(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ). @aboodi
قال فقلت انظر في امري يا رسول الله ثم اعلمك ذلك فقال ففكرت في نفسي فعلمت ان الدنيا منقطعة وزائلة وان لي فيها رزقا سيأتيني قال فقلت اسال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاخرتي فانه من عز وجل بالمنزل الذي هو به فجئته فقال ما فعلت يا ربيعة فقلت أسألك يا رسول الله ان تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار فقال: "من امرك بهذا يا ربيعة" فقلت لا والذي بعثك بالحق ما امرني به أحد ولكنك لما قلت سلني اعطك وكنت من الله بالمنزل أنت به نظرت في امري فعرفت ان الدنيا منقطعة وزائلة وان لي فيها رزقا سيأتيني فقلت اسال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاخرتي قال فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال لي: "اني فاعل فاعني على نفسك بكثرة السجود".
مصادر: كتاب صفة الصفوة. ابن الجوزي. ص265.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللهٌم صلِ وسلم على نبينا مٌحمد و على آله و صحبه آجمعّين.
قالوا عنه رحمه الله:
سئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: (ثقة لا يسأل عن مثله).
قالوا للإمام مالك رحمه الله في شأن أيوب السختياني عظم الله أجره فقال: (ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب أوثق منه).
وقال عنه الإمام الذهبي عظم الله أجره: (إليه المنتهى في الإتقان).
وقال عنه الحميدي صاحب المسند: (ما رأيت مثل أيوب).
وقال حماد بن زيد: (أيوب عندي أفضل من جالسته، وأشده اتباعاً للسنة).
وقال عنه الحسن البصري: (أيوب سيد شباب أهل البصرة).
وقال حماد بن زيد: (ما رأيت رجلاً قط أشد تبسماً في وجوه الرجال من أيوب).
وقال يونس بن عبيد: (ما رأيت أحداً أنصح للعامة من أيوب والحسن).
وقال حماد بن زيد: (كنت أمشي معه رحمه الله فيأخذ في طرق؛ إني لأعجب له كيف يهتدي لها؛ فراراً من الناس أن يقال هذا أيوب السختياني).
وقال عنه الإمام مالك بن أنس: (كنا ندخل على أيوب السختياني؛ فإذا ذكرنا له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى حتى نرحمه).
وقال عنه سلام بن أبي مطيع: (كان أيوب السختياني يرحمه الله يقوم الليل كله فيُخفِي ذلك؛ فإذا كان عند الصبح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة).
قالوا عن بعض كرامات:
وقال أبو يعمر السعدي المروزي: (كان أيوب في طريق مكة؛ فأصاب الناس عطش حتى خافوا؛ فقال أيوب عظم الله أجره: أتكتمون علي؟
قالوا نعم؛ فَدَوَّرَ رداءه ودعا؛ فنبع الماء وسقوا الجمال ورووا، ثم أَمَرَّ يده على الموضع؛ فعاد كما كان).
وقال حماد بن زيد: (غدا عَلَيَّ ميمون أبو حمزة يوم الجمعة قبل الصلاة فقال: إني رأيتُ البارحة أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في النوم؛ فقلت لهما: ما جاء بكما؟
قالا: جئنا نُصَلِّي على أيوب السختياني؛ قال [أي حماد بن زيد]: ولم يكن [أي أبو حمزة] علم بموته؛ فقيل له: قد مات أيوب البارحة).
من أقواله رحمه الله:
وكان أيوب السختياني رحمه الله يقول: (ليتق الله رجل؛ فإن زهد فلا يجعلن زهده عذاباً على الناس).
وكان رحمه الله يقول: (إذا ذكر الصالحون كنت عنهم بمعزل). وقال رحمه الله: (لا خبيث أخبث من قارئ فاجر). وقال رحمه الله: (إني وجدت أعلم الناس بالقضاء أشدهم منه فراراً، وأشدهم منه فرقاً).
وقال حماد بن زيد: (سمعت أيوب قيل له: ما لك لا تنظر في هذا [يعني: الرأي]؟ فقال يرحمه الله: قيل للحمار ألا تَجْتَرّ؟ فقال: أكره مضغ الباطل).
مصادر: كتاب حياة التابعين. ياسر الحمداني.
أيوب السختياني.
هو الإمام الحافظ أبو بكر أيوب بن أبي تميمة كيسان العنزي السختياني البصري الآدمي، وهو أحد رجال الشيخين البخاري ومسلم.
