2165
☜مـنبر د؏ـوي لنـشر الخـطـب والـمـوا؏ـظ السلـفية الصـوتيـة والمـفـرغـة والتـحـذيـر مـن الشـرك والـبـد؏.
وَالسِّجِّيلُ هُوَ الشَّدِيدُ الصُّلْبُ الْقَوِيُّ، {مَنْضُودٍ} أَيْ: يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي نُزُولِهَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ، {مُسَوَّمَةً} أَيْ: مُعَلَّمَةً مَكْتُوبٌ عَلَى كُلِّ حَجْرٍ اسْمُ صَاحِبِهِ الَّذِي يَهْبِطُ عَلَيْهِ فَيَدْمَغُهُ، كَمَا قَالَ سبحانه: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ}. وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ}. وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} [النَّجْمِ: 53 - 54]. يَعْنِي قَلَبَهَا فَأَهْوَى بِهَا مُنَكَّسَةً عَالِيَهَا سَافِلَهَا، وَغَشَّاهَا بِمَطَرٍ مِنْ حِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ مُتَتَابِعَةٍ مُسَوَّمَةٍ مَرْقُومٍ عَلَى كُلِّ حَجَرٍ اسْمُ صَاحِبِهِ الَّذِي سَقَطَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَاضِرِينَ مِنْهُمْ فِي بَلَدِهِمْ وَالْغَائِبِينَ عَنْهَا مِنَ الْمُسَافِرِينَ وَالنَّازِحِينَ وَالشَّاذِّينَ مِنْهَا.
وَيُقَالُ: إِنَّ امْرَأَةَ لُوطٍ مَكَثَتْ مَعَ قَوْمِهَا، وَيُقَالُ: إِنَّهَا خَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا وَبِنْتَيْهَا، وَلَكِنَّهَا لَمَّا سَمِعَتِ الصَّيْحَةَ وَسُقُوطَ الْبَلْدَةِ، وَالْتَفَتَتْ إِلَى قَوْمِهَا وَخَالَفَتْ أَمْرَ رَبِّهَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَقَالَتْ: وَاقَوْمَاهْ. فَسَقَطَ عَلَيْهَا حَجْرٌ فَدَمَغَهَا، وَأَلْحَقَهَا بِقَوْمِهَا إِذْ كَانَتْ عَلَى دِينِهِمْ، وَكَانَتْ عَيْنًا لَهُمْ عَلَى مَنْ يَكُونُ عِنْدَ لُوطٍ مِنَ الضِّيفَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [التَّحْرِيمِ: 10]. أَيْ: خَانَتَاهُمَا فِي الدِّينِ فَلَمْ تَتْبَعَاهُمَا فِيهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا كَانَتَا عَلَى فَاحِشَةٍ، حَاشَا وَكَلَّا، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّرُ عَلَى نَبِيٍّ أَنْ تَبْغِيَ امْرَأَتُهُ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ. قال ابن كثير: وَمَنْ قَالَ خِلَافَ هَذَا فَقَدَ أَخْطَأَ خَطَأً كَبِيرًا.
وَجَعَلَ اللَّهُ مَكَانَ تِلْكَ الْبِلَادِ بَحْرَةً مُنْتِنَةً لَا يُنْتَفَعُ بِمَائِهَا، وَلَا بِمَا حَوْلَهَا مِنَ الْأَرَاضِي الْمُتَاخِمَةِ لِفِنَائِهَا؛ لِرَدَاءَتِهَا وَدَنَاءَتِهَا، فَصَارَتْ عِبْرَةً وَمَثُلَةً، وَعِظَةً وَآيَةً عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ، وَعِزَّتِهِ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ خَالَفَ أَمْرَهُ وَكَذَّبَ رُسُلَهُ وَاتَّبَعْ هَوَاهُ وَعَصَى مَوْلَاهُ، وَدَلِيلًا عَلَى رَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي إِنْجَائِهِ إِيَّاهُمْ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ، وَإِخْرَاجِهِ إِيَّاهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشُّعَرَاءِ: 8 - 9]. وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الْحِجْرِ: 73 - 77]. وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} أَيْ: لَبِطَرِيقٍ مَهْيَعٍ مَسْلُوكٍ إِلَى الْآنَ، كَمَا قَالَ: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الصَّافَّاتِ: 137 - 138]. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الْعَنْكَبُوتِ: 35]. وَقَالَ تَعَالَى: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [الذَّارِيَاتِ: 35 - 37]. أَيْ: تَرَكْنَاهَا عِبْرَةً وَعِظَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ، وَخَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَانْزَجَرَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَتَرَكَ مَعَاصِيَهُ، وَخَافَ أَنْ يُشَابِهَ قَوْمَ لُوطٍ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَمِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ؛ كَمَا
قَالَ بَعْضُهُمْ.
فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا قَوْمَ لُوطٍ بِعَيْنِهِمْ … فَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدِ
فَالْعَاقِلُ اللَّبِيبُ الْخَائِفُ مِنْ رَبِّهِ يَمْتَثِلُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ عز وجل، وَيَقْبَلُ مَا أَرْشَدَهُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ إِتْيَانِ مَا خُلِقَ لَهُ مِنَ الزَّوْجَاتِ الْحَلَالِ، ذَوَاتِ العفاف والْجَمَالِ، وَإِيَّاهُ أَنْ يَتَّبِعَ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ، فَيَحِقَّ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ، وَيَدْخُلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هُودٍ:
وَاسْتَجَابَ لِدَعْوَتِهِ، وَأَجَابَهُ إِلَى طِلْبَتِهِ، وَبَعَثَ رُسُلَهُ الْكِرَامَ، وَمَلَائِكَتَهُ الْعِظَامَ فَمَرُّوا عَلَى الْخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَشَّرُوهُ بِالْغُلَامِ الْعَلِيمِ، وَأَخْبَرُوهُ بِمَا جَاءُوا لَهُ مِنَ الْأَمْرِ الْجَسِيمِ، وَالْخَطْبِ الْعَمِيمِ، {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ}.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ}. وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَرْجُو أَنْ يُنِيبُوا وَيُسْلِمُوا وَيُقْلِعُوا وَيَرْجِعُوا؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ}. أَيْ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا، وَتَكَلَّمْ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَدْ حُتِمَ أَمْرُهُمْ، وَوَجَبَ عَذَابُهُمْ وَتَدْمِيرُهُمْ وَهَلَاكُهُمْ. {إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ}. أَيْ قَدْ أَمَرَ بِهِ مَنْ لَا يُرَدُّ أَمْرُهُ، وَلَا يُرَدُّ بِأْسُهُ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ {وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ}. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا فَصَلَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ عِنْدِ إِبْرَاهِيمَ وَهُمْ؛ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ، أَقْبَلُوا حَتَّى أَتَوْا أَرْضَ سَدُومَ، فِي صُورَةِ شُبَّانٍ حِسَانٍ؛ اخْتِبَارًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْمِ لُوطٍ، وَإِقَامَةً لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، فَاسْتَضَافُوا لُوطًا عليه السلام، وَذَلِكَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَخَشِيَ إِنْ لَمْ يُضِفْهُمْ أَنْ يُضِيفَهُمْ غَيْرُهُ مِنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ، وَحَسِبَهُمْ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ، وَسِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ في معنى قوله: { هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ }، أي: شَدِيدٌ بَلَاؤُهُ؛ وَذَلِكَ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ مُدَافَعَتِهِ اللَّيْلَةَ عَنْهُمْ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ بِغَيْرِهِمْ مَعَهُمْ، وَكَانُوا قَدِ اشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُضِيفَ أَحَدًا، وَلَكِنْ رَأَى مَنْ لَا يُمْكِنُ الْمَحِيدُ عَنْهُ... فَجَاءَ بِهِمْ، فَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ إِلَّا أَهْلُ الْبَيْتِ، فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ فَأَخْبَرَتْ قَوْمَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ فِي بَيْتِ لُوطٍ رِجَالًا مَا رَأَيْتُ مِثْلَ وُجُوهِهِمْ قَطُّ. وعندما أخبرت امرأةُ لوطٍ قومها بقدوم أضيافٍ ذوي هيئة حسنة على لوطٍ عليه السلام أقبلوا مسرعين، كما قال تعالى: {وجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ}. قال الشوكاني رحمه الله: "وَالْمَعْنَى: أَنَّ قَوْمَ لُوطٍ لَمَّا بَلَغَهُمْ مَجِيءُ الْمَلَائِكَةِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ أَسْرَعُوا إِلَيْهِ، كَأَنَّمَا يُدْفَعُونَ دَفْعًا لِطَلَبِ الْفَاحِشَةِ مِنْ أَضْيَافِهِ، {وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ} أَيْ: وَمِنْ قَبْلِ مَجِيءِ الرُّسُلِ فِي هَذَا الْوَقْتِ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ، وَقِيلَ: وَمِنْ قَبْلِ لُوطٍ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ، أَيْ: كَانَتْ عَادَتُهُمْ إِتْيَانَ الرِّجَالِ، فَلَمَّا جَاءُوا إِلَى لُوطٍ، وَقَصَدُوا أَضْيَافَهُ لذلك العمل، قام إليهم لوطٌ مدافعًا". و{قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}، يُرْشِدُهُمْ إِلَى غِشْيَانِ نِسَائِهِمْ، وَهُنَّ بَنَاتُهُ شَرْعًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ لِلْأُمَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ، كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الْأَحْزَابِ: 6]. وَفِي قِرَاءَةِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ: {وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ}. وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشُّعَرَاءِ: 165 - 166].
وَقَوْلُهُ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} نَهْيٌ لَهُمْ عَنْ تَعَاطِي مَا لَا يَلِيقُ مِنَ الْفَاحِشَةِ، وَشَهَادَةٌ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ مُسْكَةٌ، وَلَا فِيهِ خَيْرٌ، بَلِ الْجَمِيعُ سُفَهَاءُ فَجَرَةٌ أَقْوِيَاءُ كَفَرَةٌ أَعْتِيَاءُ، وَكَانَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا أَرَادَ الْمَلَائِكَةُ أَنْ يَسْمَعُوا مِنْهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَسْأَلُوهُ
التلـــــــــــيجـــــــــــرام↙️
t.me/ap11a
༼༽༼ قنــاة الخطــ زاد ــباء الدعوية༽༼༽ في واتساب: https://whatsapp.com/channel/0029Vb6n46r9hXFFayPSFQ1o
فيسبــــــــــــــــــــــوك↙️
https://www.facebook.com/groups/652912765064080
••أســـــــــأل الله أن ينفع بها الجميع ••
🚫لاَ.يــَـسْمَحُ.بتعــــــديل.المنشَhttp://xn--wgb3aya.tt/🚫
ِ🔖√ منْ آحٍـبْ آلُآ يَنْقَطًع عملُہ بْعدِ مۆتٌہ فَلُيَنْشُر آلُعلُم√📚[آبْنْ آلُجٍۆڒٍيَ].
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
عباد الله أعمال الخفاء وعبادة السر من الأعمال التي يحبها الله عز وجل قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يحبهم الله" وذكر منهم ورجل أتى قومًا فسألهم بالله ولم يسألهم لقرابة بينهم فمنعوه من العطاء ومن الصدقة، فتخلف رجل بأعقاب القوم حتى إذا مشى القوم أعطاه سرًا لا يعلم بعطيته إلا الله، والذي أعطاه لا يعلم بصدقته إلا الله والذي أعطاه، وقوم ساروا ليلتهم حتى كان النوم أحب إليهم، مما يعدل به فوضعوا رؤوسهم فرقدوا، فقام ذلك الرجل قال الله: يتلو آياتي ويتملقني" رواه الإمام أحمد والحاكم وحسنه الذهبي.
أسمعت يا عبد الله أن هؤلاء القوم حينما عملوا هذه العبادة لله، ومن أجل الله، ولا يريدون الجزاء إلا من الله، أحبهم الله وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يحبهم الله، ويضحك إليهم، ويستبشر بهم، وذكر منهم ورجل كانت له امرأة حسناء وفراش لين، فترك ذلك كله وقام لله يتلو آيات الله ولو شاء لرقد" رواه أحمد وحسنه الألباني.
أسمعت يا عبد الله أن هؤلاء الصنف يحبهم الله ويستبشر بهم؛ لأنهم يحبون الله، ويحبون مناجات الله، ويحبون القرب من الله سبحانه وتعالى.
عباد الله عبادة الخفاء من أعظم الأسباب الموصلة إلى الجنان قال عليه الصلاة والسلام: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ ". رواه الترمذي وحسنه الألباني.
أيها المؤمنون أيها الأخيار والصالحون! عبادة السر والخفاء كان السلف يحبون هذه العبادة ويكثرون منها؛ ذكر الإمام الذهبي رحمه الله عن إبراهيم الحربي قال: "كان السلف يستحبون أن يكون لأحدهم خبيئة من عمل صالح لا يعلم بها أحد من الناس حتى الزوجة لا تعلم بهذه الخبيئة".
أسمعت يا عبد الله! إلى حال السلف كيف يستحبون أن تكون لهم أعمال وعبادات خفية لا يعلم بها أحد من الناس، قد تكون هذه العبادة صدقات، وقد تكون هذه العبادة صلاة في جوف الليل أو في أطراف النهار، وقد تكون هذه العبادة إحسانٌ إلى الخلق، وقد تكون هذه العبادة صيامٌ بالنهار أو غير ذلك من العبادات، ولهذا ما ارتفع من ارتفع وما علا من علا من الناس ومن العلماء ومن العباد ومن الزهاد ومن الأخيار إلا بسبب العبادات الخفية؛ لأن الإخلاص فيها أقرب؛ ولهذا قال بعض السلف: "من عمل في الخفاء فإنه ليس من المنافقين".
وقال ابن المبارك رحمه الله: "ما رأيت أحداً ارتفع كمالك بن أنس ليس له كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة؛ إلا أن تكون له سريرة بينه وبين الله عز وجل". وصدق رحمه الله فإنه ما ارتفع من ارتفع من عباد الله إلا بالعبادات الخفايا التي يعملها الشخص بينه وبين الله عز وجل.
وهذا حسان بن أبي سنان تتحدث عنه زوجته فتقول: كان يقوم معي حتى يدخل معي إلى فراشي فيخادعني كما يخادع الصبي أمه، حتى إذا ظن أني قد رقدت إن سل فتوضأ فصف في مصلاه وقام يصلي ويبكي لله، فلربما قمت فقلت له: ويحك ارفق بنفسك! فيقول لها: ويحك يامرأه يوشك أن أرقد رقده لا أقوم منها زمانًا طويلاً.
نعم عباد الله هكذا كان سلفنا الصالح رحمهم الله يستحبون عبادات الخفاء، والأعمال الباطنة، والأعمال التي بينهم وبين الله عز وجل.
وهذا بلال ابن أبي رباح الصحابي الجليل يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا بلال إني سمعت دف نعليك" وفي لفظ "خشف نعليك في الجنة" فحدثني ماذا عملت في الإسلام؟ فيقول رضي الله عنه: ما عملت عملاً أرجى عندي غير أني كلما توضعت وضوءاً أو تطهرت طهورًا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي". والحديث في الصحيحين.
