الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة المتخصصة بالخطـب والمحاضرات 🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه •~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~• للتواصل مع إدارة القناة إضغط على الرابط التالي @majd321
نحن نُسَوّدُ قلوبنا بإشرابها الفِتَن، إما بالنَّظر إلى ما حرم الله...
، وبسماع ما حرم الله.... وبمجالس الغيبة والنَّميمة.. والقيل والقال،.. وغير ذلك ممّا يُدمّر القلوب ويزيدُ في سوادها.
ثمّ نشكوا بعد ذلك.. أنَّنا لا نصبرُ على العلم والعمل والدّعوة!،.. ولا ندري أن الاستمرار في تعريض القلب إلى تلكم الفتن... يُصَيّرُها إلى مَرحلَةٍ يصبحُ فيها هذا القلب "لا يعرفُ معروفا ولا يُنكِرُ مُنكَرًا إلا ما أُشرِبَ مِن هواه".
فيا خسارة .. صاحب.. مثل هذا القلب عند الوقوف بين يدي الله!.
أيها الأحبة : نحن ما وُجِدْنا في هذه الحياة إلَّا مِن أجل الصَّبر والمُعاناة.. والابتلاء والاختبار...
نحن مُطالبون.. في هذه الحياة.. بتحمُّل مسؤوليّة صلاح القلوب.. ومسؤوليّة تزكية النفوس،... ومسؤوليّة تعلم أمور الدين، والعمل بها، ...وكذلك ..العمل لدين الله...ويكون الهدف والغاية... أن يرضى الله عنا،...
وأن نكون مُسلِمين ناجحين لا فاشِلين في حياتك...
وكل ذلك يحتاج منا إلى: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
لا حلّ لنا من أجل عدم الخسارة في هذه الدنيا إلا هذا الحل، لأنّ ربّنا هو من قال لنا: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
يقول أحد السّلف: ما فهمت سورة العصر ...إلا من بائع ثلج بنيسابور،... وقف يوما في وسط السُّوق، وقال:
"يا قوم، ارحموا من رأس ماله يذوب".
فأعمارنا ..رأس مالنا.. يذوبُ كلّ يوم أمام أعيننا، ..رؤوسُنا تشيب
...وتجاعيد وجوهنا تزيد،.ونسبة الفناء تزيد فينا كلَّ يوم، وما هي إلَّا أيّامٌ قلائل ونقف بين يدي الله :((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)).
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم...
*الخطبةالثانية*
الحمدلله وحده..والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أمااابعد :
-أيها الأحبةالكرام:
يقول الحق جل وعلا :
((مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وما بدلوا تبديلا))..
إن مِن أعظمِ مظاهرِ الصدق،
.. الثباتُ على الحقِّ.. وعدمُ التبديلِ حتى الرَّحيل، ..فهذه صفاتُ مَن وعدَهم اللهُ بالنَّصرِ في الحياةِ وفي الممات،.... فهنيئًا لمَن قضَى نَحبَهُ بطلاً ثابتًا غيرَ مضيِّعٍ،.. مشهودًا له بالاستقامة، راجيًا رحمة ربه.
@-وقال الله على لسان يعقوب عليه السلام:
(( وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ))
وهي دعوة لجميع المسلمين.....لاتيأسوا .
تأملوها.... لم يقلها يعقوب عليه السلام.. في حالة الرخاء،.. وإنما قالها ...حين فقد ولده الثاني.. بعد فقده يوسف عليه السلام،... وقد كان نتيجة هذا اليقين... أنه بعد أيام قليلة... يشم ريح يوسف، وبعدها.. كان يوسف وأخوه بين يدي يعقوب... وهو يضمه إلى صدره، ...فكونوا واثقين بالله ولا تيأسوا،... فإن أفضل العبادت انتظار الفرج.
-التفاؤل يجعلك تعيش حياتك بفرح،... فكم من حلم جميل صار واقعا بالتفاؤل،..
حُسن الظن... يمنح الإنسان النجاح قبل اكتماله.....
بينما التشاؤم ..يذيق الإنسان حسرة الفشل... قبل حدوثه.
قصة:
عن الثبات: رغم الفتن والتهديدا... والمغريات....
-بعث الخليفةالثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه... جيشا لحرب الروم...وكان من بينهم.. شاب من الصحابة هو (عبد الله بن حذافة) - رضي الله عنه
وطال القتال بين المسلمين والروم.... وعجب قيصر من ثبات المؤمنين وجرأتهم على الموت.. فأمر بأن يحضر بين يديه أسير من المسلمين..
فجاءوا ب :
(عبدالله بن حذافة السهمي).
يجرونه والأغلال في يديه وفي قدميه ...فتحدث معه قيصر ...فأعجب بذكائه وفطنته.فقال له:
تَنَصّر وأنا أطلقك من الأسر! (يدعوه إلى ترك الإسلام واعتناق النصرانية).
قال عبد الله: لا،
قال له: تنصّر وأعطيك نصف ملكي!.
فقال: لا،
فقال قيصر: تنصّر وأعطيك نصف ملكي... وأشركك في الحكم معي.
.فقال عبد الله - رضي الله عنه -: لا، والله لو أعطيتني ملكك وملك آباءك وملك العرب والعجم على أن أرجع عن ديني طرفة عين مافعلت.
فغضب قيصر، وقال:
إذاً أقتلك!. فقال: اقتلني.
فأمر به.. فسحب وعلق على خشبة.. وأمر الرماة أن يرموا السهام حوله..
وقيصر يعرض عليه النصرانية وهو يأبى وينتظر الموت.
فلما رأى قيصر إصراره... أمر بأن يمضوا به إلى الحبس.. وأن يمنعوا عنه الطعام والشراب.. فمنوعهما عنه حتى كاد أن يموت من الظمأ ومن الجوع ....فأحضروا له خمرا .. ولحم خنزير..
فلما رآهما عبد الله، قال: والله إني لأعلم أني لمضطر... وإن ذلك يحل لي في ديني،.. ولكن لا أريد أن يشمت بي الكفار ، ...فلم يقرب الطعام
فأُخبر قيصر بذلك،...
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*وسائل النجاة في الدنيا والآخرة*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبـة الأولـى:*
الحمد الله الواحد القهار.. العزيز الجبار... يقلب الليل والنهار... تبصرة وذكرى لأولى العقول والأبصار... وكل شيء عنده بمقدار... عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال....
(( سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ )){10}}الرعد.
أحمده على إحسانه... وأشكره على عظيم فضله وامتنانه...
-وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له... الواحدالأحد.. الفرد الصمد... الذي لم يلد ولم يولد... ولم يكن له كفوا أحد...
رأيتُ الدهرَ مختلفاً يدورُ
فلا حزنٌ يدومُ ولا سرورُ
وقد بنتِ الملوكُ به قصوراً
فلم تبقَ الملوكُ ولا القصورُ
-وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وقدوتنا وقرة أعيننا محمداً عبده ورسوله,...
طربت حروفي في مداك محبة
وتسابقت في مدحك الخفقات
وبطيب ذكرك كل شيء طيب
الوقت والإحساس...والصلوات
صلى عليك الله يانورا سرى
في المشرقين ففرت الظلمات
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين...
أمـــا بعـــد :
عبادالله : فأوصيكم ونفسي المخطئة المذنبة أولا بتقوى الله:
((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون))...
أيـها الأحبةالكرام:
فإنا نودع عاماً ماضياً شاهداً لنا أو علينا..ل ونستقبل عاماً مقبلاً جديداً..لاندري مانحن صانعون فيه...ولانعلم من منا سيكمله حيا...أوسيموت في بدايته أو في وسطه أو في آخره.... فليت شعري.. ماذا أودعنا في العام الماضي؟.... وماذا نستقبل به العام الجديد؟ ..
فليحاسب كل منا نفسه..
-أيها الأحبة :
حديثنا اليوم سيكون حول: ((((وسائل النجاةفي الدنيا والآخرة))))
....وبهذه الجملة جعلنا عنوان خطبتنا لهذا اليوم :
وبالمثال يتضح المقال..
لو أنّ طالبا من الطّلبة المُقبِلِين على الامتحانات هذه الأيّام تقول له: "سأعطيك خلاصة تضمن بها النّجاح هذا العام"، فهل من المعقول أن يزهد فيها ويتجاهل ولا يُنصِتَ إليها؟!.
بل والله إنّه سيَدفَعُ من أجلها المال حتَّى يسمعها ويعرفها.
ألا فلنُنصِت عباد الله جميعا إلى وصفَةٍ ربّانيّة يتحقّق بها النّجاح والنجاة لكلّ واحد منّا في دُنياهُ وآخرتِهِ إن هو أخذ بها. إليكم وصفة مُختصرة ..من كتاب ربّنا، وصفة نجدُها في سورة من قصار سُوَر القرآن،....سورة قال عنها الشَّافعي -رحمه الله-:
"لو تدبَّر النّاسُ هذه السُّورة لَوَسِعَتهُم"،
يعني : لو فهموها، وفقهوا ما فيها، ولم يأخذوا إلَّا بها، لكفتهم، ولتحقّق لهم بها نجاحهم في الدُّنيا والآخرة.
تبدأ هذه السُّورة بتشخيص المرض قبل وصف العلاج، فيبدؤها ربُّنا ﷻ بالقَسَم بأمْرٍ عظيمٍ، فيقولُ: ﴿وَالْعَصْرِ﴾. يُقسِمُ -سبحانه- بالزَّمن والوقت، وما ذاك إلا لأهمّيته وعظيم خَطَرِه، وإنّما سُمّيَ الزَّمَنُ عصرا... لأنَّه يعصر الإنسان عصرا، ...فيعصرُه صعودا وهو ينتقل به مِن مرحلة الضَّعـف إلى القوَّة، ...ثمَّ يعصرُهُ نزولا.. وهو ينتقل به من القوّة إلى الضّعف والشّيبة،... ثمَّ يُحيلُهُ إلى جثَّة هامدة يأكلُها التُّراب مع الزّمن.
-قال الحسن البصري: "ابن آدم، إنّما أنت أيّام، إذا ذهبَ يومٌ ذهبَ بعضُك"، فكلّ يوم يمضي جزءٌ مِنا يموت...فلنتنبه لذلك.
أيها الأحبة : أقسمَ ربُّنا بالعصر..وهو مطلق الزمن... ولأنّه عُمرُنا ورأسُ مالنا، ...عمرنا هذا الذي نعيشُهُ ونغترُّ به، بينما هو.. أقلُّ فترة سنقضيها ..مُقارنة بأعمَارٍ أخرى تنتظرُنا : ينتظرُنا عمرٌ في حياة البرزخ ...لا يعلم مُدّتَهُ إلا الله، في قبرنا الذي هو إمَّا روضة من رياض الجنَّة... أو حفرة من حفر النَّار،... وينتظرُنا عمرٌ في عرصات القيامة، :
((فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ))، وبعدها ينتظرُنا عمرٌ أبديّ لا موت بعده، نحن فيه إمّا إلى جنّة أو إلى نار.
إنّ أقصر تلك الأعمار هو ما نحن فيه الآن، قال ﷻ:
((وٓيَوْمَ نَحشُرُهُم كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ))،...
-وقال: (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا))...
والمُشكلة أنّ هذا العُمُرَ الأقصَر.. هو الفرصة الوحيدة ،... التي سيترتَّبُ عليها.. إمّا نجاحُنا وإمّا خسارتُنا ، سواءً في البرزخ أو في الآخرة...هذه الفترة القصيرة جدًّا ...هي التي سنسألُ عن كل لحظة من لحظاتها عند وقوفنا بين يدي ربّنا ﷻ. ..
ألسنا كلُّنا نحفظُ قوله ﷺ: (( لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامَةِ حتَّى يُسألَ عن أربع: فأول الأربع، عن عُمُرِهِ فيما أفناهُ)) .
الأمهات أيضاً فتنواْ بهذه المصائب والجرائم
وأذكر لكم قصة ذكرها أحد المؤلفين أن شاباً أقبل على النت وصار معتكفاً عليه يتنقل ويصل ويجول في المنكرات والفواحش وفي المناظر الإجرامية والفجورية وأمه تقول يا بني كف يا بني قف يا بني اتق الله إلى متى تكون مع هذا؟ قال لها يا أمي سأشتري لك جهازاً من أجل أن تنظري ماذا فيه؟ وأن تتنعمي وسيعود إليك شبابك سيعود إليك شبابك وكان يعرض عليها بعض الأشياء وتقول أجارنا الله من هذا أجارنا الله من هذا فدارت الأيام وذهبت الأيام فقام الشاب واشترى لأمه النت واشترى لأمه العجوز التي تبلغ خمسين سنة أشترى لها نت وكانت تجيد القراءة والكتابة وعلمها كيف تستخدم النت فأقبلت على النت، ففتنت به كما فتن إبنها بالنت وإذا بها تبحث عن أشخاص وتتواصل عن أشخاص وإذا بها تلتقي عبر التواصل بشخص أعجبها وأعجبته فتقول له لقد أعجبتني ويقول لها والله لقد أعجبتيني. فدار التواصل وأستمر وتكاثر هذا الرجل الذي يتواصل مع هذه المرأة طلب منها رقمها، طلب منها رقمها فأعطته الرقم قال هذا رقم بيتنا هذا رقم بيتنا فإذا به يفاجأ بأنها أمه فقال وآمصيبتاه هكذا تأتيكم الدواهي. هكذا عظمت البلايا في هذا الجوال الذكي وفي هذا الجهاز المدمر عياذاً بالله
والأخبار المبكية والقصص المحزنة التي تفتت الأكباد الحاصلة بسبب سوء استخدام الجوال كثيرة، كثيرة كثيرة لا تحصى
وسأذكر لكم قصتين الأولى امرأة شابة تواصلت مع رجل وجرت بينهما العلاقة أعطته الرقم، أعطته الصورة بعد ذلك بعد ذلك طلب منها أن تريه جسدها فصورت له صورة وهي عارية بعد ذلك طلب منها أن تسلم نفسها له فسلمت نفسها له وبقي معها على هذا الإجرام مدة من الزمان هذا الرجل المجرم أراد أن يحتال على أختها الشابة كما أحتال على هذه فعلمت هذه المرأة بسوء نية ومقصدي ومطلب هذا الرجل فلما رأت أنه حريص على أن يصل إلى أختها كما وصل إليها فأخذت الساطور وضربته ضربة أدت إلى هلاكه، وإلى موته فوصلت القضية إلى المحكمة فحكمت المحكمة على المرأة بسجن خمسة وعشرين عاماً
هكذا تأتيكم الدواهي هكذا تأتي المصائب التي لا تدور في الخلد بسبب استخدام الجوال استخداماً سيئاً بسبب التقليد الأعداء الأعداء يفعلون الأعداء يصورون الأعداء ينشرون وصار من المسلمين والمسلمات وصاروا تبع لأعداء الله.
قضية فانية شابة تواصلت مع شاب حتى وصل الأمر كما يقال وقع الفأس على الرأس فلما وقع الفأس على الرأس وصارت هذه الشابة قد عُملت بها الفاحشة قام هذا الشاب وجلب لها ثمانية من الشباب يفعلون بها فلما رأت ما قد صارت إليه ووصلت إليه أحرقت نفسها
هكذا النهايات فكم المصائب بسبب؟ سوء إستخدام الجوال كم المصائب في الأسر ؟ كم الأحزان والبكاء والدمار والخراب.
يا عباد الله أعيدوا النظر، أعيدوا النظر، أعيدوا النظر في استخدام الجوال الذكي.
أستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم
*الـخـطـبـة الـثـانـيـة*
الحمد لله وحده. الصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه.
من المصائب والنكبات إعطاء الجوالات المذكورة للشباب والشابات ولمن هو دون الشباب ودون الشابات هذه من مزلات الأقدام وهذه من الهفوات الكبيرة ومن الأخطاء التي وقع فيها أكثر المسلمين.
جاءت الغفلة وقعت الغفلة حصل نوع من الضعف في الإيمان وفي المحافظة على الغيرة الدينية حصل ضعف في المحافظة على الغيرة الدينية فصارت المرأة المسلمة متاجر بها وصارت مداسة وصارت يعبث بها، وبأخلاقها وبجسدها وصارت الأمور إلى المتاجرات حتى بالأطفال
هنالك الآف المواقع الآف المواقع في التواصل الإجتماعي التي تستغل وتمكر وتحتال على الأطفال أبناء عشر سنين وما بعدها من أجل أيصالهم إلى إن تفعل بهم فواحش اللواط، هل تأمنون على ابنائكم؟ في هذا العصر الذي استبيحت فيه فواحش اللواط وصارت علنا وصارت محروسة ومحفوظة من قبل دول وصارت تنشر عبر دول ومنظمات وجمعيات ومؤسسات
اتريدون السلامة؟ هل تظنون السلامة موجودة؟ السلامة في الوقت الراهن لا تكون إلا لمن عرف ما يدور من عرف ما يدور في الساحة وما يمكر به المسلمون وما يكاد به الصالحون.
