حياة القلوب العلمية (خطب ودروس الشيخ سعيد مصطفى}
💦 ٢ - مكانة الصلاة ومنزلتها في الإسلام:
☀ الصلاة عماد الدين:
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ خَلِيًّا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ. قَالَ « بَخٍ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ وَهُوَ يَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تُقِيمُ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّى الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً أَوَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى رَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ أَمَّا رَأْسُ الأَمْرِ فَالإِسْلاَمُ فَمَنْ أَسْلَمَ سَلِمَ وَأَمَّا عَمُودُهُ فَالصَّلاَةُ وَأَمَّا ذُرْوَةُ سَنَامِهِ فَالْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ وَقِيَامُ الْعَبْدِ فِى جَوْفِ اللَّيْلِ يُكَفِّرُ الْخَطَايَا ». وَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) « أَوَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَمْلَكِ ذَلِكَ لَكَ كُلِّهِ ». قَالَ فَأَقْبَلَ نَفَرٌ. قَالَ فَخَشِيتُ أَنْ يَشْغَلُوا عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ شُعْبَةُ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا. قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْلُكَ « أَوَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَمْلَكِ ذَلِكَ لَكَ كُلِّهِ ». قَالَ فَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِيَدِهِ إِلَى لِسَانِهِ. قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّا لَنُؤَاخَذُ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ». رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي
☀ الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة:
عن أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: « إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَىْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِى مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ ». رواه الترمذي والنسائي
☀ الصلاة نور ونجاة وبرهان يوم القيامة:
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاَةَ يَوْماً فَقَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُوراً وَبُرْهَاناً وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلاَ بُرْهَانٌ وَلاَ نَجَاةٌ وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَىِّ بْنِ خَلَفٍ ». رواه أحمد وابن حبان والدارمي
وعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: « بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِى الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». رواه أبو داود والترمذي.
☀️ الصلاة شعار الإسلام وعلامة الإيمان:
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّى هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِى بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِى الصَّفِّ. رواه مسلم والنسائي
ـ╗══════════════════🍃🌹🍃═╔
🕌 الصلاة صلة فلا تقطعها
ـ╝═🍃🌹🍃══════════════════╚
📕 ( الإلمام بما للصيام من حكم وآداب وأحكام)
🖋 (الدرسان الثاني و العشرون والأخير)
💎 الدرس العشرون من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
☀️ العِتْقُ مِنَ النِّيرَانِ:
ومن المنح الإلهية لهذه الأمة، في هذا الشهر، العتق من النيران كل ليلة، فعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ». تقدم تخريجه
قَالَ الطِّيبِيُّ: أَشَارَ بُقُولِهِ ذَلِكَ إِمَّا لِلْبَعِيدِ وَهُوَ النِّدَاءُ، وَإِمَّا لِلْقَرِيبِ وَهُوَ لِلَّهِ عُتَقَاءُ «كُلَّ لَيْلَةٍ» أَيْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي رَمَضَانَ. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1365)
قال الملا علي القاري: وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْأَزْمِنَةَ الشَّرِيفَةَ وَالْأَمْكِنَةَ اللَّطِيفَةَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي كَثْرَةِ الطَّاعَةِ وَقِلَّةِ الْمَعْصِيَةِ، وَيَشْهَدُ بِهِ الْحِسُّ وَالْمُشَاهَدَةُ، فَلْتُغْتَنَمِ الْفُرْصَةُ. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1364)
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ». رواه النسائي، بسند صحيح
قال ابن رجب رحمه الله: قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان، كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟ كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟ كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين؟ من أين يشبه هذا الزمان زمان. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 148)
☀️ أَكْلَةُ السَّحَرِ:
ومن المنح الإلهية لهذه الأمة، في هذا الشهر، إباحة الأكل والشرب والجماع في ليل رمضان وقد كان محرمًا على من كان قبلنا، وهذا من رحمة الله تعالى لهذه الأمة ومن عظيم فضله تعالى علينا، ولقد كان عند ابتداء تشريع الصيام ،بداية الصيام من صلاة العشاء إلى وقت الغروب من اليوم الثاني، ومن نام قبل ذلك يحرم عليه الطعام والشراب، ولا شك أن في ذلك مشقة عظيمة، وحرج على المسلمين، وقد دل على ذلك ما حدث لقَيْسِ بْنِ صِرْمَةَ رَضِي اللهُ عَنهُ فعَنْ الْبَرَاءِ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الْإِفْطَارُ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا فَلَمَّا حَضَرَ الْإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ لَهَا أَعِنْدَكِ طَعَامٌ قَالَتْ لَا وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ خَيْبَةً لَكَ فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا وَنَزَلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: «كَانَ النَّاسُ فِي رَمَضَانَ إِذَا صَامَ الرَّجُلُ فَأَمْسَى فَنَامَ حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالنِّسَاءُ حَتَّى يُفْطِرَ مِنْ الْغَدِ فَرَجَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنهُ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ سَهِرَ عِنْدَهُ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ نَامَتْ فَأَرَادَهَا فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ نِمْتُ قَالَ مَا نِمْتِ ثُمَّ وَقَعَ بِهَا وَصَنَعَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ فَغَدَا عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَأَخْبَرَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ}». رواه أحمد، بسند حسن
http://www.alukah.net/library/0/104040/
💎 الدرس التاسع عشر من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
☀️ دَعْوَةُ الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ:
ومن المنح الإلهية لهذه الأمة، في هذا الشهر العظيم، أن الصائمَ له عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةٌ مستجابة، وذلك لقربه حال صيامه من ربه سبحانه وتعالى، لذلك تخللت آيات الصيام آية الدعاء، قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}. سورة البقرة: الآية/ 186
قبلها آيات تتحدث عن الصيام، وبعدها آية تتحدث عن الصيام، والعلة في ذلك هي ما بين الصيام والدعاء من صلةٍ وثيقةٍ، ورباطٍ عظيمٍ؛ فعن عَبْد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو رَضِي اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ». رواه ابن ماجه، بإسناد حسن
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ». رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه،بسند صحيح
🍒 وأما سَبَبُ استجابَةِ اللهِ تَعَالَى دَعوةَ الصائم، فهو صفاء قلب الصائم، بالإقبال على الطاعات، ومزايلة الشهوات، وإنما يتحقق هذا لمن صام سمعه وبصره وجواره عن الحرام.
قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ: الأَصْلُ السِّتُّونَ فِي أَن للصَّائِم دَعْوَة مستجابة عِنْد إفطاره:
خُصَّ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ فِي شَأْنِ الدُّعَاءِ فَقَالَ تَعَالَى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، [غافر: 60]
وَإِنَّمَا كَانَ ذَاكَ لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِم السَّلَام، فَأُعْطِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ مَا أُعْطِيَتِ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِم السَّلَام فَلَمَّا دَخَلَ التَّخْلِيطُ فِي أُمُورِهِمْ مِنْ أَجْلِ الشَّهَوَاتِ الَّتِي اسْتَوْلَتْ عَلَى قُلُوبِهِمْ حُجِبَتْ قُلُوبُهُمْ، فَالصَّوْمُ مَنَعَ النَّفْسَ عَنِ الشَّهَوَاتِ، فَإِذَا تَرَكَ شَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِهِ صَفَا قَلْبُهُ، وَصَارَتْ دَعَوْتُهُ بِقَلْبٍ فَارِغٍ، قَدْ زَايَلَتْهُ ظُلْمَةُ الشَّهَوَاتِ، وَتَوَلَّتْهُ الْأَنْوَارُ فَاسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ مَا سَأَلَ فِي الْمَقْدُورِ عُجِّلَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَانَ مُدْخُورًا لَهُ فِي الْآخِرَةِ. نوادر الأصول في أحاديث الرسول (1/ 299)
http://www.alukah.net/library/0/104040/
📕 ( الإلمام بما للصيام من حكم وآداب وأحكام)
🖋 (الدرسين الثامن عشر و التاسع عشر)
💎 الدرس السادس عشر
💦 2- لَيْلَةُ الْقَدْرِ:
ومن المنح الإلهية في هذا الشهر، لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وهي خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ عبادة لله تعالى، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. سورة القدر
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». روله البخاري ومسلم
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ دَخَلَ رَمَضَانُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَلاَ يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلاَّ مَحْرُومٌ». رواه ابن ماجة، بسند حسن
💦 3- خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ:
ومن المنح الإلهية لهذه الأمة أن خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ وهو تغير رائحة الفم بسبب ترك الطعام والشراب، أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِى، الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ
💦 4- فَتْحُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ:
ومن المنح الإلهية لهذه الأمة، أن تفتحَ أبواب الجنة، وتغلقَ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، إعانة للصائمين على العبادة، وإيذاناً بقرب رحمة الله تعالى منهم، ودلالة على بعدهم حال الصيام عن الهلاك، وأسباب العذاب.
فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». تقدم تخريجه
http://www.alukah.net/library/0/104040/
💎 الدرس الخامس عشر من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
✨ المنح الإلهية للأمة الإسلامية في شهر رمضان
اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة بمنح عظيمة في هذا الشهر العظيم، وهي منح تستوجب الشكر، لأنها من أعظم أسباب رحمة الله تعالى ومن هذه المنح:
💦 1- نُزُولُ الْقُرْآنِ:
نزل القرآن كما بين الله تعالى في ليلة عظيمة من هذا الشهر، وهي ليلة القدر، من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، كما قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}. سورة الدخان: الآية/ 3
وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}. سورة القدر: الآية/ 1
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنهُمَا قَالَ: «فُصِلَ الْقُرْآنُ مِنَ الذِّكْرِ، فَوُضِعَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَجَعَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُنْزِلُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُرَتِّلُهُ تَرْتِيلًا». رواه الحاكم ، والنسائي في الكبرى، والطبراني في الكبير، بسند صحيح
🍀 وقال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. سورة البقرة: الآية/ 185
بل إن كل الكتب السماوية قد أنزلت في هذا الشهر المبارك؛ كما ثبت ذلك عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رَضِي الله عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ وَالإِنْجِيلُ لِثَلاَثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ لأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ». رواه أحمد، والطبراني
☀️ - الْصِّلَةُ بَينَ الصِّيَامِ وَالْقُرْآنِ:
وَنُزُولُ الْقُرْآنِ في شَهْرِ رَمَضَانَ يبين لنا الصلةَ الوثيقةَ بين الصِّيَامِ وَالْقُرْآنِ، هذه الصلة التي لا تنفك تجلت في شفاعة الصِّيَامِ وَالْقُرْآنِ للعبد يوم القيامة، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي الله عَنهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ فَيُشَفَّعَانِ». تقدم
وأيضاً تجلت الصلة بين الصِّيَامِ وَالْقُرْآنِ في مُدَارَسَةِ جبريل عليه السلام القرآن لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شهر رمضان كل ليلة، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنهُمَا قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وهذه رسالة واضحة للأمة بوجوب الاعتناء بكتاب الله تعالى عمومًا، وفي هذا الشهر على وجه الخصوص، ولم لا ؟ وهو شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَا حَلَّ مُصَدَّقٌ.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْقُرْآَنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَا حَلَّ مُصَدَّقٌ، فَمَنْ جَعَلَهُ إِمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ».
