Telegram-канал itsthequraan - إنه القرآن ( القناة الرسمية ): Неотсортированное

إنه القرآن ( القناة الرسمية )

23 февраля 2024 20:02

🏷 في سورة الإنسان يذهلنا كذلك هذا القدر من الانتصار على أطماع النفس وشهواتها ومحبوباتها الجبلية، فهؤلاء الأبرار {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} وهم رغم إيثارهم الضعفاء الذين لا يُرتجى من ورائهم منافع دنيوية مادية محتملة، فإنهم حتى لا ينتظرون جزاء ولا شكرا معنويا {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا}، إن استغراقهم الأكبر إنما هو في خشية يوم الحساب {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}
لقد جاءت هذه الأوصاف كذلك بعد تحديد غاية خلق الإنسان، وإمكانياته التي تؤهله لتحقيق هذه الغاية {إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} وفي حين اقتصرت الآيات في وصف الكفار على ذكر مصيرهم الأخروي {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالا وَسَعِيرًا} ، فإننا نجد في السلاسل والأغلال هنا وما ترمز إليه من تقييد للحركة وذلة ومهانة إشارة _والله أعلم_ إلى عدم تحققهم بكمالهم الممكن وتقييدهم لأسماعهم وأبصارهم عن رؤية الحق وسماعه والعمل به.

🏷 إذن نحن في السور الثلاثة على موعد مع نماذج إنسانية باهرة تتجلى في حياتها أعظم العبادات وأنبل الأخلاق، يعلموننا كل جمعة أننا قادرون على العروج نحو كمالنا الإنساني الممكن مهما ضاقت مساحات العمل حولنا وتعقدت الظروف، ومن ثَمَّ فهذه النماذج المضيئة ليست فخرا فقط لأهل الإيمان وحدهم، ولكنها فخر للجنس البشري بأكمله، إذ أنهم لا يحققون بنبلهم وبطولتهم مقتضيات الإيمان فقط، وإنما يحققون مقتضيات الإنسانية نفسها التي فطرنا الله عليها، فالمستحضر لمشهد الملأ الأعلى في أول لحظات الخلق {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} لابد أن يقارن دوما بين مشهدين {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} و {قلنا اهبطوا منها جميعا}، ما بين مشهد التكريم في سجود أهل السماء له ومشهد الهبوط مع عدوه إلى الأرض يتمثل مصير الإنسان، وهذا الصعود والمعراج لا يكون إلا بتلقي كلمات الله وتعلم ما علمه إياه {وعلَّم آدم الأسماء كلها } وهذا الهبوط لا يكون إلا بالإعراض عن كلمات الله ومخالفة أوامره {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}

🏷 هذا تقريبا ما جعل بطولات أهلنا في غزة تقع في قلوبنا هذا الموقع العظيم، فمشهد الشهيد الساجد الذي قُتِل مجاهدا في سبيل الله مقبلا غير مدبر ومع ذلك يصر على أن يختم حياته ساجدا لرب العالمين، هذا البطل ليس نموذجا يفخر به المسلمون فقط، وإنما يفخر به كل إنسان على وجه الأرض، ذلك أنه يعيد كل إنسان إلى موضع التكريم الأول في سجود الملائكة لآدم عليه السلام حيث تحققنا أكمل ما يكون بوصف أحسن تقويم، في حين تسير بنا الحضارة الغربية المادية سيرا حثيثا نحو أسفل سافلين على جميع المستويات لنرى بشرا أضل من الأنعام وأشبه بالشيطان منهم بالإنسان {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إِلا الَّذِينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}
إن حياة الذين آمنوا وأعمالهم وجهادهم هي ضمان بقاء جنس الإنسان في أحسن تقويم وأمله الوحيد في النجاة من أسفل سافلين

#سورة_الكهف
#طوفان_الأقصى