ولقد كان للصالحين حزم مبارك في أيام مضت، ولقد كان للمتمسكين بالدين حزم في الأيام التي مضت جاءت الدشوش والتلفزيونات فرفضوها والنت فرفضوه وجاءت فتن كثيرة كالتبرج والسفور والاختلاط فرفضوها.
وجاءت الحزبية فرفضوها وجاءت وجاءت وجاءت جاء هذا البلاء على العباد وهذا الأمر ألآ وهو الجوال الذكي فإذا بك تراه مع كم من رجل ترى فيه الخير ترى فيه وتراه مع شباب ترى فيهم الصلاح وليت هم أخذوه ليستخدموه في الخير وكفى ولكن هناك بوائق هناك اغتيالات هناك منكرات تحصل
🎤 *طهر جوالك📱*
*من المفاسد والأخطار❗️*
*للشـيخ/ محـمــــد الإمـــام*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
*﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾*
*﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾*
*﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَقُولُوا۟ قَوْلًا سَدِيدًا ۞ ﴾﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾*
أما بعد فان خير الحديث كلام الله خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
اما بعد معاشر المسلمين " إن دين الإسلام قد بين لنا الأخطار والأضرار التي تتجدد مع مر العصور والدهور فما على المسلمين إلا أن يستجيبوا لله ولرسوله في معرفة ما حذرهم منه.
فقد روى الإمام البخاري وغيره من حديث أنس رضي الله عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: « لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه إلا والذي بعده شر منه »
وقد جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه عند البيهقي في الشعب وغيره أنه قال: « لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه » ولا أقول عام أخصب من عام ولا عام أجدب من عام ولكن يذهب العلم يعني الشرعي ويذهب العلماء فيبقى الناس في الجهل هذا الذهاب الذي سمعتموه للعلم الشرعي والعلماء أنه ما من عصر إلا ويترحل عنه من يترحل من المسلمين ومن المسلمات وكلما ترحل المترحلون عن هذا طم فيهم الجهل وعم وكثر فيهم الشر وظهر وأنتشر عياذاً بالله.
فهذا الحديث الذي سمعتموه عن الرسول عليه الصلاة والسلام هو علم من أعلام نبوته حيث أخبر أن كل عصر وان كل عام يكون فيه الشر أكثر مما سبق
ولنأتي إلى عصرنا هذا وإلى أعوامنا هذه القريبة وننظر ماذا ظهر فيها من الشرور التي لم تكن في السابق إما إنها ظهرت شرور لم تحصل ولم تحدث منذ أن وجدت الأمم والأحزاب والأقوام وإما ان هذه الشرور قد وجدت فيمن مضى لكنها في عصرنا صارت من جهات كثيرة تفوق ما حصل عند غيرنا ممن مضى
ولهذا سأضرب أمثلة لهذه الأمور في الشرور المتجددة في عصرنا والناجمة التي لم تكن قبل ذلك.
فمن الشرور والفجور والإجرام الذي حصل في عصرنا هذا والذي صار ينتشر وصار يتدفق على المسلمين من قبل أعداء الإسلام جريمة نكاح الرجل الرجل جريمة نكاح الرجل الرجل هذه الجريمة لم توجد على مر التاريخ ولا في مختلف الأمم بل حتى في قوم لوط لم تكن موجودة عند قوم لوط.
ووجدت في عصرنا هذا الذي تفشت فيه المنكرات بما لم يكن في السابق هكذا هذا مثال واحد لما وجد من الإجرام الذي لم يسبق له في عهد البشرية كلها لم يسبق له وجود
أما بالنسبة لتفشي الإجرام والشرور والمنكرات والفجور في عصرنا زيادة على ما سبق واوسع مما سبق وأدوم مما سبق وأقوى مما سبق فهذا حدث عنه ولا حرج لكثرة ما حصل من هذا وهذا كله فيه علم من أعلام النبوة إذ إن رسولنا عليه الصلاة والسلام أخبر أن العصور كلما تعاقبت زادت فيها الشرور وأن كانت هذه الزيادة تارة تعم الناس كلهم إلا من رحم الله وتارة تكون في مكان دون مكان وفي قوم دون قوم وفي أمة أو أمم دون أمم.
ولكني سأتحدث معكم عن الشرور التي عمت الأمم وعمت الدول وعمت الشعوب وعمت الأسر والأحزان والأفراد ولم ينجو من ذلك إلا من عصم الله عز وجل وهذا لم يحصل في التاريخ في تاريخ البشرية على جهة هذه السعة وهذا التفشي وهذا العموم لم يحصل
أيها الناس " إن المسلمين الآن يعيشون في تدفقات الشرور والفجور والمنكرات والإلحاد والكفر وجميع ما فيه الضرر يعيش المسلمون وهم يتلقون هذه الأمور وتتفشى في أوساطهم وتنتشر فيهم كانتشار النار في الهشيم هذا أمر مبكي محزن أمر يجعل اللبيب حيراناً
أيها الناس " لننظر كيف انتشرت الدعوات على مختلف أنواعها وعلى مختلف أضرارها وأخطارها ومفاسدها وعواقبها الوخيمة في عصرنا هذا لا سيما في الآونة الأخيرة في هذه العقود الأخيرة في سنين ما بين ثلاثين سنة وما بين عشرين سنة وما بين عشر سنوات على حسب ما نفهم وما عايشنا وسمعنا وقرأنا ظهر التلفاز وانتشر التلفاز عالمياً ولا يكاد يسلم منه إلا من سلمه الله ومن عصمه الله ومن تمسك بدين الله وغزا البيوت وصارت البيوت مغزوة بهذه الآلة التي فيها من الشر ما فيها.
أيها المسلمون:
من فوائد محاسبة النفس: أنها تُذكِّر الإنسان وتبعث فيه الاستعداد للقاء الله تعالى الذي سوف يكون بين يديه الحساب.
ها هو الأحنف بن قيس كان يجيء بالمصباح فيضع أصبعه ثم يقول: «حس يا حنيف ما حملك على ما فعلت يوم كذا ويوم كذا ألك قُدرة على النار».
ها هو عبدا لله بن رواحه - رضي الله عنه - لما قُتل جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - في معركة مؤته قام عبد الله بن رواحه وأخذ القيادة، ولم يكن قد ذاق طعاماً قبل ذلك، ثم تقدّم وقاتل فأصيبت إصبعية فارتجز وجعل يقول:
هـــل أنــت إلا إصـــبـــعٍ دُمـــيـــتِ
وفـــي سبـــيـــل اللــه مـــا لاقـيـت
يا نفـــس إلا تُقـــتلـــي تمــــوتـــي
هذا حـــياض المـــوت قد صُلـيـت
ومـــا تــمنــيـــتِ فـــقـــد لـقـــيـــت
إن تفـــعـــلي فعـــلــهـــما هُـــديـــت
وإن تأخـــرت فـــقــــــد شـــَقـــيـــت
ثم قال: «يا نفس إلى أي شيء تتشوقين إلى فلانة فهي طالقة ثلاثة، إلى فلان وفلان العبيد هم أحرار لوجه الله، إلى البيت الفلاني هو لله ولرسوله».
يا نفس مالك تكرهين الجنة
أُقـــســـم بالـــلـــه لتـــــنزلنـــه
طـــائعـــةً أو لتـــكـــرهــــــــنـــه
فـــطالما قـــد كنت مطمئــنــة
هـــل أنت إلا نطفـــة في شــنّة
قد أجلـــب الناس وشدُّوا الرنّة
ها هو يزيد الرقاشي - رحمه الله - كان يحاسب نفسه كل يوم ويتذكر الآخرة ويقول: «ويحك يا يزيد من ذا يصلي عنك بعد الموت، من ذا يصوم عنك بعد الموت، من ذا سيتصدق عنك بعد الموت، من الموت طالبه من القبر بيته، من الدود أنيسه، من التراب فراشه، من منكر ونكير جليساه»، ثم يقول: «أيها الناس ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم ما تبقى من حياتكم»،ثم يبكي بكاءً شديداً.
وها هو تابعي آخر بلغ من العمر ستين سنة، فحاسب نفسه وقام يحسب أيام عمره فإذا هي «21500» زادت على العشرين ألف يوم، الله أكبر فصرخ وقال: «يا ويلتاه، لو عصيت الله في اليوم بذنب واحد سألقى ربي بعشرين ألف ذنب، فكيف لو كان في اليوم عشرة ذنوب أو مائة ذنب»، ثم خرّ مغشياً عليه.
وقال محمد بن واسع - رحمه الله -: «لو كان للذنوب ريح ما قَدَر احد أن يُجالسني».
أخي الحبيب: حاسب نفسك
لتعرف رصيدك من الخير والشر،
حقوق الله هل وفّيتها؟
حقوق العباد هل أدّيتها؟
ما حالك مع الصلاة هل تؤديها بشروطها وأركانها؟
متى آخر مرة بكيت من خشية الله؟ عينان لا تمسهما النار عينٌ بكت من خشية الله وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله.
ما حالك مع كتاب الله؟ لا تكن ممن قال الله تعالى فيهم على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)} ... [الفرقان:30].
ما حالك مع النوافل والمستحبات
فهي علامة الإيمان وطريق محبة الرحمن.
يقول الحسن البصري - رحمه الله - في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} ... [ق:16 - 18]، «يا ابن ادم بُسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان احدهما عن اليمين وعن الشمال، فصاحب اليمين يكتب الحسنات وصاحب الشمال يكتب السيئات، فأعمل ما شئت أقلل أو أكثر، فإذا مت طويت صحيفتك حتى يوم القيامة، فيقال لك: إقرا كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا» ثم قال: «عدلٌ والله من جعلك حسيب نفسك».
عبد الله اجلس مع نفسك وحاسبها وقل لها: «يا نفس أتعلمين أن كل من يلتفت إلى ملاذ الدنيا ويأنس بها فمصيره الموت، يا نفس أو ما تنظرين إلى الذين مضوا كيف بنوا وعلوا ثم ذهبوا، أما ترينهم كيف يجمعون مالا يأكلون ويبنون مالا يسكنون ويُؤملون مالا يُدركون، يبني كل واحد قصراً مرفوعاً إلى جهة السماء ومقره قبرٌ محفور تحت الأرض.
ويحكِ يا نفس أما تستحين من الله تزينين ظاهرك للخلق وتبارزين الله في السر بالعظائم.
ويحك اهو أهون الناظرين إليك، أتأمرين الناس بالخير وأنت مُلطخة بالرذائل، فانظري يا نفس بأي بدنٍ تقفين بين يدي الله، وبأي لسان تجيبين فأعدي للسؤال جوابا وللجواب صوابا.
يا نفس اخرجي من الدنيا خروج
الأحرار قبل أن تخرجي منها على الاضطرار.
عبد الله قُل:
أنا العبد الذي كسب الذنوبا
وصـــدته المـــنايا أن يتـــوبا
أنا العبد الذي أضحى حزينا
عـــلى زلاّتـــه قلـــقاً كئـــيبا
أنا المضطر أرجو منك عفواً
ومن يرجو رضاك لن يخيبا
فيا أسفى على عمرٍ تقَضّى
ولم أكســـب به إلا الذنــوبا
ويا حُزناه من حشري ونشري
بيوم يجــعل الولـــدان شيبا
فيا من مدّ في كسب الخطايا
خـــُطاه أما آن الأوان أن تتوبا
قال مالك بن دينار - رحمه الله -: «مكتوبٌ في التوراة: كما تدين تدان وكما تزرع تحصد، فتب إلى مولاك من قريب فو الله ما ظلمك من جعلك ح
سيب نفسك».
🎤
*خطـبـة جمـعــة بعـنـوان :*
*حـــاســـبــــوا.أنــفــــســـــكـــم.tt*
*للدكتور/ أمــير بن محــمــد المــدري*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبـــة.الاولـــى.cc*
الحمد لله الكريم الفتاح أهل الكرم
والسماح المُجزل لمن عامله بالأرباح
سبحانه فالق الإصباح وخالق الأرواح
أحمده سبحانه على نعمٍ تتجدد بالغدو والرواح، وأشكره على ما صرَف من المكروه وأزاح، وأشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له شهادةً بها للقلب انفساح وانشراح.
وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي أُرسل بالهدى والصلاح، اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ما بدا نجم ولاح.
و بعـــد- عـــباد الله :
أوصيكم ونفسي بتقوى الله وأن نُقدّم لأنفسنا أعمالاً صالحة مباركة تبيض وجوهنا يوم نلقاه عزوجل ..
{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)} [الشعراء:88 - 89].
{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:106].
{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران:30].
{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن:9].
نسأل الله بمنه وكرمه أن يُحبّب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا وأن يُكِرّه إلينا الفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين.
عباد الله: بين كل حين وآخر ، بين كل فترة وفترة ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه على ما قدم وأخر ، ونحن في نهاية عام هجري دعونا نقف مع أنفسنا وقفة محاسبة قبل هجوم هادم اللذات يقول الله - سبحانه وتعالى -: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)} ... [الأنبياء:47].
أيها المسلمون:
إن الله سيحاسبنا على كل شيء على الصغير والكبير والفتيل والقطمير، قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}} [الزلزلة:7 - 8].
أصحاب القلوب السليمة
والعقول الواعية عرفوا أن الله لهم بالمرصاد، فعرفوا أنه لن يُنجيّهم إلا لزوم المحاسبة ومُطالبة النفس، ومحاسبتها على الأنفاس والحركات، قال - سبحانه وتعالى -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} [الحشر:18].
تأمّل يا عبد الله هذه الآية التي أشارت إلى تقوى الله فيما مضى من عمرك من أعمال، والنظر والمحاسبة فيما قدّمت لأخرتك والله خبيرٌ بما تعمل في هذه اللحظة.
قال عمر الفاروق - رضي الله عنه -: «أيها الناس حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعما لكم قبل أن توزن عليكم وتهيئوا للعرض الأكبر: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)} [الحاقة:18].
وقال الحسن البصري - رحمه الله -: «من حاسب نفسه قبل أن يُحاسب خفّ في يوم القيامة حسابه، وحضر عند السؤال جوابه، وحَسُن مُنقلبه ومآبه, ومن لم يُحاسب نفسه دامت حسراته، وطالت في عرصات القيامة وقفاته, وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته, وأكيس الناس من دان نفسه وحاسبها وعاتبها، وعمل لما بعد الموت، واشتغل بعيوبه وإصلاحها».
عباد الله: ينبغي للعاقل أن يكون له في يومه ساعة يحاسب فيها نفسه كما يحاسب الشريك شريكه في شؤون الدنيا, فكيف لا يحاسب الإنسان نفسه في سعادة الأبد وشقاوة الأبد، نسأل الله أن يجعلنا من الأبرار السعداء.
قال ميمون بن مهران - رحمه الله -: «لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه».
ومن فوائد محاسبة النفس أنها تُعرِّف الإنسان بنعم الله عليه فيشكرها، ويستخدمها في طاعة الله ويحذر من التعرض لأسباب زوالها، قال - سبحانه وتعالى -: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)} ... [إبراهيم:7].
فبداية المحاسبة أن يقيس العبد ويوازن بين نعم الله عليه من عافية وأمن وستر وغنى, وبين ذنوبه؛ فحينئذٍ يظهر التفاوت فيعلم العبد أن ليس له إلا عفو الله ورحمته أو الهلاك.
حاسبـــت نفـــســي لم أجـــد لي
صالحاً إلا رجاءي رحمة الرحمن
ووزنتُ أعـــمالـــي فـــلـــم أجــــــد
في الأمـــر إلا خِـــفـــّة المـــيزان
وبهذه المقايسة والمحاسبة يعلم العبد أن الرب رب بكرمه وعفوه وجبروته وعظمته, وأن العبد عبد بذله وضعفه وفقره وعجزه, وأن كل نعمة من الله فضل، وكل نقمة منه عدل.