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ، يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلاَ تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ». قَالَ مُعَاوِيَةُ: الْبَطَلَةُ: السَّحَرَةُ. رَوَاهُ مُسْلِم
📕 ( الإلمام بما للصيام من حكم وآداب وأحكام)
🖋 (الدرسين الرابع عشر والخامس عشر)
☀️ الدرس الثالث عشر من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
💦 8- الصِّيَامُ وَصِيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ رَضِي الله عَنهُم:
ولعظم فضل الصيام كان النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوصي به أصحابه، فقد وَصَّى به أَبا أُمَامَةَ رَضِي الله عَنهُ، ومر معنا الحديثُ الدالُّ على ذلك، ووصى به أيضًا أبا هريرة، وأبا الدرداء، عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، وغيرهم رَضِي اللهُ عَنهُم جميعًا.
🍒 فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاَثٍ صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَي الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، ومسلم
🍒 وعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: «أَوْصَانِي حَبِيبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاَثٍ لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ: بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لاَ أَنَامَ حَتَّى أَوتِرَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ
🍒 وَعَنْ أَبِى أُمَامَةَ رَضِي الله عَنهُ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لاَ عِدْلَ لَهُ». تقدم تخريجه
🍒 وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: «هَلْ صُمْتَ مِنْ سَرَرِ هَذَا الشَّهْرِ؟» فَقَالَ: لَا. قَالَ: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ». رواه ابن حبان، والدارمي، بسند صحيح
💦 9- الصِّيَامُ سَبَبُ رَفْعِ دَرَجةِ الْعَبْدَ فِي الجَنَّةِ:
🍒 عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِي الله عَنهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ إِسْلاَمُهُمَا جَمِيعاً وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَاداً مِنْ صَاحِبِهِ فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ ثُمَّ مَكَثَ الآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّىَ قَالَ طَلْحَةُ فَرَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّى عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِهِمَا وَقَدْ خَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الآخِرَ مِنْهُمَا ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ ثُمَّ رَجَعَا إِلَيَّ فَقَالاَ لِي ارْجِعْ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ. فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ فَعَجِبُوا لِذَلِكَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كَانَ أَشَدَّ اجْتِهَاداً ثُمَّ اسْتُشْهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدَخَلَ هَذَا الْجَنَّةَ قَبْلَهُ. فَقَالَ: «أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً». قَالُوا بَلَى. «وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ» قَالُوا بَلَى. «وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا سَجْدَةً فِى السَّنَةِ» قَالُوا بَلَى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ». رواه أحمد، وابن ماجه، بسند صحيح
ففي قولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ»، بعد قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ»، دليل على أن الصيام من أعظم أسباب رفع الدرجات في الجنة.
لذلك كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يتأسفون عند موتهم على انقطاع أعمالهم عنهم بالموت وبكى معاذ عند موته وقال: إنما أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.
⚡️ وبكى عبد لرحمن بن الأسود عند موته وقال: واأسفاه على الصوم والصلاة ولم يزل يتلو القرآن حتى مات.
⚡️ وبكى يزيد الرقاشي عند موته وقال: أبكي على ما يفوتني من قيام الليل وصيام النهار ثم بكى وقال: من يصلي لك يا يزيد بعدك ومن يصوم ومن يتقرب لك بالأعمال الصالحة ومن يتوب لك من الذنوب السالفة.
⚡️ وجزع بعضهم عند موته وقال: إنما أبكي على أن يصوم الصائمون لله ولست فيهم، ويصلي المصلون ولست فيهم ويذكر الذاكرون ولست فيهم فذلك الذي أبكاني.