ولد سنة 68 هـ، وتوفي سنة 131 هـ.
قصة إسلام ابن سلام.
قال عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، قال: جاء عبد الله بن سلام فقال: أشهد أنك رسول الله حقا. ولقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فسلهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت. فأرسل إليهم فأتوا، فقال لهم: "يا معشر يهود، ويلكم اتقوا الله، فوالذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله فأسلموا". قالوا: ما نعلمه، فأعاد ذلك عليهم ثلاثا. ثم قال: "فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام"؟ قالوا: ذلك سيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا. قال: "أفرأيتم إن أسلم"؟ قالوا: حاش لله، ما كان ليسلم. قال: "يابن سلام اخرج عليهم". فخرج عليهم، فقال: ويلكم اتقوا الله، فوالذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله حقا، قالوا: كذبت. فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري.
وقال يونس، عن ابن إسحاق، قال: حدثني رجل من أهل مكة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن مشركي قريش، بعثوا النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة، وقالوا لهم: سلوهم عن محمد، وصفوا لهم صفته، وأخبروهم بقوله، فإنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفوا لهم أمره ببعض قوله، فقالت لهم أحبار اليهود: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل. سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول، ما كان من أمرهم، فإنه كان لهم حديث عجب. وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها وما كان نبؤه. وسلوه عن الروح ما هو. فقدما مكة، فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور، فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا، وسألوه، فقال: "أخبركم غدا"، ولم يستثن، فانصرفوا عنه، فمكث خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا، ولم يأته جبريل، حتى أرجف أهل مكة، وقالوا: وعدنا غدا واليوم خمس عشر. وأحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي، ثم جاءه جبريل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه، وخبر الفتية والرجل الطواف، وقال: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي). الإسراء: ٨٥ .
وأما حديث ابن مسعود، فيدل على أن سؤال اليهود عن الروح كان بالمدينة.
ولعله صلى الله عليه وسلم سئل مرتين.
وقال جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: سأل أهل مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا، وأن ينحي عنهم الجبال فيزرعوا فيها. فقال الله: إن شئت آتيناهم ما سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من كان قبلهم، وإن شئت أن أستأني بهم. لعلنا نستحيي منهم، وأنزل الله: (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ). الإسراء: ٥٩ ، حديث صحيح. ورواه سلمة بن كهيل، عن عمران، عن ابن عباس، وروي عن أيوب، عن سعيد بن جبير.
مصادر: سير أعلام النبلاء. الذهبي. ج1-ص172.
اللهُمَّ صلِّ وسلم على نبينا مُحمد عددَ ماذگرهُ الذاكرون وعدد ماغفِل عن ذِكره الغَافلون ﷺ.
Читать полностью…وكان له ولدان عالمان، وهما صالح وعبد الله، فأما صالح فتقدمت وفاته في شهر رمضان سنة ست وستين ومائتين، وكان قاضي أصبهان فمات بها، ومولده في سنة ثلاث ومائتين، وأما عبد الله فإنه بقي إلى سنة تسعين ومائتين، وتوفي يوم الأحد لثمان بقين من جمادى الأولى وله سبع وسبعون سنة، وكنيته أبو عبد الرحمن، وبه كان يكنى الإمام أحمد، رحمهم الله أجمعين.
مصادر: كتاب وفيات الأعيان. ص63.
توفي ضحوة نهار الجمعة، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين ومائتين ببغداد، ودفن بمقبرة باب حرب، وباب حرب منسوب إلى حرب بن عبد الله، أحد أصحاب أبي جعفر المنصور، وإلى حرب هذا تنسب المحلة المعروفة بالحربية، وقبر أحمد بن حنبل مشهور بها يزار، رحمه الله تعالى.
وحزر من حضر جنازته من الرجال، فكانوا ثمانمائة ألف، ومن النساء ستين ألفًا، وقيل: إنه أسلم يوم مات عشرون ألفًا من النصارى واليهود والمجوس.
وخرجت أمه من مرو وهي حامل به، فولدته في بغداد، في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة.