وبهذه المحاسبة يسيء العبد الظن بنفسه ,لأن حُسْن الظن بالنفس يمنع من كمال الصلاح والتقوى
فيرى المساوئ محاسن والعيوب كمالاً.
فعين الرضا عن كل عيبٍ كليلة
ولكن عين السخط تُبدي المساويا
ولا يُسيء الظن بنفسه إلا من عرَفها.
أيها المسلمون، إن هذه الأعمال المبتدعة لو كان أصحابها يتبعون آل البيت حقاً ما قاموا بها؛ اتباعاً لآل البيت؛ فإن ابناء الحسين وأحفاده لم يقوموا بها.
ثم إن هناك نصوصاً قولية عن أئمة آل البيت في النهي عن هذه الأفعال مذكورة في كتب الشيعة أنفسهم.
قال علي رضي الله عنه: "ثلاث من أعمال الجاهلية، وعدّ منها: النياحة على الموتى". وقال أيضاً: "لا تلبسوا السواد؛ فإنه لباس فرعون".
وقال جعفر الصادق رحمه الله عن آبائه: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النياحة والاستماع لها".
ويذكر الشيعة نهي الحسين رضي الله عنه أختَه عن النياحة، فلماذا هم ينوحون لو كانوا يحبون الحسين؟!
لو كان حبك صادقاً لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع.
عباد الله:
يحتفي الحوثيون عندنا بعاشوراء لا حبا للحسين
ولكن ليجعلوا منها فرصة للشحن الطائفي
ولكي يختبروا ولاء الناس لهم
وليصنفوهم من خلال مشاركتهم وعدم المشاركة
وليجعلوا منها فرصة للنهب والسلب
وليحشدوا الأنصار والسذج للقتال
ولكي يغرسوا في أذهان الناس الإحتفال بهذه المواسم
ولكي يشغلوا الناس عن تردي وضعهم المعيشي وقطع الرواتب والسلب والنهب .
ولكي يزرعوا في القلوب الطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه والقرن الأول بحجة أنهم رضوا بقتل الحسين
ونسي الشيعة أنه من دعوا الحسين لبيعته ثم نكثوا
وأنهم هم من حمل سيفه في وجه الحسين
وأن الذين قتلوا الحسين كانوا ممن يعرفون بتشيعهم لآل البيت كذباً وزورا
وأننا كأهل سنة نقول لعن الله من قتل الحسين أو رضي بقتله
وأننا نقول أن الحسين قتل مظلوماً
وأننا نبرأ الله من قتلة الحسين
وأنه لا يوجد مسلم على وجه الأرض في قبله ذرة إيمان يقبل بما جرى للحسين رضي الله عنه.
فرضي الله عن الحسين ولعن من قتله وأخذ الله من خرج عن طريقة الحسين وهديه ونهجه.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
إخوة الإسلام: لقد كان يوم نجاة يوم موسى من فرعون في يوم عاشوراء من محرم، فصامه موسى بعد ذلك شكراً لله على هذه النعمة العظيمة، وتبعه اليهود، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وجد اليهود يصومونه، فلما علم سبب صيامه قال صلى الله عليه وسلم كلمته المشهورة: ((نحن أحق وأولى بموسى منكم))، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بصيامه، وأخبر بأجر من صامه -كما في الصحيح- فقال: ((يكفر السنة التي قبله))، وبقي نبينا صلى الله عليه وسلم على صيامه منفرداً، حتى قيل له: يا رسول الله! إنه يوم تعظِّمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا كان العام المقبل -إن شاء الله- صمنا التاسع)) قال ابن عباس: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
إن في هذه النية النبوية على صيام التاسع لدرساً عظيماً، ألا و هو أن مخالفة الكفار -وخاصة أهل الكتاب- من مقاصد الشريعة -كما يقول ابن تيمية رحمه الله، وفي ترك إفراد عاشوراء بالصوم درسٌ عظيم، فإنه مع فضل صوم ذلك اليوم، وحثِّ النبي صلى الله عليه وسلم على صومه، وكونه كفارة سنة ماضية .. إلا أنه صلى الله عليه وسلم أمر بمخالفة اليهود فيه، وعزم على ضم التاسع إليه، فوقعت المخالفةُ في صفة ذلك العمل، مع أن صوم عاشوراء مشروعٌ في الشريعتين، أو أنه مشروع لنا وهم يفعلونه، فكيف بما كان دون ذلك من المباح أو المحرم وما كان من شعائر دينهم؟!
فليتق الله مسلمٌ يتشبه بأعداء الله في صغير أو كبير، فإن الأمر كلَّه كبير؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ((من تشبه بقوم فهو منهم)).
نتعلم من عاشوراء حقيقة الانتماء، نعم أيها الأحبة في الله، فإن اليهود علَّلوا صيامهم عاشوراء بمتابعتهم موسى صلى الله عليه وسلم حين صامه شكراً لله على إنجائه له من فرعون، وهاهنا سؤال: هل يكفي صيامهم عاشوراء برهاناً للمتابعة وسبباً للأولوية بموسى؟ والجواب الذي لا شك فيه: لا؛ لأن أحقية الشخص بآخر إنما هي بحسب تمام المتابعة والتزام المنهج، قال تعالى: ﴿إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبرَاهيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهَذَا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا واللَّهُ ولِيُّ المُؤْمِنِينَ﴾[آل عمران: 68]، ولذا كان نبيُّ هذه الأمة صلى الله عليه وسلم وأتباعه أوْلى بنبي الله موسى عليه الصلاة والسلام من الأمة الغضبية، فقال: ((نحن أحق وأوْلى بموسى منكم)).
وهـكذا تتوحد المشاعر، وترتبط القلوب وإن طال العهد الزماني، أو تباعدت الأماكن، فيكون المؤمنون حزباً واحداً هو حزب الله عز وجل؛ فهم أمة واحدة، من وراء الأجيال والقرون، ومن وراء المكان والأوطان .. لا يحول دون الانتماء إليها أصلُ الإنسان أو لونُه أو لغتُه أو طبقتُه .. إنما هو شرط واحد لا يتبدل، وهو تحقيق الإيمان، ولذا استحقت هذه الأمة ولاية موسى دون اليهود المغضوبِ عليهم.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وسنة خير أنبيائه، أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إفضاله وإحسانه، والشكر على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعل آله وصحبه وإخوانه، أما بعد:
في يوم عاشوراء من السنة الواحدة والستين للهجرة حدثَ حدثٌ تاريخي مؤلم لكل مسلم صادق الإيمان، ترتبت عليه أفكار ومناهج سلوكٍ عقبه عبر الزمن.
هذا الحدث هو قتل الحسين بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنه وعن أبيه، في أرض كربلاء من بلاد العراق.
والقصة طويلة مبكية، لكن خلاصتها: أن الحسين رضي الله عنه ظل في المدينة النبوية بعد موت أخيه الحسن رضي الله عنه فيها فترة من الزمن. فجاءته رسائل وكتب من أهل العراق يطالبونه بالقدوم عليهم ليقودهم في قتال والي بني أمية هناك.
فوجدت هذه الدعوة لدى الحسين رضي الله عنه قبولاً، فأراد المسير إلى العراق، فجاءه عبدُ الله بن عمر رضي الله عنهما، حينما علم بهذه الرسائل فنصح الحسين بعدم الذهاب إلى العراق، وحذره من هؤلاء الناس، وقال: "لا تصدقهم؛ فقد خذلوا أباك من قبلك"، فأبى الحسين، فبكى ابن عمر، وقبّل ما بين عينيه، وقال: "أستودعك الله من قتيل". ونهاه كذلك ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم، فلم يستجب الحسين رضي الله عنه إلى ذلك، ومضى إلى الكوفة حتى وصل إلى كربلاء فقتل هناك مظلوماً رضي الله عنه.
ولقد ارتكب أولئك القتلة ذنباً عظيماً بهذا الفعل الشنيع بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (قتل الحسين من أعظم الذنوب، وأن فاعل ذلك والراضي به والمعين عليه مستحق لعقاب الله الذي يستحقه أمثاله، لكن قتله ليس بأعظم من قتل من هو أفضل منه من النبيين والسابقين الأولين، ومن قُتل في حرب مسيلمة، وكشهداء أحد، والذين قتلوا ببئر معونة، وكقتل عثمان وقتل علي).
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*( عاشوراء بين الألم والأمل)*
*للشيخ الدكتور/ هادي الصلاحي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبـة الاولـى:*
الحمد لله الملك المعبود، ذي العطاء والمن والجود، واهب الحياة وخالق الوجود، الذي اتصف بالصمدية وتفرد بالوحدانية، والملائكة وأولو العلم على ذلك شهود، الحمد له لا نُحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه، حيث كان ولم يكن هناك وجود، نحمده تبارك وتعالى ونستعينه فهو الرحيم الودود، ونعوذ بنور وجهه الكريم من فكر محدود، وذهن مكدود، وقلب مسدود، ونسأله الهداية والرعاية والعناية، وأن يجعلنا بفضله من الركَّع السجود، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العرش المجيد، الفعال لما يريد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صاحب المقام المحمود والحوض المورود، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران 102]
إن هذا اليوم العظيم يوم عاشوراء حدثت فيه أمور عظام فقد ذكر أهل التفسير أنه اليوم الذي رست فيه سفينة نوح على الجودي، وفيه خرج يوسف من الجب، وهو اليوم الذي تيب فيه على آدم وهبط فيه آدم إلى الأرض يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي تيب فيه على قوم يونس، وصومه لفضله كان معروفا بين الأنبياء عليهم السلام، وقد صامه نوح وموسى عليهما السلام، وقد كان أهل الكتاب يصومونه، وكذلك قريش في الجاهلية كانت تصومه.
وفيه كانت نجاة نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم وقومِه، وهلاكُ فرعونَ وقومِه بعد أحداث كثيرة وغريبة، لم يُبدِ القرآن ويعيد مثل ما أبدى في هذه القصة وأعاد؛ وما ذاك إلا لكثرة العبر والدروس العظيمة لأهل الإيمان التي تؤخذ من هذه القصة، والتي لو استعرضها الإنسان استعراضاً فقط لطال به المقام، وإن عِلْم الكثير منا بتفاصيل القصة ليغني عن سردها، لننتقل إلى المهم فيها، وهو بعض ما نتعلمه في يوم عاشوراء من قصة موسى عليه السلام.
نتعلم من عاشوراء أن الأمر كله لله جل وعلا، فالقضاء قضاؤه، والمشيئة مشيئته، مهما دبّر البشرُ وكادوا .
فها هو موسى عليه الصلاة والسلام ينشأ في قصر فرعون، وأين؟ في حضانته! وعند زوجته أيضاً، وليس بيد أحدٍ آخر من جواريّ القصر الفرعوني!
فرعون الذي أصدر مرسومَه بقتل كل مولود ذكر -بعد أن حُذِّر من غلام يولد، ستكون نهاية ملكه على يد هذا الغلام- هذا هو المرسوم الفرعوني، لكن القضاء الرباني له شأن آخر، فينشأ ويترعرع هذا الغلام بقدرة الله؛ الذي سبق في علمه سبحانه أن هذا الغلام سيكون أعدى أعدائه في مستقبل الأيام..
وتتوالى الأيام، والقدر يمضي لما سبق في علم الله، حتى يموت هذا الطاغية -الذي كان يدّعي أنه الرب الأعلى- في البحر، فأراد ربنا سبحانه أن يميته بهذه الطريقة، وينزله من كبريائه وعلّوه المزعوم؛ ليوقن هو -وكلَّ من تسول له نفسه من الطواغيت الذين يأتون بعده- أن الرب الأعلى هو الله فقط!
وأن هذا الطاغية الذي كان يفتخر بجريان الماء من تحته لم يمت أيَّ ميتةٍ! بل حتى جرى الماءُ مِن فوقه!
ومن آيات الله في هذه القصة: أن فرعون لم يكتف بخروج بني إسرائيل من مصر، بل يمضي قدرُ الله ويتم ما أراده ربنا سبحانه، ففرعون لو كان عنده ذرة عقل أو ذرة ربوبية وعلم؛ لفرح بخروج موسى ومن معه، لتخلو أرضُ مصر ممن يرى أنهم أعداؤه، ولكن الله يريد، والعبد يريد، ولا يتم إلا ما يريده ربُّ العبيد سبحانه وتعالى.
فيخرج فرعون بطوعه واختياره، ومعه آلُه وأعوانُه، ليتم أمرُ الله فيهم، فسبحان من هذا أمرُه، وتلك حكمته!
نتعلم من يوم عاشوراء وقصة فرعون وموسى أن أركان الطاغوت خمسة:
الركن الأول: منها الجبار الذي يملك السلطان في الأرض فيريد أن يفرض على الناس توجهاته وما أراده بالقوة، ولا يرضى أن يناقش في أي أمر من أموره وهذا حال فرعون فقد قال لهم: أنا ربكم الأعلى ولم يستنكروا، وكذلك فإنه كان يظن أن له ما على الأرض جميعا، وكان يأمر بالمستحيلات ولا يستطيع أحد أن يخالفه في أمره، فيقول لهامان: { ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا } [غافر].
والركن الثاني: هو الوزير المتسلق المتملق المنافق الذي يخيل إلى الطاغية أنه يستطيع أن يفعل كل ما يريد، وهذا يمثله هامان، فإنه لما أمره فرعون بذلك جمع الطين وبدأ يوقد عليه كأنه يريد أن يبني سلما إلى السماء.
والركن الثالث: من هذه الأركان رجل الأعمال الذي يسخر ماله لخدمة الطغيان وبقائه في الأرض فهو يتقرب بالقرابين إلى الطاغية ويأخذها من عرق الشعب المساكين كبني إسرائيل والمزارعين في مصر، ويمثل هذا قارون، فإنه كانت كنوزه بحيث لا تستطيع العصبة أولو القوة أن يحملوا مفاتيحها فقط، حتى إن أهل التفسير يذكرون أنه كان يتخذ المفاتيح من أقل أنواع الخشب كثافة ثم لما كثرت
رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرضى} [الليل]
نتعلم من الهجرة واجب الداعية مع أهل بيته وعشيرته، فها قد شاهدنا في قصة الهجرة أمرًا لا بد أن نقف معه وقفة، أرأيتم كيف استعمل الصّدّيق رضي الله عنه عائلته كلها في سبيل الله؟ أرأيتم كيف استعمل عبد الله ابنه في نقل الأخبار؟ وكيف استعمل أسماء ابنته في نقل الطعام والشراب؟ وكيف استعمل عامر بن فهيرة مولاه في إخفاء آثار الأقدام؟
لقد نقل الصّدّيق رضي الله عنه حبّه لهذه الدعوة إلى عائلته وأهله، بعض الدعاة -للأسف- يعانون من مرض العزلة عن عائلاتهم، تجد لهم نشاطًا عظيمًا في خارج بيته، ثم هم لا يُشركون أقرب الأقربين إليهم في العمل لله تعالى، لا يحرصون على أن يذيقوهم من حلاوة الإيمان التي أحسوا بها، هذا غياب كبير للفهم، وضياع هائل للأولويات، تعلموا من الصّدّيق، وتذكروا: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".
ما أجمل الأسرة يوم يكون طابعها بكاملها الالتزام
ما أسعد البيت المسلم يوم يكون على طاعة الله ويسعى في مرضاة
ما أجمل أن يبدأ الإنسان بإصلاح أقرب دائرة إليه.
*الخطبة الثانية:*
الحمدلله وكفى وصلاة على المصطفى ومن على السنة والأثر إلى يوم القيامة اقتفى ثم أما بعد:
عباد الله:
بهذه الهجرة السعيدة الناجحة تمت مرحلة مهمة، بل مهمة جدًّا من مراحل السيرة النبويّة، تمت المرحلة المكيّة بكل أحداثها وآلامها ومشاكلها، إنها مرحلة ذات طابع خاص بل وخاصٍّ جدًّا، بدأ الإسلام فيها غريبًا، واستمر غريبًا إلى قرب نهايتها، إلى أن آمن الأنصار رضي الله عنهم، ورضي الله عن المهاجرين، وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعين.