================
http://www.alukah.net/library/0/104040/
📕 ( الإلمام بما للصيام من حكم وآداب وأحكام)
🖋 (الدرسين الثاني عشر والثالث عشر)
💎 الدرس العاشر من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
💦 5- الصِّيَامُ يَشْفَع ُلِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:
ومن فضل الصيام أنه يَشْفَع ُلِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، ويقل الناصر وينشغل الخلائق كل واحد منهم بحال، وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً، ويَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ، فيتقدم الصيام شفيعاً، فتقبل شفاعته.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي الله عَنهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ فَيُشَفَّعَانِ». رواه أحمد، بسند صحيح
قال الطيبي رحمه الله: الشفاعة والقول من الصيام والقرآن إما أن يؤل أو يجري على ما عليه النص وهذا هو المنهج القويم والصراط المستقيم، فإن العقول البشرية تتلاشى وتضمحل عن إدراك العوالم الإلهية. ولا سبيل لنا إلا الأذعان له والإيمان به، ومن تأول ذهب إلى أنه استعيرت الشفاعة والقول للصيام والقرآن لإطفاء غضب الله وإعطاء الكرامة ورفع الدرجات والزلفى عند الله. انتهى.
قلت: من تأول الحديث وحمله على المجاز والاستعارة والتمثيل إنما ذهب إلى ذلك لما زعم إن الأعمال أعراض، والعرض لا يكون قائماً بالذات بل بالغير وهو أمرآني لا يبقى بل يفنى فلا يمكن أن يؤذن أو يكال وهذا شيء قد أبطله الفسلفة الحديثة اليوم، وحققت إن الأعمال والأصوات والأنوار تبقى، ويمكن أن تحفظ وتخزن وتوزن وتكال فالحق والصواب، أن يحمل الحديث ظاهره. مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/ 416)
وهذا هو الصواب أن كلام الصيام وكلام القرآن في الشفاعة للصائم على الحقيقة وليس المجاز، وإن كنا لا ندرك ذلك بعقولنا.
وأما قَولُ الطِّيبِيِّ: الْقُرْآنُ هُنَا عِبَارَةٌ عَنِ التَّهَجُّدِ وَالْقِيَامِ بِاللَّيْلِ كَمَا عُبِّرَ بِهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}. وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: «وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ». مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1366)
فهو التأويل الذي فَرَّ منه آنفًا، والأولى حملُ الكلامِ على الظاهرِ، نعم عُبِّرَ بِالْقُرْآنِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}. سورة الإسراء: الآية/ 78
لكن بَيَّنَ ذلكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} قَالَ: «تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ». رواه الترمذي، وابن ماجه
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». رواه البخاري، ومسلم
ومما يوضح ذلك قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ». ولم يقل: (وَيَقُولُ الْقُرْآنُ أَيْ رَبِّ...)، ولو كان المراد التَّهَجُّدُ وَالْقِيَامُ بِاللَّيْلِ، لم يُغَايرْ بين القولين.
ولَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى غَيْرَ مَخْلُوقٍ وقعت المغايرة بين القولين، فَعِنْدَ الكَلَامِ عَنِ الصِّيَامِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ».
وَعِنْدَ الكَلَامِ عَنِ الْقُرْآنِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ فَيُشَفَّعَانِ». ولَمْ يَقُلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَيَقُولُ الْقُرْآنُ أَيْ رَبِّ)، وذلك لأنه كَلَامُ اللهِ تَعَالَى وصفَتُهُ.
-------------
http://www.alukah.net/library/0/104040/
المجلس الحادي عشر من
#شرح_كتاب_الصيام_من_سنن_أبي_داود
المجلس الثامن من
#شرح_كتاب_الصيام_من_سنن_أبي_داود
💎 الصلاة صلة فلا تقطعها 💎
☀ مكانة الصــلاة في الإســــــلام:
🍄 الصلاة من أعظم أسباب المغفرة:
🍒 عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَفِى حَدِيثِ بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ ». قَالُوا لاَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ.قَالَ « فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا». متفق عليه
🍒 عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَأَخَذَ مِنْهَا غُصْناً يَابِساً فَهَزَّهُ حَتَّى تَحَاتَّ وَرَقُهُ قَالَ : أَمَا تَسْأَلُنِى لِمَ أَفْعَلُ هَذَا؟ قُلْتُ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَهُ ؟ قَالَ : هَكَذَا فَعَلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ وَصَلَّى الْخَمْسَ تَحَاتَّتْ ذُنُوبُهُ كَمَا تَحَاتَّ هَذَا الْوَرَقُ». ثُمَّ قَالَ (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) إِلَى قَوْلِهِ (ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) . رواه أحمد والدارمي
🍒 عنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَدَعَا بِطَهُورِهِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاَةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ، مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ
🍒 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ . قَالَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ. قَالَ وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاَةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا ، فَأَقِمْ فِىَّ كِتَابَ اللَّهِ . قَالَ: « أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا » . قَالَ نَعَمْ . قَالَ « فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ» . أَوْ قَالَ: «حَدَّكَ» . متفق عليه
🍒 وعن عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تحترقون تحترقون (أي: تُكثرون من ارتكاب الذنوب) فإذا صليتم الصبح غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا". رواه الطبراني
💎 الدرس الثاني والعشرون من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
🍒 إخلاص العمل لله تعالى:
ومن الآداب أن يريد العبد بعمله وجه الله تعالى وحده، فإن الشرك محبط للأعمال، موجب لسخط الله تعالى، لا يقبل الله من صاحبه صرفًا ولا عدلاً.