وكان إمام المحدثين، صنف كتابه المسند، وجمع فيه من الحديث ما لم يتفق لغيره، وقيل: إنه كان يحفظ ألف ألف حديث، وكان من أصحاب الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنهما وخواصه، ولم يزل مصاحبه إلى أن ارتحل الشافعي إلى مصر، وقال في حقه: خرجت من بغداد وما خلّفت بها أتقى ولا أفقهَ من ابن حنبل، ودُعِي إلى القول بخلق القرآن أيام المعتصم وكان أُميًا لايقرأ ولا يكتب فقال أحمد: أنا رجل علمت علمًا ولم أعلم فيه بهذا، فأحضر له الفقهاء والقضاة فناظروه.. فلم يُجب، فضُرِب وحُبِس وهو مصر على الامتناع، وكان ضربه في العشر الأخير من شهر رمضان، سنة عشرين ومائتين، وكانت مدة حبسه إلى أن خُلِي عنه ثمانية وعشرين يومًا وبقي إلى أن مات المعتصم فلما وُليَ الواثق منعه من الخروج من داره إلى أن أخرجه المتوكل وخلع عليه وأكرمه ورفع المحنة في خلق القرآن.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
لا إله إلا الله..
الله أكبر، الله أكبر
ولله الحمد.
قال ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة، على ظهر بيت من بيوتنا فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا، قد ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، قال: فخررت ساجدًا وعرفت أن قد جاء فرج، قال: فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله علينا، حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض رجل إليّ فرسا، وسعى ساع من أسلم قبلي، وأوفى الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني، فنزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته، والله ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما، فانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتلقاني الناس فوجًا فوجًا، يهنئوني بالتوبة ويقولون: لِتَهْنِئْكَ توبة الله عليك حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام رجل من المهاجرين غيره، قال فكان كعب لا ينساها لطلحة. قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وهو يبرق وجهه من السرور ويقول: "أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك". قال فقلت: أمن عندك؟ يا رسول الله أم من عند الله فقال: "لا، بل من عند الله". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا سر استنار وجهه، كأن وجهه قطعة قمر، قال: وكنا نعرف ذلك، قال: فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسك بعض مالك، فهو خير لك". قال: فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، قال: وقلت: يا رسول الله إن الله إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقًا ما بقيت، قال: فوالله ما علمت أن أحدًا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث، منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، أحسن مما أبلاني الله به، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي، قال: فأنزل الله عز وجل: (لَقَد تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهاجِرينَ وَالأَنصارِ الَّذينَ اتَّبَعوهُ في ساعَةِ العُسرَةِ مِن بَعدِ ما كادَ يَزيغُ قُلوبُ فَريقٍ مِنهُم ثُمَّ تابَ عَلَيهِم إِنَّهُ بِهِم رَءوفٌ رَحيمٌ، وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفوا حَتّى إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم لِيَتوبوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ، يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكونوا مَعَ الصّادِقينَ). التوبة:117-119.
قال كعب: والله ما أنعم الله عليّ من نعمة قط، بعد إذ هداني الله للإسلام، أعظم في نفسي، من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا، إن الله قال للذين كذبوا، حين أنزل الوحي، شر ما قال لأحد. وقال الله: (سَيَحلِفونَ بِاللَّهِ لَكُم إِذَا انقَلَبتُم إِلَيهِم لِتُعرِضوا عَنهُم فَأَعرِضوا عَنهُم إِنَّهُم رِجسٌ وَمَأواهُم جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانوا يَكسِبونَ، يَحلِفونَ لَكُم لِتَرضَوا عَنهُم فَإِن تَرضَوا عَنهُم فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرضى عَنِ القَومِ الفاسِقينَ). التوبة:95-96.
مصادر: صحيح مسلم. كتاب التوبة. ج4-ص120.
حتى جئت، فلما سلمت تبسم تبسم المغضب، ثم قال: "تعال" فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي: "ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟" قال: قلت: يا رسول الله إني، والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلًا، ولكني والله لقد علمت، لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك عليّ ولئن حدثتك حديث صدق تجد عليّ فيه، إني لأرجو فيه عُقبى الله، والله ما كان لي عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلَّفت عنك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما هذا، فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك". فقمت، وثار رجال من بني سلمة فاتَّبعوني، فقالوا لي: والله ما علمناك أذنبت ذنبًا قبل هذا، لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما اعتذر به إليه المخلَّفون، فقد كان كافيك ذنبك، استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك، قال: فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُكذِّب نفسي، قال ثم قلت لهم: هل لقيَ هذا معي من أحد؟ قالوا: نعم، لقيه معك رجلان، قالا مثل ما قلت، فقيل لهما مثل ما قيل لك، قال قلت: من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيعة العامري وهلال بن أمية الواقفي، قال: فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا، فيهما أسوة، قال: فمضيتُ حين ذكروهما لي، قال ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا، أيها الثلاثة، من بين من تخلَّف عنه، قال: فاجتنبنا الناس، وقال: تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة.
