Telegram-канал hindtadreb - قناة تدريبي: Неотсортированное

قناة تدريبي

10 июня 2025 17:43

✒️ (٥) *الزواج مسؤولية مجتمع: قراءة معاصرة لحديث "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"*

✒️د. هداية الله أحمد الشاش

في زمن تتعدد فيه معايير الاختيار الزوجي، ويغلب فيه الانبهار بالمظاهر وتقديمها على القيم، يأتي توجيه النبي محمد ﷺ واضحًا وبعيد النظر:
"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض."
حديث يحمل رسالة عميقة إلى الأُسر والمجتمعات: أن تأخير الزواج لأسباب غير منطقية، أو ردّ الخُطّاب الصالحين، ليس مجرد خيار شخصي، بل بوابة إلى اضطرابات اجتماعية واسعة!!

إن النبي ﷺ في هذا الحديث يضع معيارين جوهريين لقبول خاطب الفتاة: الدين، والخلق. وإن كان هذا لا يعني إهمال الجوانب الأخرى كالمقدرة المادية أو التوافق الاجتماعي، لكنه يعني أن أصل الاستقرار في الزواج ينبع من تقوى الله وحُسن المعاملة، فالدين يضبط العلاقة، والخلق يجمّل العشرة، وما زاد عن هذين الشرطين فهو أمر ثانوي لا يمكن أن يكون في نفس أهمية معيار الخلق والدين، ولا يصلح أن يكون شرطا للموافقة.

ثم يأتي التحذير النبوي الحازم:
"إلا تفعلوا..."
أي إن لم تفتحوا باب الزواج للصالحين ذوي الدين والخلق، فستكون العاقبة فتنة وفسادًا:
الفتنة: اضطرابات أخلاقية وسلوكية وفكرية.
الفساد العريض: فساد واسع الانتشار، اجتماعي وأسري ونفسي، وكلاهما نراه اليوم بقدر تجاهل التحذير النبوي!

وهنا نسبط الضوء على الآثار السلبية لرفض الخاطب الصالح:

أولًا: على الفتاة

العنوسة والتأخر عن الزواج، ينتج عنه اضطرابات نفسية عديدة توصلت إليها رسائل ودراسات علمية كثيرة أجريت في الجامعات العربية، منها:

- الاكتئاب والقلق وفقدان الثقة بالنفس والشعور بالرفض، بسبب تكرار الخُطاب ورفضهم دون مبرر شرعي.

-الوقوع في التعلق العاطفي بمن لا يجوز، إذا لم يُفتح لها الباب في الحلال.

-الضغط من المجتمع والأسرة على الفتاة، رغم كونهم هم من تسببوا في تعثر زواجها!

ثانيًا: على الرجل

-الإحباط من تكرار الرفض رغم استقامته وأخلاقه، ما يدفع البعض إلى العزوف أو الانحراف، وإثم انحرافه يحمله معه كل من رفضه!

'الشعور بالتمييز الطبقي أو العنصري إذا تم رفضه لكونه "غير مناسب اجتماعيًا" رغم كفاءته الدينية والأخلاقية.

- الشعور بالنقص والبؤس لعدم اكتراث أهله ومجتمعه بدعمه في تلبية حاجته الفطرية والعاطفية للزواج والسكن

-اللجوء إلى زواج غير متكافئ أو غير مستقر خارج مجتمعه، بسبب انسداد الأبواب أمامه.

ثالثًا: الآثار على الأسرة والمجتمع

- مع زيادة متطلبات الفتيات، ظهرت فجوة بين الجيل المحافظ والجيل الجديد، بسبب اختلاف المعايير والضغوط الاجتماعية.

-انتشار العنوسة، والعلاقات غير الشرعية، والانحراف الأخلاقي، نتيجة غلق باب الحلال، فبقدر تضييق باب الحلال يفتح باب الحرام.

-تفكك النسيج الاجتماعي نتيجة التكبر والتفاخر الطبقي والقبلي، ورفض الكفء بحجة " ليس من مستوانا".

*الحكم الشرعي في رفض الكفء الصالح بلا مسوغ شرعي:*

أجمع أهل العلم على أن الولي إذا عُرض عليه رجل مرضيّ في دينه وخلقه، ووجدت فيه الكفاءة، ثم رفضه بغير مسوغ شرعي، فهو آثم.

وقد حذّر العلماء من أن ذلك يدخل في معنى العضل الذي نهى الله عنه:
> "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف" [البقرة: 232].

قال بعض العلماء: "من ردّ الخاطب الصالح لغير سبب شرعي، فقد خان الأمانة، وأضر بابنته، وهو داخل في التحذير من الفتنة والفساد."

ورفض الخاطب لسبب مادي أو سِنّي فقط، مع وجود الدين والخلق، مخالفٌ صريح للهدي النبوي، ويدخل في دائرة الإثم، وربما الظلم.

ماذا يجب على المجتمع؟

1. إحياء معايير الدين والخلق في الاختيار، وتثقيف الشباب والأهل بذلك.

2. كسر الأنماط الاجتماعية الظالمة التي تفضل المال والنسب على الاستقامة.

3. تمكين الشباب الصالح من بناء أسر مستقرة، بدعمهم ماديًا ومعنويًا.

4. تجريم العضل والتعسف باسم الأعراف، وفتح باب الشكوى أمام القضاة الشرعيين لحماية الفتيات.

ختاما.. إن الحديث النبوي ليس فقط توجيهًا للزواج، بل هو تشخيص دقيق للمجتمع:
فإذا فُرضت الحواجز على طريق الزواج الشرعي، فلن تأتي النتائج إلا بالفتن والفساد.

فمن يُغلق باب الحلال، فليتحمّل وزر ما يُفتح من أبواب الحرام.

فلنُحسن فتح الباب للصالحين، قبل أن نُجبر على الانحناء لنتائج إغلاقه.

https://www.facebook.com/share/p/14FaxAw6HPg/