ومع كون المرحلة بكاملها كانت عبارة عن فقرات مختلفة من الإيذاء والتعذيب، سواء على الروح أو على الجسد، إلا أنها كانت لا تخلو من سعادة، بل كانت كل لحظاتها سعيدة، لكن ليست السعادة الماديّة الحسيّة التي يجدها الناس في طعام أو شراب أو شهوة، إنما سعادة الروح والقلب، سعادة الطاعة لله تعالى، سعادة الأنس بالله تعالى، سعادة الصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، سعادة الصلاة ومناجاة الله تعالى، سعادة الأخوة والألفة بين المؤمنين، سعادة الدعوة إلى الله تعالى، سعادة الثبات أمام كل فتن الدنيا؛ سواء في الجسد أو في الهجرة أو في أنواع الإغراءات بالمال أو بالنساء أو بالسلطة، سعادة عظيمة، وأيّ سعادة.
هجرة الصحابة الكرام لم تكن رحلةً ترفيهيَّة، أو جولةً سياحيَّة، أو نقلةً استكشافيَّة، كلاَّ، وإنما هي خروجُ رجلٍ آمِنٍ في سِربِه، قَرِير في بَيتِه، قانعًا برزق ربِّه، حامِلاً وَلدَه إلى مصيرٍ مجهول، ومكانٍ معزول، وطريق موعور، لا يَدرِي أيهلك أوَّل الطريق أو آخِره، لكنَّه يذهب برضا نفسٍ ونَقاء سريرة؛ يذهب لأنَّه يحب دعوته ويحب اسلامه ويحب ربه و يحبُّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " آل عمران ، ليس من اجل دنيا يصيبها او امرأة ينكحها وانما يهاجر حفاظا علي عقيدته وحماية لدينه وصيانة لإيمانه وصناعة لعطائه وإبداعه، انه الإيمان الذي يزن الجبال ولا يطيش، إيمان بالله " وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " القصص
لقد كانت الفترة المكية بمنزلة الأساس المتين للصرح الإسلامي الهائل.
من المستحيل أن يجتاز المسلمون خطوات كبدر والأحزاب وخيبر وتبوك، دون المرور على فترة مكّة، من المستحيل أن تُبنى أمة صالحة، أو تنشأ دولة قوية، أو تخوض جهادًا ناجحًا، أو تثبت في قتال ضارٍ، أو تقف بصلابة أمام كل فتن الدنيا إلا بعد أن تعيش في فترة مكّة بكل أبعادها.
على الدعاة المخلصين أن يدرسوا هذه المرحلة بعمق، وعليهم أن يقفوا أمام كل حدث، وإن قصر وقته أو صغر حجمه وقوفًا طويلًا.
هنا البداية التي لا بد منها، بغير مكّة لن تكون هناك المدينة، وبغير المهاجرين لن يكون هناك أنصار، وبغير الإيمان والأخلاق والصبر على البلاء لن تكون هناك أمة ودولة وسيادة وتمكين.
عباد الله:
المعني الجديد والمستمر للهجرة هو أن الهجرة جهاد متواصل ونية خالصة وتغيير مستمر: " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية.. ألغاها النبي الكريم بالمعني الجغرافي و أبقاها بالمعني المعنوي حيث قال: "والمهاجر من هجر ما نهي الله عنه.. أن يهاجر المهاجر من المعصية إلى الطاعة، من الفردية إلى الجماعة، من الكسل إلى العمل، من القنوط إلى الأمل ، من الضعف إلى القوة، ومن التسفل إلى القمة، من الحصار إلى الانتشار، ومن الانكسار إلى الانتصار، من الظلم إلى العدل، ومن العدل إلى الفضل، من الانكفاء على الذات إلى الاهتمام بشأن المسلمين، من التعصب بالرأي إلى النزول على الشورى، الهجرة سلوك واجب علينا أن نمارسه على كل المستويات، وفي جميع الأوقات، وأخلاق عالية وقيم
بل إنه صلى الله عليه وسلم زيادة في صناعة الأمل يبشر سراقة ليس فقط بظهور الإسلام على قريش أو على العرب، بل وبسقوط عرش كسرى تحت أقدام المسلمين، وأَخْذ كنوز كسرى غنيمة، "كَأَنِّي بِكَ يَا سُرَاقَةُ تَلْبَسُ سِوارَيْ كِسْرَى". وعاد سراقة يقول لكل من قابله في طريقه ذاك: ارجع فقد كفيتكم ما هاهنا، فكان أول النهار جاهدًا عليهما، وآخره حارسًا لهما.
وهكذا تعلمنا الهجرة في كل فصل من فصولها كيف نصنع الأمل، ونترقب ولادة النور من رحم الظلمة، وخروج الخير من قلب الشر، وانبثاق الفرج من كبد الأزمات.
ما أحوجنا في هذا الزمن إلى فن صناعة الأمل !
ما أحوجنا ونحن في هذا الزمن، زمن الهزائم والانكسارات والجراحات إلى تعلم فن صناعة الأمل. فمن يدري؟ ربما كانت هذه المصائب بابًا إلى خير مجهول، ورب محنة في طيها منحة، أوَليس قد قال الله: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة: 216].
لقد ضاقت مكة برسول الله، ومكرت به فجعل نصره وتمكينه في المدينة.
وأوجفت قبائل العرب على أبي بكر مرتدة، وظن الظانون أن الإسلام زائل لا محالة، فإذا به يمتد من بعد ليعم أرجاء الأرض.
وهاجت الفتن في الأمة بعد عثمان حتى قيل لا قرار لها، ثم عادت المياه إلى مجراها.
وأطبق التتار على أمة الإسلام حتى أبادوا حاضرتها بغداد سرة الدنيا، وقتلوا في بغداد وحدها مليوني مسلم، وقيل: ذهبت ريح الإسلام، فكسر الله أعداءه في عين جالوت وعاد للأمة مجدها.
وتمالأ الصليبيون وجيّشوا جيوشهم وخاضت خيولهم في دماء المسلمين إلى ركبها حتى إذا استيئس ضعيف الإيمان، نهض صلاح الدين فرجحت الكفة الطائشة وطاشت الراجحة، وابتسم بيت المقدس من جديد.
وقويت شوكة الرافضة حتى سيطر البويهيون على بغداد والفاطميون على مصر، وكتبت مسبة الصحابة على المحاريب ثم انقشعت الغمة، واستطلق وجه السُّنَّة ضاحكًا.
وهكذا يعقب الفرج الشدة، ويتبع الهزيمة النصرُ، ويؤذن الفجر على أذيال ليل مهزوم... فلمَ اليأس والقنوط؟
اشتدي أزمة تنفرجـي *** قد آذن ليلك بالبلـج
إن اليأس والقنوط ليسا من خلق المسلم، قال سبحانه: {وَلاَ تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].
قال ابن مسعود رضى الله عنه: "أكبر الكبائر الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله".
إذا اشتملت على اليأس القلوب *** وضاق لما به الصدر الرحيـب
ولم تر لانكشاف الضر وجهـا *** ولا أغنـى بحيلتـه الأريـب
أتاك على قنـوط منك غـوث *** يمـن به اللطيف المسـتجيب
وكل الحـادثات وإن تنـاهت *** فموصـول بها الفرج القريب
فيا أيها الغيورون على أمة الإسلام، يا من احترقت قلوبهم لآلامها، نعمَّا هذا الألم! وما أصدقه على إيمانكم وحبكم لدينكم! ولكن لا يبلغن بكم اليأس مبلغه؛ فإن الذي أهلك فرعون وعادًا وثمود وأصحاب الأيكة، والذي رد التتار ودحر الصليبيين قادرٌ على أن يمزق شمل أعداء دينه ويبدد جمعهم، ويحطم أصنام الوثنية المعاصرة.
وأنت.. يا من ابتلاك الله في رزقك أو صحتك أو ولدك.
أنت.. يا من جهدك الفقر وانتهكتك العلل وأخذ الموت أحبابك، وعدت في أعين الناس كالدرهم الزائف لا يقبله أحد.
أنت.. يا من أصبحت في مزاولة الدنيا كعاصر الحجر يريد أن يشرب منه، ويا من سدت في وجهك منافذ الرزق وأبواب الحلال.
أنت.. هل نسيت رحمة الله وفضله؟
ايانا عباد الله وفقدان الأمل
فالحياة من غير الأمل والثقة بالله هم وكدر ويأس وحزن وهزيمة وذلة وانكسار.
نتعلم من الهجرة حرص رسول الله على الصحبة:
رأينا حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مراحل حياته، وفي كل خطوات دعوته على مسألة الصحبة، عاش حياته في مكّة بصحبة، وخرج إلى الطائف بصحبة، وقابل الوفود بصحبة، وعقد البيعة التي بنيت عليها دولة الإسلام بصحبة، وها هو يسأل جبريل تعالى عن صاحبه في الهجرة، كل هذا، وهو من هو، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كل الناس يحتاج إلى صحبة، وهو يعلمنا أن نبحث دائمًا عن الصحبة الصالحة، لقد سطَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدة إسلاميّة أصيلة: "الشَّيْطَانُ مِعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الاِثْنَيْنِ أَبْعَدُ"
وقد طبَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه القاعدة في حياته هو شخصيًّا، مع أن الشيطان ليس له سبيل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنذ أن شقّ صدره وقد أخرج من قلبه حظ الشيطان، وأعانه الله تعالى على الشيطان فأسلم فلا يأمره إلا بخير، ومع ذلك يحافظ على الصحبة، يعلمنا ويهدينا ويرشدنا صلى الله عليه وسلم.
نتعلم من الهجرة قيمة الوطن، الوطن غالي والدين أغلى كيف.
ولا شك أن للهجرة دروس لا تُحصى ولا تُعَدُّ، ومن المستحيل أن نحيط بها كلها، ولكننا نشير هنا إلى بعض تلك الدروس التي نتعلمها من حديث الهجرة، عسى الله تعالى أن ينفع بها في زمننا هذا الذي نحتاج فيه إلى استلهام الدروس والعبر وأن نقف أمام حدث الهجرة تلاميذ نتعلم منه ونتتلمذ على يديه.
نتعلم من الهجرة الأخذ بالأسباب:
لقد بذل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه كل ما في طاقتهما لإنجاح عملية الهجرة، وهذا هو الإعداد المطلوب من المؤمنين، أن يُعِدُّوا ما يستطيعون، وما فوق الاستطاعة ليس مطلوبًا منهم {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60].
لقد تم توزيع الأدوار فالاستخبارات لعبد الله بن أبي بكر والدليل الخريت الماهر بالطريق عبد الله بن أريقط والذي لا يزال على شركه، والتموين للراعي وأسماء مع ضمان محو آثار الطريق، والسير في الاتجاه المعاكس تماما، والتواعد على تلقي الراحلتين بعد ثلاثة أيام حيث يظن هدوء الطلب، ثم أخذ الطريق الساحلي، ومع كل هذا توكل كامل على رب الأسباب، فالنبي صلى الله عليه وسلم يطمئن عليا بأنه لن يصيبه مكروه، وينطلق عليه السلام بين السيوف المشرعة في غير عجلة من أمره بل يتوقف عليه السلام حتى يضع على رأس كل صنديد من صناديد قريش حفنة من تراب، وأبو بكر يرتجف في الغار وهو يسمع قرع نعال المشركين، ويقول لو طأطأ أحدهم رأسأه لرآهما مما يؤكد أنه لم يكن ثمة خيوط عنكبوت أو عش حمام، ونبي الله يقول في كل ثقة وطمأنينة "ما بالك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما" وفي ذلك نزل قول ربنا في سورة التوبة:"إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ". التوبة
وهنا نتعلم أنك إذا قمت بما عليك وأخذت بما تستطيع من أسباب، فإن الله تعالى سيكمل لك ما يحدث من نقص خارج عن إرادتك؛ لذا أغشى الله تعالى عيون المشركين أمام بيت الرسول فلم يروه وهو خارج، ولم يجعلهم يلقون نظرة واحدة داخل الغار حتى لا يروا حبيبه صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وأساخ أقدام فرس سراقة في الرمال وألقى الرعب في قلبه، وشرح صدور بريدة وقومه للإسلام فآمنوا وقد خرجوا مشركين فعادوا مسلمين.
نتعلم من الهجرة الاعتماد على الله:
لم يعتمد الرسول صلى الله عليه وسلم على الأسباب وترك رب الأسباب، حاشا لله، إنما كان يعلم أن الأسباب لا تأتي بنتائجها إلا إذا أراد الله تعالى، ولذلك فبعد أن بذل أسبابه كاملة تحلَّى بيقين عظيم في أنَّ ما أراده الله تعالى سيكون، ظهر ذلك في كلمته الرائعة: "مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا".
وظهر ذلك -أيضًا- في أنه لم يكن يكثر الالتفات في الطريق، فقد أدَّى ما عليه، وما أراد اللهُ تعالى واقع لا محالة. وبدون هذا اليقين لا يمكن للدولة المسلمة أن تقوم.
نتعلم من الهجرة الأمل والثقة في النصر:
إن من أعظم دروس الهجرة وأجل عبراتها "صناعة الأمل".. نعم، إن الهجرة تعلِّم المؤمنين فن صناعة الأمل. الأمل في موعود الله. الأمل في نصر الله. الأمل في مستقبل مشرق لـ "لا إله إلا الله". الأمل في الفرج بعد الشدة، والعزة بعد الذلة، والنصر بعد الهزيمة.
لقد رأيتم كيف صنع ستة نفر من يثرب أمل النصر والتمكين. وها هو رسول الله يصنع الأمل مرة أخرى حين عزمت قريش على قتله.
قال ابن إسحاق: فلما كانت عتمة من الليل، اجتمعوا على بابه يرصدونه متى نام فيثبون عليه.
وعلى كل حساب مادي يقطع بهلاك رسول الله، كيف لا وهو في الدار والقوم محيطون بها إحاطة السوار بالمعصم. مع ذلك صنع رسول الله الأمل، وأوكل أمره إلى ربه وخرج يتلو قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} [يس: 9].
خرج الأسير المحصور يذرّ التراب على الرؤوس المستكبرة التي أرادت قتله! وكان هذا التراب المذرور رمز الفشل والخيبة اللذين لزما المشركين فيما استقبلوا من أمرهم. فانظر كيف انبلج فجر الأمل من قلب ظلمة سوداء.
ويمضي رسول الله في طريقه يحث الخُطا حتى انتهى وصاحبه إلى جبل ثور، وهو جبل شامخ وعر الطريق صعب المرتقى، فحفيت قدما رسول الله وهو يرتقيه، فحمله أبو بكر وبلغ به غار ثور ومكثا هناك ثلاثة أيام.
*خطبة جمعة بعنوان:*
*ماذا نتعلم من مدرسة الهجرة*
*للشيخ الدكتور/ هادي الصلاحي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبـــة.الاولـــى*
الحمدُ لله إليه تصير الأمور، وبيدِه تصريفُ الدّهور، أحمده سبحانه وأشكره، عمَّ الخلائقَ فضلُه وإحسانه ، ووسِع المذنبين عفوُه وغفرانُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، عظُم شأنه وعزّ سلطانه وجل ثناءه وتقدست أسمـــاءه ،..
وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبد الله ورسوله، بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً ...
يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً
مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت
وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ
فَـإِذا سَـخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى
وَفَـعَـلـتَ مـا لا تَـفعَلُ الأَنواءُ
وَإِذا عَـفَـوتَ فَـقـادِراً وَمُـقَدَّراً
لا يَـسـتَـهـيـنُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ
وَإِذا رَحِــمـتَ فَـأَنـتَ أُمٌّ أَو أَبٌ
هَـذانِ فـي الـدُنيا هُما الرُحَماءُ
صلّى الله وسلّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين،
وسلَّم تسليمًا كثيرًا ...
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،...
أما بعــد :
كان نبيُّنا عليه الصلاة والسلام في لحظاتٍ مضَت في أوائل بعثته يَسمع رجلًا عالمًا يُشير إلى أنه ستأتي أيامٌ ستُخرج يا محمد من مكة، فيبلغ به العجَب كلَّ مبلغ، كان ذلك حين بدايات الوحي، لما نزل على نبيِّنا عليه الصلاة والسلام، فما كان من السيدة الكريمة، والمرأة النبيلة العظيمة، خديجة بنت خويلد رضي الله عنها إلا أن انطلقَت هي ورسول الله عليه الصلاة والسلام إلى ابن عمِّها ورقة بن نوفل، وكان رجلًا قد قرأ الكتب المتقدِّمة وعنده العلم، فلما قصَّ عليه النبيُّ عليه صلى الله عليه وسلم ما كان له من بدايات الوحي الذي نزل عليه به جبريل عليه السلام في غار حِراء، فإذا بورقة لما سمع ذلك يقول: ليتني أكون حيًّا إذ يُخرجك قومُك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَوَمُخْرِجِيَّ هم؟)) قال: نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا. رواه البخاري.