كما أن الإخلاص من أعظم القربات، وأجل الطاعات.
🍃 فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». تقدم تخريجه
🍃 قال ابن بطال رحمه الله: يريد تصديقًا بفرضه وبالثواب من الله تعالى، على صيامه وقيامه، وقوله: «احْتِسَابًا» ، يريد بذلك يحتسب الثواب على الله، وينوى بصيامه وجه الله، وهذا الحديث دليل بين أن الأعمال الصالحة لا تزكو ولا تتقبل إلا مع الاحتساب وصدق النيات.
🍁 وقال النووي رحمه الله: مَعْنَى: «إِيمَانًا»، تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حَقٌّ مُقْتَصِدٌ فَضِيلَتَهُ وَمَعْنَى: «احْتِسَابًا»، أَنْ يُرِيدَ اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ، لَا يَقْصِدُ رُؤْيَةَ النَّاسِ، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ الْإِخْلَاصَ. شرح النووي على مسلم (6/ 39)
🌿 وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». تقدم تخريجه
🍒 2- كَثْرَةُ الدُّعَاءِ:
ومن الآداب التي يجب على المسلم مراعاتها في هذا الشهر خصوصًا كثرة الدعاء، ولم لا ؟ والدعاء هو العبادة كما ثبت ذلك عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ ثُمَّ قَرَأَ: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}». رواه أحمد والترمذي
وبين الدعاء والصيام صلة وثيقة، فالصائم لا ترد دعوته لذلك نبهنا الله تعالى على أهمية الدعاء في ثنايا آيات الصيام، قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}. سورة البقرة: الآية/ 186
وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}. سورة غافر: الآية/60
🌾 وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالإِمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ». تقدم تخريجه
🌸 والمعنى أن الصائم مستجاب الدعوة منذ شرع في الصوم إلى أن يفطر؛ والعلة في ذلك ما حدث له بالصوم من صفاء الروح، وطهارة القلب، وسلامة الجوارح من الآثام.
=========
http://www.alukah.net/library/0/104040/
💎 الدرس الحادي والعشرون من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
☀️ آدَابُ الْمُسْلِمِ فِي رَمَضَانَ:
يجب على المسلم أن يتحلى بجملة من الآداب، هي آدَابٌ شرعيةٌ، ينبغي على المسلم أن يتحلى بها في كل حين، ولكنها تتأكد في رمضان وهي:
💦 1- ترك الذنوب والمعاصي:
فقبيح بالمسلم أن يدخل عليه هذا الشهر وهو سادرٌ في غَيِّهِ، مستمرٌ في عصيانِهِ، معاقرٌ لشهواتِهِ، ملازمٌ لما فيه سخطُ مولاه، بل يجب عليه أن يبادر بالتوبة لتصفوَ له عبادَتُهُ، ويستلذَّ بطاعته.
💦 فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
🍒 قال السيوطي رحمه الله: (هُوَ الْكَذِب والبهتان وَالْعَمَل بِهِ أَي الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ من الْفَوَاحِش وَمَا نهى الله تَعَالَى عَنهُ). شرح سنن ابن ماجه للسيوطي (ص: 121)
🍒 قال ابن بطال رحمه الله: قال المهلب: فيه دليل أن حكم الصيام الإمساك عن الرفث وقول الزور، كما يمسك عن الطعام والشراب، وإن لم يمسك عن ذلك فقد تنقص صيامه وتعرض لسخط ربه وترك قبوله منه. وقال غيره: وليس معناه أن يؤمر بأن يدع صيامه إذا لم يدع قول الزور، وإنما معناه التحذير من قول الزور، وهذا كقوله، عليه السلام: (مَنْ بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ) ، يريد أى يَذْبَحْهَا، ولم يأمره بشقصها، ولكنه على التحذير والتعظيم لإثم شارب الخمر، فكذلك حذر الصائم من قول الزور والعمل به ليتم أجر صيامه. شرح صحيح البخارى لابن بطال (4/ 23)
💦 وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ. وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ، وَمُسْلِمٌ
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِى، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا». رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ، وَمُسْلِمٌ
ومن الخطأ أن يعتقد البعض أنَّ الصيام فقط هو ترك الطعام والشراب، ثم يطلق للسانه العنان فيما حرم الله تعالى، من الغيبة والنميمة والكذب والبهتان وغير ذلك، بل الصيام صيام عن ذلك كله.
