..تبرئة دعوة التوحيد من العدوان على المسلمين..
قال محمود شكري الألوسي
في كتابه:
"غاية الأماني في الرد على النبهاني".
تبرئة لدعوة الشيخ محمد بن الوهاب من العدوان بقتال أحد من المسلمين:
"وما كان من الحروب في نجد-بين رؤسائهم-أي ذنب لهم فيه؛ وهم لم يبدءوا أحدا بحرب ولا ضرب، حتى يبدأ الغير به، فحينئذ يدافعون عن أنفسهم، ودفع الصائل مأمور به، فلم يحصل منهم ضرر على الشريعة، بل هم أكثر المسلمين محاماة عليها". ١/٤٧٢
شبهة اجتمعت عليها الشيعة والصوفية والأشعرية
تعلقت بالقبور، وهي:
مهما وقع في صور الشرك، من: استغاثة بمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله، وتوكل عليه، وذبح، ونذر، وطواف، وسجود.
فإن فاعلها لا يعد مشركا، إلا إذا اعتقد فيه النفع والضر استقلالا.
فإما إذا اعتقد أنه سبب، فلا شرك ههنا، بل مستحب، ووسيلة مشروعة.
هذا مع أن فعله هذا لا يعد وسيلة، بل استغاثة صريحة.
وهكذا عاد الشرك من باب الوسيلة، وجاهد قوم في تقريره، منهم:
- يوسف النبهاني في شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق.
- ومن قبله الهيتمي في الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرم.
- مسبوق بالسبكي في شفاء السقام في زيارة خير الأنام. اجتمعوا على تسويغ صريح الشرك شرعا، وحسنوه، وقبحوا التوحيد؛ إذ زعموا أن الطريق إلى الله لابد فيه من واسطة، فشابهوا قول المشركين حين قالوا: (هؤلاء شفعاؤنا عند الله).
أما هذا الشرط فلم ينزل به سلطان، بل وسوسة شيطان، فيكفي أن يقال فيه:
لو لم تكن بينة على بطلان الشرط وانحرافه، إلا أن شابهوا به صور الشرك التي كان عليها المشركون حين البعثة، لكفى.
فكيف يكونوا في المبدأ موحدين وأولئك مشركون، وهم متحدون في:
- علة الشرك، وهي الواسطة.
-وصورة العبادة، التي هي مظاهر الدين؟
وليس في المقدور إنكار هذا التشابه والتوافق، حتى أصحاب الشرط لا ينكرونه، لكن يقولون:
المشركون اعتقدوا النفع والضر في المخلوق، ونحن لانعتقد كذلك.
إذن، فحوى الجواب: أن المبدأ والوسيلة مختلفة.
لكن:
كيف تختلف المبادئ، والوسائل، وتتحد النتائج؟
فاتحاد النتيجة دليل على وحدة المبدأ والوسيلة، فلما كان المبدأ شركا، ووسيلته كذلك، كانت النتيجة الحتمية: صور شركية.
وعليه:
فإما أن أولئك موحدون أيضا، وهذا فيه إبطال دعوة الرسل.
فإن لم يكن، فالشرط قطعا باطل، والقائل به في خطر.
فلما ذكر الزينة بدل الضمير إلى مفرد مؤنث فقال :(ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها).
فدل على أن المراد ما عليهن لا ذواتهن.
...................معنى الحجاب.................
لا اختلاف فيه قرآنا وسنة؛ بل صفة واحدة متفقة، هي: التغطية التامة. نتبينها في نصوص الحجاب، وإليك تفصيلها بلا تكلف ولا عنت:
أولا: ففي آية الزينة قوله تعالى:
(ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها).
فهذا نهي صريح بحرف النفي "لا" عن إبداء الزينة إلا ما وقع بغير قصد، فقد قال: (ظهر ). الدال على العفو، ولم يقل: أظهرن. الدال على القصد.
والسؤال هنا:
ما هي "الزينة" المحظور إظهارها للرجال قصدا: آلبدن، أم اللباس والحلي والكحل والخضاب منه؟
قلنا: لا فرق في أي من التقديرين:
⁃ فإن كان البدن، فيعفى عما منه بدا عفوا لا قصدا.
⁃ وإن كان اللباس، فيعفى عما منه بدا عفوا لا قصدا.
⁃ وحينئذ فالبدن فيه تشدد وتحوط أكبر: لأن لباسها ليس عورة كبدنها للنص، فإذا منعت من إبدائه، فالبدن أولى، وإذا عفي عما ظهر من اللباس عفوا، فالعفو في البدن أضيق وأشد.
والعفو ما كان بغير قصد ولا اختيار، فمعنى الآية إذن:
⁃ ولا يبدين شيئا من اللباس وما يتبعه، إلا ما بدا منه بلا اختيار؛ لحركة، وتعثر، أو ريح، وما دون العباءة من أسفل اللباس. فعفوٌ، والبدن أشد منعا وحظرا من طريق أولى؛ لأنه منصوص عليه في الحديث:(المرأة عورة).
⁃ أو: ولا يبدين شيئا من البدن، إلا ما بدا منه بغير اختيار؛ للأسباب الآنفة نفسها، فعفوٌ.
وعلى التقديرين، فالمنع من إبداء شيء من بدنها عمدا واختيارا- من وجه أو كف أو أكثر من ذلك- ظاهر، ودلالة الآية عليه واضح بيّن.
ومما يرجح أن المقصود بالزينة لباسها لا بدنها:
⁃ أن في كلام العرب: الزينة ما على الشيء، لا الشيء نفسه، قال تعالى:(إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها). فالزينة ليست هي الأرض، بل ما عليها، وزينة المرأة لباسها الذي عليها، لا بدنها.