فتأملوا في هذا التعجُّب الذي بلغ في خاطر رسولنا صلى الله عليه وسلم: ((أَوَمُخْرِجِيَّ هم؟))؛ يتألم ويتفجَّع: لماذا أُخرج؟ وأنا مَن أنا عندهم حبًّا وكرامة، فكان إذ ذاك يُدعَى الأمين والصادق، ثم سيخرجوني من هذه البلدة، مِن حَرَمِ الله وجِوار بيته، مِن بلدة جدي إسماعيل وإبراهيم، يخرجوني مِن هذه البلدة التي بلغ حبُّها في القلب كلَّ مبلغ؟ فهو عليه الصلاة والسلام يَستَغرب أن يكون هذا مآله، وأن تفعل معه قريش ذلك.
فتمضي الأيام، ويُشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأذيَّة وهذا العداء من قومه، ما جاء رجل بمثل ما جئتَ به إلا عودي، عاداه قومه وحاربوه ولم يقبلوا منه، حتى جاءت ليلة الهجرة في اللحظات التي يخرج فيها نبيُّنا عليه الصلاة والسلام من مكة، فيقِف على مَشارفها مُلتفتًا إليها وقد بلغَت اللوعة في قلبه كل مبلغ، كيف يُخرج منها؟ فإذا به عليه الصلاة والسلام يخاطب مكة: ((والله إني أعلم أنك خيرُ أرضِ الله وأحبُّها إلى الله، ولولا أنِّ أهلَكِ أخرجوني منك ما خرجتُ)).
وفي رواية أخرى: ((ما أطيَبَكِ مِن بلد، وما أحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنتُ غيرَك)). رواه الترمذي.
عباد الله:
لقد جاء وقت إخراج النبي صلى الله عليه وسلم
جاء بعد ثلاثة عشر عاما من المعاناة والإيذاء وشدة البلاء، أذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة...
ثلاثة عشر عاما لاقى فيها النبي الكريم وأتباعه ما لاقوا...
فيها قتل عمار وسمية .. وسال من الحرق ودك ظهر خباب.. واخضرت من اللطم عين ابن مظعون.. وجفت من طول الجوع بطون وحلوق المحاصرين في شِعب أبي طالب…
ثلاثة عشر عاما من محاولات حجب شمس الهداية بغربال الكبر والصلَف، وإطفاء نور الله بأنفاس ضِعاف لا تكاد تطفئ شمعة...
ثلاثة عشر عاما ماتت فيهم الزوجة.. وتشرد الأصحاب.. وتنكبت له فيها الأرض جميعا…
ثم أذن الله لنبيه أن يهاجر، وللدين أن ينتشر… فكان حادث الهجرة، وكانت بداية العهد الجديد للدعوة المباركة…
أبو بكر: "والذي بعثك بالحقِّ، ما كانَتْ لتكون من مُلِمَّة إلاَّ أن تكون بي دونَك"، فلما انتهَيا إلى الغار، قال أبو بكر: "مكانك يا رسول الله، حتَّى أستَبْرِئ لك الغار"؛ رواه الحاكم في "المستدرك"، وقال الذَّهبي: صحيح مُرسل.
*4- إتقان التخطيط*
*وحسن توظيف الطاقات:*
إن الهجرة تعلِّمنا كيف يؤدِّي التخطيطُ الجيِّد دَوْرَه في تحقيق النَّجاح، ومن أعظم أسُسِ التَّخطيط حُسْنُ توظيف الطاقات، وسلامة استغلال القدرات المتاحة، فالصَّدِيق قبل الطريق، والراحلة تُعْلَف وتُجهَّز قبل أربعة أشهر وبِسرِّية تامَّة، وعليُّ بن أبي طالب يُكَلَّف بالنوم في فراش النبِيِّ - صلى الله عليه وسلَّم - تَمويهًا على المشركين وتخذيلاً لَهم، وهو دور الفتيان الأقوياء.
وأمَّا دور النِّساء، فيمثِّله قولُ عائشة - رضي الله عنها - متحدِّثة عن نفسها وأختها أسماء: "فجهَّزْناهما أَحَثَّ الجَهازِ"أسرعه، والجَهاز: ما يُحتاج إليه في السَّفر، "وصنَعْنا لهما سُفْرة" الزَّاد الذي يُصْنع للمسافر "في جِراب" وعاء يُحْفَظ فيه الزاد ونَحْوه، "فقطعَتْ أسماءُ بنت أبي بكر قطعةً من نِطاقها، فربطَتْ به على فَمِ الجراب، فبذلك سُمِّيَت ذات النطاقين"؛ البخاري.
وأمَّا دور الأطفال، فيمثِّله عبدالله بن أبي بكر، قالت عائشة - رضي الله عنها -: "ثُم لَحِقَ رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - وأبو بكر في غارٍ في جبل ثَوْر، فكَمُنَا" اختفَيا "فيه ثلاثَ ليالٍ، يبيت عندهما عبدالله بن أبي بكر، وهو غلامٌ، شابٌّ، ثقفٌ"حاذق فطن، "لَقِنٌ" سريع الفهم، "فيدلج من عندهما بِسَحَر" قُبَيل الفجر، "فيصبح مع قريش بِمكَّة كبائتٍ، فلا يَسْمع أمرًا يُكتادان به إلاَّ وعاه، حتَّى يأتيَهما بِخَبَرِ ذلك حين يختلط الظَّلام" تشتد ظلمة الليل؛ البخاري.
ومِن كمال التخطيط، كان الراعي عامِرُ بن فهيرة يسلك بقطيعه طريق الغار؛ لِيُزيل آثار الأقدام المؤدِّية إليه، ثم يسقي النبِيَّ - صلى الله عليه وسلَّم - وصاحبَه مِن لبن غنَمِه.
ومن كمال التخطيط أنِ اتَّخَذ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلَّم - عبدالله بن أريقط دليلاً عارفًا بالطريق برغم كونِه مشركًا، ما دام مؤتَمنًا، متقِنًا لعمله؛ ولذلك أرشدَهم - بِمهارته - إلى اتِّخاذ طريق غير الطريق المعهودة.
*5- الثبات على الموقف*
*والبحث عن الحلِّ الشامل* ،
وليس الاقتصار على مفاوضات البدائل التَّرقيعيَّة، ومناقشات الحلول التخديريَّة الآنية، لقد بدأ الحلُّ الشامل منذ أن عُرض على النبيِّ - صلى الله عليه وسلَّم - أن يَعْبد إله المشركين عامًا، ويعبدوا إلَهَه عامًا، فأبَى ذلك، ثم تطوَّرَت العروض والمغريات حتَّى وصلَتْ إلى ذروتها مع عتبة بن ربيعة حين قال للنبِيِّ - صلى الله عليه وسلَّم -: "يا ابن أخي، إن كنْتَ إنَّما تريد بِما جئتَ به من هذا الأمر مالاً، جَمَعْنا لك من أموالنا حتَّى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفًا، سوَّدْناك علينا حتَّى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد مُلكًا، ملَّكْناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رَئِيًّا تراه" مَسًّا من الجن "لا تستطيع ردَّه عن نفسك، طلَبْنا لك الطِّبَّ، وبذَلْنا فيه أموالنا حتَّى نبرئك منه"؛ حسَّنَه في "ص. السيرة النبوية".
إن الحلَّ الشامل لبلاد المسلمين يَكْمُن في استقلالهم الكامل بذاتِهم، والعمل على التخلُّص من التبعيَّة الفكريَّة والاجتماعية، والاقتصادية والسياسيَّة للشَّرق أو للغرب، وليس عَبثًا أن يَختار عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - التَّأريخَ للمسلمين بالْهجرة، ويقول: "الهجرة فرَّقَت بين الحقِّ والباطل"، فحَلُّ الأزمات بِيَدِ الله لا بيد غيره، إنْ نَحْن عقَدْنا العزم على التمكين لدينه، ونَشْر سُنَّة نبيِّه، وهنا يطالعنا الدرس السادس.
*6- شدة التوكل على الله:*
يقول تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾ [القصص: 85]، قال ابن عباس: "لَرادُّك إلى مكَّة كما أخرجَك منها".
مَنِ الذي منع المشركين من أن يَعْثروا على النبِيِّ - صلى الله عليه وسلَّم - وصاحبه، وقد وقَفوا على شفير الغار، حتَّى قال أبو بكر: "لو أنَّ أحدهم نظر تَحْت قدمَيْه لأبصرنا"؟ إنه الله؛ ولذلك كان جواب الرسول - صلى الله عليه وسلَّم -: ((ما ظَنُّك يا أبا بكر باثْنَيْن اللهُ ثالثُهما؟))؛ البخاري.
إن التوكُّل سبيل النَّصر، فكلما احلولكَتِ الظُّلمات، جاء الصُّبح أكثر انبلاجًا، ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ﴾ [يوسف: 110]، إنَّها جنودُ الله التي تصحب المتوكِّلين عليه، هذا سُراقة بن مالك يُبْصِر مكان المختبِئَيْن، ويَحْزن أبو بكر ويقول: "أُتينا يا رسول الله"، فيقول له النبِيُّ - صلى الله عليه وسلَّم -: ((لا تَحزنْ؛ إِنَّ الله مَعَنا))، فإذا بالعدوِّ ينقلب صديقًا، يعرض عليهما الزادَ والمتاع، ويَذْهب بوصيَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((أَخْفِ عنَّا))؛ البخاري.
*7- من معا
ني الهجرة:*
• هجرة المعاصي وما يُعْبَد من دون الله، قال تعالى: ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [المدثر: 5]، وقال - صلى الله عليه وسلَّم -: ((الْمُسلم من سَلِم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر مَن هجر ما نَهى الله عنه))؛ متَّفَق عليه.
• هِجْرة العصاة، ومُجانبة مُخالطتهم، قال الله تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 10]، وهو الذي لا عتاب فيه.
• هجرة القلوب إلى الله تعالى، والإخلاص في التوجُّه إليه في السرِّ والعلانية، قال النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((فمَنْ كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرتُه إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لِدُنيا يصيبها أو امرأة يتزوَّجها فهجرته إلى ما هاجر إليه))؛ متفق عليه.
• أيُّها الناس، إنْ كان الصيام في شهرِ مُحرَّم مستحبًّا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((أفضل الصيام بعد شهر رمضان، شهر الله الذي تدْعونه المُحرَّم))، فإنَّ صوم اليوم العاشر منه المعروف بعاشوراء آكَد، نصومه شكرًا لله؛ لأنَّه أَنْجى فيه موسى - عليه السَّلام - وأغرق فيه فرعون، فكان صيامُه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((يكفِّرُ السَّنَةَ الماضِية))؛ مسلم، ومن استطاع أن يصوم يومًا قبله فهو أفضل.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
فما أشدّ خسارة مَن لم يُقدّر ما هو فيه الآن من فُرصَة العُمر،... وما هو مُحاطٌ به الآن من النّعَم.
..عمرٌ يضيعُ أغلبُهُ في السّير إلى غير الله،..ونعمٌ تستعملُ مُعظمُها في غير مراضي الله....
فما أشدّ غفلتنا والله!، واسمعوا إلى قول رسول الله ﷺ: ((لَيْسَ يتحسَّرُ أهل الْجنَّة إِلَّا على سَاعَة مرَّت بهم لم يذكرُوا الله تَعَالَى فِيهَا)) [البيهقي].
لمّا يُقالُ أنّهُم من أهل الجنّة، وقبل أن يدخلوها،....تتملّكُهُم الحسرة... على كلّ لحظة مِن دُنياهُم ضاعت دون ذكر الله.... كان من الممكن أن تصعد بهم.. إلى درجات أعلى وأرقى في الجنَّة.
-فوالله ما أشدّ خسارة من يستخدم شبابه وصحّته في معصية الله، ...في الشّهوات المُحرَّمة، وفي النَّظر المُحرَّم، ويا لَحَسرَةِ مَن يستخدم قوَّتَهُ في البغي والظلم والبطش بالنَّاس،... فهذا كله نذيرُ شُؤمٍ ....ودليلُ خُذلان،... لأنّ الله إذا أحبّ عبدا استعمله... كما قال ﷺ، فقيلَ: "كيفَ يستعملُهُ يا رسولَ اللَّهِ؟!"، قالَ: "يُوفِّقُهُ لعمَلٍ صالحٍ قبلَ الموتِ" ثم يقبضه عليه.. [الترمذي].
يا لَخسارة من لم يُوَفَّق لسلوك طريق الله، لا يعرفُ كيف يسلُكُ طريقَهُ الى الله،.....لكنّه يعرفُ جيّدا... كيف يسلُكُ الطّرق إلى شهوَتِه وهواه.
يا خسارة من يحسبُ أنه أتى لهذه الدّنيا ليعيشها على مَزاجِه،
....فنحن ما أتينا لنعيش على مزاجنا أبدا...
ما أتينا لنقتل أوقاتنا فيما لا يعني،... ونملأ فراغنا بالاشتغال بالتَّفاهات". ولا لنعيش للمُتعة واللَّذة"،.... بل جئنا للابتلاء. والعمل،... بل وإحسان العمل: ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)).. فلا نعرّض أنفسَنا للخَسَارة.. وللضّياع، وللغُبْن،...فقد جاء في الحديث:((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس،الصحةوالفراغ)).
وقد سميت سورة في القرآن بسورة(التغابن).
عباد الله: ولمّا كان حال أغلب النّاس كما ذكرنا، كان جوابُ ذلكَ القسم من ربّنا: ((إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ))،.. حال أغلب النّاس أنَّهم يسيرون إلى الخسارة... وهم لا يعلمون.
وإنّ مِن رحمة ربّنا بنا... أنَّه بيَّنَ لنا سبيل النَّجاة من تلكم الخسارة، ...ووصفة النّجاح في الدُّنيا والآخرة، فقال:
((إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)).
. قال ابن القيّم -رحمه الله-: "هؤلاء هم ثنيَّةُ الله في خلقه"، يعني: هم الاستثناء، ...وهم النُّخبَة،..هم خلاصة البشر وخير البريَّة،... أمّا الباقي فكلُّهم الى الخساران..
-إنّ ربّنا من خلال هذه الوصفة.. يُرشدنا إلى أن نُفرّغ جُهدَنا... ونجعل تركيزنا في أربعة أمور لا غير،...أربعة أمور... يضمن لنا بها نجاتنا.. ونجاحنا.. في الدّنيا والآخرة.
-العلم بالإسلام ومعرفة لوازم الإيمان:((إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا)): فإنه لا إيمان إلا بعلم،.. قال ﷻ: ((فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ)).. فإن بالعلم.. تعرف جلال الله ، وكماله وعظمته،.. والعلم وحده.. يورث الانقياد، والخضوع، واليقين،... والعلم وحدهُ... يصنع من الإنسان.. إنسانا ربَّانيًّا.. صالحا مُصلحا.
وبالعلم وحده... يرفعنا الله درجات.... فعلينا أن نجتهد في الظفر بالعلم ..ومعرفةالله سبحانه.
-الثاني: العمل بالإسلام:((وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ))...
فيجاهد الإنسان نفسه... على المداومة على العمل وإن قل، ولا يحقرن من المعروف شيئا،... ولأهميّة العمل قال نبيّنا ﷺ.. يوما لأصحابه -وأشار إلى قبر-: ((رَكْعتانِ خَفيفتانِ بِما تَحقِرُونَ وتَنفِلُونَ يَزيدُهما هذا في عملِهِ أحَبُّ إليه من بقيَّةِ دُنياكُمْ))..[البخاري].
-ثالثا : التواصي بالحق: ((وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ))... فأقلُّهُ.. أن تُبلّغَ عن الله ورسوله .. ولو آية.. تسمعها في درس أو في خطبة،.. فقد قال لي ولكم،بأبي هو وأمّي ﷺ: ((بلِّغوا عنّي ولو آية))
[البخاري]،..
-وللعلم.. أنّو كلّ واحد منا سيتحاسب.. على الشيء الذي كان يستطيع أن يبذله.. لهذا الدّين... لكنَّهُ تقاعَسَ وقصّرَ ولم يبذل".
-عباد الله: إنَّ أهم ما في هذه الأمور الأربعة هو قوله ﷻ: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، أن تصبر على الاستمرار في العلم بالإسلام، وعلى العمل بالإسلام، وعلى العمل للإسلام، أن لا تنسحب من كل ذلك لأتفه الأسباب ولأقلّ المغريات.