أسمعت يا عبد الله إلى حال بلال كلما أحدث كلما انتقض وضوؤه، كلما انتقض طهارته ذهب وتوضأ وصلى ربما في آناء الليل في أطراف النهار، ربما في بيته، ربما في الصحراء، ربما في البادية، ربما في المسجد ربما في مكان خالي، فيصف بين يدي الله، ويتضرع لله، ويبكي لله، وينطرح لله فرفعه الله عز وجل، وبشر بالجنة وهو على ظهر الأرض رضي الله عنه وأرضاه.
وهكذا كان سلفنا الصالح يحبون أن تكون لهم عبادات في الخفاء؛ لأن عبادة الخفاء لا يقوم بها كما قال ابن رجب رحمه الله: عبادة الخفاء لا تصدر إلا عن قوة الإيمان؛ وعن مخالفة النفس والشيطان؛ ولهذا قيل: "من أعز الأشياء عبادات الخفاء" نعم عباد الله؛ فإن الغالب على الإنسان إذا كان خالياً بنفسه ربما غلب عليه الشيطان، وغلبت عليه النفس وغلب عليه الهوى ووقع في معاصي، وفي مخالفات وفي ذنوب الخلوات؛ لكنه إذا كان قوي الإيمان؛ فإنه يتذكر الله عز وجل، يتذكر خوف الله وعقاب الله وبطش الله فينطرح بين يدي الله.
داود بن أبي هندة رحمه الله صام أربعين سنة ولا يعلم به أحد من أهله، ولا من جيرانه، ولا من جلساه، ولا من أصدقائه، كان له دكان فيقوم في الصباح فيأخذ الطعام ويذهب إلى دكانه ويتصدق بهذا الطعام على الفقراء والمساكين، ثم يرجع في الظهيرة فيأخذ معه الغداء إلى الدكان ويتصدق به، ثم إذا كان المساء رجع إلى أهله وتعشى معهم ولم
وشمالا فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لُعن، فإن كان ليس بأهل لها رجعت على قائلها، لذلك احذر، أن تلعن إلا من لعن الله ورسوله، احذر أن تقع في السباب، واللعان، عياذاً بالله.
ألا وإن انتشار السباب واللعان، من علامات زوال الخير عن أمة الإسلام، ودليل أيضا على قرب قيام الساعة، أخرج الإمام الحاكم في مستدركه، بسند صححه، وقال علي شرط الشيخين، من حديث معاذ بن أنس، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا تزال الأمة على شريعة ما لم تظهر فيهم ثلاثة أشياء، قلة العلم، ورفعه، وكثرة ولد الزنا، أو الخبث، والثالثة والسقارون، قالوا يا رسول الله وما السقارون? قال بشر يكونون في آخر الزمان، تحيتهم إذا تلاقوا التلاعن» هذا حاصل في عصرنا، وفي زماننا، تجد بعض الأصحاب والأصدقاء، من رفقاء السوء، عياذاً بالله، أول ما يلتقي بصاحبه يلعنه، لعنة على الريق، من الصباح، في أول وقته، وفي نحو ذلك، هكذا أول ما يتصل به، أو أول ما يكلمه، لعن، وهذا يضحك، ما كأن الأمر يعنيه، هذا طرد من رحمة الله، إبعاد من رحمة الله عز وجل.
انتشر السب، واللعن، وهذا نذير بشر عظيم، وبلاء مستطير، والله إني لكم لمن الناصحين، حافظوا على أنفسكم، وعلى أخلاقكم، وعلى ألسنتكم، صونوا من تحت أيديكم، صونوا أنفسكم، صونوا النساء عن الوقوع في هذه البلية، فإن النساء في هذا الباب أوسع؛ لهذا لما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في خطبة العيد: «تصدقن وأكثرن من الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقامت امرأة وقالت يا رسول الله لم نحن أكثر أهل النار? قال لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير» تجد المرأة تلعن الدابة، تلعن ولدها، تلعن الإناء، تلعن كل شيء في بيتها، إذا حصل شيء لعنت، اللعن على طرف لسانها، تلعن نفسها وتلعن أبنائها، وتلعن أدواتها في داخل البيت، هذا خطر، عودي نفسك أيتها المسلمة البعد عن السب واللعن، وتكون على لسانك الكلمة الطيبة، وهكذا الشباب يعلمون الكلام الطيب، ويحذرون من السباب واللعان، انتبهوا يا معشر المسلمين، راجعوا أنفسك، وحذروا، وانصحوا، ووجهوا، وعلموا، بقدر ما تستطيعون، وإلا إن سكتنا، هذا سكت، وهذا سكت، وهذا مشى الأمور، وهذا وهذا، فهذا نذير ببلاء، وبشر عظيم.
الأدهى والأمر، والأضر والأخطر، أن بعض الناس ربما يسب الدين والملة، وربما يسب الملائكة، وربما يسب الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وربما يسب الله عز وجل، ألا نخشى من أن يخسف الله بنا، أو ينزل الله علينا عذابا من فوقنا، أو من تحت أرجلنا، بسبب ما اقترفته أيدينا، وبسبب ما كسبته ألسنتنا، من قبائح وآثام، عياذاً بالله، إذاً نفتش عن أنفسنا، ونسعى في إصلاح أنفسنا، وفي إصلاح من تحت أيدينا.
أسأل الله بمنه وكرمه، وفضله وإحسانه، أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم أحمِ بلادنا، برها، وبحرها، وجوها، اللهم ادفع عن بلادنا كيد الكائدين، ومكر الماكرين، وتآمر المتآمرين، وشر الأشرار، وكيد الفجار، اللهم احمِ بلادنا، برها، وبحرها، وجوها،
اللهم اجعل بلدنا بلد عز، وأمن، وأمان، ورخاء، واستقرار، يا أكرم الأكرمين، ويا رب العالمين، اللهم أعلِ راية الإسلام في كل بلد يا رب العالمين، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان، وانصر عبادك، وأوليائك، المجاهدين في سبيلك في كل مكان، وادفع اللهم الفتن، وأصلح الأحوال، يا كبير يا متعال.
اللهم احفظنا بالإسلام، قائمين، وقاعدين، وراقدين، وأقم الصلاة.
•••❀════⟲❁❁⟳════❀•••
❄ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا❄
🔹الخطــ زاد ــباء الدعوية⤵
التلـــــــــــيجـــــــــــرام↙️
t.me/ap11a
༼༽༼ قنــاة الخطــ زاد ــباء الدعوية༽༼༽ في واتساب: https://whatsapp.com/channel/0029Vb6n46r9hXFFayPSFQ1o
فيسبــــــــــــــــــــــوك↙️
https://www.facebook.com/groups/652912765064080
••أســـــــــأل الله أن ينفع بها الجميع ••
🚫لاَ.يــَـسْمَحُ.بتعــــــديل.المنشَhttp://xn--wgb3aya.tt/🚫
ِ🔖√ منْ آحٍـبْ آلُآ يَنْقَطًع عملُہ بْعدِ مۆتٌہ فَلُيَنْشُر آلُعلُم√📚[آبْنْ آلُجٍۆڒٍيَ].
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
*⚠️القول الأتم في التحذير من السب واللعن والشتم(مفرغة)*
*|خطبة الجمعة|*
*لأبي عبد الكريم*
*#محمد_بن_حسن_القاضي حفظه الله*
🕌ألقيت في مسجد الغفار _بمدينة معبر
📅 9 جمادى الأولى 1447هـ
《 الخطبة بصيغة PDF على تليجرام 》↙️
t.me/ap11a
#خطب_عام_1447ه
#الأخلاق_المذمومة
*⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀*
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا آله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء:1]. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) } [سورة الأحزاب:70-71].
أما بعد:
اعلموا أنَّ خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد معاشر المسلمين! لقد أنعم الله على الإنسان بنعمة اللسان، وشرفه بهذه النعمة، وجعل الإنسان ناطقا، يعبر عن فرحه، وسروره، وعن حزنه، وعن رضاه، وعن غضبه، وعن أحواله وشؤونه، فاللسان نعمة امتن الله بها على الإنسان؛ لكن هذه النعمة ينبغي أن تراعى، وينبغي أن تصان عن أن تستخدم فيما يغضب الله عز وجل، فاللسان له آفات كثيرة، ومن أعظمها، وأخطرها، وأضرها، السباب واللعان، لذا أحببت أن أطرق في هذه الخطبة، شيئا مما جاء في الشريعة المطهرة، في التحذير من السب، واللعن، وبيان شؤم السب، واللعن، وأضراره، وأخطاره؛ لأن السب، واللعن، انتشر كثيراً في أوساط المسلمين، وهذا من الفتن الخطيرة، والبلايا المبيرة، والأسباب المهلكة، والأخطار المدمرة، للمسلمين.
ألا وإن مما جاء في التحذير، والنهي عن السب، واللعن، ما أخرجه الإمام أحمد، وأبو داوود، والترمذي، من حديث سمرة بن جندب، رضي الله عنه، والحديث صححه العلامة الألباني رحمه الله تعالى، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنار» فهذا نهي صريح، عن السباب، واللعان،
وكذلك أيضا: أخرج الإمام أحمد، وأبو داوود، بسند صححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى، من حديث أبي جري، جابر بن سليم رضي الله تعالى عنه، قال: «قلت يا رسول الله، اعهد إلي، قال لا تسبنَّ شيئا» وفي رواية: «لا تسبنَّ أحدا» قال فما سببت بعدها حرا، ولا عبدا، ولا بعيرا، ولا شاة، انظروا إلى حسن التطبيق، وإلى حسن الانقياد، لما وجه به سيد الأنام، عليه الصلاة والسلام، فامتنع تماما عن السب، واللعن، لم يسب لا شاة، ولا بعير، ولا ديك، ولا طير، ولا إنسان، ولا شيء، استجابة لتوجيه الرسول عليه الصلاة والسلام.
والناظر في الشريعة المطهرة، يجد الأحاديث في النهي عن السب، واللعن، لأشياء كثيرة، مما جاء في ذلك، النهي عن سب الدهر، أخرج الإمام البخاري ومسلم، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر» فهذا نهي صريح، وجاء في بعض الروايات: «يؤذيني ابن يسب الدهر، وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار» فهذا من الإيذاء، ومن الأمور المحرمة، أن يُسب الدهر.
بعض الناس، إذا غضب قال لعن الله هذا الزمن الذي جئنا فيه، وربما قال لعن الله هذا اليوم، لعن الله هذه الساعة، هذا لا يجوز، محرم في شريعة الإسلام.
وكذلك أيضا: جاء النهي عن سب الحمى، وعن سب كل ما يؤذي الإنسان، أو ما يضايقه، أو ما يضره، روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال دخل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على أم السائب، فقال: «ما لك تزفزفين? قالت الحمى لا بارك الله فيها، قال عليه الصلاة لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا ابن آدم كما يذهب الكير خبث الحديد» انظروا إلى نهيه عليه الصلاة والسلام لهذه المرأة عندما سمعها تسب الحمى، وتزفزف من الحمى، وقد صارت في حال ضجر من الحمى، قال: «ما لك تزفزفين? قالت الحمى لا بارك الله فيها» فنهاها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، عن سب الحمى.
وهكذا لا يزال الله ما بين حين وآخر ينصر دينه ويمكن لدينه سبحانه وتعالى، ومن ذلك ما أخرجه أحمد في مسنده" عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سئل رسول الله : أي المدينتين تفتح أولا: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله ﷺ: "مدينة هرقل تفتح أولا"، يعني: قسطنطينية.
ومدينة روما هي الآن عاصمة إيطاليا. فمتى فتحت القسطنطينية ؟ حرص الصحابة على أن يفتحوا القسطنطينية في آخر عهدهم في الجهاد فلم ييسر لهم ذلك، فبقيت مدينة القسطنطينية التي هي بوابة أوروبا والتي كانت أعظم عواصم أوروبا إلى القرن التاسع الهجري وفتحت على يد محمد الفاتح العثماني رحمه الله تعالى، وتحقق نصر عظيم على الروم في ذلك الوقت وأخذت الدولة العثمانية تدخل وتتمكن في أعماق أوروبا، نصر من الله عزوجل وهكذا يأتي الله عزوجل بالنصر.
ثم حصل الضعف في كثير من المسلمين بعد ذلك النصر بقرون الذي كان في أعماق أوروبا، حصل الضعف أكثر وأكثر، فبعد مدة وقرون من الزمان أقبل كثير من الدول الكافرة على غزو المسلمين، فاستمر هذا الغزو العسكري القتالي والغزو الفكري الثقافي استمر قرابة مائة سنة، وبعضه أكثر، فحصل الاستيلاء على كثير من بلدان العالم الإسلامي على الشام والعراق، وعلى مصر والجزائر والمغرب وتونس وليبيا وعلى جنوب اليمن، إلى غير ذلك مما حصل من استيلاء الكفار على أقطار إسلامية.
وفي العهد الماضي القريب جاء الله بالنصر للمسلمين الذين استولى على بلدانهم وأقطارهم الكفار فنصر الله المسلمين واندحر الكفار، وبعد ذلك صارت بلاد المسلمين بأيدي المسلمين.
فهذا نصر من الله عظيم في وقت الضعف الذي عليه المسلمون إلا من رحمه الله، فالله أعانهم على أن دحروا أعداءهم من بلداتهم ومن تسلطهم عليهم، فذهب الغزو العسكري وانتهى، ويأتي في المستقبل - بإذن الله - الغزو العسكري من المسلمين على الكفار، لأن الإدانة القادمة لهم، هكذا قضى الله أن الأمور وأن الأيام تدال بين الناس.
أستغفر الله، إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه، أما بعد:
الغزو الجاثم والمتمكن من المسلمين - إلا من رحمه الله - من قبل الأعداء هو الغزو الثقافي والغزو الفكري، فالأعداء الذين غزوا من بلاد المسلمين ما غزوا وترحلوا عنها، لكن لم يترحلوا عنها ولم يدحروا عنها إلا بعد أن غرسوا وأوجدوا من مبادئهم ومن دينهم ما أوجدوا في المسلمين من أجل أن تبقى الهزيمة في المسلمين معنوية، فبقي الغزو الفكري الثقافي إلى ساعتنا هذه، وكما يقال: زيد فوق الرزمة حجر جيء بما يسمى بالمبادئ العلمانية والقوانين الديمقراطية التي صارت في دساتير الحكومات الإسلامية إلا من رحم الله، فصارت الديمقراطية قوانين معتمدة ومقبولة ومحكوم بها، هذا حاصل في بلاد المسلمين.
فلهذا ندعو أنفسنا الآن إلى أننا نسعى إلى التحرر من ربقة الخضوع للأعداء، والسير تقليداً للأعداء، والاتباع لأعداء الإسلام، إننا محتاجون ومطالبون إلى أن تكون ممن يرجى أن ينصر الله على يده الإسلام، ويحقق الله على يده ما يحقق من الخير للمسلمين، هذا أمر في غاية الأهمية، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى": لن يقوم الدين إلا بالكتاب والميزان والحديد، كتاب يهدى به وحديد ينصره، كما قال تعالى: {ولَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بالبيت وأنزلنا معهم الكتب وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ للناس} [الحديد]، فالكتاب به يقوم العلم والدين، والميزان به تقوم الحقوق في العقود المالية والقبوض والحديد به تقوم الحدود على الكفار والمنافقين.