⁃ يؤكد هذا قوله:(منها)؛ أي: من اللباس. ولو أراد البدن لقال: (منهن). فهذا ضمير الجمع للنساء، و"منها" ضمير المفرد للمؤنث الزينة.
⁃ كذلك قوله:(ظهر). الدال على عدم القصد، والزينة التي تبدو منها عادة: لباسها. فمهما اجتهدت انكشف شيء منه بغير قصد، فأما بدنها فلا يبدو عادة إلا بقصد منها، ولا ينكشف إلا وهي مريدة لذلك، أو لتساهل في التستر والاحتشام.
وفي كل حال، فإن كلا التقديرين دال على منع إظهار شيء من بدن المرأة اختيارا، إلا عفوا وذلك لنحو تعثر، أو ريح، أو ضرورة من تطبب أو شهادة.
فالأول لزوما من طريق الأولى، والثاني مطابقة.
لكن بعضهم لم يفسر قوله:(ما ظهر منها) بالعفو الدال على عدم القصد، بل بالضرورة والحاجة التي فيها اختيار، لكن اضطرارا؛ فقال:
⁃ المعنى: ما ظهر منها ضرورة وحاجة بإذن الشرع، كبيع وشهادة ونحوها. فهذا المستثنى، وعليه يجوز كشف الوجه مطلقا؛ لأنه يكشف ضرورة.
فهل يدخل هذا المعنى في العفو، وهل يبطل بذلك دلالة النص على وجوب الحجاب؟
والجواب:
يدخل في العفو ما كان ضرورة عن اختيار، مثل التطبب والشهادة ونحوها، لكن لا يلغي أصل المعنى.
فأصل المعنى: ما ظهر عفوا بغير قصد، وهذا مؤدى كلمة:(ظهر). فإنها منزوعة الاختيار، دالة على عدم القصد، وهذا هو العفو.
لكن يلحق به فرعا ما كان في حكمه، وإن لم يكن في معناه، وهو: الاضطرار والضرورة. فإنها وإن كانت عن اختيار، إلا إن فيها نوع إكراه وجبر، والاضطرار لا يؤاخذ به؛ لأنه لا حيلة للمضطر إلا ركوبها، فإن اضطرت لكشف شيء من بدنها ضرورة شرعية لصلاة، أو إحرام، أو شهادة، أو تداو فلها ذلك بالإجماع.
لكن لا تستديمه، ولا تستبدل بالتغطية الكشف، بل تقدر الضرورة بقدرها، ثم تعود لأصل الحكم، وهو: عدم إبداء الزينة مطلقا إلا عفوا بغير قصد، كما هو نص الآية.
وبه يعلم أن تفسير:(ظهر). بالضرورة بإطلاق واستدامة، هو خلاف أصل اللغة، وترجيح لمعنى فرعي على أصلي، مع إمكان الجمع، وهذا لا يصح، كما لا يصح إبطال أصل لفرع. وليس في النصوص:
أن من العفو: استدامة كشف الوجه، إنما النصوص العامة تبيح المحظورات لضرورة، ثم تعود للحظر بزوال الضرورة.
وبهذا يعلم:
أن دلالة آية الزينة:
نهي المؤمنات عن إبداء شيء مطلقا:
⁃ من لباس وحلي.
⁃ وبدنهن بما فيه الوجه وزينته من كحل وخضاب.
⁃ إلا عفوا بغير قصد، أو ضرورة شرعية، لكن بغير استدامة.
وهو تفسير السلف لها كابن مسعود رضي الله عنه، قال في:(إلا ما ظهر منها): العباءة.
فسمى العباءة-وهي الجلباب-زينة، وهي عفو إظهارها لعدم القصد، كأنه يرى كل ما على المرأة هو زينة لها، سواء: كحلها وخضابها، ولباسها، وعباءتها، فعباءتها عفو، وما دونها حظر.
.....................رائحة الخطيئة............
هل شعرت بالطيب والرائحة العبقة الزكية؟
وهل أحببت النظافة والفخامة والنظام والترتيب؟
وهل تخيرت اللباس الحسن والمركب الهنيء والزوجة الحسناء والبيت الراقي؟
جوابك بالقطع: بل ناضلت من أجل ذلك، وسعيت، وسهرت، وتعبت، وأتعبت.
حسنا، فخذ هذا:
إنها مثال الطاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فهي روح وريحان وجنة نعيم، وحياة طاهرة، نظيفة، طيبة، وطمأنينة، وهيبة، وفخامة، وعز وشرف:(واعلم أن شرف المؤمن: قيامه بالليل. وعزه: استغناؤه عن الناس)
ولا أخالك وإلا وقد فهمت:
أن ما هو ضد ذلك، ضد لذلك.
فأنت تكره العفن، والنتن من الروائح، وتفر منها فرارك من المجذوم والمعدي.
وتجانب القذارة، والوضاعة، والفوضى والعبث.
وتتحاشى لباسا رثا، وهيئة بالية، ودابة عرجاء، ومنزلا ضيقا، وزوجة سيئة العشرة.
فهل علمت أن هذه ونظائرها مثال:
معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟
لكن ليست للذنوب رائحة، ولو كان لعافتها النفوس، وسلكت فجا غير فجاجها، غير أن نتنها في قلوب محبيها، أظلمت بها، واسودت لها الوجوه، فإن للمعصية ظلمة في القلب، وسوادا في الوجه، وبغضا في قلوب الخلق، وعسرا في الأمور، ولعلك جربت منها شيئا ففهمت هذا.