أنتَ مطالبٌ بالصَّبر على أن يكون لك وردٌ يوميٌّ من كتاب الله، وردٌ يوميٌّ من قراءة تفسير كلام الله، من قراءة في سنَّة رسول الله، من أدعية وأذكار، من صلة الرّحم، من برّ الوالدين، من تبليغ آية، وكلّ ذلك من أجل أن يقوى هذا القلب ويثبت أمام صعوبات وفتن الحياة، وكل ذلك يحتاج مني ومنك إلى صبر ومصابرة.
وإنّ السَّبيل الأوحد لتحصيل هذا الصّبر على كلّ ذلك هو: مراقبة هذا القلب وصيانتُهُ مِن التّعرّض للفتن. يقول ﷺ: "تُعرَضُ الفِتَنُ على القلوب كالحصير عودا عودا، فأيُّ قلبٍ أُشرِبَها نُكِتَت فيه نكتة سوداء" [مسلم]....
فلهذا معاشر المسلمين " ادعو المسلمين إلى التوبة إلى الله من سوء استخدام الجوال الذكي كذلك أدعوهم إلى منع إلى منع الأولاد الشباب والشابات ومن دونهم من تعاطي واستخدام وأمتلاك الجوال الذكي ولكن قد يحصل الضعف وقد يظن أن هذا من باب يعني أن لا يحصل وأن لا يحصل فنقول لمن ضعف في هذا فان كنت ولابد قد رأيت أن تعطي ولدك أو أولادك وتعطي بناتك هذا البلاء وهذا الدمار عليهم فلتكن منك المراقبة و المتابعة والنظر فيما يدخل في الجوال وفي الأماكن التي يغشاها الأولاد ومن يصاحب صارت القضية المكر فيها سهل الحيلة فيها سهل التوجه إلى الشر صار سهلاً جداً لا يتعب من يريد ذلك.
وذلك أن الشر صار بين يدي الشخص وفي جواله في كل وقت وفي آن يتعاطى من الشر ما أراد ويمسح ويمحو فهذه بليتنا العظيمة
معاشر المسلمين " الأفلام الإجرامية والمسلسلات التي فيها المنكرات ما أكثر انتشارها وصارت تعرض وتنشر على أنها تقدم بالطرق المغرية والخداعة والمكر للمشاهدين والرائين يا عباد الله إلى متى؟
إلى متى السقوط وراء الأعداء؟
إلى متى الهبوط؟
إلى متى التحول إلى الشرر والفتن؟
إلى متى يبقى على هذا المسلمون أمور مبكية محزنة فندعوا إلى التوبة إلى الله
فاستخدام الجوالات فيما حرم الله من الكبائر من كبائر الذنوب التي يقع فيها من يقع
يا عباد الله " ما أذن الله للمسلم أن ينظر نظرة واحدة إلى وجه امرأة بنية التعمد وبطريق التعمد ما أذن له بذلك اليوم صار النظر والمشاهدات والمرئيات إلى النساء وهن عراة إلى فواحش الزنا وإلى جرائم اللواط وإلى وإلى أشياء مبكية محزنة فليس لنا مفر ولا مخلص ولا نجاة إلا أن نتوب إلى الله أن نصدق مع الله وأن نرضى بالرجوع إلى الغيرة الدينية وإلى الحياء الذي جاء بالإسلام والعفاف الذي تربع على قلوب المسلمين على مر العصور ليس لنا نجاة ولا مخلص
إلا أن نرجع إلى قيمنا وشيمنا ورجولاتنا وأن نرجع إلى أننا محافظون وصينون للإعراض للإعراض لا منتهكون.
أيها الناس " المطلوب المبادرة بالتوبة إلى الله هذا واحد، والثاني بالإصلاح بالإصلاح الداخلي بالإصلاح في داخل الأسر بالإصلاح في داخل الأسر
الأسر صارت إلى المصائب والنكبات بسبب استخدام الجوال الذكي.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم لا تدعنا ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا ديناً إلا قضيته ولا عدواً إلا قصمته.
اللهم عليك بأعداء الإسلام.
اللهم عليك بأعداء الإسلام.
اللهم عليك بأعداء الإسلام
اللهم إنا نسألك أن تنصر دينك وعبادك المجاهدين في سبيلك في فلسطين وفي كل مكان.
اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزم أعداءك أعداء الدين اهزم اليهود والنصارى المعتدين.
اللهم إنا نسألك أن تجعل الهزيمة لاحقة بهم.
اللهم إنا نجعلك في نحورهم.
اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم.
اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم.
اللهم إنا نجعلك في نحورهم.
اللهم خذ بنواصينا إلى طاعتك.
اللهم خذ بنواصينا إلى طاعتك.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
بعد مدة قصيرة جاء الدش الذي هو أوسع في الشر من التلفاز وأنتشر عالمياً أيضاً الجرائم الفجور الشرور صارت في عصرنا تنتشر عالمياً لا تبقى محصورة على أشخاص ولا على دولة ولا على شعب ولا على أمة إنما صار الأمر بما لم يكن حاصلاً في الأمم السابقة جاء الدش وأنتشر وتفشى وصار في البيوت وفي غيرها ولم يسلم من ذلك إلا من تمسك بدين الله وشرعه وأعتصم بالله وأتقى الله وراقبه.
بعده جاء النت الذي هو أدهى وأمر الذي جمعت فيه شرور العالم بمختلف أصنافها وأنواعها.
جاء هذا النت الذي فيه ما سمعتم ومن ثم أقبل من أقبل عليه من الرجال ولم يسلم من ذلك إلا من ثبت على دين الله وشرعه.
بعد ذلك جاء الجوال الذكي الذي صار فيه شرور العالم وهو وأن كان يستخدم في الخير وفي الشر على حسب ما يستخدمه مالكه ومقتنيه هذا صحيح إلا إن استخدام الجوال الذكي من قبل المسلمين إلا من رحمه الله في الشرور والفجور والفتن صار استخداماً واسعاً والشر يخرج من بلاد الكفر وهو ذراع ويصير عند المسلمين باعاً يخرج ذراع ويسير عند المسلمين باعاً.
أعني الذين يقبلون ما يأتي من قبل الأعداء وصار المسلمون إلا من رحمهم الله صاروا يتقبل ما يأتي من قبل الأعداء ما جاء من قبل الأعداء مقبول محبوب مرغوب مسلم بقبوله لا يتراجع عن ذلك هذا عند المفتونين وهذا حال المفتونين من المسلمين وهذا حال المقلدين من المسلمين الذين قبلوا من أعداء الإسلام كل شر كل رذيلة وكل بلية نعوذ بالله هذا حاصل الآن
ومن ثم اشتغلت التواصل الإجتماعي من صار معه جوال الجوال الذكي صار يدخل وينزل ويقتني من المواقع مواقع التواصل في جواله ما يشاء وصار الجوال هذا يحمل شرور العالم ورذائل الدنيا وفجور الناس هذا عند من لا يراقب الله في استخدام الجوال ولا يتقي الله في استخدام الجوال
وكلامنا هو عن هذا الصنف فليس كلامنا في هذا المقام عن من إقتنى الجوال لأمور الدين والدعوة إلى الله والخير وهكذا لأمور مباحة إنما كلامنا على القطيع الأكبر من المسلمين الذين فتنوا بالجوال الذكي وصاروا في أمر مريج في هذا فكثرت مواقع التواصل الإجتماعي في الجوالات التي تستخدم وهي وإن تفاوتت في الشر إلا أنها كلها تحمل من الشر ما تحمل فاستخدام الواتساب والفيسبوك بعدها.
وما جاء بعد ذلك فالشرور أعم وأطم وأكثر وأوسع فستخدامها في الجوال فيه من الأضرار ما الله به عليم ثم استغلت هذه استغلت مواقع الإتصال مواقع الإتصال الجماعي استغلالاً واسعاً من قبل أرباب الشرور.
فالنصارى عندهم الآف المواقع للتنصير لتنصير المسلمين فالتنصير في مجال المواقع مواقع التواصل الإجتماعي واسع جداً الذي ينظر إلى الساحة يقول وين المنصرون؟
وين التنصير هذا؟
لا يوجد لكن صارت المعارك وصارت الدعوات الساخنة والإجرامية في تنصير المسلمين عبر مواقع التواصل الإجتماعي صار هذا من الأمور الواسعة.
كذلك الإلحاد الإلحاد الذي صار فاشياً ومنتشراً في أوساط المسلمين من سب الله ودين وأنبياء الله ورسل الله وإنكار وحدانية الله وألوهية الله وربوبية الله إلى غير ذلك من أنواع الإلحاد صار هذا متفشياً وسأضرب لكم مثالاً واحداً
ذكر المؤلفين إن إحدى المحاكم في الوطن العربي وصل إليها شخص ينشره في التواصل الإجتماعي أموراً إلحادية فعثر عما نشر على ستمائة رسالة على ستمائة رسالة وتغريدة في الإلحاد هذا رجل واحد في أوساط المسلمين بل في بلاد العرب.
هذا شغله في الدعوة إلى الإلحاد وفيه الإشاعة والنشر لهذا المحكمة التي عثرت والتي وقفت على أن هذا الرجل قد ارتكب هذه الشنائع في الإلحاد حكمت عليه بعشر سنوات سجن وحكمت عليه أن يجلد ألفي جلدة وحكمت عليه أنه يدفع غرامة مالية كذا وكذا فما أوسع باب الإلحاد الذي في بلاد المسلمين ومن ذلك في بلاد العرب الذين هم منبع الإسلام.. الذين هم منبع الإسلام والحماة للإسلام والحراس للدين صار الأمر فوق ما يتصور المصورون
وهكذا أيضاً انتشار المواقع للسهر الذين يدعون إلى السحر والتنجيم والكهانة وغير ذلك من أنواع الدجل وكم خدع من المسلمين وكم لطم من المسلمين بأن تواصل مع أشخاص يظنهم صادقين وهم كاذبون يظنهم على خير وإذا بهم منجمون وسحرة وكهان عياذاً بالله
ومما يخشى عليه من الجهال من المسلمين الذين يعشقون التتبع والتبحث والتعرف على ما في المواقع والمتابعة والبحث عن الجديد فيخشى عليهم أن تكثر فيهم مصائب السحر أن تكثر فيهم مصائب السحر
ولهذا ذكر بعض السحرة أنهم يسحرون عن طريق الصورة إذا وجد للرجل صورة في جواله أو للمرأة فيسعون إلى سحره عن طريق الصورة
وكم أشياء وأشياء في هذا الباب وفي هذا المجال
أما مجال إنتهاك الإعراض ودياسة القيم وإفساد الحياء وإذهاب العفاف بين الرجال والنساء هذا أعني في أوساط المسلمين فهذا باب واسع وشرها فظيع والمنكرات فيها صارت مترامية الأطراف، الأطراف في هذا الباب كم أسر أهينت؟ كم آباء نكسواْ رؤوسهم؟ بسبب الفساد الذي دخل على أسرهم من قبل أبنائهم أو بناتهم أو من قبل أنفسهم بعض الآباء وبعض
عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يقول العبد يوم القيامة: يا رب ألم تجرني من الظلم فيقول بلى فيقول إني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا من نفسي فيقول: «كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً، وبالكرام الكاتبين شهودا» فيُختم على فيه ويُقال لأركانه انطقي فتنطق بأعماله، ثم يُخلى بينه وبين الكلام فيقول بُعداً لكُنّ وسُحقا، فعنكُنّ كنت أُناضل.
أخي: حاسب نفسك لنفسك
وأخلص تخلص فالناقد بصير ..
العمر ينقص والذنوب تزيد
وتُقال عثرات الفتى فيعـــود
هل يستطيع جحود ذنبٍ واحد
رجـــل جوارحـــه عليه شـــهـــود
عباد الله: صلوا وسلموا على سيد البشرية محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بذلك فقال في كتابه الكريم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب:56].
اللهم صلّ وسلم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد .
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
فهذا صله بن أشيم يقول أحد أصحابه: كنت أسمعه يقول بعد صلاة الفجر في دعاءه: «اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار، ومثلي لا يستحق أن يطلب الجنة».
وكلما عرف الإنسان ربه حقَّ المعرفة عرف أن ما معه من البضاعة والطاعة مهما عظمت وكبرت وزادت لا تساوي شيء، ولو جاء بعمل الثقلين، لأنه أمام ربٍّ سريع الحساب.
ها هو أبو بكر - رضي الله عنه - يدخل مزرعة أحد الأنصار ويرى طائر يطير من شجرة إلى أخرى فيتأمل ويقول: «هنيئاً لك يا طائر ترد الشجر، وتأكل وتشرب وتموت ولا حساب ولا عقاب، يا ليتني كنت شعرةً في صدر عبدٍ مؤمن».
وها هو عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يخاطب نفسه كما يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه - أني سمعته وبيني وبينه جدار وهو يحاسب نفسه ويقول: «عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخٍ بخٍ والله لتتقينَّ الله أو ليحاسبنك الله، ويكررها».
قال الحسن البصري - رحمه الله -: في قوله - سبحانه وتعالى -: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)} [القيامة:2].
«هي نفس المؤمن لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه ويقول: ماذا أردت بكلمتي ماذا أردت بأكلتي والفاجر يمضي قُدماً لا يعاتب نفسه».
عـــباد الله :
على المؤمن أن يحاسب نفسه فالطاعة والفروض رأس المال والمعاصي هي الخسائر، والنوافل هي الأرباح، وليعلم أنّ كل نَفَس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة يمكن أن يشتري بها كنز من كنوز الآخرة.
فإذا أصبح العبد وفرغ من صلاة الصبح ينبغي أن يُفرِّغ قلبه ساعة فيقول لنفسه: «مالي بضاعة إلا العمر ولو توفاني الله لكنت أتمنى أن يرجعني إلى الدنيا يوماً حتى أعمل صالحاً»،ومن ثَم ينوي فعل الخيرات ليكون من الرابحين.
فهذا الربيع بن خثيم - رحمه الله - كان له تحت سريره حُفرة كلما رأى من نفسه إقبالاً على الدنيا نزل فيها وكأنه في قبره ويصيح ويبكي وكأنه في عداد الموتى ويقول: «ربّ ارجعون ربّ ارجعون»، ثم يصعد من الحفرة ويقول: «يا نفس ها أنت في الدنيا فاعملي صالحاً».
ويقول إبراهيم التيمي - رحمه الله -: «مثّلت لنفس كأني في الجنة آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأطوف في وديانها، وأُعانق أبكارها, ثم مثّلت لنفسي وكأني في النار آكل من زقومها، وأشرب من حميمها، وأصيح بين أهلها, ثم قلت: يا نفس أي دار تريدين فقالت أعود إلى الدنيا فأعمل صالحاً كي أنال الجنة فقلت يا نفسي ها أنت في الدنيا فأعملي صالحا».
اللهم أجرنا من النار واجعلنا
من أهل الجنة يارب العالمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله
لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخُطبـــة.الثانيـــة.tt
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه, وأشهد أن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الداعي إلى رضوانه وعلى آله وصحبه وجميع أخوانه.
وبعـــد عـــباد الله :
لنستمع ونتدبر ونتأمل في
هذه الآيات المباركة.
قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11)} [الانفطار:10 - 12].
وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} ... إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ق:16 - 18].
وقال - سبحانه وتعالى -: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)} [الجاثية:29].
وقال - سبحانه وتعالى -: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)} [البقرة:284].
وقال - سبحانه وتعالى -: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75)} ... [النمل:75].
وقال - سبحانه وتعالى -: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)} ... [الكهف:49].
وقال - سبحانه وتعالى -: وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)} [يس:12] فيا عبد الله حاسب نفسك قبل أي عمل تقوم به هل هو لله أم لدنيا أم لشهوة؟ فإن كان لله فاستعن بالله ثم حاسب نفسك أثناء العمل وأخلص النية.
وأخيراً حاسب نفسك
بعد العمل
أن لا يخالطه عُجب ولا رياء ثم استغفر من كل نقص.
للاشتراك في اللستة تفاعل نار🔥
دعـــــم طـــريــق الـــخـيــر🌪⬆️
عباد الله:
إن الحسين بن علي رضي الله عنهما قد مضى إلى ربه مظلوماً كأبيه علي رضي الله عنه حينما قتل ظلماً، ومات كما مات رسول الله والخلفاء الأربعة بعده، وغيرهم من رؤوس المسلمين وآل البيت والصحابة الكرام، الذين كان موتهم فاجعة لأهل الإسلام.