قَالَ عُمَرُ رَضِي اللهُ عَنهُ: لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَحْدَهُ، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ وَاللَّغْوِ وَالْحَلِفِ. رواه ابن أبي شيبة
وعَنْ عَلِيٍّ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَلَكِنْ مِنَ الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ وَاللَّغْوِ. رواه ابن أبي شيبة
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنهُمَا: «إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَآثِمِ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَيَوْمَ صِيَامِكَ سَوَاءً». رواه ابن أبي شيبة
وَعَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: خَصْلَتَانِ مَنْ حَفِظَهُمَا سَلِمَ لَهُ صَوْمُهُ؛ الْغِيبَةُ وَالْكَذِبُ. رواه ابن أبي شيبة
وقال ميمون بن مهران رحمه الله: إنَّ أَهْوَنَ الصَّوْمِ تَرْكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. رواه ابن أبي شيبة
ولله در القائل:
يَا ذَا الَّذِي مَا كفاهُ الذَّنْبُ في رَجبٍ
حَتَّى عَصَى ربَّهُ في شهر شعبانِ
لَقَدْ أظَلَّكَ شهرُ الصَّومِ بَعْدَهُمَا
فَلاَ تُصَيِّرْهُ أَيْضاً شَهْرَ عِصْيانِ
وَاتْل القُرآنَ وَسَبِّحْ فيهِ مجتَهِداً
فَإِنه شَهْرُ تسبِيحٍ وقُرْآنِ
كَمْ كنتَ تعرِف مَّمنْ صَام في سَلَفٍ
مِنْ بين أهلٍ وجِيرانٍ وإخْوَانِ
===
http://www.alukah.net/library/0/104040/
📕 ( الإلمام بما للصيام من حكم وآداب وأحكام)
🖋 (الدرسان العشرون والحادي والعشرون)
💎 الدرس الثامن عشر من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
☀️ تَصْفِيدُ الشَّيَاطِينُ:
ومن المنح الإلهية لهذه الأمة، في هذا الشهر أن الشَّيَاطِينَ وَمَرَدَةَ الْجِنِّ تسُلْسِلُ، وتمنع من الإغواء، إعانة للصائمين على الطاعة، وعدم تكدرهم بوساوس الشياطين، وإغوائهم.
💦 فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَنَادَى مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ». رواه أحمد، والترمذي، سند صحيح
☘ قال البدر العيني رحمه الله: ويقال تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات، وصفدت بضم الصاد المهملة، وبالفاء المشددة المكسورة أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال، وهو بمعنى سلسلت، فإن قلت: قد تقع الشرور والمعاصي في رمضان كثيرًا فلو سلسلت لم يقع شيء من ذلك. قلت: هذا في حق الصائمين الذين حافظوا على شروط الصوم، وراعوا آدابه. وقيل: المسلسل بعض الشياطين، وهم المردة لا كلهم كما تقدم في بعض الروايات، والمقصود تقليل الشرور فيه وهذا أمر محسوس؛ فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره. وقيل: لا يلزم من تسلسلهم وتصفيدهم كلهم أن لا تقع شرور ولا معصية؛ لأن لذلك أسبابًا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الأنسية. عمدة القاري شرح صحيح البخاري (16/ 266)
☘ قال أبو بكر ابن العربي رحمه الله: قوله: «وصُفِّدَتِ الشّياطين» يعني شدّت في الصِّفَادِ، وهي الآلة الّتي تصفد بها اليدان والرِّجلانِ. والتّصفِيدُ بتخفيف الفاء هو الغُلُّ عند العرب، والشّياطين هم خَلْقٌ من خَلقِ الله، وهم ذُرِّيَة إبليس - لَعَنَهُ اللهُ -، وهم أجسامٌ يأكلون ويطعمون ويشربون ويولدون ويموتون ويعذّبون ولا يُنَعَّمون بحالٍ.
وأَنْكَرَتْ ذلك القَدَرِيّة لإضمارهم عقيدة الفلاسفة، وربمّا خَيَّلُوا على عوامّ المسلمين، فيقولون: هم أجسامٌ لطيفةٌ، لا تأكل ولا تشرب، بسائط، وكذبوا: ليس كذلك عندهم ولا عند الفلاسفة حقيقة، ولا هم موجودون، لا لطائف ولا بسائط، وقد بيَّنَّا هذا الفن في "الكتاب الكبير" فليُنظر هنالك.
⚡️ تنبيه على وهم:
أمّا قولُه: "صُفَّدَتِ الشّياطين" فمن النّاس من قال: إنّه حمل الْمُطْلَق على المقيَّد، وليس كذلك، وإنّما هو من باب الخَاصِّ والعامّ، وذلك قولُه: "صُفِّدَتِ الشّيَاطِينُ" عامٌّ في المَرَدَةِ وغيرِهِم. وقوله: "صفِّدَتِ المَرَدَةُ مِنَ الشَّيَاطِينِ" خاصٌّ في المَرَدَةِ لا غير. والأصلُ في هذا الباب- أعني من الخاص والعام - أنّ الخاصّ والعامّ إذا وَرَدًا، لا يخلو أنّ يكونا متِّفِقَيْنِ أو مختلفين، فإن كانا مُتَّفِقَيْن، كان الخاصُّ على خصوصه والعامُّ على عمومه، ويكونُ في الخاصِّ زيادة فائدة.
مثال ذلك: قولُه عليه السّلام: "لا صلاةَ بعدَ العَصْرِ حتَّى تغرب الشَّمسُ، ولا صلاةَ بعدَ الصُّبحِ حتَّى تطلع الشَّمسُ" هذا عام في الوَقْتِ كلِّه، وحديثُ عبد الله بن عمر: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشّمس ولا صلاة بعد الصُّبح ولا غروبها" هذا خاصٌّ في هذا الوقت.
فقال عوامُّ الفقهاء: إنّ الخاصِّ يقضي على العامّ بحديث ابن عمر.