فما أحسن التفكر والتأمل، والقياس لم يوضع إلا للاعتبار:(فاعتبروا يا أولي الأبصار).
https://m.youtube.com/watch?v=PIy17_Gd6uw
Читать полностью…https://m.youtube.com/watch?v=6FMpVdySC2Y
Читать полностью…مآل علم الكلام إلى:
⁃ إضعاف العمل بالدين، فلا خضوع لشريعة، ولا تسليم لعقيدة، ونشر الإرجاء الذي قاومه السلف مقاومة شديدة.
وذلك الذي كان، لما تسلطت المعتزلة وربيبتها الأشعرية والماتريدية على النص من آية أو حديث، فاشتروا التأويل والتبديل لمعناه بالتسليم والامتثال، باستعمال الأدوات الكلامية، من:
⁃ مجاز.
⁃ وتأويل.
⁃ ورد خبر الواحد.
⁃ والحكم بظنية دلالة النص.
⁃ وتقديم العقل على النقل عند توهم التعارض.
وهكذا أثخنوا في الآية والحديث وأوهنوا، وأسقطوا هيبة النص، حتى عاد غريبا، فماتت السنن قرونا؛ أسياد الفتوى فيها الأشعرية.
حتى قيض الله قوما خضعوا للنص، وعظموه والعمل به، وأعرضوا عن صرف معناه، فأخذوا بظاهره ونصه، وأحيوا التمييز بين صحيحه وضعيفه، لتحيا من السنن من جديد: تصحيحا وعملا، ويرجع الناس إلى أخذهم دينهم بقوة، بعد فترة وضعف.
فتوى ابن الحاج في المولد
يقول في المدخل (2/15):
"العجب العجاب كيف يعملون المولد للمغاني والفرح والسرور لأجل مولده عليه الصلاة والسلام، كما تقدم في هذا الشهر الكريم؟
وهو عليه الصلاة والسلام فيه انتقل إلى كرامة ربه عز وجل، وفجعت الأمة فيه وأصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبداً!
فعلى هذا كان يتعين البكاء والحزن الكثير وانفراد كل إنسان بنفسه لما أصيب به".
المولد قول اللسان!
أسهل الأعضاء حركة اللسان، فلا يكل ولا يمل، وفي وسعه الكلام بما ليس في القلب، أو بضده، فالفطن ينظر في العمل، فإن صدق لم يطلب دليلا عليه من قول، بل هو دليل نفسه.
وفي المولد تتقدم الألسنة بإظهار المدح للنبي صلى الله عليه وسلم، والفرح بمولده، وتطرز في ذلك كلمات النثر والشعر، فإن لم تتبع بفعل طاعته واتباع سنته، فأقوال عارية من دليل صدق، كوعد بلا وفاء، وحديث سمر يقضى به الليل، ويقطع به السفر.
وعلامة صدق المحبة في قوله: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله). والاتباع يعني: التزام أمره، واجتناب نهيه. ونرى في الموالد، التي أقيمت لإعلان حبه، ضد ذلك مما قد علم، قل أو كثر. وكأنهم يسلون أنفسهم بها، ويأملون أن تقع لهم بها مغفرة وثواب، يمحو ما قد سلف، هكذا ظنوا، ولأجلها تسارعوا، والله أعلم بهم، لكن الحقيقة تقول:
(ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا).
في اعتقاد أهل السنة: الإيمان قول وعمل.
وفي اعتقاد المرجئة: الإيمان قول.
تحريم التوسل بالأموات والمولد في المناهج المصرية سنة ١٩٣٠
Читать полностью…تجويز المولد إجازة البدع!
إجازة المولد تسويغ لأنواع البدع كافة!
ذلك أن المجيز للمولد مجاوز للنص والسلف.
فإنه لم يلتزم النص، لا أمرا ولا نهيا؛ فإن النص لم يأمر بالمولد لا وجوبا ولا استحبابا، بل نهى عن الإحداث في الدين، والمولد محدث لا ريب، لا يدعي أحد أنه مما نص عليه الشرع، أما استنباطه من الأدلة، كحديث صيام الإثنين، فلا يصح؛ لأن دلالته على الصيام لا الاحتفال، وهكذا كل ما استدلوا به.
أما مجاوزته للسلف؛ فالذي لا ريب فيه:
أن كل دين لم يكن عليه الصحابة والقرون المفضلة- إجماعهم وجمهورهم- مع توفر الدواعي وعدم المانع: فليس من الدين قطعا.
والمولد لم يفعلوه، مع توفر الداعي له، وهو تقدمهم في محبة النبي صلى الله عليه وسلم وشدة شوقهم له، وعدم المانع من احتفالهم بمولده، ثم مع ذلك لم يحتفلوا به.
ولم يحدث إلا يد متهم بباطنية ويهودية.
فالمحتفل متجاوز للأصلين: التزام النص، واتباع السلف.
ومن ثم فقد فتح الباب لأنواع البدع كافة، فلو نظرت في قوله وحاله، لوجدته لا يمنع من بدعة محدثة، متخذا الطريقة نفسها التي اتخذها لإباحة المولد.
وإنك لتراه حين يعجزه الجواب عن مخالفته النص والسلف، يقرر:
بأن النص إذ لم يأمر فلم يمنع، وما لم يمنعه فهو جائز، ولا يدري أنه بهذا قد سوغ جميع البدع شرعا؛ إذ لم يأت نهي في عينها.