فما أحوج المسلمين إلى أن يوطنوا أنفسهم على أن يرجعوا إلى التمسك بالإسلام، فالحاجة الآن إلى التمسك بالإسلام كبيرة وغاية الغايات، المسلمون موجودون والحمد الله، لكن ضيعوا ما ضيعوا من الإسلام، وهذا التضييع كان سبباً في تسليط أعداء الله عليهم، ووقع على المسلمين من المصائب والنكبات ما وقع ومن الإهانات ومن الإبادات ومن السجون والتشريد ما وقع بسبب أن المسلمين إلا من رحمه الله استسلموا لدعوات الأعداء وقوانين الأعداء ومطالب الأعداء.
فتحتاج إلى أننا نعود إلى التمسك بالإسلام، الحاكم والمحكم، الراعي والرعية، الرجال والنساء، الشباب والشيبان، ولابد من التخلي عن المبادئ العلمانية والقوانين الديمقراطية والتعددية السياسية الحزبية، هذه أمور لا بد من تركها، لن تقوم قائمة المسلمين إلا بزحزحة هذه الأشياء والابتعاد عنها والمجانبة لها، لأنها صارت متمكنة من أحوال المسلمين إلا من رحمه الله عزوجل.
*« تبشير الأنام بأن العاقبة للإسلام »*
🕌خطبة الجمعة من #دار_الحديث_بمعبر_حرسها_الله
✍لسماحة الشيخ العلامة:
#محمد_بن_عبد_الله_الإمام حفظه الله
*🗓بتاريخ:[9/جمادى الأولى/1447 هـ]*
《 الخطبة بصيغة PDF على تليجرام 》↙️
t.me/ap11a
🎧 الاستماع:
[/channel/al_imamu_net/
#خطب_العقيدة #أديان_ومذاهب_وفرق #محمد_بن_عبدالله_الإمام
*⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀*
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
*﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [سورة آل عمران:١٠٢]*
*﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [سورة النساء :١]*
*﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١]*
أما بعد:
فإن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
فقد رأيت أن تكون الخطبة في بيان أن المستقبل للإسلام والمسلمين والمناسبة التي دعتني إلى هذا أني ذكرت في الخطبة الماضية تكالب الأمم الكافرة على المسلمين وغزوهم المسلمين غزواً عسكرياً قتالياً، وغزواً ثقافياً، فنزل بالمسلمين ما نزل من الخطوب المدلهمة والمصائب والنكبات الجمة، وجرى من الضعف في الدين وحصول الانحراف والزيغ، فخشيت أن يحصل في بعض الناس اليأس من أن ينصر الله دينه وعباده وأولياءه، فالله عزوجل خير الناصرين.
والأدلة على أن المستقبل للإسلام والمسلمين كثيرة من القرآن الكريم، ومن السنة النبوية، ومن الإجماع، ومن التاريخ، ومن الواقع، ومن قبل عقلاء الأمم الكافرة، وغير ذلك من أنواع الأدلة على تقرير هذا الأمر تقريراً جازماً عالياً.
قال الله في كتابه الكريم: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور ].
هذا الوعد الإلهي باستخلاف المسلمين في الأرض أن يكونوا مستخلفين من قبل الله، أن يكونوا هم الولاة والقادة والسادة لا يزال هذا الوعد مستمراً إلى قيام الساعة، وهذا قول أكثر المفسرين، وليس هذا الوعد من الله محصورا ولا مقصورًا ولا خاصاً بالعهد النبوي وعهد الخلافة الراشدة.
كذلك أيضاً ربنا لما أخبر أن اليهود والنصارى ساعون في إطفاء نوره وهو الإسلام قال بعدها : {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } [الصف] ، فأخبر أنه متم نوره، وأنه مظهر دينه مهما كابر المشركون وعاندوا وواجهوا، ومهما ألبوا ومكروا وحاربوا فالله ناصر دينه سبحانه وتعالى.
كذلك قال الرسول عليه الصلاة و السلام كما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «إن الله زوى لي الأرض ورأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها».
ومعنى: «زوي» أي: جمعت الأرض له حتى رأى مشارقها ومغاربها، أعطاه الله هذه القوة في الرؤية للأرض عندما عرضت عليه، فبشره الله أن ملك أمته سيبلغ ما زوي له منها، فلا يزال ملك أمته يتسع ويتكامل إلى نزول عيسى بن مريم وخروج المهدي عليهما السلام.
ومعلوم أنه عليه الصلاة والسلام توفي والإسلام قد عم الجزيرة العربية، هذا أصل إظهار دين الله وهو الإظهار الأول، فجاءت الخلافة الراشدة بعده عليه الصلاة والسلام فقام الإسلام، وانتشر الدين، واندحر الكفر، وزلزلت عروشه كما تعلمون من جهة المشرق العراق وما بعدها إلى خراسان، والشام وما بعدها إلى تخوم الروم، ومصر وما بعدها إلى أدغال أفريقيا، هذا كان في عهد
يا طالب العلم: حَذَارِ مِن أن يَضِيعَ وقتُكَ لِأَي عَارض، أو أن تَكُونَ طيِّعًا لأدنى صارف، إذا كان يؤذيك حر المصيف ولبس الخريف وبرد الشتاء، ويلهيك حسن زمان الربيع فأخذك للعلم قل لي متى؟! كن ماضي العزيمة، قوي الشكيمة ووطن نفسك على احتمال المشاق فإن الهموم بقدر الهمم، ولابد في جني الشهد من لسعات النحل، ولن تبلغ المجد حتى تلعق الصبِرا، طريق المجد ليس يمر إلا بفتِّ الصخر أو هد الجبال.
لما وصل أبو تمام الشاعر إلى همذان زمن الشتاء قطعت الثلوج طريق مقصده ما خلد إلى النوم والراحة، وإنما اشتغل بمطالعة خزانة كُتبٍ في دار نزلها فألف ديوان الحماسة .
ولما أُلقي السرخسي الحنفي في الجب مسجونًا خمسة عشر عامًا لم يقضها وهو يندب حظه، بل اشتغل بالتصنيف؛ فأملى كتابه المبسوط في الفقه الحنفي المطبوع في ثلاثين مجلدًا.
وشيخ الإسلام ابن تيمية لم تمنعه وحشة السجن من أن يؤلف فيه كثيرًا من تصانيفه.
ولما أُسر الأزهري عند قوم من البادية ما أقعده الهم فضاع وقته هدرًا وإنما اشتغل بمحاورتهم ومخاطبتهم فاستفاد ألفاظًا جمَّة أودعها كتابه "تهذيب اللغة".
ولما سُجن العلامة الألباني -رحمه الله- ما استسلم للغموم وإنما جعل لزيمه "صحيح مسلم"، واشتغل به ليله ونهاره حتى أتم كتابه "مختصر صحيح مسلم".
لقد صدق القائل: "بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى".
إذا شاب الفتى برْقَ المعالي *** فأهون فائتٍ طِيبُ الرُقَادِ
اللهم أيقظ قلوبنا من غفلتها، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، إن ربي قريب مجيب.
*⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀*
الخطبة الثانية :
أحمدك اللهم على رحمتك التي وسعت الوجود، وأصلي وأسلم على نبيك المحمود، وعلى آله وصحبه أهل التقى والسعود. أما بعد:
فيا طالب العلم: إن الكسل عن الفضائل رفيقٌ بائس، وحبُّ الراحة سبب الندم، فكن كما قال الأول :
تَركتُ النَومَ لِلنُوامِ إشفاقًا على عُمرِي .
كُن عالي الهمة سامي الغاية، واعلم أنه لا تقفُ هِمَّةٌ إلَّا لِخسَاستِهَا.
إذا ما علا المرء رام العلا *** ويقنع بالدون من كان دونا
لو لم يكن للوقت عند ابن جرير -رحمه الله- قدرٌ أكان يخلِّف من الآثار العلمية ثلاثمائة وخمسين ألف ورقة!
لو اشتغل ابن أبي الدنيا بالتفاهات أكان يؤلف ألف تأليف! أو اشتغل بها ابن شاهين أكان يكتب ثلاثمائة وثلاثين مصنفًا منها مسند في ألف وخمسمائة جزء!!
لو تهاون العلماء في أوقاتهم أكان يكتب ابن حزم في ثمانين ألف ورقة! أو ابن تيمية نحوا من خمسمائة مجلد! أو ابن سُريج أربعمائة مؤلف!! أو يسمع السمعاني من سبعة آلاف شيخ!!
فاجتهد يا رعاك الله، اجتهد في الجمع بين العلم والعمل، وابذل جهدك في لحاق الكاملين ما دام في الوقت سعة، واسق غصنك مادامت فيه رطوبة.
فانهض إلى صلوات المجد معتليا *** فالباز لم يأوِ إلا عالي القلل
فإنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم، وربك شكور أكرم.
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته *** ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
يا طالب العلم: إن مما يعينك على اغتنام أوقاتك؛ تنظيمه وترتيبه، ومُصاحبةَ المجدِّين، ومجانبة البطالين، والعزلة عمن لا يفيد، وترك الفضول في كل شيء.
ومما يعينك أيضًا: مطالعة سير العلماء العاملين، وتتبع أخبار الصالحين، فسترى فيها ما يشحذ الخاطر ويثير العزم الساكن.
ومما يعينك أيضًا: أن تشغل نفسك بالمهم من الأمور؛ فإن من شغل نفسه بغير المهم أضر بالمهم، فما لك والبحث في مسائل قليلة الفائدة! ولِمَ تضيَّع وقتك في جدال عقيم أو هيشات لا ثمر علمًا ولا عملًا!!
وإذا طلبت العلم فاعلم أنه *** حمل فأبصر أي شيء تحمل
وإذا علمت أنه متفاضلٌ *** فاشغل فؤادك بالذي هو أفضل
وحاذر يا طالب العلم أن تسرقك وسائل التواصل والاتصال الحديثة، فإنها إن فعَلت فتكت بوقتك فتكًا، وحرمتك من خير كثير، وليكن لك فيمن حولك عظة، ومن عوفي من هذا فليحمد الله.
ومن أعظم ما يعينك على حفظ وقتك: أن تجاهد نفسك وتأخذها بتربية جادة تعالج فتورك وتغالب ملَلك، حتى ترتقي لتكون نفسا متيقظة تُلهب فيك تقدير الزمان، وتستحثك على أن تكسبه ولا تبدده، وتحفظه ولا تضيعه.
اعلم أنك كلما ازددت انغماسًا في العلم ازددت حرصًا عليه، والتذاذًا بحلاوته، وشوقًا لتحقيقه، وعشقًا لمسائله، إنما يعرف قدر العلم من سهرت عيناه في تحصيله.
وقبل هذا وبعده؛ أوصيك أن تستعين بربك، وأن تصدق اللجأ إليه، وأن تسأله التوفيق، وأن لا يجعل أمرك فرطا، وأيقن أنك إن صدقته صدقك، (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى)[الليل:5-7].
فاللهم يسِّرنا لليسرى، وجنبنا العسرى، وأعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأصلح قلوبنا وأعمالنا، ووفق ولاة أمرنا، وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصافات:180-182].
البركة من الله، خير النكاح أيسره. والنبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنته فاطمة بدرع من حديد.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه كان الصداق فينا على عهد النبي عليه الصلاة والسلام عشر أَوَاق، فكانوا يتزوجون بالمال اليسير، ويجعل الله البركة.
فالمنافسة في رفع المهور من أسباب تأخير النساء للزواج وربما وقعن في الفاحشة، ويجب على المسلمين أن يحذروا على شبابهم، وعلى بناتهم من وسائل التواصل، فهو من أعظم أسباب الوقوع في الزنا.
يتواصل الرجل مع المرأة فيحصل المحادثة، والمضاحكة، والكلام الفاحش حتى تحصل المواعدة، والالتقاء، والوقوع في الزنا، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.
احذروا من هذه الأجهزة الفتاكة، وهذه الأجهزة المفسدة التي حصل فيها فساد عظيم، فهذه الأجهزة عليك أن ترفعها عن بناتك وعن أولادك، أو إذا أعطيتهم، فلتكن مراقبًا لها، متابعًا لها، فإنه قد يحصل منها الفساد.
عباد الله: علينا أن نحذر من ذلك، فالله جل وعلا لما حذرنا من هذه الفاحشة حذرنا من أسبابها ومن دواعيها، وكل ما كان سببًا لها حذرنا الله عز وجل من ذلك.
نسأل الله جل وعلا أن يصلح أحوال المسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر الكفر والكافرين، اللهم عليك بأعداء الدين، اللهم عليك باليهود والنصارى والمشركين والمجوس، اللهم عليك بهم وبمن يتحالف معهم على الإسلام والمسلمين، اللهم عليك بهم، وبمن يمكر معهم على الإسلام والمسلمين، اللهم اجعل كيدهم ومكرهم تدميرًا عليهم، اللهم اجعل بأسهم بينهم شديدًا، وأرنا فيهم عجائب قدرتك يا قوي يا متين، ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين، اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار، اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
❄ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا❄
🔹الخطــ زاد ــباء الدعوية⤵
التلـــــــــــيجـــــــــــرام↙️
t.me/ap11a
༼༽༼ قنــاة الخطــ زاد ــباء الدعوية༽༼༽ في واتساب: https://whatsapp.com/channel/0029Vb6n46r9hXFFayPSFQ1o
فيسبــــــــــــــــــــــوك↙️
https://www.facebook.com/groups/652912765064080
••أســـــــــأل الله أن ينفع بها الجميع ••
🚫لاَ.يــَـسْمَحُ.بتعــــــديل.المنشَhttp://xn--wgb3aya.tt/🚫
ِ🔖√ منْ آحٍـبْ آلُآ يَنْقَطًع عملُہ بْعدِ مۆتٌہ فَلُيَنْشُر آلُعلُم√📚[آبْنْ آلُجٍۆڒٍيَ].
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَوْ الِاعْتِرَافُ".
فهذه جريمة عظيمة، ولذلك فإن الله عز وجل بين عقوبة من وقع في ذلك، فإن عقوبته عظيمة، ويعذب في نار جهنم، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.
روى الإمام البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه، قال رسول الله صلى الله وسلم وهو يقص رؤيا رآها، ورؤيا الأنبياء وحي.
فكان مما رآه النبي عليه الصلاة والسلام أن أخذه جبريل جبريل وميكائيل، حتى آتيا به على مثل بناء التنور، فيه أناس عراة، من الرجال والنساء، فيأتيهم النار من تحتهم، فإذا بهم يصيحون ويعذبون في ذلك الذي مثل بناء التنور.
فإذا بهم يصيحون صياحًا عظيمًا.
قال قلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال: "هؤلاء الزناة والزواني".
فهي فاحشة عظيمة، وذنب عظيم، من كبائر الذنوب التي يتساهل فيها كثير من الناس.
﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴾.
فيجب على المسلمين أن يحذروا على أنفسهم وعلى نسائهم وعلى أبنائهم وبناتهم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
ولما حذرنا الله عز وجل من هذه العظيمة، ومن هذه الكبيرة، وأوجب فيها الحد، حذر الله من أسبابها، وحذر الله من دواعيها، فكل ما كان سببًا إليها، كل ما كان من أسبابها وذرائعها، حرمه الله جل وعلا.