قلنا: هذا خطأٌ، بل يبقى العامُّ على عمومه والخاصُّ على خصوصه؛ لأنّ معناهما واحدّ، وهما متَّفِقَانِ، وإنّما يقضي الخاصُّ على العامِّ إذا كانا مختلفين كما قدَّمناهُ.
فإذا كانا مختلفين، فيقضي الخاصُّ فيه على العامِّ، وقد بيَّنَّاهُ في بابه في أوّل الكتاب، فليُنْظَر هنالك.
وقوله: "صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ" عامٌّ في المَرَدَةِ وغيرهم، وقوله: "مَرَدَة" خاصٌّ في المَرَدَةِ، وهما مُتَّفِقَانِ، فلا بُدَّ من زيادة فائدة في قولة: "مَرَدَة"؛ لأنا إنّ قلنا: إنّ العموم يدخل تحت المَرَدَة وغيرهم، فما فائدة تَكْرَارِهِم في الاختصاص؟
قلنا: فائدةُ ذلك توكيدُ التَّحريمِ في قوله: "لا تحرّوا بصلاتكم هَذَيْنِ الوقتين" وفائدة تأكيد التَّصْفِيدِ لها ولا زيادة اختصاص. المسالك في شرح موطأ مالك (4/ 245)
http://www.alukah.net/library/0/104040/
💎 الدرس السابع عشر من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
🍃 5- مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ:
ومن المنح الإلهية لهذه الأمة، في هذا الشهر أن مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا ولو على تمرة كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصائم غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا.
🍁 فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا». رواه أحمد،والترمذي،وابن ماجه،بسند صحيح
🌾 وفي هذا دعوة للبذل والعطاء في هذا الشهر، وهو هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد كان أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ في هذا الشهر مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.
🍒 فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنهُمَا قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ»تقدم تخريجه
🌿 وعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ «قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ فَرَضَ اللَّهُ صِيَامَهُ وَجَعَلَ قِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا, فَمَنْ تَطَوَّعَ فِيهِ بِخِصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ, وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً, وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ, وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ, وَهُوَ شَهْرُ الْمُوَاسَاةِ, وَهُوَ شَهْرٌ يُزَادُ رِزْقُ الْمُؤْمِنِ فِيهِ, مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَمَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِ», قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ كُلُّنَا يَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ قَالَ: «يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى مَذْقَةِ لَبَنٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ وَمَنْ أَشْبَعَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِ وَسَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا, وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ, وَمَنْ خَفَّفَ عَنْ مَمْلُوكِهِ فِيهِ أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ»رواه ابن خزيمة
🍒 وقوله في الحديث: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى مَذْقَةِ لَبَنٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ». هذا جَزَاؤُهُ أَنَّ لَهُ لَهُ جزاءُ عِتْقِ رَقَبَةٍ، وَكَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ، كما ورد في الحديث، «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَمَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِ».
🍃 وأما قوله: «وَمَنْ أَشْبَعَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِ». فهذا جَزَاؤُهُ مَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِ، وَسَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ بَعْدَهَا حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ؛ وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَائِمِ، ولما كان الإشباعُ أكثرَ فضلًا من مجردِ إِسْقَاءِ مَذْقَةِ لَبَنٍ، أَوْ إِطْعَامِ تَمْرَةٍ، أَوْ إِسْقَاءِ شَرْبَةِ مَاءٍ، كان الجزاء أعظم أجرًا؛ «وَمَنْ أَشْبَعَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِ، وَسَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِه».
🍂 أو يكون المعنى أنه يعطى هذا الثواب عند العجز عن الإشباع، قاله أبو الحسن المباركفوري.
☘ قال الملا على القاري: وَلَعَلَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْإِشْبَاعِ فِي الشَّرْطِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ أَوْ لِكَوْنِهِ أَصْلًا فِي الدُّنْيَا، وَبِالْإِسْقَاءِ فِي الْجَزَاءِ لِكَوْنِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ أَكْثَرَ، بَلْ لَا احْتِيَاجَ إِلَّا إِلَيْهِ فِي الْعُقْبَى.
🍃 وقيل يعطى الأجر كاملًا ولو فطر الصائم على أدنى شيء؛ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: واختلف العلماء في معنى من فطر صائمًا فقيل: إن المراد من فطره على أدنى ما يفطر به الصائم ولو بتمرة.
🌱 وقال بعض العلماء: المراد بتفطيره أن يشبعه؛ لأن هذا هو الذي ينفع الصائم طول ليله، وربما يستغني به عن السحور؟ ولكن ظاهر الحديث أن الإنسان لو فطر صائمًا ولو بتمرة واحدة فإنه له مثل أجره
http://www.alukah.net/library/0/104040/
📕 ( الإلمام بما للصيام من حكم وآداب وأحكام)
🖋 (الدرسين السادس عشر و السابع عشر)
💎 الدرس الرابع عشر من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
✨ 9- خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ:
ومما يدل على فضل الصيام، وعلى عظيم منزلته عند الله تعالى أن خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ وهو تغير رائحة الفم بسبب ترك الطعام والشراب، أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِى، الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ
🍒 وَعن الْحَارِثِ الأَشْعَرِيِّ رَضِي الله عَنهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا فَقَالَ عِيسَى إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنَا آمُرُهُمْ. فَقَالَ يَحْيَى أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ فَجَمَعَ النَّاسَ فِى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَامْتَلأَ الْمَسْجِدُ وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَقَالَ هَذِهِ دَارِى وَهَذَا عَمَلِي فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَىَّ فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّى إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلاَ تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ فَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ أَنَا أَفْدِيهِ مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لاَ يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلاَّ بِذِكْرِ اللَّهِ».
