إنما هو رحمة بالبهائم العجماوات . وقد تهلك البهائم بسبب معاصي بني آدم .
ويقول أبو هريرة رضي الله عنه : "إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم".
قال مجاهد:"إن البهائم لتلعن العصاة من بني آدم إذا اشتدت السنن تقول: من شؤم معصية بني آدم ".
عباد الله .. ليس سبب تأخر الأمطار هو مجرد رياحٍ تأتي من الشمال أو الجنوب أو تغيرٍ في
((قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } (هود55 - 56 ) ..
عبــــاد الله :-
إن حسن الظن بالله دفع الفتية أصحاب الكهف الذين خالفوا القريب والبعيد في سبيل مرضاته سبحانه ففارقوا أقرب الناس فرارا إلى الله وطلباً لرضاه وخوفاً على دينهم ، من الشرك والفسوق والعصيان ..
واستبدلوا لأجل مرضاته ضيق الكهف بسعة العيش الرغيد ،
فما كان إلا أن وسعه الله عليهم بما نشر لهم فيه من رحمته ( فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً } (الكهف16)..
وتأملوا قوله تعالى (( ينشر لكم ربكم من رحمته ))...
فيعلم العبد أن رحمة الله واسعة إذ بعضها أو قدر معلوم عند الله منها ؛ يكفي ليجعل ذلك الكهف أو ذلك السجن أو تلكم الزنزانة جنة أو روضة من رياض الجنة ..
فلنحسن العمل ولنحسن الظن بالله ..
قال بن القيم رحمه الله : " الدرجة الخامسة [ أي من درجات التوكل ] حسن الظـن بالله عز وجل فعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكلك عليه " [ تهذيب مدارج السالكين ص 240 ] ..
وكان عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه يقول ـ: (والذي لا إله غيره ما أُعطي عبد مؤمن شيئاً خير من حسن الظن بالله ـ عز وجل ـ، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله ـ عز وجل ـ الظن إلا أعطاه اللـه ـ عز وجل ـ ظنه؛ ذلك بأن الخير في يده) ..
وكان سعيد بن جبير يدعوا ربه فيقول " اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك " ..
وانظروا إلى حسن الظن بالله والثقة به والتوكل عليه ،
فقد أمر الله أم موسى عليه السلام أن تلقي ولدها الرضيع وفلذة كبدها إذا خافت عليه من فرعون وجنوده أن يقتلوه ... في النهر تتلاطمه الأمواج وتعصف به الرياح ! لا تدري كيف حاله وفي أي أرض يستقر ، وأي خطر قد يصيبه ..!!
لكن حسن الظن بالله جعلها تثق به سبحانه وتعالى أي أمرٍ عجيب هذا ..
قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص(7)] ..
وجرفته المياه والأمواج إلى قصر فرعون وتربى في قصره واتخذوه ولدا وبحثوا له عن مرضعة فعاد إلى أمه قال تعالى : ( فرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) (القصص/ 13 )...
قال ابن القيم رحمه الله: \"فإن فعلها هذا هو عين ثقتها بالله -تعالى-، إذ لولا كمال ثقتها بربها لما ألقت بولدها وفلذة كبدها في تيار الماء، تتلاعب به أمواجه، وجريانه إلى حيث ينتهي أو يقف\"[مدارج السالكين(2/142)].
أيها المؤمنون / عبــــاد الله :-
ومع حسن الظن بالله وأنه قادر ورحيم وأنه لا يرضى لعباده إلا كل خير ، وأنه بقوته وقدرته سيدفع عنهم كل شر ومكروه لابد أن نحسن العمل ،
فنحافظ على الفرائض الشريعة كالصلاة وغيرها ،
ونؤدي الحقوق والواجبات ، ونتحرى في ذلك الإتقان في الأعمال والإخلاص لله فيها ،
قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين))[الأنعام: 162-163]...
ويجب علينا كذلك أن نزكي أنفسنا بالأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن، فنتجنب الخوض في الباطل والفساد في الأرض ، والظلم بجميع صوره والإعتداء على الأموال والأعراض والحرمات ،
الأمر الذي يؤدي إلى سفك الدماء وإزهاق الأرواح ونشر الفوضى وإشاعة الخوف وإقلاق السكينة العامة وتعطيل مصالح الناس ...
وما قيمة أحدنا إذا كان معول هدم في المجتمع ومفتاح للشرور ،
إنه عند ذلك سيخسر الدنيا والآخرة ويسقط من رحمة الله ولن ينفعه بعد ذلك مال ولا جاه ولا منصب ولا أتباع ...
عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ:«إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ» «سنن ابن ماجه» (237)، «السُّنة» لابن أبي عاصم (297) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1332 ) ...
فكونوا مفاتيح للخير بأعمالكم حتى ينتفع مجتمعكم وأمتكم والناس من حولكم بقيامكم بالإصلاح بين الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر الأمن والآمان والسكينة وإرساء قواعد الحب والتآلف والتراحم فيما بينكم ..
كونوا مفاتيح للخير ببذل المعروف وكف الأذى ونشر الخير ...