فانظر أيها المسلم، كيف سماحة الإسلام وحفاظ الإسلام على المسلمين، حذر الله من أسباب الزنا: كالخلوة بالنساء، والجلوس مع النساء، حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخلوة بالمرأة الأجنبية.
روى الإمام أحمد في مسنده، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلا كان الشيطان ثالثهما".
وحرم النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة أن تسافر وحدها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما، قالا: قال رسول الله صلى عليه وسلم: "لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْم وليلة إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ منها".
فهكذا حفاظًا على نساء المسلمين، فشرعُ اللهِ فيه الحفاظ على الأعراض، فيه الحفاظ على نساء المسلمين، فانظروا إلى حفاظ الله وعلا على نساء المسلمين، حرم الله على الرجل أن ينظر إلى المرأة الأجنبية، فإذا وقع نظره عليها فجأة فأمره أن يصرف بصره.
قال الله عز وجل: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾.
وبين الله جل وعلا أنه يجب أن يصرف بصره، وأن يغض بصره.
﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا﴾.
فأنت مسؤول عن بصرك، مسؤول عن سمعك، مسؤول عن جوارحك.
قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في الصحيحين عن أبي هريرة: " كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ ".
فيجب على المسلم أن يحذر على نفسه من هذه الجريمة العظيمة، التي حرمها الله وعلا واستقبحها جل وعلا أشد التقبيح.
فيجب على المسلم أن يحذر على نفسه من ذلك، فانظروا كيف حرم الله دواعيها وأسبابها، حرم كل ما يكون من ذرائع الزنا من النظر إلى النساء والمجالسة للنساء والخلوة بهن من النساء الأجنبيات، فكان ذلك مما حرمه الله، ليحافظ على المسلمين وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، والحمد لله رب العالمين.
💥 التحذير من فاحشة الزنا، ومن أسبابها ودواعيها وذرائعها 💥
💥الخطبة الثانية💥
الحمد لله، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد.
خطبة مكتوبة بعنوان
*⚠️التحذير من فاحشة الزنا، ومن أسبابها ودواعيها وذرائعها ⚠️*
✍رياض البرية بالخطب المنبرية لفضيلة الشيخ الجليل #محمد_بن_حزام_البعداني حفظه اللّــــه ورعاه:
💥 سلسلة منشورات خطب الجمعة لفضيلة الشيخ الجليل أبي عبدالله #محمد_بن_علي_بن_حزام_الفضلي حفظه اللّــــه ورعاه ونفع به الإســلام والمسلمين 💥
《 الخطبة بصيغة PDF على تليجرام 》↙️
t.me/ap11a
#الجنايات_والحدود #حكم_التشريع
*⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀*
💥الخطبة الأولى💥
الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله، من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].
أيها المسلمون: إن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون: إن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم بعثه الله ليتمم مكارم الأخلاق، وبعثه الله جل وعلا يدعو إلى مكارم الأخلاق، وينهى عن رذالتها وسفاسفها، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.
والله سبحانه وتعالى، أرسل نبينا عليه الصلاة والسلام، ما ترك خيرًا إلا دلنا عليه، ولا شرًا إلا حذرنا منه، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقد حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من كبائر الذنوب، ومن تلك الكبائر التي حذر النبي عليه الصلاة والسلام منها هذه الأمة، التي هي خير الأمم، حذر نبينا صلى الله عليه وسلم من فاحشة الزنا، هذه الفاحشة التي يسعى أعداء الإسلام سعيًا حثيثًا لنشرها بين المسلمين، ليفسدوا أخلاقهم وليفسدوا عفتهم، ونبينا عليه الصلاة من أول دعوته دعا إلى العفاف، مع دعوته إلى التوحيد يدعو إلى العفاف، ويحذر من الزنا، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قال هرقل ملك الروم لأبي سفيان رضي الله عنه: ماذا يدعوكم إليه؟ فقال: يأمرنا نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.
فمن أول دعوة نبينا عليه الصلاة والسلام وهو يدعو إلى توحيد الله، وينهى عن قبائح الذنوب، ومن أعظمها قبيحة الزنا وفاحشة الزنا، التي يسعى أعداء الإسلام سعيًا حثيثًا وسعيًا عظيمًا إلى نشر هذه الرذيلة في أوساط المسلمين، ليفسدوا عليهم دينهم، ويفسدوا أنسابهم، ويفسدوا أخلاقهم، ويفسدوا نساءهم، وعفة نسائهم.
انها لفاحشة عظيمة، حرمها الله في كتابه، وهي من عظائم الذنوب، ومن كبائر الذنوب، ومن أول دعوة نبينا عليه الصلاة والسلام وهو ينهى عنها أشد النهي، ويبايع أصحابه على ترك ذلك.
قال عبادة بن الصامت عنه: وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة في أول الإسلام، وهم يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: تبايعوني، قالوا على ماذا نُبايعك؟ قال: "تبايعوني ألا تشركوا بالله شيئًا، ولا تقتلوا النفس التي حرم إلا بالحق، ولا تسرقوا ولا تزنوا".
وكان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا جاءه المؤمنات يبايعنه أخذ عليهن في البيعة أن لا يقعن في هذه الفاحشة.
قال الله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
فهي فاحشة عظيمة، وهي من كبائر الذنوب التي جاء الإسلام بتحريمها، وجاء الإسلام بالأمر باجتنابها، وجاء الإسلام بالتحذير من أسبابها.
إنها لفاحشة عظيمة، يسعى أعداء الإسلام في نشرها في أوساط المسلمين فيدعون إلى اختلاط الرجال بالنساء، ويدعون إلى أن تخرج المرأة، ويسمونه تحريرًا، تُحرر المرأة، وتَخرج من بيتها، وتخالط الرجال، وتعمل، ويدعون إلى تبرجها، وإلى كشف جمالها، وكشف مفاتنها، وإلى أن تكون لها حرية كما يقولون، وإنما يريدون إفساد نساء المسلمين.
فلتكن أيها المسلم، حريصاً على ولدك، يتربى على العلوم النافعة، وعلى حلقات العلم، وعلى مجالسة الصالحين.
إن أعداء الإسلام قد غزوا المسلمين في عُقر دارهم، وقد غزوهم إلى بيوتهم، بهذه الأجهزة، التي تسمى الهواتف الذكية، وهذه الأجهزة التي أفسدت كثيراً من الشباب بالمطالعة في الإنترنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
احرص على ولدك هذه مسئولية في عُنقك، نبينا عليه الصلاة والسلام يقول: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل راع على ولده، ومسؤول عن رعيته".
فكن أيها المسلم مؤدياً الأمانة "إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا".
وفي الصحيحين عن معقِل بن يسار رضي الله تعالى عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ، وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ".
"وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى".
"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا".
هذه الأجهزة أفسدت كثيراً من شباب المسلمين، أفسدت كثيراً من أبناء المسلمين وبناتهم، فكم حصل فيها من المفاسد العظيمة، وكم حصل فيها من مراسلة الشباب مع الشابات، ومن مفاسد عظيمة، ربما حصلت فيها الجرائم والفواحش، بسبب هذه الهواتف، فاتق الله أيها المسلم، اتق الله في ولدك، وربِّه على العمل الصالح، أبعده عما يفسده، وكن مراقباً لأعماله، مراقباً لهاتفه، مراقباً لما يفعله، إن كثيراً من الناس أفسدوا أولادهم بأنفسهم، ثم يرجعُ ويندم ويعض أنامله على ما صنعه في أولاده، وهو المتسبب له، وربما بلغ بعضهم إلى أن يترك ابنته لا يدري أين تذهب، ولا مع من تجلس، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه أمانة في أعناقنا، هذه أمانة في أعناقنا، حملناها ربنا جلا وعلا.
فعلينا أن نؤدي الأمانة، وعلينا أن نحافظ على أبنائنا وأن نربيهم على الصلاح، تستفيد أنت أيها المسلم، وإذا لم يتربَّ على الصلاح ستتعب أنت، وينشأ الولد عاقاً لك، ينشأ الولد عاقاً لك، لا يعرف لك قَدراً، ولا يعمل بما أمره الله، وأما إذا حفظ القرآن وحفظ السنة، وتربى على الصلاح، فإنه يعلم قول الله سبحانه: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا".
الرجل الصالح، يعلم ما أمره الله، ويعمل بما أمره الله، ويعلم أن والديه باب من أبواب الجنة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: الوالد أوسط أبواب الجنة.
فطاعة الوالدين، باب من أبواب الجنة، فإياك أيها المسلم والعقوق، إياك من العقوق فهو من أكبر الكبائر.
قال النبي عليه الصلاة والسلام: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ - ثَلَاثًا - الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ ". أَوْ " قَوْلُ الزُّورِ ". وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا، فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا : لَيْتَهُ سَكَتَ.
فالنبي عليه الصلاة والسلام، قد عظم حق الوالدين، فعليك أيها المسلم أن تربي أولادك، على الطاعة والصلاح، وعلى مجالسة الصالحين، أبعد أولادك عن مجالسة أهل السوء، أبعد أولادك عن هذه الأجهزة الفاسدة، التي أفسدت كثيراً من الناس.
نسأل الله جل وعلا أن يصلح أحوال المسلمين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وتجاوز عنا، ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا، وأنت خير الراحمين، ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر الكفر والكافرين، اللهم الطف بعبادك المؤمنين، اللهم عليك بأعداء الدين، اللهم عليك باليهود والنصارى، ومن يمكر معهم على المسلمين، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
والحمد لله رب العالمين.
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
❄ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا❄
🔹الخطــ زاد ــباء الدعوية⤵
صدقته يوم القيامة.
وقال صلى الله عليه وسلم: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، وذكر منهم رجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
فكيف بالصدقات التي يستمر نفعها في سبيل الله، وفي البيوت، وفي المقابر، وفي طلاب العلم، وفي الكتب الشرعية وهكذا أيضاً في سبيل الله، وغير ذلك من الأعمال التي يقدمها الإنسان، وهكذا أيضاً في سقاية المياه، وفي حفر الآبار وفي شق الطرقات، وغير ذلك من أعمال الخير الكثيرة، أجورها عظيمة، تتوالى على المسلم بالحسنات، الكثيرة، فمن أوقف مالاً، فله أجره.
ولا يجوز تعطيل الأوقاف، ولا يجوز أن تُمنع من حقوقها وألا تصرف في حقوقها، فهذا من أعظم الذنب، أن تؤكل الأموال المحرمة، إذا كان الاعتداء على مال أخيك المسلم حرام، فكيف بالاعتداء على أموال الأوقاف فإثمها عظيم، فإن الله سبحانه وتعالى قد حمل الناظر على الوقف أمانة عظيمة، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فمن كان ناظراً على وقف، فقد تحمل مسؤولية عظيمة، يجب عليه أن يصرف أموال الأوقاف فيما أمر الله سبحانه وتعالى، وأن يؤدي أموال الوقف إلى ما أمر الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز أن تؤكل بالباطل.
عباد الله:، يجب على المسلمين أن يراعوا أموال الأوقاف، فقد أهملت، وصارت تباع كما تباع الأموال الحرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالصدقات الجارية أجورها عظيمة، ومن تسبب في تعطيلها، سينال وزر ذلك المال، الذي سبب بتعطيله، وينال وزر ذلك العمل الذي تسبب بتعطيل أفعال الخير عياذاً بالله.
قوله صلى الله عليه وسلم "أو علم ينتفع به".
هكذا أيضاً من الأعمال العظيمة، التي يقدمها الإنسان للقاء الله سبحانه وتعالى العلم النافع، كما قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المبارك: انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علمٍ ينتفع به.
فقدم علماً نافعاً يا عبد الله تنفع به نفسك، فتعلم العلم الشرعي، فالعلوم النافعة أجورها عظيمة، من تعلم علماً ثم علم الناس، نال بذلك الأجور العظيمة، ورفعه الله عز وجل درجات، "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ".
"شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
العلوم النافعة يرفع الله صاحبها، ويزيده من الأجور العظيمة، يموت وعلمه ينتفع به المسلمون، يموت وكتبه النافعة ينتفع بها المسلمون، فهذا فضل عظيم على من اصطفاه الله سبحانه وتعالى بالعلم النافع.
فأيها المسلم بادر بالعلم والتعلم "شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
"إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ".
هم أهل الخشية، هم الذين يخشون الله حق الخشية، ويخافون الله سبحانه وتعالى، ومن نشر علوماً نافعة، فله أجر هذه العلوم.
قال النبي عليه الصلاة والسلام، كما في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه: مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا. وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا.
فكن أيها المسلم داعياً إلى الخير، وكن أيها المسلم معلماً للناس الخير.
روى الإمام مسلم عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ.
وفي صحيح مسلم، عن جرير بن عبد الله، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ ؛ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ ؛ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ".
فبادر بالعلم النافع، فأجره عظيم، من دل على خير فله مثل أجر فاعله.
روى البخاري في صحيحه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ.
وجاء عن طارق بن أَشيم رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من علم آية من كتاب الله، كان له أجرها ما تُليت.
فعلم الناس الخير، ولذلك روى الإمام الترمذي عن أبي أُمامة رضي الله تعالى عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ، وَمَلَائِكَتَهُ، وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرَضِينَ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ ؛ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ.
وقد عاتب الله -سبحانه- مَنِ انصرفَ عن سماعِ الخطبة إلى طلبِ الدنيا، فقال سبحانه: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) [الجمعة:11].
وقد أخبرَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الذي لا ينصُتُ لسماعِ الخطبة يكونُ كالحمارِ يحملُ أسفاراً، فعن ابنِ عباس -رضي الله عنهما- قالَ: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تكلَّمَ يومَ الجمعة والإِمامُ يخطُبُ، فهو كمثلِ الحمارِ يحملُ أسفاراً"[رواه أحمد وغيره].
وذلك؛ لأنَّه تكلَّفَ الحضورَ، ولم يستفدْ منه، فهو كالحمارِ الذي يتكلَّفُ حَمْلَ الكتبِ الكبيرة، وهو لا يستفيدُ منها.
عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56]
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
❄ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا❄
🔹الخطــ زاد ــباء الدعوية⤵
التلـــــــــــيجـــــــــــرام↙️
t.me/ap11a
༼༽༼ قنــاة الخطــ زاد ــباء الدعوية༽༼༽ في واتساب: https://whatsapp.com/channel/0029Vb6n46r9hXFFayPSFQ1o
فيسبــــــــــــــــــــــوك↙️
https://www.facebook.com/groups/652912765064080
••أســـــــــأل الله أن ينفع بها الجميع ••
🚫لاَ.يــَـسْمَحُ.بتعــــــديل.المنشَhttp://xn--wgb3aya.tt/🚫
ِ🔖√ منْ آحٍـبْ آلُآ يَنْقَطًع عملُہ بْعدِ مۆتٌہ فَلُيَنْشُر آلُعلُم√📚[آبْنْ آلُجٍۆڒٍيَ].