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَالْجِهَادُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلاَمِ مِنْ عُنُقِهِ إِلاَّ أَنْ يَرْجِعَ وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ».
فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ قَالَ: «وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِى سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ». رواه أحمد، والترمذي، بسند صحيح
والشاهدُ قولُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عليهما السلام: «وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ».
المجلس الثاني عشر و الأخير من
#شرح_كتاب_الصيام_من_سنن_أبي_داود
☀️ الدرس الثاني عشر من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
💦 7- الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ:
ومن فضل الصيام أنه وقاية لصحابه من النار، يحميه منها كما يحمي الدرع السابغ صاحبه من السهام.
🍒 فعَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ أَبِى الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ فَدَعَا بِلَبَنٍ فَقُلْتُ إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ». تقدم تخريجه
وَإِنَّمَا كَانَ الصَّوْمُ جُنَّةً مِنْ النَّارِ؛ لِأَنَّهُ إمْسَاكٌ عَنْ الشَّهَوَاتِ وَالنَّارُ مَحْفُوفَةٌ بِالشَّهَوَاتِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ». رَوَاهُ مسلم
🍒 وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْماً قَرِيباً مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ وَصَلاَةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ». ثُمَّ قَرَأَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} حَتَّى بَلَغَ {يَعْمَلُونَ} ثُمَّ قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ». فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «رَأْسُ الأَمْرِ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ - ثُمَّ قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمِلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ». فَقُلْتُ لَهُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ. فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ- أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ». رواه أحمد، والترمذي
والشاهد قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الصَّوْمُ جُنَّةٌ»، أي: وقاية من عذاب الله تعالى؛ لأنه يقي العبد من الذنوب والمعاصي، فيكون مانعًا له من سخط الله تعالى وعذابه.
🍒 وَعَنْ جَابِرٍ رَضِي الله عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ: الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ، وَهُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ". رواه أحمد، بسند صحيح
🍒 وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ، مَا لَمْ يَخْرِقْهَا». رواه أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، والدارمي، بسند حسن
وَمعنى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَمْ يَخْرِقْهَا». يَعْنِي: بِالْغِيبَةِ، والْكَلَامِ المحرمِ وَنَحْوِهِ.
☀️ الدرس الحادي عشر من كتاب: (الْإِلْمَامِ بِمَا للصِّيَامِ مِنْ حِكَمٍ وَآدَابِ وَأَحْكَامِ).
💦 ٦ - الصِّيَامُ يُبَاعِدُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ العَبْدَ عَنِ النَّارِ:
ومن فضل الصيام أن مَنْ صامَ يومًا واحدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ يباعده الله تعالى عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا.
فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا». رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ، وَمُسْلِمٌ
قال ابن الجوزي رحمه الله: (إِذا أطلق ذكر سَبِيل الله كَانَ الْمشَار بِهِ إِلَى الْجِهَاد). كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 153)
قال المهلب: هذا الحديث يدل أن الصيام فى سائر أعمال البر أفضل إلا أن يخشى الصائم ضعفًا عند اللقاء؛ لأنه قد ثبت عن الرسول أنه قال لأصحابه فى بعض المغازى حين قرب من الملاقاة بأيام يسيرة: «تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ». رواه أحمد، وأبو داود
فأمرهم بالإفطار؛ لأن نفس الصائم ضعيفة وقد جبل الله الأجسام على أنها لا قوام لها إلا بالغذاء. ولهذا المعنى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: «أَفْضَلُ الصَّوْمِ صَوْمُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى». رواه البخاري ومسلم
فلا يكره الصوم البتة إلا عند اللقاء وخشية الضعف عند القتال؛ لأن الجهاد وقتل المشركين أعظم أجرًا من الصوم لمن فيه قوة. شرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 48)
فإذا كان المسلم المجاهدُ صائمًا فهو أبعد ما يكون عن النارِ وعن عذاب اللهِ تعالى، وهذا معنى قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». رواه البخاري ومسلم
تفتح أَبْوَابُ الْجَنَّةِ حقيقةً وتغلق أَبْوَابُ جَهَنَّمَ حقيقةً فيكون المسلم أبعد ما يكون عن سخط الله تعالى وعذابه وقد دل على ذلك أيضا قول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ». رواه أحمد، والنسائي
وسيأتي الحديث عن ذلك إن شاء الله.
------------------
http://www.alukah.net/library/0/104040/
📕 ( الإلمام بما للصيام من حكم وآداب وأحكام)
🖋 (الدرسين العاشر والحادي عشر)
المجلس العاشر من
#شرح_كتاب_الصيام_من_سنن_أبي_داود
المجلس السابع من
#شرح_كتاب_الصيام_من_سنن_أبي_داود