وأن اتباع السلف غير لازم، وبأن مخالفتهم سائغة، أو يفرض وقوع المولد منهم، لكن بغير نقل الخبر عنهم فيه، وهكذا يتهم التاريخ والمسلمين بالتقصير في نقل أخبار نقلة الدين في أمر من أمور الدين، وقد عُلم أن الله حفظ دينه: لفظا بالقرآن، ومعنى ببيان مراده، وفقها بحفظ أقوال من حملوا أمانة بلاغ الدين لفظا ومعنى.
فكم هي تلك المخالفات الشرعية الأصلية والعقلية التي يرتكبها المجيز في سبيل المولد، الذي لم يتحقق المسلمون حتى اليوم من إثبات عين يومه، بل الثابت أنه يوم موته صلى الله عليه وسلم!
آخر ما تفتق عنه قريحة المجيز، بعد أن دهمته حجج المنع، أن قال: المولد ليس من العبادات. فرارا من تلك الإلزامات، والعجب أن يقول ذلك في أمر :
- تعلق بصاحب الشريعة، ومبلغ الدين والعبادة.
- موضوعه: ذكر لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
من الفقه واحتساب الأجر:
إذا خرج إلى الصلاة أن ينوي ثلاثا:
- إقامة الفرض.
- مخلصا لله.
- وكشف ما مسه-أو مس الناس- من ضر.
وله أن يزيد في النيات:
- كصلاح الولد، وزيادة الرزق، واكتساب العلم.
حالة يعتمدها الشيطان للإضلال:
- فراغ الوقت.
- وقلة العبادة.
فإذا صادفهما تم له ما أراد، ولا يعجزه أحد مثل مشغول متعبد:(فإذا فرغت فانصب)؛ أي: فرغت من شغلك الدنيا، فانصب لعبادة الله، فلا يبقى متسع لوسوسته.
https://rattibha.com/storage/pdf/20393_1.pdf
Читать полностью…....أخطأت الفلاسفة!....
زعموا:
أن العقل هاد مطلق.
والفيلسوف بعقله يعرف الحقيقة، والنبي يعرفها بالوحي.
ووضعوا قصة حي بن يقظان لعقل عرف الحق بغير وحي.
وكل ذلك محض خيال أو احتيال!
فالعقل إما عالم أو جاهل؛
فعقل العالم لما اشتغل بالفلسفة حار واحتار وشك واستراب، وما كان إلا ذلك؛ وقد فسروا الفلسفة بالشك، يبدأ به، وينتهي إليه، ولأجله كثر الملاحدة من الفلاسفة العالمين، فأين عقلهم الهادي؟
وعقل الجاهل ترك العلم واشتغل بالشهوات، فسلك مسلك الأنعام في العماية، فلم يغنه عقله شيئا، فلم يحجزه عن سفه وفجور. فأين عقله الهادي؟
كلاهما افتقرا لقانون-خارج العقل-يحجزهما عن الضلالة، لو رزقاه لسلما، لكن غرهما دعوى هداية العقل المطلقة، فانطلقا بعقولهما فترديا في الهاوية.
قد علّم التاريخ:
أن التضليل إنما يأتي من قبل المستحسنات.
فكيف يعارض حكم العقل، وقد نال الحمد المطلق؟
لكن أليس له الحمد المطلق، وقد خاطب القرآن المعرضين والمعاندين بقوله:(أفلا تعقلون)؟
له الحمد إذا جرى في الحمد، وقد يجري بالذم، فكم من الأذكياء هلك به، وهو يحسب أنه يحسن صنعا، مع سوء عمله:(أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا). بعقله رآه حسنا، فلم يلق هداية به بل ضلالة.
فالعقل آلة، ولو كان له مطلق الهداية، لاهتدى به الأذكياء للإيمان، لكن كثيرا منهم ضل وتردى بإقرارهم.
فكان من الحكمة: لجم الإنسان بلجام الشريعة، كيلا يطغى عقله، وتتسلط نفسه الأمارة بالسوء على عقله.
فالولد بحاجة لسلطة أبيه إلى يبلغ الرشد، فينضج عقله وتكمل تجربة، فيدرك مواضع الخلل والزلل في طريقه، ولو خرج عنها قبل ذلك، لضاع في أودية مهلكة.
والبنت أحوج لرعاية وتوجيه أبوي، كيلا تضل في أودية الذئاب، فكم من فتاة اقتحمت الحياة بغير راع، ثم بدا لها-بعدما نالتها الجراحات، وأكلتها الآلام-أن العقل كان عونا عليها، مع النفس الأمارة بالسوء.
على هذا فقس!
فكل مجتمع صغر أو كبر مفتقر لشريعة وقانون يعلو آراءهم وعقولهم، ويفرض ما قد يكرهه بعضهم، لكنه أصلح لمجموعهم.
فلو قيل: إن العقل هاد مطلق.
احتمل عقل كل واحد من الناس.
وهذا محال؛ إذ نرى عقولا منكوسة ومضرة بنفسها وغيره، تستحق العقوبة.
واحتمل العقل الجمعي.
وهذا مصطلح يصعب ضبطه:
فمن الجمع، وفي أية أمم، وأي زمان، وهل عامتهم، أو خاصتهم؟
وكل واحدة من هذه عليها اعتراض.
فما بقي إلا القول:
بأن العقل هاد إذا وافق النقل.
كلام ابن تيمية في رسالته في:
"مذهب أهل المدينة".
في مجموع الفتاوى مج٢٠
دال على سعة علمه بمذاهب السلف وتحقيقها.
ثانيا:(وليضربن بخمرهن على جيوبهن)
الجملة السابقة مفسرة للاحقة.