Читать полностью…غير أني قد تخلَّفت في غزوة بدر ولم يعاتب أحدًا تخلَّف عنه، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عِيرَ قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم، على غير ميعاد، ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها، وكان من خبري، حين تخلَّفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسرَ مِني حين تخلَّفت عنه في تلك الغزوة، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط، حتى جمعتهما في تلك الغزوة، فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا، واستقبل عدوًا كثيرًا، فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أُهبَة غزوهم، فأخبرهم بوجههم الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير، ولا يجمعهم كتاب حافظ -يريد بذلك الديوان- قال كعب: فَقَّل رجلٌ يريد أن يتغيب، يظن أن ذلك سيخفى له، ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، فأنا إليها أصعر، فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم، فأرجع ولم أقض شيئا، وأقول في نفسي: أنا قادر على ذلك، إذا أردت، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديًا والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئا، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو، فهممت أن أرتحل فأدركهم، فيا ليتني فعلت.
Читать полностью…ورجعت هذه المجموعة، وقد أصيب الحارث بن أوس ببعض سيوف أصحابه، فجرح ونزف الدم، فلما بلغت هذه المجموعة حرة العريض، رأت أن الحارث ليس معهم، فوقفوا ساعة حتى أتاهم يتبع آثارهم، فاحتملوه، حتى إذا بلغوا بقيع الغرقد كبروا، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرهم، فعرف أنهم قد قتلوه، فكبر، فلما انتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك من آخر الليل قال صلى الله عليه وسلم: "أفلحت الوجوه"، قالوا: ووجهك يا رسول الله، فحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الله تعالى على قتله، وتفل على جرح الحارث فبرئ.
مصادر: كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون. ج2-ص545.
ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه.
أسلم قديما وكان من أهل الصفة وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ويبيت على بابه لحوائجه. عن نعيم بن ربيعة بن كعب قال كنت اخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم واقوم له في حوائجه نهاري اجمع حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الاخره فاجلس على بابه إذا دخل بيته اقول لعلها ان تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة فما ازال اسمعه يقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله وبحمده حتى أمل فارجع أو تغلبني عيني فارقد فقال لي يوما لما رأى من حفتي له وخدمتي اياه: "يا ربيعة سلني اعطك".
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ: من قال إذا أوى إلى فراشِه: الحمدُ لله الذي كفاني وآواني، الحمد لله الذي أطعمَني وسقاني، الحمد لله الذي منَّ عليَّ وأفضل، اللهم إني أسألُك بعزَّتِك أن تُنَجِّيَني من النار؛ فقد حمِدَ الله بجميعِ محامدِ الخلق كلِّهم.
Читать полностью…أشهر شيوخه:
أبو عثمان النهدي، وسعيد بن جبير، وأبو العالية الرياحي، وعبد الله بن شقيق، وأبو قلابة الجرمي، ومجاهد بن جبر، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، ومعاذة العدوية، وأبو رجاء عمران بن ملحان العطاردي، وعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنه، وأبو مجلز لاحق بن حميد، وحفصة بنت سيرين، ويوسف بن ماهك، وعطاء بن أبي رباح، ونافع مولى ابن عمر رضي الله عنه، والقاسم بن محمد، وابن أبي مليكة رضي الله عنه، وقتادة، وخلق سواهم.
أشهر تلامذته:
الزهري، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وشعبة، والأعمش، والإمام مالك، وقتادة وهو من شيوخه ولكن روى عنه، ومعمر، وعمرو بن دينار، وعبد الوارث، وأمم سواهم.