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
عَنْهُ، فَقَالَ قَوْمُهُ - عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ الْحَمِيدِ الْمَجِيدِ - مُجِيبِينَ لِنَبِيِّهِمْ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنَ الْأَمْرِ السَّدِيدِ: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ}. يَقُولُونَ: عَلَيْهِمْ لِعَائِنُ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتَ يَا لُوطُ إِنَّهُ لَا أَرَبَ لَنَا فِي نِسَائِنَا، وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مُرَادَنَا، وَغَرَضَنَا، وَاجَهُوا بِهَذَا الْكَلَامِ الْقَبِيحِ رَسُولَهُمُ الْكَرِيمَ، وَلَمْ يَخَافُوا سَطْوَةَ الْعَظِيمِ ذِي الْعَذَابِ الْأَلِيمِ؛ وَلِهَذَا قَالَ عليه السلام: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}. وَدَّ أَنْ لَوْ كَانَ لَهُ بِهِمْ قُوَّةٌ، أَوْ لَهُ مَنَعَةٌ وَعَشِيرَةٌ يَنْصُرُونَهُ عَلَيْهِمْ، لِيُحِلَّ بِهِمْ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنَ الْعَذَابِ عَلَى هَذَا الْخِطَابِ.
ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ لُوطًا عليه السلام جَعَلَ يُمَانِعُ قَوْمَهُ الدُّخُولَ وَيُدَافِعُهُمْ، وَالْبَابُ مُغْلَقٌ، وَهُمْ يَرُومُونَ فَتْحَهُ وَوُلُوجَهُ، وَهُوَ يَعِظُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ، فَلَمَّا ضَاقَ الْأَمْرُ، وَعَسُرَ الْحَالُ قَالَ مَا قَالَ: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}، أي: لَأَحْلَلْتُ بِكُمُ النَّكَالَ، فقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: {يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ}. وَذَكَرُوا أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام خَرَجَ عَلَيْهِمْ فَضَرَبَ وُجُوهَهُمْ خَفْقَةً بِطَرَفِ جَنَاحِهِ فَطُمِسَتْ أَعْيُنُهُمْ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهَا غَارَتْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا مَحَلٌّ، وَلَا عَيْنٌ، وَلَا أَثَرٌ، فَرَجَعُوا يَتَجَسَّسُونَ مَعَ الْحِيطَانِ، وَيَتَوَعَّدُونَ رَسُولَ الرَّحْمَنِ، وَيَقُولُونَ: إِذَا كَانَ الْغَدُ كَانَ لَنَا وَلَهُ شَأنٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ}. ولم يرتدعوا عن غيهم مع ما حصل من طمس أعينهم، بل توعدوهم إلى الغد، وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: النَّجَاءَ النَّجَاءَ! فَإِنَّ فِي بَيْتِ لُوطٍ قَوْمًا هُمْ أَسْحَرُ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَقَدْ سَحَرُونَا فَأَعْمَوْا أَبْصَارَنَا. وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا لُوطُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى نُصْبِحَ فَسَتَرَى، يَتَوَعَّدُونَهُ.
قال تعالى: {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرّ}، فَذَلِكَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقَدَّمَتْ إِلَى لُوطٍ عليهم السلام آمِرِينَ لَهُ بِأَنْ يَسْرِيَ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ، يَعْنِي عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ الْعَذَابِ إِذَا حَلَّ بِقَوْمِهِ، وَأَمَرُوهُ أَنْ يَكُونَ سَيْرُهُ فِي آخِرِهِمْ كَالسَّاقَةِ لَهُمْ، وَقَوْلُهُ: {إِلَّا امْرَأَتَكَ} يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ معناه: إِلَّا امْرَأَتَكَ فَلَا تَسْرِ بِهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِ: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ} أَيْ: فَإِنَّهَا سَتَلْتَفِتُ فَيُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالُوا لَهُ مُبَشِّرِينَ بِهَلَاكِ هَؤُلَاءِ الْبُغَاةِ الْعُتَاةِ الْمَلْعُونِينَ النُّظَرَاءِ وَالْأَشْبَاهِ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ اللَّهُ سَلَفًا لِكُلِّ خَائِنٍ مُرِيبٍ: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}. فَلَمَّا خَرَجَ لُوطٌ عليه السلام بِأَهْلِهِ، وَهُمُ ابْنَتَاهُ، وَلَمْ يَتْبَعْهُ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ... فَلَمَّا خَلَصُوا مِنْ بِلَادِهِمْ وَطَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَ عِنْدَ شُرُوقِهَا جَاءَهُمْ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا لَا يُرَدُّ، وَمِنَ الْبَأْسِ الشَّدِيدِ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُصَدَّ... قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}.
قَالُوا: اقْتَلَعَهُنَّ جِبْرِيلُ بِطَرَفِ جَنَاحِهِ مِنْ قَرَارِهِنَّ، وَكُنَّ سَبْعَ مُدُنٍ بِمَنْ فِيهِنَّ مِنَ الْأُمَمِ وَمَا مَعَهُمْ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، وَمَا يَتْبَعُ تِلْكَ الْمُدُنَ مِنَ الْأَرَاضِي وَالْأَمَاكِنِ وَالْمُعْتَمَلَاتِ، فَرَفَعَ الْجَمِيعَ حَتَّى بَلَغَ بِهِنَّ عَنَانَ السَّمَاءِ، حَتَّى سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ أَصْوَاتَ دِيَكَتِهِمْ وَنُبَاحَ كِلَابِهِمْ، ثُمَّ قَلَبَهَا عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا. قال تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}.
قصة قوم لوط عليه السلام
خطبة جمعة للشيخ #عبدالرزاق_الربيعي
《 الخطبة بصيغة PDF على تليجرام 》↙️
t.me/ap11a
#السيرة_ولأحداث #قصص_الأنبياء #قصص
*⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀*
الحمدُ لله الذي جعل في القَصصِ عبرةً لأولي الأبصار، وتبصرةً لذوي الألبابِ والاعتبار، أحمدُه حمدًا نبلغُ به دارَ المتقين الأخيار، وأشكرُه شكرًا جالبًا للزيادة من الخير باستمرار.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قَصَّ في القرآن أحسَن القَصص، وجعلَ فيها تثبيتًا للأفئدةِ وتسليةً من الغُصص.
وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله، أجملُ الناس صبرًا، وأحسنُهم لله شُكرا، وأعظمُهم أجرًا، وأرفعُهم قدرًا، وأشرفُهم ذِكرًا:
بلغ الكمالَ من الأنامِ محمدُ... العاقِبُ الهادي المُبَشِّرُ أحمدُ
صلى عليه اللهُ ما قال الذي... يدعو إلى الصلوات جهرًا أشهدُ
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ عز وجلَّ في السرِّ والعلنِ، والمحافظةِ على الصلواتِ الخمسِ في أوقاتِها، وحثِّ الأهلِ والأولادِ على ذلك، امتثالًا لقول الله سبحانه: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا، لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا، نَحْنُ نَرْزُقُكَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132].
أيها المسلمون: إن الله عز وجل بيَّنَ في كتابه الكريم أنَّ في قَصصِ الأنبياء عِبرًا وعظات، وتثبيتًا للأفئدة في النوازل المُلِمَّات، وتسليةً من المصائب المدلهِمَّات، قال تعالى في محكم الآيات: {وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} [سورة هود:120]، وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111].
ومن القصص التي تكرر ذكرها في القرآن الكريم، هي قصة قوم لوطٍ عليه السلام، وكان لوطٌ عليه السلام في زمن الخليل إبراهيمَ عليه السلام، بل هو ابن أخية، قال ابن كثير رحمه الله: "وَمِمَّا وَقَعَ فِي حَيَاةِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ مِنَ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ: قِصَّةُ قَوْمِ لُوطٍ عليه السلام، وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ النِّقْمَةِ الْعَمِيمَةِ... وَلُوطٌ ابْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ... وَكَانَ لُوطٌ قَدْ نَزَحَ عَنْ مَحَلَّةِ عَمِّهِ الْخَلِيلِ عليهما السلام بِأَمْرِهِ لَهُ وَإِذْنِهِ، فَنَزَلَ بِمَدِينَةِ سَدُومَ مِنْ أَرْضِ غَوْرِ زُغَرَ، وَكَانَ أُمَّ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ وَلَهَا أَرْضٌ وَمُعْمَلَاتٌ وَقُرًى مُضَافَةٌ إِلَيْهَا... وَلَهَا أَهْلٌ مِنْ أَفْجَرِ النَّاسِ وَأَكْفَرِهِمْ وَأَسْوَئِهِمْ طَوِيَّةً وَأَرْدَئِهِمْ سَرِيرَةً وَسِيرَةً، يَقْطَعُونَ السَّبِيلَ، وَيَأْتُونَ فِي نَادِيهِمُ الْمُنْكَرَ، وَلَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ، لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ، ابْتَدَعُوا فَاحِشَةً لَمْ يَسْبِقْهُمْ إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَهِيَ إِتْيَانُ الذُّكْرَانِ مِنَ الْعَالَمَيْنِ، وَتَرْكُ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنَ النِّسْوَانِ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، فَدَعَاهُمْ لُوطٌ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَهَاهُمْ عَنْ تَعَاطِي هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَالْفَوَاحِشِ الْمُنْكَرَاتِ، وَالْأَفَاعِيلِ الْمُسْتَقْبَحَاتِ، فَتَمَادَوْا عَلَى ضَلَالِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ، وَاسْتَمَرُّوا عَلَى فُجُورِهِمْ وَكُفْرَانِهِمْ، فَأَحَلَّ اللَّهُ بِهِمْ مِنَ الْبَأْسِ الَّذِي لَا يُرَدُّ، مَا لَمْ يَكُنْ فِي خَلَدِهِمْ وَحُسْبَانِهِمْ، وَجَعَلَهُمْ مَثُلَةً فِي الْعَالَمِينَ، وَعِبْرَةً يَتَّعِظُ بِهَا الْأَلِبَّاءُ مِنَ الْعَالِمِينَ؛ وَلِهَذَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى قِصَّتَهُمْ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ الْمُبِينِ، فَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ، وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ، فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} [الْأَعْرَافِ: 80 - 84]. بل أخبر تعالى أنهم قَالُوا للوط فِيمَا قَالُوا: {ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.
فَطَلَبُوا مِنْهُ وُقُوعَ مَا حَذَّرَهُمْ عَنْهُ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وَحُلُولِ الْبَأْسِ الْعَظِيمِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ دَعَا عَلَيْهِمْ نَبِيُّهُمُ الْكَرِيمُ، فَسَأَلَ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَإِلَهِ الْمُرْسَلِينَ أَنْ يَنْصُرَهُ عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ، فَغَارَ اللَّهُ لِغَيْرَتِهِ، وَغَضِبَ لِغَضْبَتِهِ،
يعلموا أنه بات صائما! هكذا كانوا يخفون أعمالهم؛ لأنهم يرجون الله والدار الآخرة فرفعهم الله ونشر الله ذكرهم الحسن.
ولهذا ذكر ابن الجوزي رحمه الله "أنه أجمع العارفون بالله أنه ما من عبد أبطن سريرة صالحة؛ أو سيئة إلا أظهرها الله عز وجل" ولهذا ترى بعض الخلق وبعض الناس تمجه القلوب وتكرهه القلوب وتكرهه الأسماء ربما؛ لأنه يعمل سيئات باطنة فأوقع الله في قلوب العباد الكره لهذا الشخص!
وكم من إنسان ربما يعمل عبادات طيبة وأعمال صالحة لا يعلم بها أحد من الناس فيظهرها الله وينشر الله له الذكر الحسن بسبب هذه العبادة.
أجمع العارفون بالله أن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات، وأن عبادات الخفاء هي أعظم أسباب الثبات.
أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد عباد الله:
عبادات الخفاء من أعظم أسباب الثبات على الطاعات حتى الممات، عبد الله ما أحوجنا جميعًا أن تكون لنا أعمال صالحة ولو كانت يسيرة، أعمال طيبة وصالحة، عبادات في السر لا يعلم بها أحد من البشر، فإذا وقعت في مصيبة أو في كارثة أو في زلة توسلت إلى الله عز وجل بهذا العمل الصالح، فينجيك الله عز وجل مما وقعت فيه؛ ولهذا كما سمعتم بالحديث "صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات".
عبد الله أنا أسأل نفسي وأسألك ثانياً إذا وقع الواحد منا في مصيبة أو في كارثة هل لك عمل صالح تستطيع أن تتوسل به إلى الله عز وجل، كلنا يعرف حديث الثلاث النفر الذين انطبق عليهم الغار وليس لهم منجي إلا الله فماذا فعلوا؟ توسلوا بصالح أعمالهم فنجاهم الله عز وجل، فأنا أسألك وأسأل نفسي هل لنا أعمال صالحة نتوسل بها إلى الله، قلب في صفحاتك، قلب في تأريخك فإن وجدت لك أعمال ترجو بها الله والدار الآخرة، ترجو أنك صدقت فيها، وأنك كنت فيها من المخلصين فأحمد الله أن وفقك وسله التثبيت، وإن لم تجد فراجع نفسك، فإن هذه العبادة من أعظم العبادات؛ ولهذا قال بعض السلف: "ما تلذذ المتلذذون بمثل عبادات الخفاء".
نعم عباد الله لأنهم يعملون هذه العبادة لله؛ فينزل الله عليهم الطمأنينة والسكينة والراحة والسرور؛ كل ذلك لأنهم تقربوا إلى الله.
وقال بعض السلف: "من عبد الله في الخفاء أصلح الله قلبه شاء أم أبى".
أسمعت يا عبد الله من عبد الله في الخفاء أصلح الله قلبه شاء أم أبى نعم عبد الله، فإذا عبدت الله في مكان لا يراك في أحد إلا الله عز وجل فإن الله يصلح قلبك ويصلح سريرتك ويصلح علانيتك.
نعم عباد الله اسمعوا إلى خبر زين العابدين الحسن بن علي رضي الله عنه ورحمه، كان رحمه الله إذا أظلم الليل أخذ على ظهره الدقيق وذهب إلى بيوت الفقراء والمساكين، ووضع الدقيق على بيوتهم، ثم يذهب فإذا قاموا لصلاة الفجر وجدوا الدقيق ووجدوا الطعام على أبواب بيوتهم، ولا يدرون من أين جاءهم هذا الخير، فلما مات هذا الرجل إذا بالمغسل يجد على ظهره أثر التحميل فاستغربوا من شانه كيف على ظهره أثر التحميل وهو لم يشتغل حمالًا رحمه الله، فبعد ذلك فقد أهل المدينة الطعام والدقيق من بيوتهم؛ فعلموا أن الذي كان يأتيهم به هو هذا الرجل زين العابدين في ظلام الليل، وحاله {لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إنما نطعمكم لوجه الله}. أسمعت يا عبد الله كيف كانوا يحبون عبادات الخفاء.