فقوله:(وليضربن بخمرهن على جيوبهن).
لا يمكن لها مخالفة ما قرره قوله:
(ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها).
فقد تبين أن معناه: ستر كل شيء من المرأة:
⁃ البدن بدلالة المطابقة.
⁃ واللباس بدلالة قياس الأولى.
فإن مما يدل على أن المراد بالزينة: بدنها، ولباسها. قوله:(ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن).
وللبعل أن يرى بدنها ولباسها، ولها أن تبدي ذلك له.
وعليه:
فإن ما بعده من الآية لا يخالفه في الحكم؛ فيكون معنى:(وليضربن..). أي: يغطين وجوههن وصدورهن. فالجيوب هي الصدور، والخمار ما يغطى به الشيء جميعه، وإذا غطت المرأة صدرها بالخمار، لزمها تغطية وجهها قبله. وهذا هو قول عائشه:
"يَرحَمُ اللَّهُ نساءَ المُهاجراتِ الأُوَلَ، لمَّا أنزلَ اللَّهُ: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) شقَّقنَ أكنف مروطَهُنَّ فاختمرنَ بِها". أبو داود
قال ابن حجر:"أي غطين وجوههن". الفتح
وهكذا يجتمع معنى الجملتين.
فأما من فسر:(وليضربن...) بكشف الوجه، فقد عارض بين الجملتين وخالف، واضطر لتفسير الأولى بالكشف، فزعم أن(ما ظهر منها) هو الوجه، سواء بالاختيار أو بإذن الشرع.
وقد تقدم: أن تفسيره بالاختيار يخالف مقتضى اللغة، وأن إذن الشرع محدود بالضرورة، وهي تقدر بقدرها.
وصدر الجملة أسست للحكم بقوله:
(ولا يبدين زينتهن).
ولو وقف عليها لصحت وثبت الحكم المطلق؛ لأنها جملة تامة، وقد تبين معنى الزينة، سواء كانت البدن أو اللباس والحلي، لا فرق؛ إذ النتيجة: عدم إبداء ذلك كله.
ثم أعقب بالاستثناء:(إلا ما ظهر منها).
فالاستثناء خروج من الأصل.
وحكمه: أنه لا يستدام، بل يقدر بقدر الحالة الداعية للاستثناء، ثم يعود الحكم لأصله.
وأصل الحكم: عدم إبداء شيء من البدن واللباس.
والاستثناء: ما ظهر بغير اختيار من ذلك:
إما قسرا لتعثر، أو ريح، أو عدوان.
أو ضرورة بإذن الشرع، كتطبب، أو شهادة.
فإذا زال السبب وانتفت الضرورة عاد الحكم إلى أصله، وهو: عدم إبداء الزينة.
فأما من عاد بالاستثناء فجعله أصلا موازيا، بإباحته الكشف مطلقا، فهذا لم يفرق بين أصل واستثناء، وهو متجاوز لمقتضى اللغة التي بها نزل القرآن.
كما أنه لم يفهم قول من فسر:(ما ظهر منها). بالوجه والكف، والكحل والخضاب، فلم ير له إلا معنى واحدا، هو: أنه مستثنى من الحكم أبدا.
ومحل خطئه: تحكمه في تنزيل ذلك المعنى على الآية.
مع أن الواجب: أن ينظر في الاحتمالات الأخرى.
وما هي تلك الاحتمالات؟
إنها عدة، هي:
ما تظهره في الصلاة والإحرام.
أو ما تظهره لمحارمها، كما جاء عن ابن عباس.
أو ما نهين عن إبدائه، فمقصدهم الأصل لا الاستثناء، كما ذكر ابن كثير.
فهذه الاحتمالات ممكنة ومقبولة وليس عليها ملحظ شرعي أو لغوي، بخلاف استثناء الوجه مطلقا؛ فإنه مخالف لنص الآية، وتركيبها، ومقتضى اللغة، كذا للنصوص الأخرى.
وبعامة: فما كان لهم تفسير الآية بالكشف لمعنى محتمل، مع معارضته لأصل اللغة، والنقل، والعقل.
لكن اشتبهت عليهم نصوص أخرى، فهموا منها جواز كشف الوجه، وهي:
إما ضعيفة فيسقط الحجاج بها.
أو صحيحة لكن وقعت قبل نزول الحجاب.
أو دلالتها ليست بصريحة، وإن زعموا.
فهم يحتكمون إلى نصوص هذه حالها، ويفسرون الآية بها، ولو علموا، لكان عليهم:
النظر في مدلول الآية بلغتها وتركيبها وسياقها، فإذا استقر معناها بذلك، قارنوها بالنصوص الأخرى، وعملوا على الجمع بينها.
ولو فعلوا، لبان لهم:
أن للآية معنى دال بنفسه، مؤيد بآيات الحجاب والجلباب، والأحاديث الموافقة له، كحديث:(المرأة عورة). فمعانيها متحدة غير مختلفة.
لكنهم تركوا ذلك، فراحوا يفسرون الآية بأقوال محتملة المعاني، ولم يتفكروا في مخالفتها لنص الآية وألفاظها ومعانيها وسياقها!
قلنا:
إن الحكم تأسس بصدر الآية:(ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها). فهذه جملة تامة بينة المعنى والحكم، ولو تأمل المخالف ألفاظها ومعانيها لكفته، وما احتاج إلى معارضتها بما بعدها: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن). ونقض تلك بهذه لمعنى محتمل.