لكن الذي يؤسف له أن الرافضة في العالم يستعدون لهذا اليوم يوم عاشوراء من كل عام دون غيره من الأيام بالنحيب والضرب للصدور والخدش للوجوه والشدخ للرؤوس، حتى لم يسلم من ذلك الأطفال، كل ذلك حزناً على الحسين رضي الله عنه.
وهذه الأفعال - أيها العقلاء الأفاضل - التي يقومون بها في هذا اليوم تخالف الإسلام والأخلاق الحسنة والعقول الصحيحة والسلوك الحضاري السليم.
فلماذا كل هذا النحيب والتعذيب للنفس ولفلذات الأكباد في موت الحسين رضي الله عنه، ولم يكن في موت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان موته أعظم مصائب الموت في الأمة؟! ولماذا لم يكن كذلك في موت حمزة الذي لم يكتف المشركون بقتله حتى مثلوا به؟!
ولماذا لم يكن في موت أبيه علي رضي الله عنه، وفي أخيه الحسن رضي الله عنه، وهو الأخ الأكبر؟!
لماذا كل هذا الذكر للحسين و لا يذكرون الحسن إلا قليلا، ولماذا الإمامة في أولاد الحسين، ولم تكن في أولاد الحسن أبدا؟ ولماذا أكثر أحاديثهم مدحاً للحسين دون الحسن؟
معشر المسلمين، إن الأعمال الشنيعة التي يقوم بها بعض الشيعة في يوم عاشوراء أعمال لم يقم بها أهل القرون الثلاثة المفضلة ومنهم أهل البيت الكرام، وهم أكثر حباً وأصدق تعظيماً للآل ممن جاء بعدهم؟! إن تلك الأعمال التي تحصل منهم في يوم عاشوراء إلى يومنا هذا أعمال جاهلية نهى عنها الإسلام دين العقل والسلوك المستقيم.
يقول الله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾ [النساء29].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربع في أمتى من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب" رواه مسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" متفق عليه.
ووجع أبو موسى رضي الله عنه، وجعل يغمى عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فصاحت امرأة فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً، فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برء منه رسول الله صلى الله عليه و سلم؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم برء من الحالقة والسالقة والشاقة" رواه ابن حبان، وهو صحيح.
والحالقة هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والسالقة هي التي ترفع صوتها فيها، والشاقة هي التي تشق ثيابها في المصيبة كذلك.
فالنياحة والضرب للجسد ورفع الأصوات وشق الثياب ولباس السواد كلها أعمال تحدث في يوم عاشوراء لدى بعض الشيعة.
ومن المخالفات التي تحصل في هذا اليوم كذلك: سب الصحابة رضي الله عنهم، والطعن فيهم، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه] متفق عليه.
إضافة إلى هذه الأعمال المنكرة شرعاً وعقلاً؛ فإنه يحصل عند قبر الحسين رضي الله عنه صور من الشرك بالله تعالى مثل: دعاء الحسين رضي الله عنه والاستغاثة به، وطلب النفع منه ودفع الضر، والسجود لقبره، والله تعالى يقول: ﴿ وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ * وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس160 - 107].
ومن المخالفات: شد الرحال لزيارة المشاهد والقبور، ومن ذلك قبر الحسين رضي الله عنه ويقولون: زيارة قبر الحسين تعدل عشرين حجة!!.
ويقولون: من زار قبر الحسين يوم عاشوراء كمن زار الله في عرشه!!!.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى [متفق عليه].
ومن المخالفات: اختلاط النساء بالرجال والتشجيع على الفاحشة المسماة بالمتعة.
ومن المخالفات: أن هذه الأعمال التي يقومون بها أعمال همجية وليست حضارية، بل تشوه صورة الإسلام والمسلمين عند من لا يعرف الإسلام؛ ولذلك كانت بعض الدول التي تريد تشويه الإسلام تمول المواكب الحسينية وتستغلها أحسن استغلال.
وقد قيل: إن رئيس الوزراء العراقي أثناء الاحتلال الانجليزي للعراق عندما زار لندن للتفاوض قال له الانجليز: نحن في العراق لمساعدة الشعب العراقي؛ لكي يخرج من الهمجية، فأثار هذا الكلام حفيظة رئيس الوزراء، فاعتذروا له بلباقة وأروه فليماً لما يحدث في كربلاء!
عن ذلك اتخذ مفاتيح من الجلود، ليستطيع حمل مفاتيح كنوزه.
والركن الرابع: من هذه الأركان هم رجال الدين الذين يسخرون ما أوتوا من العلم وما مكن لهم فيه من أمور الدين لخدمة الطغيان وبقائه واستمراره وتذليل الناس له ويمثلهم السحرة الذين كانوا يقولون قبل أن يؤمنوا: { بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44)} [الشعراء]، وهم بذلك يشترون عرضا من الدنيا بما يقدمونه للطاغية، { أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41)} [الشعراء] فهم يطمعون في دريهمات فرعون يريدونها بدلا لما هم عليه من الدين السابق.
والركن الخامس: من هذه الأركان رجال الإعلام الذين يقلبون الحقائق ويكونون الرأي العام على خلاف الواقع، ويمثلهم الحاشرون، الذين كانوا يقولون للناس: { هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40)} [الشعراء] فيقلبون الحقائق ويكذبون فيها وينقلونها للناس على غير وجهها، وهذه الأركان الخمسة ما اجتمعت في وقت من الأوقات إلا جاء انتقام الله سبحانه وتعالى وأخذه الوبيل.
ولذلك فإن فرعون لما بغى وطغى وأكثر الفساد لم يستطع أقربوه أن يبينوا له الحق حتى إن رجلا مؤمنا من آله كان يكتم إيمانه ولا يستطيع أن يخاصم فيه إلا عندما رأى فرصته في آخر لحظة، عندما اتخذ فرعون ذلك القرار الجائر بأن يقتل موسى ويبرر ذلك للناس بأنه يخاف أن يفسد دينهم وأن يظهر في الأرض الفساد، فالطاغية لا يستطيع أن يبين للناس أنه ند لله وأنه يريد إفساد دين الله، بل يعتمد في قراراته للناس على أنه مدافع عن الدين، وأنه يخاف من موسى عليه السلام أن يغير دين الناس وأن يفسد في الأرض، فلذلك جاء الله سبحانه وتعالى بالآيات البينات، فبعث موسى بتسع آيات بينات، وهذه الآيات جاءت نكالا لفرعون وجنوده وجاءت على الترتيب، فأرسل الله عليهم القحط الشديد الذي أهلك زروعهم ومواشيهم، ثم بعد ذلك سلط الله عليهم الجراد الذي لا يبقي ولا يذر، ثم سلط عليهم الضفادع لا يرفعون وسادا ولا فراشا إلا خرجت من تحته، ثم بعد ذلك سلط عليهم القمل فامتلأت ثيابهم بالدماء وأصيبوا بالأمراض التي تنقلها تلك الحشرات، ثم بعد ذلك سلط عليهم الدم فكانت عروقهم تنفجر به في نومهم ويقظتهم وفي كل أوقاتهم، فلما لم ينزجروا عما هم عليه من الطغيان بين الله تعالى لموسى أنه لا بد من الصدع بالحق وإقامة الحجة، فأمره أن يرحل ببني إسرائيل ليلا من مصر، فرحل بهم وهم أهل خور وضعف وعجز، وهم بذلك إنما ينقادون لموسى لأنهم يرونه منقذا لهم، ولكنهم ليسوا يعتمدون على الله ولا يتكلون عليه لضعف إيمانهم به، فلما أمرهم موسى بذلك خرجوا معه على كره وعدم رغبة.
نتعلم من عاشوراء وقصة فرعون وموسى أن المؤمن لا يشك في وعد الله ونصره أبداً، ولا ييأس مهما ادلهمت الخطوب، متى ما قام بالأسباب المشروعة، فإن الله تعالى يسخر له مخلوقاته؛ كيف لا وهو الذي له جنود السماوات والأرض.
فهذا طاغيةٌ جبار، معه قوة الرجال والسلاح، ورهبة السلطان والملك، خرج في طلب جماعةٍ قليلي العدة والعدد، لكن الله معهم بنصره وتأييده، وفي لحظة حاسمة تتحطم قوة الباطل على صخرة الحق، وبضربة من عصا على حجر قاس تتفتح أبوابُ الفرج..
يأتي موسى البحر، فيتسرب القلقُ إلى كثير ممن كان معه؛ فالبحر أمامهم، وفرعونُ خلفهم! فيقول لهم موسى بكل ثقة ويقين بوعد الله ونصره: ﴿كَلاَّ﴾ أي لستم بمدركين، لماذا يا موسى، وما هذه الثقة؟ ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ فيأتي الفرج ممن بيده مفاتيح الفرج، ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ ـ بإذن الله تعالى اثني عشر طريقاً ـ ﴿فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾[الشعراء: 63]، صار هذا الماء السيال بين تلك الطرق ثابتاً كأطواد الجبال، فدخل موسى وقومُه يمشون بين جبال الماء في طرق يابسة أيبسها الله في لحظةٍ واحدة، آمنين، فلما تكاملوا خارجين، وتكامل فرعونُ وقومُه داخلين؛ أمر اللهُ البحرَ أن يعود إلى حاله، فنجّى الله المؤمنين، وغرّق الله الكافرين، فأين الموقنون؟!
فهل نعي هذا الدرس جيداً، ونحن نعيش ما نعيش من آلام وشدائد تمرُّ بها الأمة منذ عقودٍ طويلة؟
يجب أن نوقن -أيها الواثقون بوعد الله- أن طريق النصر ليس مفروشاً بالورود والرياحين، بل هو: إيمان وجهاد، ومحنة وابتلاء، وصبر وثبات، وتوجُّهٌ إلى الله وحده، ثم يجيء النصر، وهذا ما يُرجَى للصادقين من المسلمين في كل مكان! ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾[غافر: 51، 52].
رفيعة يجب أن نحياها ونعيشها رغم طول الطريق ووعثاءه السفر…
وهذه وصية من الصادق الأمين لاستمرار الهجرة مع طول الطريق ووعثاء السفر ...
وفي الترغيب والترهيب بإسناد جيد عن أم أنس أنَّها قالت: يا رسولَ اللهِ أوصني، قال:" أُهجُري المعَاصِي فإنَّها أَفْضَلُ الهجرةِ ، وَحَافِظِي على الفرائِضِ فَإنَّها أَفْضَلُ الجِهَادِ، وَأَكْثِري مِنْ ذِكْرِ اللهِ فَإِنَّكِ لا تَأْتي اللهَ بشيءٍ أحبَّ إليهِ مَنْ كَثْرةِ ذِكْرهِ ".
نتعلم من هذه الهجرة جوانب أخلاقية رائعة، من ذلك التضحية، حين ترك الناس أهاليهم وأموالهم وأوطانهم في الله، لإعلاء كلمة الله، والرغبة في نيل مرضاة الله، محفزات عبدت طريق الهجرة على الصحابة، صهيب الرومي مثلًا يتخلى عن أمواله لقريش ليفسح المجال أمامه للهجرة، وأم المؤمنين أم سلمة يفرق بينها وبين زوجها أبي سلمة، وابنها من أجل الهجرة.
إن المعالي لا تنال بالأماني، وأن الدعوات لا تقوم إلا على ألوان البذل والتضحيات، وأشرف التضحيات وأسماها ما كان ابتغاء وجه الله تعالى. ولقد كانت الهجرة في ذاتها نوعا من أرقى أنواع التضحية
لقد عاش الصحابة في حادث الهجرة التضحية في أروع صورها، وسجل القرآن لهم فيها روعة الفداء، وصدق التضحية، وقوة الإيمان، وثبات اليقين.
لقد عاشوا هذا المعنى في كل حركاتهم وسكناتهم، وبذلوا في سبيل دينهم الغالي والرخيص، والنفس والنفيس، وبذلوا الجهد الجهيد والوقت الثمين.
لم تشغلهم الأموال والأعمال، ولا الزوجات والأولاد عن الخروج في سبيل الله، ونصرة الدين، ضحوا بكل شيء -نعم بكل شيء- حتى تبقى راية الإسلام خفاقة، ولتبقى كلمة التوحيد تتردد في جنبات هذا الكون.
زوج يفارق زوجته، وأب يفارق أبناءه، وابن يفارق والديه، ورجل يبيع نفسه لله، وآخر يقدم ماله، وكلهم جميعًا تركوا الديار والأوطان، والأموال والأقارب والخلان، كل ذلك في سبيل رضا الرحمن وإعلاء كلمة الواحد الديان.
لقد علمنا الصحابة الكرام عليهم الرحمة والرضوان أن التضحية والإيثار صفات أهل السبق والإيمان، وأن دين الله أغلى من كل شيء، وأن إقامة هذا الدين والتمكين له في الأرض لا يكون بالأماني، وأن النصر لا يتأتى للقاعدين الخاملين، وإنما النصر مقرون بالبذل والتضحية والفداء والعطاء.
إن حجم العداوات والتحديات التي يقابلها الإسلام وأهله في هذا الزمان تستوجب كثيرًا من مثل هذه التضحيات، ولا يمكن تحرير المقدسات والذود عن الدين والعرض، والوطن والأرض بالخطب والمقالات والمؤتمرات والاجتماعات، ولكن بالاستعداد والإعداد، والجهد والجهاد، جهود صادقة، وتضحيات غالية، وعمل دؤوب يسترجع المفقود ويحقق المنشود، {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60].
وحقيقة أخرى تتعلق بتلك الحقيقة الأولى، وهو أن التضحيات لا تضيع أبدًا، وما بذل في سبيل الله لا يذهب سدى، فمن ضحى بالنفس يحوز الفردوس، ومن ضحى بالمال فالله يخلفه أضعافًا مضاعفة، ومن ضحى بوقته بورك له في عمره، ومن بذل حياته لله رخيصة عوضه الله أحسن العوض {وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران: 157].
نحن بحاجة إلى إحياء تضحية أسماء بنت أبي بكر، الأنثى الحامل في شهرها الأخير، لم تتعلل أسماء بظروفها الصحية وتعتذر عن هذه المهمة الشاقة، لقد كانت جزءًا من عملية الهجرة، كان عليها أن تقطع شوارع مكة بين العيون الحاقدة والأنفس التي تتلمظ للثأر، وتَمضي أسماء بعيدًا بعيدًا جنوب مكة في أعلى الجبل تنقل الزاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
نحتاج تضحية مثل تضحية علي بن أبي طالب يوم نام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعلم أنه ممتحن بالموت قتلًا على ذلك الفراش، فلم تمنعه معرفته بهذا المصير أن يجود بنفسه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل بعد التضحية بالنفس تضحية؟ وهل بعد الجود بالنفس شيء.
عباد الله:
عيشوا السيرة واقعا.. واقرأوا أحداثها على أولادكم.. ولا تفرطوا في ميراث نبيكم.. وثقوا أن الذي أعان المهاجرين الأُول وفتح لهم وبهم سيفتح لكم وبكم كذلك ما صدقتم .. لأن رب الدين واحد سبحانه والنصر للمسلمين قريب والفرج قادم.
ففي الحديث الصحيح أن عبدالله بن عدي بن الحمراء رضي الله عنه قال: رأيت رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، وَهوَ على ناقتِهِ، واقفٌ بالحَزوَرَةِ يقولُ: واللَّهِ إنَّكِ، لخيرُ أرضِ اللَّهِ، وأحبُّ أرضِ اللَّهِ إليَّ، واللَّهِ لولا أنِّي أُخرِجتُ منكِ، ما خَرجتُ" وفيه إشارة إلى أن الهجرة وخروج النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن كرها لبلده ولا زهدا فيه ولا بحثا عن بديل يتنعم فيه بمناخ خير من مناخ بلده أو خضرة بعيدا عن صخور مكة الملتهبة، وإنما هو أمر التوحيد والدين والعقيدة والرسالة وهي أغلى من كل وطن حتى ولو كان الموطن بيت الله الحرام إذا لوث بعباد الأوثان وحال أهله دون إقامة الدين الحق، فالعقيدة أغلى من التراب .