نعم عباد الله الأصل في العبادات الظاهرة أن تكون ظاهرة ومع المسلمين كصلاة الجماعة وكالصيام وكالحج وكالأمر بالمعروف وكالنهي عن المنكر وكالجهاد في سبيل الله وغير ذلك من الأعمال؛ ولكن ليكن للإنسان نصيب من الأعمال الباطنة؛ ومن الخلوة بالله عز وجل؛ ومن المناجاة لله عز وجل من دعاء بالأسحار؛ أو استغفار بالأسحار؛ أو تصدق على أيتام صغار أو غير ذلك من الأعمال الصالحة؛ يرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: "من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل".
نعم عبد الله فإن هذا الخبء قد يكون عملاً يسيراً لكنه عند الله عظيم . نعم عباد الله فقد جاء في الحديث "أن رجلاً دخل الجنة بسبب أنه أزال شوكة عن طريق الناس" نعم عبد الله لأنه أزال هذه الشوكة وهو يرجو الله ولا يرجو المدح ولا الثناء فعظم هذا العمل عند الله عز وجل فغفر الله له وأدخله الجنة.
اللهم عز الإسلام والمسلمين، وانصر الإسلام والمسلمين، ودمر أعداءك أعداء الدين، اللهم عليك باليهود والنصارى المعتدين، اللهم احفظ المسلمين في السودان، اللهم احقن دماء الأبرياء والضعفاء والنساء والمساكين، اللهم انصرهم على الباغي عليهم، اللهم انصرهم على الباغي عليهم يا رب العالمين، اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
•••❀════⟲❁❁⟳════❀•••
❄ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا❄
🔹الخطــ زاد ــباء الدعوية⤵
*💥عبادات الخفاء من أعظم أسباب الثبات*
*🔈 خطبة الجمعة من مسجد الإعتصام بحي الربصة الحديدة اليمن*
*🔸خطبة جمعة قيمة جدًا*
*🎙للشيخ الفاضل / أبي المنهال فايز بن محمد المغلسي_حفظه الله تعالى*
🗓️بتأريخ 9 جمادى الأولى 1447ه
《 الخطبة بصيغة PDF على تليجرام 》↙️
t.me/ap11a
•••❀════⟲❁❁⟳════❀•••
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده رب لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، وخليله وصفيه، تركنا على المحجة ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً متكاثراً متتابعاً إلى يوم الدين.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [سورة آل عمران:١٠٢]*
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [سورة النساء :١]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١]
أما بعد: فإن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون عباد الله، أجمع العارفون بالله، أن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات، وأن عبادات الخفاء هي أعظم أسباب الثبات، وبفضل الله وتوفيقه قد سبق الكلام في جمعة ماضية عن الكلام عن ذنوب الخلوات، وفي هذا اليوم بعون الله وتوفيقه يكون الكلام عن عبادة الخفاء.
أيها المسلمون عباد الله، عبادة السر والخفاء عبادة عظيمة رغب فيها سيد الأنام، ورتب عليها عظيم الأجر والإكرام، وأمر بها في كل زمان ومكان، فقال عليه الصلاة والسلام: "من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل" أخرجه الخطيب في التاريخ وحسنه الألباني. "من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل" هكذا يرشدنا صلى الله عليه وسلم إلى أن يكون لنا خبايا من عمل صالح؛ لا يعلم بها أحد من الناس.
وقال صلى الله عليه وسلم حيث أخبر أن عبادة الخفاء تطفئ غضب الرب فقال عليه الصلاة والسلام: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء؛ وصدقة السر تطفئ غضب الرب؛ وصلة الرحم تزيد في العمر". رواه الطبراني وحسنه الألباني. أسمعت عبد الله أن صدقة السر وهي من الأعمال الخفية؛ تطفئ غضب الرب عز وجل.
وأخبرنا صلى الله عليه وسلم أن عبادة الخفاء من أعظم الأعمال الصالحات، وهي المنجية من الكربات كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله" وذكر منهم "ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله؛ ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه". أسمعت عبد الله! أن هؤلاء القوم يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ في يوم الفزع الأكبر؛ في يوم يحشر الناس فيه حفاة عراة غرلا ينظر بعضهم إلى عورة بعض، يوم يشتد الكرب بالناس، وهؤلاء القوم في ظل عرش الرحمن؛ لأنهم أخلصوا في أعمالهم، وما أرادوا بها إلا وجه الله عز وجل.
فتأمل إلى حال هذا الرجل الذي دعته هذه المرأة إلى الزنا والخناء وهي ذات منصب وجمال، فهو لا يخاف من العار ولا من الفضيحة بسبب منصبها، وهي أيضاً محبوبة مألوفة؛ لأنها متصفة بالجمال؛ ولكن هذا الشاب تركها لله ومن أجل الله وخوفاً من الله؛ ومن عقاب الله؛ فهو في يوم القيامة في ظل عرش الرحمن؛ وذكر الثاني وهو أنه تصدق بصدقه فأخفاها وبالغ في إخفائها؛ حتى أنه من شدة إخفائها لا تعلم الشمال ما تنفق اليمين، فهو لا يحب الشهرة، ولا يحب التوثيق، ولا يحب التصوير، ولا يحب المدح والثناء وإنما حاله كما قال الله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}.
وذكر الآخر ورجل ذكر الله خالياً؛ ذكر الله وما لله عليه من النعم؛ وما لله عليه من العطايا والهبات والستر والعافية، وما لله عليه من نعمة الإسلام والتوحيد والإيمان والسنة والاتباع لرسول الله عليه الصلاة والسلام ففاضت عيناه حبًا وشوقًا إلى الله وخوفاً من عذاب الله وعقاب الله عز وجل.
كذلك أيضا: جاء النهي عن سب الريح، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في جامعه، بسند صححه العلامة الألباني الله تعالى، من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا تسبوا الريح، فإذا رأيتموها فقولوا: اللهم إنا نسألك من خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شرها، وشر ما فيها،، وشر ما أمرت به» هذا هو التعليم والتوجيه من الرسول عليه الصلاة والسلام، وجاء هذا الحديث عن أبي هريرة، عند أحمد، وابن ماجه، بلفظ يقاربه، وفيه «فإنها مأمورة» أي هي مأمورة من قبل الله، فلا تُسب، ولا تُلعن، وهذا يحصل من بعض الناس، إذا هبت الريح، وتطايرت الأتربة، والغبار، ربما لعن الريح، فالرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن سب الريح.
كذلك أيضا: جاء النهي في الشريعة المطهرة، عن سب الديك، فقد أخرج الإمام أحمد، وأبو داوود، بسند صحح العلامة الألباني رحمه الله تعالى، من حديث زيد ابن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة» انظروا إلى هذا النهي عن سب الديك، بعض الناس قد يكون نائما، فإذا صاح الديك ربما قام مغضبا من النوم فلعنه، فالرسول عليه الصلاة والسلام ينهى عن لعن الديك؛ لأنه يوقظ للصلاة، ما بالك بلعن الدعاة إلى الله، والعلماء، والصالحين، والأخيار، والأبرار، كيف سيكون النهي عن ذلك? سيكون أشد وأشد، كما ستسمعون بإذن الله في ثنايا هذه الخطبة.
كذلك أيضا: جاء النهي عن سب الأموات، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه، من حديث عائشة رضي الله عنها، أن الرسول عليه الصلاة والسلام: «قال لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا» بعض الناس يتجاوز إذا غضب من فلان، لعنه، ولعن أباه، وجده، إلى سابع جد كما يقال، هذا تجاوز، ما ذنب هؤلاء الذين قد صاروا في قبورهم، فالإنسان يتقي الله، ويراقب الله، ويقف عند حدود الله.
أستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.
*الخطبة الثانية*
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أما بعد:
سمعتم جملة من الأحاديث في التحذير من السب، واللعن، وهكذا النهي عن سب أشياء معينة.
ألا وإن من أعظم أنواع السب، وأقبحها، سب المسلم، أخرج الإمام البخاري ومسلم، من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» انظروا إلى هذا الحديث النبوي، ولهذا قال العلماء رحمهم الله تعالى: "السب واللعن، من كبائر الذنوب، وقبائح الآثام.
كذلك أيضا: أخرج الإمام أحمد، وغيره، بأسانيد حسنة، من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لعن المؤمن كقتله» انظروا إلى هذا الحديث العظيم، لمَ كان لعن المؤمن كقتله?؛ لأن اللعن الطرد والإبعاد من رحمة الله، فعندما تلعن مسلما، يشهد أن لا آله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، كأنك تدعو عليه بالطرد والإبعاد، من رحمة الله، فتقول له طردك الله من رحمته، وأنت هنا بين حالتين، إما أن تكون على جهة الإخبار بأن الله طرده، وهذا تخرص، فأنت لا تعلم الغيب، ولا تعلم أن الله لعن فلانا وطرده من رحمته، قد يغفر الله له، قد يتوب الله عليه، حتى لو كان عاصيا، قد يتوب، تحسن حاله، قد يختم له بخير، لا أحد يعلم ذلك، فهذا الأمر الأول، الأمر الثاني، الدعاء عليه باللعن، والطرد، والإبعاد، من رحمة الله، وهذا تجاوز في الدعاء، ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعل هذا.
كذلك أيضا: من عقوبات اللعن، أنه ليس من أفعال أهل الإيمان، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء» فليست من أخلاق المسلم، أن يكون سبابا، لعانا، وهكذا ليست بأخلاق الصديقين، وليست من أخلاق الصالحين، أن يكونوا من أهل اللعن، أخرج الإمام مسلم، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا».
كذلك أيضا: من عقوبات، وأضرار وأخطار، اللعن، أن اللاعن قد يُلعن بسبب اللعنة التي لعنها لمن لا يستحقها، أخرج الإمام أبو داوود بسند حسن، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، فترجع إلى الأرض، فتغلق أبواب الأرض دونها، فتذهب يمينا وشمالا، فإن لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لُعن، فإن لم يكن لها بأهل، رجعت على قائلها» انظروا يا معشر المسلمين إلى قبح اللعنة، هذا كلام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، يكفينا هذا الحديث، لو تأملنا فيه كفانا والله زاجرا، ورادعا، عن أن نقع في السب واللعن، اللعنة تصعد إلى السماء، تغلق أبواب السماء دونها، لماذا? ؛لأنها ليست بطيبة، الله لا يرفع إليه إلا الشيء الطيب، فهذه الكلمة القبيحة لا تقبل، فتعد إلى الأرض فتغلق أبواب الأرض دونها، فتأخذ يمينا
كذلك إذا أردنا أن يكون المستقبل القريب للإسلام فتحتاج إلى أن تربي الأجيال على الإسلام، لا على التبعية لليهود والنصارى، لا على الأفلام الإجرامية، ولا على المسلسلات الجهنمية، ولا على ولا على.. وإنما يربون على التمسك بهدي سيد الأنام.
هذه مهمة المسلمين الرجال والنساء، الحاكم والمحكوم، يكفي التذبذب بعد أعداء الإسلام، يكفي التضحية بأبناء المسلمين والمغامرة بهم أن يدرسوا على أيدي الكفار، وأن يتلقوا ما يأتي به الكفار، فصار الكثير من أبناء المسلمين يعرف من دين الكفار ما لا يعرف من دين الإسلام فحاجتنا الكبيرة إلى أننا نحرص على إنشاء الجيل القادم أن يكون جيلًا يعبد الله، جيلاً يوحد الله جيلاً يعرف الله حق المعرفة، جيلاً يحتكم إلى شرائع الله ويقوم بدين الله وباتباع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، إن حصل هذا منا فأبشروا أن المستقبل القريب للإسلام والمسلمين وإن تأخرنا فسيأتي الله غيرنا بمن يقيم الله على أيديهم دينه، قال الله: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد].
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا عدوا إلا قصمته.
اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم أعداءك أعداء الدين، اللهم مكن عبادك المؤمنين من أكتافهم، اللهم انصر عبادك المجاهدين في سبيلك في كل مكان يا قوي يا عزيز.
اللهم أدم على أهل هذا البلد أمنهم واستقرارهم وأخوتهم في الدين وتعاونهم على البر والتقوى اللهم اجمع كلمتهم على الحق المبين، على التمسك بالدين في هذا البلد وفي سائر بلاد المسلمين.
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
❄ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا❄
🔹الخطــ زاد ــباء الدعوية⤵
التلـــــــــــيجـــــــــــرام↙️
t.me/ap11a
༼༽༼ قنــاة الخطــ زاد ــباء الدعوية༽༼༽ في واتساب: https://whatsapp.com/channel/0029Vb6n46r9hXFFayPSFQ1o
فيسبــــــــــــــــــــــوك↙️
https://www.facebook.com/groups/652912765064080
••أســـــــــأل الله أن ينفع بها الجميع ••
🚫لاَ.يــَـسْمَحُ.بتعــــــديل.المنشَhttp://xn--wgb3aya.tt/🚫
ِ🔖√ منْ آحٍـبْ آلُآ يَنْقَطًع عملُہ بْعدِ مۆتٌہ فَلُيَنْشُر آلُعلُم√📚[آبْنْ آلُجٍۆڒٍيَ].
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
الخلافة الراشدة، وهذا كله من إظهار الله دينه، وهذا هو الإظهار الثاني، ومن نصر الله دينه، ومن تمكينه واستخلافه في الأرض عباده الصالحين، ولا يزال التمكين للإسلام ما بين حين وآخر يحصل ويظهر.
وجاء من حديث تميم الداري رضي الله عنه عند الإمام أحمد وغيره، وقد جاء عن أبي ثعلبة الخشني أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: اليبلغن هذا الأمر - يعني الإسلام - ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا دخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر».
هذا وعد الله، وانظروا إلى هذا العصر الذي ضعف فيه المسلمون - إلا من رحمه الله - وانهزموا أمام الأعداء، وتسلط عليهم الأعداء، لكن الإسلام لم ينهزم والإسلام لم يتراجع إلى القهقرى والإسلام لم يضعف، فالإسلام ينتشر في بلاد الكفار، في أرجاء المعمورة، والله عزوجل ناصر دينه بمن شاء و حافظ دينه بمن شاء، وممكن لدينه على يد من شاء سبحانه وتعالى.
فالمسلمون الذين دخلوا في الإسلام في هذا القرن وفي هذا العصر عشرات الملايين إن لم يكونوا أكثر من ذلك بدون معارك قتالية، وإنما الله عزوجل يأتي بالعباد إلى دينه وإلى شرعه، ويدخل من شاء من الخلق والعباد في دينه وفي شرعه، ولله الحمد والمنة!
وما دام الإسلام ينتشر في وقت ضعف المسلمين، فكيف لا ينتشر عند التمكين له أكثر وأعظم وأوسع وأعم وأنفع وأقوى وأدوم، وهذا عند تمسك المسلمين بدينهم ورجوعهم إلى التمسك به وإلى نصرة دين الله سبحانه وتعالى، قال الله: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء].
قال أكثر المفسرين رحمهم الله تعالى: هذه الآية فيها بشارة للمسلمين أن الله سيمكن لهم في الأرض حتى يكونوا هم الخلفاء في الأرض.
وقال الله: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِالله شهيدًا} [الفتح] ، أي: حافظاً ومراقبا وناصرا ومؤيدا.
فعندما نتكلم ونتحدث عن نصرة الإسلام والتمكين للمسلمين في الأرض إنما نتحدث بالوحي المنزل من عند الله الذي أخبر الله فيه بما أخبر، وهو الذي سيسهل الأسباب حتى يقوم ذلك.