فهذا الأمر- المفصل لصورة حجاب الصدر والوجه والعنق- ورد لسبب، هو:
أن بعض النساء في الجاهلية كن يسترن البدن إلا أنهن يبدين: الوجه، والنحر، والصدر. ذلك بشد الخمار على الرأس وإلقاء طرفه إلى الخلف. بظن أنهن حققن المطلوب من الحجاب والستر.
فبين: أن الحجاب في إلقاء الخمار إلى الإمام-لا الخلف وضربه على الجيوب، ليستر الوجه، والنحر، والصدر.
فهذا التفصيل في سياق ما قبله من النهي، مفسر له لا معارض، موافق له لا مخالف، أما من فسره بالكشف، فقد عارضه وخالفه.
أخيرا
مع التأكيد على أن المراد بالزينة: البدن واللباس. وأن كل ذلك يجب ستره، إلا ما بدا عفوا بغير قصد، إلا أن بعضهم يرى أن سياق الآية دال على أن الزينة اللباس؛ ذلك لأن ضمير النسوة تكرر حين كانت الإشارة إليهن: يغضصن، أبصارهن، يحفظن، فروجهن، يبدين، زينتهن.
..........................بحر مائج ومركب صغير.................
الإنسان بفطرته محب للخير والعدل والحق واللذة، غير أنه يرتكب أخطاء- بقصد وبغير قصد-يدفع عنه تلك المحاب ويحجبها!
فأولها: الجهل بالعلم المبين الموصل لتلك المحاب.
ومن جهل شيئا عاداه.
وثانيها: الاشتباه في العلم، الملبس عليه الحقائق، والمشتبه عليه لا يدري أين يسلك؟
وثالثها: شهوته ورغبته في ضد تلك المحاب، مع علمه بالضرر. والنفس أمارة بالسوء.
رابعها: بغض الذي بين وكشف عن تلك المحاب ودعا إليها، فبغضه يصرفه عن اتباعه، مع علمه بصدقه.
وخامسها: لا يبغضه، لكن يحسده؛ أن سبقه بالعلم والبيان. فيمنعه من تقليده.
وسادسها: الخشية من مخالفة العوائد والآباء، وما تجر عليه من حرمان، وكم حرمت من اتباع الحق مع اليقين به.
وسابعها: الخوف على المنافع الدنيوية أن تزول وتتبدل بالتزام الخير والعدل والحق.
وثامنها: قياس فاسد، يقلب عليه الحق باطلا، والباطل حقا، فيزين به له سوء عمله، وهذا أعتى الأدواء.
فهذه موانع وحجب، كلما اجتاز حجابا اعترضه حجاب، وواحدة منها كافية في الصرف والإضلال والإهلاك.
فما حال الإنسان إلا كراكب بحر مائج بمركب صغير
يعلو به ويخفض
ويميل ويعدل
فتخر يد وتعلق رجل
وتصيبه جوانبه مياه البحر المائجة
ومن تحتها الحيتان القاتلة
فهو بين رعب وغرق وهلك
وهو في كرب عظيم، ولسان حاله:
اللهم سلم سلم!
.......................القوى النافذة......................
إن كانت لك عناية واهتمام في اكتساب حسن التصرف والتدبير لحركاتك وسكناتك، فإليك ما يلي:
اضبط فواعل التوجيه في نفسك، وهي ثلاثة:
الفطرة، العقل، والنفس.
فاثنان خير في أصلهما، وداعيان للاستقامة، هما:
- الأول: الفطرة.
والتي خلق الإنسان عليها، ويحتكم إليها لتصحيح التصرفات، فهي محمودة.
قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم:(هديت للفطرة) لما أخذ اللبن، قال:(ولو أخذت الخمر لغوت أمتك).
وقال صلى الله عليه وسلم:(خمس من سنن الفطرة).
وقال تعالى:(فطرة الله التي فطر الناس عليها) وهي: الإسلام. كما في الحديث:(كل مولود يولد على الفطرة).
فهذا العامل يحتاج لرعاية وعناية، كيلا يطمس بفعل الشياطين:(فاجتالتهم عن دينهم).
وذلك بالعود إلى قانون البراءة الطفولية، وما تألفه النفس وتحبه من: النظام والترتيب، والنظافة، والطهارة، والصدق، والأمانة، والوفاء، والعفة، والمروءة ونحوها.
- الثاني: العقل.
وهو الجزء المفكر في الإنسان، الذي يتلقى العلم فيفهمه ويحلله، ثم يوجه الفعل، فهو محمود بشرط: صحة علمه، وما يوجه به من أفعال.
فإذا صحت المقدمات، فالنتائح صحيحة.
ولم يأت ثناء على العقل مثلما الفطرة؛ ذلك لأنه قابل للعلم الخاطيء، ومن ثم التوجيه الخاطيء وفقا له.
لذلك لم يأت توجيهه إلا بعد تغذيته بالحقيقة والعلم الصحيح، مثل تغذيته بتوحيد الربوبية، لمخاطبته بعد ذلك بتوحيد الألوهية.
فالعقل بحاجة لعلوم صحيحة، وتجنب الباطلة ومعرفتها سبيل لتصحيح توجهه واختياراته.
وبعد:
فالفطرة إذا سلمت، والعقل إذا صح: وقع الفعل الصحيح.
لكن يعارضهما النفس بشهواتها، فهي على النقيض منهما؛أمارة بالسوء-وهذا أصلها وطبعها-إلا ما رحم ربي، وصلاحها يشترط له:
-سلامة الفطرة.
-صحة العقل.
-الهداية من الله.
وهذا الثالث الركن الأعظم لصلاحها:(ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحدا أبدا ولكن الله يزكي من يشاء).