وأخرج من حديث حميد عن أنس، قال: سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في أرض، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام أهل الجنة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال: "أخبرني بهن جبريل آنفا". قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة. قال: ثم قرأ: (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ). البقرة: ٩٧، "أما أول أشراط الساعة، فنار تخرج على الناس من المشرق إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت. وغذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إلى أبيه، وإذا سبق ماء المرأة نزع إلى أمه". فتشهد وقال: إن اليهود قوم بهت، وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني. فجاءوا، فقال: "أي رجل عبد الله بن سلام فيكم" قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا. قال: "أرأيتم إن أسلم"؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك. فخرج فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. فقالوا: شرنا وابن شرنا، وتنقصوه. قال: هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله.
وروى أسباط بن نصر، عن السدي عن أبي مالك، وأبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ). البقرة: ٨٩؛ قال: كانت العرب تمر باليهود فيؤذونهم وكانوا يجدون محمدا في التوراة، فيسألون الله أن يبعثه فيقاتلون معه العرب. فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به حين لم يكن من بني إسرائيل.
مصادر: سير أعلام النبلاء. الذهبي. ص288.
كنز هذا الدعاء خير من كنز الذهب والفضة.
اللهمَّ بعِلْمِكَ الغيبَ وقُدْرَتِكَ عَلَى الخلَقِ ، أحْيِني ما علِمْتَ الحياةَ خيرًا لِي ، وتَوَفَّنِي إذا عَلِمْتَ الوفَاةَ خيرًا لي ، اللهمَّ إِنَّي أسألُكَ خشْيَتَكَ في الغيبِ والشهادَةِ ، و أسأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا والغضَبِ ، وأسألُكَ القصدَ في الفقرِ والغِنَى ، وأسألُكَ نعيمًا لَا ينفَدُ ، و أسالُكَ قرَّةَ عينٍ لا تنقَطِعُ ، وأسألُكَ الرِّضَى بعدَ القضاءِ ، وأسألُكَ برْدَ العيشِ بعدَ الموْتِ ، وأسألُكَ لذَّةَ النظرِ إلى وجهِكَ ، والشوْقَ إلى لقائِكَ في غيرِ ضراءَ مُضِرَّةٍ ، ولا فتنةٍ مُضِلَّةٍ ، اللهم زيِّنَّا بزينَةِ الإيمانِ ، واجعلنا هُداةً مهتدينَ.
الراوي: عمار بن ياسر. المحدث: الألباني. المصدر: الكلم الطيب رقم: 106.
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أخرجه النسائي (1305)، وأحمد (18351).
(باب: ويسألونك عن الروح)
قال يحيى بن أبي زائدة, عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل. فقالوا: سلوه عن الروح، فنزلت: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ). الإسراء: ٨٥ ، قالوا: نحن لم نؤت من العلم إلا قليلا؟ وقد أوتينا التوراة فيها حكم الله، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا. قال: فنزلت: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي). الكهف: ١٠٩ ، وهذا إسناد صحيح.
كل عام وأنتم بخير وعيد أضحى مبارك وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال🌹.
Читать полностью…وذكر أبو الفرج بن الجوزي في كتابه الذي صنفه في أخبار بشر بن الحارث الحافي رضي الله عنه في الباب السادس والأربعين ما صورته: حدث إبراهيم الحربي قال: رأيت بشر بن الحارث الحافي في المنام كأنه خارج من باب مسجد الرصافة وفي كُمه شيء يتحرك، فقلت: مافعل الله بك فقال: غفرلي وأكرمني، فقلت: ماهذا الذي في كُمك قال: قدم علينا البارحة أحمد بن حنبل فنثر عليه الدر والياقوت، فهذا مما التقطت، قلت: فما فعل يحيى بن معين وأحمد بن حنبل قال: تركتُهما وقد زارا رب العالمين ووضعت لهما الموائد، قلت: فلم لم تأكل معهما أنت قال: قد عرف هوان الطعام علي فأباحني النظر إلى وجهه الكريم.
Читать полностью…وكان حسن الوجه، ربعة يخضب بالحناء خضبًا ليس بالقاني، في لحيته شعرات سود. أخذ عنه الحديث جماعة من الأماثل، منهم محمد بن اسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج النيسابوري، ولم يكن في آخر عصره مثله في العلم والورع.
Читать полностью…أحمد بن حنبل.
الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان ابن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصي بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، الشيباني، المروزي الأصل. هذا هو الصحيح في نسبه.
فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه، وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام، أم لا؟ ثم أصلي قريبًا منه وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إليّ وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال ذلك عليّ من جفوة المسلمين، مشيت حتى تسوَّرْتُ جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي، وأحب الناس إليّ، فسلمت عليه، فوالله ما رد عليّ السلام. فقلت له: يا أبا قتادة أَنشُدُك بالله هل تعلمنَّ أني أُحبُّ الله ورسوله؟ قال: فسكت، فعدت فناشدته، فسكت، فعدت فناشدته، فقال: الله ورسوله أعلم، ففاضت عيناي، وتوليت، حتى تسوَّرتُ الجدار، فبينما أنا أمشي في سوق المدينة، إذا نَبَطِيٌّ من نبط أهل الشام، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة، يقول: من يدل على كعب بن مالك، قال: فطفق الناس يشيرون له إليّ، حتى جاءني فدفع إليّ كتابًا من ملك غسان، وكنت كاتبًا، فقرأته فإذا فيه: أما بعد، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك، قال فقلت: حين قرأتها: وهذه أيضا من البلاء فتياممتُ بها التنور فسجرتها بها، حتى إذا مضت أربعون من الخمسين، واستلبث الوحي، إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، قال: فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا، بل اعتزلها، فلا تقربنها، قال: فأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك، قال: فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر، قال: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت له: يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال: "لا، ولكن لا يقربنك". فقالت: إنه، والله ما به حركة إلى شيء، ووالله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان، إلى يومه هذا، قال: فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك؟ فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمهُ، قال: فقلت: لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب، قال: فلبثت بذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نُهِيَ عن كلامنا.
Читать полностью…ثم لم يُقَدَّر ذلك لي، فطفقت، إذا خرجت في الناس، بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، يُحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلًا مغموصًا عليه في النفاق، أو رجلًا ممن عذر الله من الضعفاء، ولم يذكُرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال: وهو جالس في القوم بتبوك "ما فعل كعب بن مالك؟" قال رجل من بني سلمة يا رسول الله حبسه بُرْدَاهُ والنظر في عطفيه، فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هو على ذلك رأى رجلًا مبيضًا يزول به السراب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كن أبا خيثمة" فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزهُ المنافقون، فقال كعب بن مالك: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلًا من تبوك، حضرني همي، فطفقت أتذكر الكذب وأقول: بم أخرج من سخطه غدًا؟ وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي، فلما قيل لي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادمًا، زاح عني الباطل، حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدا، فأجمعت صِدقَهُ، وصبَّح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادمًا، وكان إذا قدم من سفر، بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلَّفون، فطفقوا يعتذرون إليه، ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلًا، فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم، وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله.
Читать полностью…توبة كعب بن مالك وصاحبيه.
حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرح مولى بني أمية، أخبرني ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، وهو يُريد الروم ونصارى العرب بالشام، قال ابن شهاب: فأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، أن عبد الله بن كعب كان قائد كعب، من بنيه، حين عَمِيَ، قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخَلَّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، قال كعب بن مالك: لم أتخلَّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط، إلا في غزوة تبوك.
فلما نزل كعب إليهم تحدث معهم ساعة، وتحدثوا معه، ثم قال له أبو نائلة: هل لك يا ابن الأشرف أن نتماشى إلى شعب العجوز، فنتحدث بقية ليلتنا؟.
قال: إن شئتم، فخرجوا يتماشون، فقال أبو نائلة وهو في الطريق: ما رأيت كالليلة طيبًا أعطر قط.
فقال كعب: عندي أعطر نساء العرب، فقال أبو نائلة: أتأذن لي أن أشم رأسك؟ قال: نعم فأدخل يده في رأسه فشمه.
ثم مشى ساعة، ثم قال أبو نائلة: أعود -أي لشم رأسه- قال كعب: نعم، فعاد لمثلها حتى اطمأن: ثم مشى ساعة، ثم قال أبو نائلة: أعود -أي لشم رأسه- قال كعب: نعم، فأدخل يده في رأسه، فلما استمكن منه، قال أبو نائلة لأصحابه: دونكم عدو الله، فاختلفت عليه أسيافهم، لكنها لم تُغنِ شيئا، فأخذ محمد بن مسلمة معولًا، فوضعه في بطنه، ثم تحامل عليه حتى بلغ عانته، فوقع عدو الله قتيلًا، وكان قد صاح صيحة شديدة أفزعت من حوله، فلم يبق حصن إلا أوقدت عليه النيران.