قال الإمام الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الصحيحة" بعد أن ذكر هذه الآية مستدلا بها على أن المستقبل للإسلام والمسلمين: تبشرنا هذه الآية الكريمة بأن المستقبل للإسلام بسيطرته وظهوره وحكمه على الأديان كلها.
ومما يدلنا دلالة قاطعة على أن المستقبل للإسلام أن القرآن الكريم حاكم على جميع الكتب وعلى جميع الأقوال، فهو الحق الباقي، والهدى النافع والعلم والحجة الساطعة، وهكذا السنة النبوية، والحمد الله، فهذا مما يمكن بهما للإسلام، فالمسلمون عندهم ما يمكنون به في الأرض، وما ينشرون به الإسلام في الأرض، وما يعزهم الله به في الأرض، وما يجعل لهم به القوة في الأرض والسيادة والقيادة على العالم في الأرض، عندهم كل هذا، لكن هنالك من دب فيهم الضعف الذي أضر بهم، وهذا الضعف لن يدوم، بل سيزول بإذن الله، ويقيض الله ويغرس الله لدينه من العباد من يشاء، كما جاء من حديث أبي عنبة الخولاني عند الإمام أحمد وغيره أن الرسول عليه الصلاة و السلام قال: "لا يزال الله عزوجل يغرس في هذا الدين بغرس يستعملهم في طاعته" الله يقيض لدينه من يشاء من العباد، فيا ليتنا نختار لأنفسنا أن نكون ممن قيضهم الله لحمل الإسلام وسنة سيد الأنام.
فما حصل ما حصل من قبل كثير من المسلمين من التنحي عن التمسك بالإسلام إلا بسبب الإقبال والانكباب على الدنيا، ألا نرضى لأنفسنا أن نكون ممن يحفظ الله بهم دينه، ويحرس بهم شرائعه، ويقيم بهم ملته وملة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما أحوج المسلمين إلى أن يكونوا على ثقة بنصر الله، وعلى رجاء عظيم في إقامة دين الله .
ومما يدل على هذا أن الله قال: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَينَ النَّاسِ} [آل عمران} ، نزلت هذه الآية في غزوة أحد قال المفسرون: «أدال الله المسلمين على الكافرين في غزوة بدر»، فالمسلمون قتلوا سبعين من كفار قريش، وأسروا سبعين منهم.
وفي أحد حصلت الإدانة للمشركين على المسلمين فقتل المشركون من المسلمين سبعين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فبين الله أنه المتصرف في العباد وفي الأيام وفي الأحوال كيف شاء وبما شاء ومتى شاء.
وبعد ما جرى على المسلمين ما جرى في أحد مكن الله لهم، فقد تحزبت الأحزاب على الرسول والصحابة في غزوة الأحزاب، وجاءوا إلى المدينة وأرادوا القضاء على الرسول والصحابة في عقر دارهم حتى لا يبقى إسلام ولا يبقى مسلمون، قال الله: {وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خيراً} [الأحزاب] فرجعوا خائبين ولم يصنعوا شيئًا، قال الرسول: "الآن نغزوهم ولا يغزونا" واستمر النصر من الله لعباده وأوليائه ودينه في عهد الرسول وفي الخلافة الراشدة إلى أن نصر الله دينه بما نصره كما تعلمون.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
❄ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا❄
🔹الخطــ زاد ــباء الدعوية⤵
التلـــــــــــيجـــــــــــرام↙️
t.me/ap11a
༼༽༼ قنــاة الخطــ زاد ــباء الدعوية༽༼༽ في واتساب: https://whatsapp.com/channel/0029Vb6n46r9hXFFayPSFQ1o
فيسبــــــــــــــــــــــوك↙️
https://www.facebook.com/groups/652912765064080
••أســـــــــأل الله أن ينفع بها الجميع ••
🚫لاَ.يــَـسْمَحُ.بتعــــــديل.المنشَhttp://xn--wgb3aya.tt/🚫
ِ🔖√ منْ آحٍـبْ آلُآ يَنْقَطًع عملُہ بْعدِ مۆتٌہ فَلُيَنْشُر آلُعلُم√📚[آبْنْ آلُجٍۆڒٍيَ].
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
خطبة مكتوبة بعنوان
طالب العلم والوقت
الشيخ - صالح السندي
*⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀*
الخطبة الأولى :
إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أما بعد : فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد: فيقول الله: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) . [سورة العصر:1-3]
لقد أقسم –سبحانه- بالعصر الذي هو الزمان؛ لانطوائه على تعاجيب الأمور القارة والمارة، ولذا قيل له "أبو العجب"، ولأن العمر لا يُقَوَّم بشيء نفاسة وغلاء، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ"، فالمستفيد من نعمة الوقت قلة، والأكثرون مفرطون مغبونون. قال ابن عقيل الحنبلي -رحمه الله-: "أجلُّ تحصيل عند العقلاء بإجماع العلماء هو الوقت، فهو غنيمة تُنْتهز فيها الفرص، فالتكاليف كثيرة والأوقات خاطفة" انتهى كلامه -رحمه الله-.
فهنيئا لمن فهم معنى الوجود، فاشتغل في تعبئة الزاد والتهيؤ للرحيل، إنه لا يعرف شرف العمر وقدر الأوقات إلا من وفقه الله وألهمه اغتنامها فيما يحب، فإنه ليس لك من عمرك -يا عبد الله- إلا ما كان منه بالله ولله، وإذا كان هذا شرفَ الوقت فإن الواجب انتهابه في فعل الخير. وإن الاجتهاد في تحصيل العلم والعمل خير ما تُفنى به ساعات العمر.
إن التشاغل بالدفاتر والمحابر والكتابة والدراسة ، أصلُ التَّعبد والتزهد والرئاسة والكياسة .
إنَّ العلمَ غِذَاءُ النفوس، ولا حياة بلا غذاء، ولا غذاء بدون محافظة على الزمن .
فيا طالب العلم اعلم أن الشُحَّ بالوقت عَلامَةُ الرُشدِ، فكن شحيحًا بوقتك فإنه حياتك ورأس مالك.
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثوان
فبادر الأوقات واغتنم الدقائق واللحظات، وحاسب نفسك عليها محاسبة الشريك الشحيح .
لما شحَّ عامر بن عبد القيس بوقته أجاب رجلاً قال له كلمني بقوله: "أمسك الشمس"، ولما شَحَّ الخليل بن أحمد بوقته قال: "أثقل الساعات عليَّ ساعة آكل فيها"، ولما شَحَّ ابن عقيل بوقته اختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز؛ لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ، وآخر كان يستف الفتيت ويقول: "بين سف الفتيت وأكل الخبر قراءة خمسين آية".
يا طالب العلم :
إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما، حياتك أنفاسٌ تُعد ، فكلما مضى نفَس منها انتقصتَ به جزء، فلا تُضع دقيقة من حياتك في غير إفادة أو استفادة، نظف وقتك عن الاشتغال برعونات الطباع التي تنقطع بها أوقات الرَعَاع ، واعلم أن ما مضى من الوقت لا يتجدد ولا يعود، فإذا انصرمت في أوقاتك سُدَى عَظُمَ فَواتُك واشتدت حسراتك، ولا ينفعك حينها الندم.
ولستُ بمدركٍ ما فات مني *** بِلَهْفى ولا ب(ليت) ولا (لو انّي)
يا طالب العلم: اغتنم التحصيل وقت الفراغ والنشاط، وحال الشباب وقوة البدن وقلة الشواغل، فالوقت في الكبر أضيق، والصحة فيه أقل، والشواغل فيه أكثر.
أترجو أن تكونَ وأنت شيخ *** كَمَا قد كُنتَ أيامَ الشبابِ
لَقد كَذَبَتكَ نَفسُكَ لَيسَ ثوبٌ *** دنيسٌ كالجديدِ مِنَ الثِيابِ
فخذ من نفسك لنفسك، ومن شبيبتك لهرمك، ومن حياتك لموتك.
وحصِّلَ العِلمَ وزِنهُ بِالتُقَى *** وسائِرِ الأوقاتَ فِيهِ استغرقِ
وَلِيَكُ قَلبُكَ لَهُ أفرغُ من *** حجَّامِساباط ومن لم يعشق
فالعلمُ في الدنيا، وفي الأخرى له *** فضلٌ فَبَشِّر حِزبَهُ شَرَّ الوقِي
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.
يا أيها الناس: إن الله سبحانه وتعالى، لما حرم هذه الفاحشة حرم أسبابها.
ومن أسبابها الذي يحرص عليه أعداء الإسلام ان يجعلوا اختلاطًا بين الرجال والنساء في جميع المجالات، ويدعون إلى ذلك، ويلحون على حكام المسلمين، أن يجعلوا المرأة مشاركة في كل شيء، حتى في السلطة، وحتى في الحكومة، وهكذا أيضًا في التجنيد، وفي العسكرة.
وهكذا أيضًا عباد الله: يجعلونها تشارك في جميع المجالات، ويحرصون على الاختلاط، لا يريدون أن تكون النساء على حدة، والرجال على حدة، بل هذا يعيبونه، يَعيبونه أشد العيب، بل عندهم حرية المرأة أن تختلط بالرجال وأن تكشف عن وجهها، وأن تُسفر عن مفاتنها، وتظهر جمالها، وتتزين أمام الرجال، لا حول ولا قوة إلا بالله.
فلنكن حذرين ممن مخططات أعداء الإسلام، يدعون المرأة إلى أن تختلط بالرجال، وعندهم أن المرأة التي تختلط وتظهر وجهها، وتظهر مفاتنها، وتتبرج هذه هي المرأة الحُرة، هذه هي المرأة الحرة، وهذه هي المرأة التي هي عاقلة كما يقولون، ويضحكون على كثير من النساء، ويشجعون النساء التي تكشف عن نفسها والتي تتخذ لها صاحبًا تجلس معه يشجعونها بالأموال، ويعدونها بالأموال والوظائف، وما أكثر ما يحصل ذلك عن طريق المنظمات الكافرة، والمنظمات التنصيرية، التي يشجعون النساء على ذلك.
فلنكن حذرين من مخططات أعداء الإسلام في إيقاع المسلمين بهذه الفاحشة التي حرمها الله جل وعلا على العباد.
علينا أن نكون حذرين، وعلينا أن نحذر على أنفسنا، فإن اختلاط الرجال والنساء والمحادثات والمضاحكات، من أعظم أسباب ذلك.
فكم من رجل توظف مع امرأة، إذا به في أول امره سلام، ثم بعد ذلك كلام، ثم ابتسام، ثم مواعيد، ثم التقاءات في الفنادق والبيوت، ووقوع في الفاحشة التي حرمها الله جل وعلا.
والنظر بريد للزنا، النظر بعد ذلك يجر إلى الزنا.
فلنكن حذرين من ذلك، ويجب على المرأة أن تكون عفيفة، وأن تكون بعيدة عن مخالطة الرجال، وعن التحدث مع الرجال إلا لحاجة.
﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى﴾.
إذا كان الله يأمر نساء نبيه أن يقرن في بيوتهن، وأن يلازمن البيوت، فان هذه تربية للمحافظة على نساء نبينا عليه الصلاة والسلام، وهي محافظة على نساء الأمة جميعًا.
فعلى المرأة إلا أن تلازم بيتها، وأن لا تخرج إلا لحاجة، وإذا خرجت فلتكن متجلببة لا يرى منها شيء، ولتغطي أيضًا وجهها ويديها، وإذا احتاجت إلى كشف البصر، فشيء يسير لا يظهر منه محاجر العين، ولا تجمل وجهها، ولا تتجمل بالجلباب، فالجلباب ستر، وليس زينة.
الجلباب ستر للنساء، وليس زينة للنساء، فكم من امرأة تتزين بالجلابيب المزخرفة، وتزين وجهها ويديها، وتتعطر عند الخروج.
روى الإمام أحمد وأبو داود عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بِقَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا، فَهِيَ زَانِيَةٌ ".
إذا تعطرت لتفتن الناس، ليجد الناس ريحها فهي زانية، فلا يجوز للمرأة أن تتعطر، إذا خرجت إلى المساجد، وخرجت إلى الأسواق، حتى لا يجد المسلمون ريحها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه وجاء بنحوه عن زينب الثقيفية رضي الله عنها: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ".
فيا معشر المسلمين هذا حفاظ على أعراض المسلمين، هذا حفاظ على سمعة المسلمين، هذا حفاظ على أنساب المسلمين، هذا حفاظ من ربنا جل وعلا.
فلنكن محافظين.
على المرأة أن تحرص على نفسها، ولا تتزين عند الخروج، انظروا كيف وصف الله نساء الجنة، ﴿حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾.
فالمرأة في الجنة، لا تخرج من خيمتها وبيتها، مدح الله نساء الجنة بذلك، وهكذا مدحهن الله بأنهن قاصرات الطرف، لا ينظرن إلى غير أزواجهن.
﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ﴾.
فلتكن المرأة على ذلك، ولتبتعد عن الخروج إلا لحاجة، وإذا خرجت فلا تتعطر ولا تتزين، لا يجوز لها أن تفتن المسلمين.
روى الترمذي عن ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ ".
ومن حفاظ الشرع على المسلمين من الوقوع في الزنا، أمر الشرع بتخفيف المهور.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "خيرُ الصداق أيسرُه".
ويجعل الله البركة، يجب على المسلمين ألا يؤخروا البنات عن الزواج فإن ذلك يوقعهن فيما حرم الله، يجب على المسلمين ألا يؤخروا شبابهم، وهم قادرون على تزويجهم، وألا يؤخروا بناتهم حتى يجدوا المال الكثير، إذا وجدت الرجل الكفؤ المسلم المصلي الذي يحافظ على دينه، فزوجه والبركة من الله.
قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنه: " مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ ".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ".
رواه الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه.
فالنبي صلى الله عليه وسلم حذر من الزنا، ومن أسباب الزنا فهي فاحشة عظيمة.
والله سبحانه وتعالى نفى الإيمان عمن يقع في هذه الفاحشة، فلا يفعل هذه الفاحشة، مؤمن يؤمن بالله ويخاف الله. روى البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ".
هذه كبائر، ليست من أفعال المؤمنين، هذه كبائر توجب على صاحبها الفسوق، وأن يكون من الفساق عياذًا بالله.
فعلى المسلم أن يحذر على نفسه من ذلك، ولذلك فإن الله جل وعلا حذر عباده المؤمنين من ذلك، فقال الله سبحانه: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا﴾.
فالله سبحانه حذر المؤمنين أن يقربوه، وتأمل قول الله ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾. مجرد القرب منه، ومن أسبابه، ابتعد عنه غاية البعد، فهو من عظائم الذنوب، التي تُسخط الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى حذر من ذلك تحذيرًا عظيمًا، الله سبحانه سماها فاحشة.
قال الله سبحانه: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾.
ومن أعظم الفواحش فاحشة الزنا، وفاحشة اللواط،. فالله حذر من ذلك أشد التحذير، ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا﴾.