فصحة العقل غير كافية، والفطرة قد تطمس، فتجد النفس بغيتها من الغواية؛ إذ لا معارض حينذاك، فلا ينفعها علم صحيح ولا موعظة بليغة، كما ضل أذكياء العالم عبر التاريخ.
فالمعارضون للرسل، الكافرون بدعوتهم، وأهل الضلال لم يكونوا أغبياء، بل أوتوا ذكاء، ولم يعطوا زكاء، وأوتوا فهوما، ولم يعطوا علوما، أعطوا سمعا، وأبصارا، وأفئدة( فما أغنت عنهم سمعهم، ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء).
فعلى الحكيم:
أن يطلب الهداية من الله على الدوام، ويدعو بثبات قلبه على الحق، وتصريفه إلى الطاعة، ويستغيث برحمته أن يضله، فمنه سبحانه الهداية والإضلال:(إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا).
فإذا رحمها بدلها لتكون نفسا لوامة، تلوم على الذنب، فإن توالت الرحمة بدلت لتكون نفسا مطمئنة، فالمتعرض لشروط نيل الرحمة الإلهية، موعود بنفس مطمئنة.
https://m.youtube.com/watch?v=i5BWsiaaq5E
Читать полностью…(أعوذ بك منك)
له معنى جلل، وبه كتاب نزل، ودين شرع، وهو دعاء نبوي، من أدعية السجود، تتمته:
(أعوذ برضاك من سخطك
وبمعافاتك من عقوبتك
وأعوذ بك منك
لا أحصي ثناءً عليك
أنت كما أثنيت على نفسك)
والمعنى:
أن الكل من الله تعالى: الخير والشر، الحلو والمر، الهداية والإضلال. ما يقع في العالم من إيمان وكفر، صلاح وفساد هو بتقدير الله: بعلمه، وكتابه، وخلقه، ومشيئته. وهذا هو ركن الإيمان بالقدر، يقول سبحانه:
( قل إن الأمر كله لله)
(وإليه يرجع الأمر كله).
(وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسك بخير فهو على كل شيء قدير).
وفي الدعاء النبوي أيضا:
(لا ملجأ ومنجى منك إلا إليك).
أي: لا مهرب من عذابك وانتقامك وسخطك، إلا عفوك ورحمتك ورضاك. ولا مهرب من قضائك وقدرك إلا إلى قضائك وقدرك.
قال المناوي رحمه الله: " ( وأعوذ بك منك ) أي برحمتك من عقوبتك ؛ فإن ما يستعاذ منه صادر عن مشيئته وخلقه ، بإذنه وقضائه ؛ فهو الذي سبب الأسباب التي يستفاد به منها ، خلقا وكونا ، وهو الذي يُعيذ منها ، ويدفع شرها خلقا وكونا ". فيض القدير 2/176
من عرف وأيقن، وخالط هذا المعنى روحه وعقله:
داخلته السكينة والطمأنينة، وخف في نفسه وقائع الدهور واختلاف الأحوال، وصبر للمصائب الخاصة والعامة، وأدرك واستدل على الطريق المخرج من الفتن، وفهم كيف يدافع القدر بالقدر.
فتوى رشيد رضا في المولد
يقول في المنار (2/74-76):
"فالموالد أسواق الفسوق فيها خيام للعواهر وخانات للخمور ومراقص، يجتمع فيها الرجال لمشاهدة الراقصات المتهتكات الكاسيات العاريات، ومواضع أخرى لضروب من الفحش في القول والفعل، يقصد بها إضحاك الناس".
قال: "فلينظر الناظرون إلى أين وصل المسلمون ببركة التصوّف واعتقاد أهله بغير فهم ولا مراعاة شرع؟!
اتخذوا الشيوخ أنداداً، وصار يقصد بزيارة القبور والأضرحة قضاء الحوائج، وشفاء المرضى، وسعة الرزق، بعد أن كانت للعبرة وتذكرة القدوة.
وصارت الحكايات الملفقة ناسخة فعلاً، لما ورد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على الخير.
ونتيجة لذلك كله؛ أن المسلمين رغبوا عما شرع الله إلى ما توهّموا أنه يرضي غيره ممن اتخذوهم أنداداً، وصاروا كالإباحيين في الغالب.
فلاعجب إذا عم فيهم الجهل واستحوذ عليهم الضعف، وحرموا ماوعد الله المؤمنين من النصر، لأنهم انسلخوا من مجموع ما وصف الله به المؤمنين.
ولم يكن في القرن الأول شيء من هذه التقاليد والأعمال التي نحن عليها، بل ولا في الثاني، ولايشهد لهذه البدع كتاب ولاسنة.
وإنما سرت إلينا بالتقليد أو العدوى من الأمم الأخرى، إذ رأى قومنا عندهم أمثال هذه الاحتفالات، فظنوا أنهم إذا عملوا مثلها يكون لدينهم عظمة وشأن في نفوس تلك الأمم.
فهذا النوع من اتخاذ الأنداد، كان من أهم أسباب تأخر المسلمين وسقوطهم فيما سقطوا فيه".
أشعري يرد على من يقول إن الشرك لا يقع إلا باعتقاد
للفخر الرازي جواب على من ادعى:
أن الشرك موقوف على اعتقاد النفع والضر، فما لم يعتقد في المدعو ذلك، فليس بشرك، ولو دعاه كما يدعو الله تعالى، فإليكم جوابه من تفسيره قوله:( أم اتخذوا من دون الله شفعاء):
"واعلم:
أن الكفار أوردوا على هذا الكلام سؤالا، فقالوا:
- نحن لا نعبد هذه الأصنام لاعتقاد أنها آلهة تضر وتنفع. - وإنما نعبدها لأجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا عند الله من المقربين. فنحن نعبدها لأجل أن يصير أولئك الأكابر شفعاء لنا عند الله.
