Telegram-канал kawateriemany - 🍃واذكر ربــك إذا نســـيت 🍃: Unsorted

🍃واذكر ربــك إذا نســـيت 🍃

22 July 2025 15:56

إنّ من أعجب العجب، وأغرب ما تقذفه الفتنة في وجوه الناس، أن ترى قومًا إذا أظلمت الدنيا، واشتدّ الكرب، وانفجرت الجراح في بلاد الإسلام، رأوا أن أنفع ما يُفعل في هذه الأوقات هو الجعجعة، والتأوّه، والتباكي، والصراخ في الفراغ الرقمي، ثم زادهم حمقًا أن جعلوا من تعليم الناس الشريعة في هذه الأوقات منكرًا! ومن الاشتغال بضبط مسائل الدين ومباحث الأحكام جرمًا، ومن المعلّمين دعاةَ غفلة وانفصال!

وهذا من سخائم العقول، ومرض البصائر، بل هو زندقة مستورة بثوب النُّصرة. فدين الله في كلّ وقت. أترى أصحاب النبي ﷺ في بدرٍ وأحدٍ والخندق تركوا الوحي ليخوضوا في النياحة؟! والله ما عرفوا من الدين هذا الانحراف، وما رأوا في مصائب الزمان مبررًا لهجر السنن.

إن تعليم أحكام الشريعة، بأصولها وفروعها، في أوقات الحرب والفتنة والكرب، ليس ترفًا، بل هو من أعظم أبواب النجاة. فالحاجة إلى الفقه لا تنقطع، بل تشتدّ في أزمنة البلاء، وتلمّس رضا الله في أدقّ الأمور أحرى في أزمنة الشدّة وانقطاع الأسباب.

وأما ذمُّ المتفقّهين والمعلّمين في هذه الساعات العصيبة، بحجّة أن الوقت لا يحتمل، فذلك فوق كونه باطلًا مغالطةٌ عقليةٌ قرعاء، إذ لا تعارُضَ بين تعليم الناس دينهم، وتذكيرهم بحق إخوانهم المكلومين. بل إن الفقه الحقّ يجعل النُّصرة ذات ضوابط، ويضبط الغضب بالعلم، ويقوّي اليقين ويبعث العمل الصالح، بدل الصياح الذي لا يضرّ العدو ولا ينفع الشهيد.

ثم انظر، كيف أن أكثر هؤلاء لا يأتون في إنكارهم على أهل العلم بشيءٍ نافع، ولا هم يواسون المنكوبين بما يُجمّل حالًا أو يردّ كربًا، إنما هم كما قال الله: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}. لا عُقلاء نُصحاء، ولا علماء نُبلاء، بل قومٌ ملأوا الدنيا جعجعة، وما أخرجوا قُرصة!

نسأل الله أن يعيد للمسلمين رشدهم، ويخلّصهم من فُسّاق التغريد، ومن زمرة الحداثيين الذين ما عرفوا من الدين إلا اسمه، ولا من الغضب إلا نباحَه.