ومن عِظم هذا الذنب، جعل الله له حدًا في الإسلام، من وقع في هذه الجريمة يقام عليه الحد، فإن كان بكرًا لم يتزوج من قبل، فإنه يجلد مائة جلدة بين المسلمين، وفي حضور طائفة من المؤمنين، نكالًا وزجرًا وردعًا من هذه الجريمة، التي تفسد أخلاق المسلمين وتفسد أنسابهم، وتفسد نساءهم، وتفسد أعراضهم وسمعتهم.
إنها لفاحشة عظيمة، ولذلك قال الله سبحانه: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
وأما الثيب الذي قد تزوج من قبل زواجًا صحيحًا، ودخل على امرأته، دخولًا صحيحًا، فإنه يُرجم بالحجارة حتى يموت.
انظروا إلى حفاظ الشرع على المسلمين، انظروا إلى حفاظ الشرع على سمعة المسلمين، وعلى أخلاق المسلمين.
إن كان قد تزوج ودخل على امرأة دخولًا صحيحًا، فإنه يُرجم بالحجارة حتى يموت، كما روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبادة الصامت رضي الله تعالى عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ؛ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، جَلْدُ مِائَةٍ، وَالرَّجْمُ".
يرجم بالحجارة حتى يموت.
وروى الإمام البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، في رجل وقع على امرأة على عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وكان الرجل بكرًا والمرأة ثيبًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يُجلد ويغرب سنة، وقال في المرأة يا أنيس اغد إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها.
رجم النبي صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك رضي الله عنه، وقد تاب توبة نصوحًا، بعد أن وقع في الزنا، ولكن أقام عليه حد الله، ورجم امرأة أيضًا، وقعت في الزنا فأمر برجمها صلى الله عليه وسلم والحدود طهارة لأهلها، الحدود طهارة فمن أُقيم عليه الحد طُهر من ذنبه.
فيا عباد الله: فاحشة عظيمة، ولذلك فإن الله عز وجل يحذر منها تحذيرًا بليغًا.
وقد قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا، وَعَقَلْنَاهَا- كان آية فنسخت نسخ لفظها وبقي حكمها- قال عمر: فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ.
التلـــــــــــيجـــــــــــرام↙️
t.me/ap11a
༼༽༼ قنــاة الخطــ زاد ــباء الدعوية༽༼༽ في واتساب: https://whatsapp.com/channel/0029Vb6n46r9hXFFayPSFQ1o
فيسبــــــــــــــــــــــوك↙️
https://www.facebook.com/groups/652912765064080
••أســـــــــأل الله أن ينفع بها الجميع ••
🚫لاَ.يــَـسْمَحُ.بتعــــــديل.المنشَhttp://xn--wgb3aya.tt/🚫
ِ🔖√ منْ آحٍـبْ آلُآ يَنْقَطًع عملُہ بْعدِ مۆتٌہ فَلُيَنْشُر آلُعلُم√📚[آبْنْ آلُجٍۆڒٍيَ].
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
فمعلمُو الناس الخير أجورهم عظيمة، لأنهم أخذوا تركة الأنبياء، وريثة الأنبياء، ورثوا عن الأنبياء العلم.
قال النبي عليه الصلاة والسلام: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ.
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ؛ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ. وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ ؛ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ.
رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فمن خير الأعمال، علم نافع تنتفع به أنت أيها المسلم، فتعمل بعلمك، فعلم لا يعمل به صاحبه وبال عليه.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ".
"أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ".
فعليك بعلم نافع، تنتفع به في نفسك، تعمل به، وتعلم الناس.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ".
فالعلوم النافعة أجورها عظيمة عباد الله، انظروا إلى علم الصحابة إلى يومنا هذا، ونحن نستفيد من علوم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، من علم أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة، وهكذا أبو هريرة رضي الله تعالى عنه، روى علوماً نافعة، وروى أحاديث كثيرة عن النبي عليه والسلام، فانتفعت الأمة من علوم هؤلاء الصحابة، ومن علم أبي هريرة رضي الله عنه، ولا يزال الناس يتربون عنهم إلى قيام الساعة، وهم يترضون عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما مات من خلف علماً نافعاً، ما مات من خلف علماً نافعاً، انظروا إلى علوم الإمام الشافعي رحمه الله، وإلى علوم الإمام مالك، والإمام أحمد بن حنبل، والإمام الأوزاعي وغيرهم من العلماء، والأئمة نفع الله بعلومهم، ولا يزال المسلمون ينتفعون من علومهم إلى هذا اليوم، وإلى أن تقوم الساعة، جعل الله لهم لسان صدق في الآخِرين، انظروا إلى صحيح البخاري، وصحيح مسلم أصح الكتب المصنفة، أصح الأحاديث، انظروا كيف نفع الله بهذين الكتابين، وجعل الله له القبول في الأمة، جعل الله لهما القبول، فانتفع المسلمون من هذين الصحيحين، ومن هذين الكتابين العظيمين إلى أن تقوم الساعة، فهذه أمور عظيمة، يجعل الله لأصحابها القبول، إذ كانت محفوفة بالإخلاص والمتابعة لهدي نبينا عليه الصلاة والسلام، والحمد لله رب العالمين.
🗯️🗯️ *إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث*
🗯️🗯️
🗯️الخطبة الثانية🗯️
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
عباد الله: ثم في هذا الحديث المبارك، ذكر النبي عليه الصلاة والسلام الأمر الثالث.
إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
فيا أيها المسلم احرص على أبنائك وبناتك، أيها المسلم احرص على أولادك، فليكونوا على الصلاح، رَبِّهم على الصلاح، ربهم على كتاب الله، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى المحافظة على أركان الإسلام، على المحافظة على إقام الصلاة، ربهم على المحافظة على إقام الصلاة، على ملازمة بيوت الله جل وعلا.
أحبُ البلاد إلى الله مساجدها وأبغضُ البلاد إلى الله أسواقها.
فرَبِّ أولادك على حلقات العلم، على حفظ القرآن والسنة إذا حفظ ولدك القرآن صار لك أجر عظيم، إذا أخذ ولدك العلم، صار لك الأجر العظيم، فأنت المتسبب بالعلم لولدك، ولك أجره يا أيها المسلم، كلما ازداد علماً نافعاً ازددت أجراً من علم ولدك، ويدعو لك بعد موتك.
روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ، أَنَّى لِي هَذِهِ ؟ فَيَقُولُ : بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ.
وروى الحاكم، عن بريدة رضي الله تعالى عنه، في حديث يحسنه الإمام الألباني رحمه الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: يُؤتى بحافظ القرآن يوم القيامة، فيُكشى والداه حُلتان، لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان ربنا أنى لنا هذا؟ فيُقال بأخذ ولدكما القرآن.
🗯️🗯️ *إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث*
🗯️🗯️
《 الخطبة بصيغة PDF على تليجرام 》↙️
t.me/ap11a
*⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀⩿⪀*
. 🗯️الخطبة الأولى🗯️
الْحَـمْدُ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إن اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:7071].
عباد الله:
إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كَلامُ اللهِ, وَخَيْر الْهَدْى, هَدْى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وَشَرّ الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
عباد الله: روى الإمام مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ ؛ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ.
فمن قدم لنفسه إحدى هذه الثلاث، فلا يزال أجره جارياً له بعد موته، وقد صار في حفرته، وقد صار في قبره، ولا تزال الأجور تتوالى عليه مما قدمه من تلك الأعمال المباركة.
وقد بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في هذا الحديث أن الإنسان ينقطع عمله، واستثنى هؤلاء الثلاثة الأصناف الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث المبارك.
إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ ؛ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ.
فليبادر كل إنسان إلى أن يعمل بهذه الثلاث أو بعضها. حتى يبقى عمله مستمراً له بعد موته وتتلاحق له الأجور العظيمة.
وقد صار ميتاً، لا تزال الحسنات تتوالى عليه من آثار عمله.
وقد قال الله سبحانه: "وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ".
إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية.
ومعنى الصدقة الجارية: أن الإنسان يقدم بعض الصدقات التي يستمر نفعها بعد موته، إلى أعوام كثيرة وإلى ما شاء الله، والناس ينتفعون من صدقاته التي قدمها، ومن أعظمها الأوقاف، فالأوقاف عباد الله أجورها عظيمة، ولذلك في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ، فقلت يارسول إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟ فقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، أي: أوقفتها في سبيل الله، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا ". قَالَ : فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُبْتَاعُ، وَلَا يُورَثُ، وَلَا يُوهَبُ. قَالَ : فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ.
فيا عباد الله: الصدقات الجارية أجورها عظيمة، ما يقدمه الإنسان من عمل، ينتفع به الناس بعد موته، الأجور العظيمة في الصدقات، ومن ذلكم الأوقاف في بيوت الله سبحانه وتعالى، إذا أوقف أرضاً يُبنى بها مسجد أو بنى مسجدا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى مسجداً لله جل وعلا، بنى الله له بيتاً في الجنة.
فالأموال التي تنفق في سبيل الله، وفي الأوقاف في سبيل الله، أجورها عظيمة، سواء كان ذلك في المساجد، أو في المقابر، أو غيرها من أمور الخير أو حتى للفقراء والمساكين، بأن يوقفها، وتكون غلتها في سبيل الله، وفي الفقراء والمساكين، فأجورها عظيمة، ينتفع بها الإنسان بعد موته، ولا تزال الصدقات تتوالى عليه بعد موته، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، قد قال في الصدقة العادية: كل امرئ في ظل
وأشهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ الله وحده لا شريكَ له، الملكُ القدُّوس السلام، وأشهَدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله، حثَّ على التبكير في الحضور لصلاةِ الجُمعة، واهتم بذلك غايةَ الاهتمام، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه البَرَرة الكرام، وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيُّها الناسُ: اتقوا الله -تعالى- بفعلِ ما أمرَكُم به، وتَرْكِ ما نهاكم عنه، فإنَّ خيرَ الزادِ التقوى، يقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة:9].
سمَّى الله هذا اليومَ العظيم يوم الجمعة؛ لأنَّ أهلَ الإِسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع في المساجد الكبار لأداء الصلاة التي هي أعظمُ شعائر الدين بعدَ الشهادتين كما أنَّ هذا اليومَ قد اجتمع فيه من الخصائصِ ما لم يجتمعْ في غيره من أيَّام الأسبوع.
ففيه كَمُلَ خلقُ السماوات والأرض، وفيه خُلِقَ آدم، وفيه أُدْخِلَ الجنةُ، وفيه أُخْرِجَ منها، وفيه تقومُ الساعةُ، وفيه ساعةُ الإِجابة، وهي ساعةٌ لا يوافقُها عبدٌ مؤمن يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إيَّاهُ.
وقد اختارَ الله هذا اليوم العظيم لهذه الأمة، وأضَلَّ عنه مَنْ كان قبلَها من الأمم، فاختارَت اليهودُ يومَ السبت، واختارت النصارى يومَ الأحد، واختارَ الله لهذه الأمة يومَ الجمعة الذي أكملَ الله فيه الخليقةَ.
وقد أمرَ الله المؤمنين فيه بالاجتماع لعبادته بأداءِ صلاةِ الجمعة، وحثَّهم على المبادرةِ بالحضور إليها، والتفرغ لها من جميع أعمال الدنيا، وقد حَثَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على التكبيرِ في الحضور والانتظار في المساجد، حتى تُقامَ صلاة الجمعة، وحَثَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على التكبيرِ في الحضور، والانتظار في المساجد، حتى تُقامَ صلاة الجمعة، وحَثَّ على أن يكونَ الإِنسانُ أحسن هيئة، وفي أجملِ لباس، وأطيبِ رائحة، وحَثَّ على التنظُّفِ والاغتسال قبلَ الحضور.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنِ اغتسلَ يومَ الجُمعةِ غُسْلَ الجنابة، ثم راحَ في الساعة الأولى، فكأنَّما قَرَّبَ بدنةً، ومَنْ راح في الساعةِ الثانية، فكأنَّما قَرَّبَ بقرةً، ومَنْ راحَ في الساعة الثالثة فكأنَّما قَرَّبَ كَبْشاً أقرنَ، ومَنْ راح في الساعةِ الرابعة فكأنَّما قَرَّبَ دجاجةً، ومَنْ راحَ في الساعة الخامسة فكأنَّما قَرَّب بيضةً، فإذا خَرَجَ الإِمام حضرت الملائكةُ يستمعون الذكر"[أخرجه الشيخانِ].
فدلَّ هذا الحديث على طلب التبكيرِ في الحضور لصلاة الجمعة، وانتظارها في المسجد حتى تُقامَ، وأن يُشْغِلَ وقتَه حالَ الانتظار بصلاةِ النافلة والذكرِ وتلاوة القرآن.
ودَلَّ الحديثُ على أنَّ الأجر يتفاوتُ بتفاوُتِ الحضور، وأنَّه كُلَّما بكَّرَ زادَ الأجرُ، وكُلَّما تأخَّرَ نَقَصَ الأجرُ.
والظاهرُ: أنَّ الساعةَ الأولى تبدأً بعدَ طلوعِ الشمس، فمطلوبٌ من المسلم أن يتوجَّهَ إلى صلاة الجمعة من بعدِ طلوع الشمس، ليحصُلَ على هذه الفضيلة.
وكانَ المسلمون إلى عهدٍ قريب يُبكرون في الحضور لصلاة الجمعة، ويملؤون المساجدَ بوقت مبكر، وأَمَّا اليوم فقَلَّ مَنْ يعملُ بذلك.
فالكثير لا يحضُرُ إلا عند الخطبة أو عند الإِقامة، أو في آخر الصلاة، فيُحْرِمُون أنفسَهم من أجرِ التبكير ومِنْ سماع الخطبة، بل ربَّما لا يتمكنون من إدراكِ الصلاة، وهذا حرمانٌ عظيم، ونقصٌ كبير، يجلسُ أحدُهم في بيته، وهو بجوارِ المسجد ولا يقومُ إلى الصلاةِ إلا عندما يدخُلُ الإِمام يخشى أن يُمضيَ شيئاً من الوقت في المساجد قبلَ حضورِ الإمام، وهو لا يأنَسُ بجلوسهِ في المسجد، بل يعتبرُ ذلك حبساً؛ لأنه يدري عمَّا فيه من الفضلِ، بل يَظُنُّ أنَّ المطلوبَ هو أداءُ الصلاة فقط، فلذلك لا يأتي إلا عند الإِقامة، ولا يدري أنَّهُ مطلوبٌ منه التبكيرُ والانتظارُ، وأنَّ صرفَ الوقتِ في ذلك من أفضلِ الأعمال، ولا يدري أنَّه مطلوبٌ منه سماعُ الخطبة والتذكير، ولا يدري أنَّ الخطبةَ هي الذكر، أو هي من الذكر الذي أمرَ الله بالسعي إليه في قوله: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) [الجمعة:9].
وذلك؛ لأنَّ الله شَرَعَ الخطبةَ لتعليم الناس ما يجهَلُون، وتحذيرِهم مما يضرُّهم وتنبيههم وإرشادِهم، فالخطبةُ درسُ الأسبوع وموعظةُ المسلمين، وكلُّهم بحاجة إلى استماعها والانتفاع بها.
فاتقوا الله -عبادَ الله-، واهْتَمُّوا بالحضورِ لصلاة الجمعة مبكِّرين: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر:19].