فأجاب الله تعالى بأن قال: (أم اتخذوا من دون الله شفعاء، قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون).
وتقرير الجواب:
أن هؤلاء الكفار:
- إما أن يطمعوا بتلك الشفاعة من هذه الأصنام.
- أو من أولئك العلماء والزهاد الذين جعلت هذه الأصنام تماثيل لها.
والأول باطل؛ لأن هذه الجمادات وهي الأصنام لا تملك شيئا ولا تعقل شيئا، فكيف يعقل صدور الشفاعة عنها؟
والثاني باطل؛ لأنه في يوم القيامة لا يملك أحد شيئا، ولا يقدر أحد على الشفاعة إلا بإذن الله، فيكون الشفيع في الحقيقة هو الله الذي يأذن في تلك الشفاعة، فكان الاشتغال بعبادته أولى من الاشتغال بعبادة غيره.
وهذا هو المراد من قوله تعالى: (قل لله الشفاعة جميعا) ثم بين أنه لا ملك لأحد غير الله بقوله: (له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون)".
فهو يمنع من دعوى الشفاعة، ويبطلها، بل يرى أن هؤلاء المتوسلين بالأموات الداعين لهم شبه بالمشركين في طلبهم الشفاعة، قال في قوله:(هؤلاء شفعاؤنا):
"فاعلم أن من الناس من قال:
إن أولئك الكفار توهموا: أن عبادة الأصنام أشد في تعظيم الله من عبادة الله سبحانه وتعالى.
فقالوا: ليست لنا أهلية أن نشتغل بعبادة الله تعالى بل نحن نشتغل بعبادة هذه الأصنام، وأنها تكون شفعاء لنا عند الله تعالى".
قال:"أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم، وزعموا: أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل، فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى.
ونظيره في هذا الزمان: اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر، على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم، فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله".
مآل التصوف إلى:
- وحدة الوجود.
-وحدة الأديان.
-إسقاط التكاليف.
-الغلو في الأولياء بنسبة علم الغيب إليهم والتصرف في الكون.
تلك نتيجة التصوف، المبنية على فكرة فلسفية:
أن الإنسان جزء من الإله، انفصل عنه واتصل بالبدن، فإذا تخلص من أحكام البدن، وذلك بالنزول في مرتبة الفناء؛ أي: الفناء عن البشرية، رجع إلى أوله، فاتصل بالإله من جديد، فكان إلهي المعدن، له جميع خصائصه، وقالوا: يفنى من لم يكن، ويبقى من لم يزل.
وهكذا عبر أقطاب الصوفية:
- فقال البسطامي: إنني أنا الله لا إله إلا أنا.
-وقال الحلاج: ما في الجبة إلا الله.
-وقال ابن عربي:
العبد رب والرب عبد
يا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك نفي
أو قلت رب فأنى يكلف
وجميع هؤلاء أئمة مرضيون عند الصوفية!
علة النوم عند القرآن
يحدث في أحوال: غشيان سنة من نوم قاريء القرآن أو مستمعه، ومرده أحد أمرين:
- إما لزوال قلق كان يمنع من النوم؛ بحصول سكينة لازمة لذكر الله تعالى، وهذا فيه دلالة على ضعف سلطان الشيطان؛ إذ غلبه سلطان القرآن.
- أو صرف وعمل شيطاني، للمنع من الذكر، وهذا فيه دلالة على تسلط وسلطان للشيطان على الإنسان.
كل من عصى فهو ساع في هلاك نفسه، قال ربنا:
- ﴿وَهُم يَنهَونَ عَنهُ وَيَنأَونَ عَنهُ وَإِن يُهلِكونَ إِلّا أَنفُسَهُم
وَما يَشعُرونَ﴾.
- ﴿لَو كانَ عَرَضًا قَريبًا وَسَفَرًا قاصِدًا لَاتَّبَعوكَ وَلكِن بَعُدَت عَلَيهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحلِفونَ بِاللَّهِ لَوِ استَطَعنا لَخَرَجنا مَعَكُم يُهلِكونَ أَنفُسَهُم وَاللَّهُ يَعلَمُ إِنَّهُم لَكاذِبونَ﴾.
فارفق بنفسك وارحمها!
أحسن بغير إساءة:
انفع بلا تفريط
تحنن بلا تضييع
أطعم بلا إسراف
احمد بلا نفاق
اشفع بلا ضرر
اغضب بلا شرر
أطع بغير معصية
تزين بلا مخيلة
تأدب بلا جفوة
تلطف بلا نزوة
تصدق بلا منّ
تعبد بغير رياء
وهكذا..
واعلم أنه ما من خير إلا:
وشر قبله يمنع منه
وشر بعده يغلو فيه
والسعيد من:
عرف خير الخيرين فانتقاه
وعرف شر الشرين فاتقاه
من أين أتى مصطلح"أكاديمية"؟
كان أفلاطون قد اتخذ من أحد الملاعب الأثينية، يقع قريبا من المدينة في شمالها الغربي، مكانا للتعليم.
وقد سمي باسم أحد أبطال اليونان القدماء، فأطلق على الملعب اسم أكاديمي أو أكاديمية. "
قصة الفلسفة اليونانية ١٤١"
أحيا الغرب هذا الاسم من جديد، وأطلقه على معاهده، فشاع في دول العالم.