هكذا يتحسَّر عليه الصلاة والسلام على بلدته مكة، نعم إنها مكة التي هي أفضل البلاد وأعظمها، ثم أيضًا أمر آخر؛ هي التي درج فيها وتربَّى وهي وطنه الأول، ولذلك فإنَّ حب الوطن الذي عاش فيه الإنسان ودَرَج وتربَّى، وكان عيشه على ترابها، هذا أمر فطري غريزي، وفي هذا يقول العلَّامة الغزالي رحمه الله: البشر يألفون أرضهم على ما بها ولو كانت قفرًا مستوحشًا، وحبُّ الوطن غريزة متأصلة في النفوس تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحن إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجم، ويغضب له إذا انتُقص.
هكذا يُغادر نبيُّنا عليه الصلاة والسلام مكة المكرمة التي أحبها، والتي ألِفها، والتي عَلِم عظمتَها عند رب العزة سبحانه.
ولذلك استجاب النبي عليه الصلاة والسلام لأذن ربه له بالهجرة من مكة على حبِّه لها، ولكن ما مِن اتباعِ أمرِ الله وما شرعه سبحانه مِن بُدٍّ وإن خالف ما يحبُّه الإنسان ويهواه
نتعلم من الهجرة أن رسول الله كان القائد القدوة: فها هو صلى الله عليه وسلم كان يعيش معاناة شعبه، يهاجر كما يهاجرون، يُطارد كما يُطَاردون، يتعب كما يتعبون، يحزن كما يحزنون، يعيش معهم حياتهم بكل ما فيها من آلام وتضحيات، كان من الممكن أن ينقل الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم من مكّة إلى المدينة بالبراق الذي نقله في لحظة من مكّة إلى بيت المقدس، ولكن أين القدوة في ذلك؟ وأين الأسوة؟ لا بد للمسلمين من طريق عملي لبناء الأمة، طريق في مقدور عموم المسلمين، ولا بد أن يسير في هذا الطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم كل المعاناة والتعب.
نتعلم من الهجرة أن الدعوة في كل مكان وزمان:
رأينا كيف أن الدعوة في دمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يضيع فرصة، ولا يرتبط بظرف، يدعو كل من يستطيع، رأيناه كيف دعا إلى الإسلام بريدة وأصحابه من قبيلة أسلم ولم يكن همّه الرئيسي كيف يبحث عن وسيلة للهرب من بريدة، بل اعتبر أن الله تعالى قد ساق له الرجل وقومه هدية وعطية ونعمة وأجر جزيل، وثواب لا يقدر، فكيف يضيع فرصة كهذه؟!
وهكذا الذي يحمل هم دينه لا يفرط في لحظة ولا يترك دقيقة إلا ويستثمرها في نصرة دينه وعقيدته.
نتعلم من الهجرة كيف يكون استعداد الإنسان للعمل لدينه تحت أي ظرف فهذا بوبكر الصّدّيق يستعد للعمل لله تحت أي ظرف فالقضية في منتهى الوضوح عند الصّدّيق، أهم شيء في حياة الصّدّيق رضي الله عنه هو أن يرضي الله تعالى ورسوله، ولا ينبغي أن يطلبه الله تعالى في مكان فلا يجده، ولا ينبغي أن يريده الرسول صلى الله عليه وسلم في عمل فلا يجده، ليس هناك في حياته مكان لكلمة (الظروف)، بل كان يعتذر لكل ظرف يطرأ على حياته بأن عنده ظرفًا أعظم، وهو العمل والبذل والتضحية والجهاد في سبيل الله تعالى.
بل رأينا كيف يحب الصّدّيق رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف لا ينتظر أمرًا ولا طلبًا، إنما يجتهد في إتقان حبِّه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يجهز له راحلة، يبكي من الفرح لصحبته، ينظف له الغار، يسير أمامه وخلفه حماية له، وغير ذلك من المواقف التي ذكرنا بعضها ولم نذكر أكثرها.
إنه يحب الرسول صلى الله عليه وسلم بإخلاص، وحبّ الرسول صلى الله عليه وسلم ليس من فضائل الأعمال بل هو من الواجبات، ومن قدم حبًّا على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على خطر عظيم، روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ". وفي رواية النسائي: "مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".
بل قف وتأمل في بذل وعطاء الصّدّيق للدعوة وإنفاق الصّدّيق رضي الله عنه، يأخذ خمسة آلاف درهم، هي كل ما يمتلك لينفقها على دعوته، وقبلها أنفق خمسة وثلاثين ألف درهم في سبيل الله، وسيظل ينفق في المدينة، وسيظل ينفق وهو خليفة، وسيظل ينفق وهو على فراش الموت، لقد اشترى الجنة رضي الله عنه، وحق لرجل له مثل هذه الصفة أن يرضيه الله تعالى {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ
ومرة أخرى يصنع الأمل في قلب المحنة، وتتغشى القلوب سكينة من الله وهي في أتون القلق والتوجس والخوف.. يصل المطاردون إلى باب الغار، ويسمع الرجلان وقع أقدامهم، ويهمس أبو بكر: يا رسول الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره لرآنا! فيقول : "يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟".
وكان ما كان، ورجع المشركون بعد أن لم يكن بينهم وبين مطلوبهم إلا خطوات! فانظر مرة أخرى كيف تنقشع عتمة الليل عن صباح جميل. وكيف تتغشى عناية الله عباده المؤمنين {إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: 38].
وإذا العناية لاحظتك عيـونها *** نم فالحـوادث كلهـن أمانُ
ويسير الصاحبان في طريق طويل موحش غير مأهول، لا خفارة لهما من بشر، ولا سلاح عندهما يقيهما:
لا دروع سابغات لا قنـا *** مشرعـات لا سيوف منتضاه
قـوة الإيمـان تغنـي ربها *** عن غرار السيف أو سن القناة
ومن الإيمـان أمـن وارف *** ومن التقوى حصـون للتقـاة
يسير الصاحبان حتى إذا كانا في طريق الساحل لحق بهما سراقة بن مالك طامعا في جائزة قريش مؤملا أن ينال منهما ما عجزت عنه قريش كلها، وها هو سراقة بن مالك يحكي لنا قصته كما جاءت في صحيح البخاري قال: " جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْ قَتَلَهُ، أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ، فَقَالَ : يَا سُرَاقَةُ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ. قَالَ سُرَاقَةُ : فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا. ثُمَّ لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ، فَدَخَلْتُ، فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الْأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي، فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تُقَرِّبُ بِي حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ، فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ، أَمْ لَا، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، ثُمَّ زَجَرْتُهَا، فَنَهَضَتْ فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ فَنَادَيْتُهُمْ بِالْأَمَانِ، فَوَقَفُوا فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِي ، وَلَمْ يَسْأَلَانِي إِلَّا أَنْ قَالَ : " أَخْفِ عَنَّا ". فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ، فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والراجح أن ما كتب له في الرقعة هو سوار كسرى وتاجه وقد ذكر ابن عبد البر وابن حجر أنه لما أُتي عمر -رضي الله عنه- بسواري كسرى ومنطقه وتاجه دعا سراقة بن مالك فألبسه إياهما، … وقال له: ارفع يدك، فقال: الله أكبر والحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة الأعرابي". فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفار بدينه والمطارد من قومه يكتب للرجل سوار كسرى وتاجه وعمر يوفي لسراقة بالوعد بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وفتح فارس.
لقد اصطنع الأمل في الله ونصره فنصره الله وساخت قدما فرس سراقة، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء كالدخان، فأدرك سراقة أنهم ممنوعون منه.
والهجرة لم تكن يوما مجرد حادث عابر نقرؤه في صفحتين.. وإلا ما اختاره الفاروق وأصحابه ليكون بداية للتأريخ الإسلامي الناصع...
الهجرة كانت تحولا من حال الضعف والكمون إلى حال الجهاد ودك الحصون...
الهجرة كانت إشعارا بسعة الأرض، وكثرة المحتاجين للهداية...
الهجرة كانت رسالة بأن دوام الحال من المحال.. وأن أبا بكر لن يبقى هامسا بتلاوته على الدوام مخافة أن يسمعه أبو جهل فيبطش به!!
وأن بلالا لن يبقى مدى الدهر تحت أحجار أمية.. وخبابا لن يبقى تحت رحمة أم أنمار تحرقه بالنار متى شاءت!!
وعلى الرغم من مرور أربعة عشر قرنا ونيف على هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن معانيها ورسائلها لا تتوقف، وكأنها حدثت الساعة.
الهجرة إحدى سمات الأنبياء – صلوات الله وسلامه عليهم-، فليس النبي محمد صلى الله عليه وسلم أول من هاجر، فعدد من الأنبياء اضطر إلى الهجرة، كما اضطر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أشهر هجرات الأنبياء، هجرة إبراهيم عليه السلام أكثر من مرة، وقد أطلق على نفسه المهاجر إلى الله، كما قال سبحانه: {وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [العنكبوت: 26].
كما هاجر موسى عليه السلام من مصر إلى مدين، كما قال الله تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 20، 21].
ومن هجرات الأنبياء هجرة نوح عليه السلام بسفينته بعد غرق قومه وبعض أهله كما قال تعالى: {وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [هود: 44]
كما هاجر عيسى – عليه السلام- مع أمه مريم وهو صغير إلى أرض مصر؛ خوفاً عليه، وهو الذي كان يعيش في فلسطين، ثم عاد إلى مقر سكنه بيت لحم مرة أخرى بعد عدة سنوات.
ويلاحظ في غالب هجرات الأنبياء أنها كانت فراراً بالدين والنفس، فقد هاجر إبراهيم – عليه السلام- بعد رفض قومه الإيمان بالله تعالى، وشدة إيذائه، وهاجر موسى – عليه السلام- بعدما جاء الرجل يعلمه بأن فرعون وملأه يأتمرون به ليقتلوه ونصحه قائلاً: {يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ. فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 20، 21].
كما هاجرت مريم بابنها عيسى – عليه السلام خوفاً عليه من بطش اليهود.
كما كان التهديد بالهجرة والطرد من الأوطان حاصلاً مع أنبياء آخرين، فقد هدد شعيب عليه السلام بالطرد من وطنه، كما حكى القرآن ذلك بقوله: { قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۚ قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} [الأعراف: 88].
وهدد لوط – عليه السلام- أيضاً بالطرد من وطنه، كما قص القرآن ذلك على لسان قومه في قوله تعالى: {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} [الشعراء: 167].
على أن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن خوفاً من بطش قومه، فقد بقي فيهم بعد النبوة ثلاثة عشر عاماً، وتحمل البطش والأذى، لكنها كانت هجرة وفتحاً؛ لنشر الدعوة إلى الله تعالى، وفتح البلاد وقلوب العباد بتوحيد الله سبحانه وتعالى. والهجرة حفاظاً على النفس من المقاصد المشروعة، وقد عاب الله على أقوام بقوا حتى فتنوا في دينهم، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} [النساء: 97، 98]، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى الحبشة بعد اضطهادهم.
ومعنى الهجرة باق بمقاصده في القرآن الكريم، فقد يهاجر المرء خوفاً على نفس من بطش أو إيذاء وهذا تحقيق لمقصد حفظ النفس، وقد يهاجر خوفاً من الفتنة في الدين، وهذا تحقيق لمقصد حفظ الدين، وقد يهاجر طلباً لحياة أحسن، أو لتعليم أو نحوه مما هو مشروع في دين الله، مطلوب في دنيا الناس.
*7- من معا
ني الهجرة:*
• هجرة المعاصي وما يُعْبَد من دون الله، قال تعالى: ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [المدثر: 5]، وقال - صلى الله عليه وسلَّم -: ((الْمُسلم من سَلِم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر مَن هجر ما نَهى الله عنه))؛ متَّفَق عليه.
• هِجْرة العصاة، ومُجانبة مُخالطتهم، قال الله تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 10]، وهو الذي لا عتاب فيه.
• هجرة القلوب إلى الله تعالى، والإخلاص في التوجُّه إليه في السرِّ والعلانية، قال النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((فمَنْ كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرتُه إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لِدُنيا يصيبها أو امرأة يتزوَّجها فهجرته إلى ما هاجر إليه))؛ متفق عليه.
• أيُّها الناس، إنْ كان الصيام في شهرِ مُحرَّم مستحبًّا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((أفضل الصيام بعد شهر رمضان، شهر الله الذي تدْعونه المُحرَّم))، فإنَّ صوم اليوم العاشر منه المعروف بعاشوراء آكَد، نصومه شكرًا لله؛ لأنَّه أَنْجى فيه موسى - عليه السَّلام - وأغرق فيه فرعون، فكان صيامُه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((يكفِّرُ السَّنَةَ الماضِية))؛ مسلم، ومن استطاع أن يصوم يومًا قبله فهو أفضل.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
🎤
*محاضرة.قيمة.بعنوان.cc*
*سبــعــة من الــدروس والعـــبر*
*من هــجـــرة ســـيـــد البــشــــر*
*للــدكتــور/ مــحــمــــــد ديــــلالــي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
ايـــها النـاس :
يَحُلُّ شهر الله المُحرَّم، فيتذكَّر المسلمون ذلك الحدث العظيم، الذي قلَب موازين التاريخ، وغيَّر وجه البشريَّة، إنَّه حادث الهجرة النبوية المباركة، من مكَّة المشرَّفة إلى المدينة النبويَّة، التي كانت سبيلاً إلى إنشاء الدولة الإسلامية؛ حيث شعَّ نور الإسلام في الأصقاع، ودخل النَّاسُ في الدين أفواجًا.
إنَّ أحداث الْهِجرة النبويَّة تضمَّنَت العديد من الدُّروس والعِبَر، نقتصر منها على سبعة:
*1- التضحية:*
• فهذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلَّم - يضطرُّ إلى مغادرة بلده الذي وُلِد فيه وترعرع، وترك أقرباءه وعشيرته، فقال وهو يغادرها بِنَبْرة من الحزنِ: ((واللهِ إنَّك لَخيْر أرْض الله، وأحبُّ أرْض الله إلى الله، ولوْلا أنِّي أُخْرِجْت منْك ما خرجْتُ))؛ "ص. الترمذي".
• وهذه أمُّ سلمة - وهي أوَّل امرأة مهاجِرة في الإسلام - تقول: "لَمَّا أجْمَع أبو سلمة الخروج إلى المدينة، رَحَّل بعيرًا له، وحَملَنِي وحَمل معي ابنَه سلمة، ثم خرج يقود بعيره، فلمَّا رآه رجالُ بني المغيرة بن مَخْزوم، قاموا إليه فقالوا: هذه نفْسُك غلبْتَنا عليها، أرأيتَ صاحبتنا هذه، علامَ نترُكك تسير بها في البلاد؟ فأَخذوني، وغَضِبَتْ عند ذلك بنو عبدالأسد، وأهوَوْا إلى سلمة، وقالوا: والله لا نترك ابننا عندها؛ إذْ نزعتُموها من صاحبنا، فتجاذبوا ابنِي سلمة حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبدالأسد، وحبسَنِي بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجي أبو سلمة حتَّى لحق بالمدينة، ففُرِّق بيني وبين زوجي وبين ابني"، فمكثَتْ سنة كاملة تبكي، حتَّى أشفقوا من حالِها، فخلَّوْا سبيلها، ورَدُّوا عليها ابنها، فجمع الله شَمْلَها بزوجها في المدينة.
• وهذا صُهَيب الرُّومي، لَمَّا أراد الهجرة، قال له كُفَّار قريش: أتيتنا صعلوكًا حقيرًا، فكثر مالُك عندنا، وبلَغْتَ الذي بلغت، ثم تريد أن تَخْرج بِمالك ونفسك؟ والله لا يكون ذلك، فقال لهم صهيب: "أرأيتم إنْ جعلْتُ لكم مالي، أتخلُّون سبيلي؟" قالوا: نعم، قال: "فإنِّي قد جعلتُ لكم مالي"، فبلغ ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلَّم - فقال: ((رَبِح صهيب))، والقصة في "صحيح السِّيرة النبوية".
*2- لا لليأس:*
لقد مكثَ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلَّم - في مكة مدَّةً من الزَّمن، يدعو قومه إلى الهدى، فما آمن له إلاَّ قليل، بل عاش الاضطهاد والنَّكال، وعُذِّب هو وأصحابُه، فلم يكن لِيَثنِيَه كلُّ ذلك عن دعوته، بل زاده إصرارًا وثَباتًا، ومضى يبحث عن حلول بديلة، فكان أنْ خرَجَ إلى الطائف، باحثًا عن أرض صالحة للدَّعوة، لكنْ وُوجِهَ هناك بأقسى مِمَّا توقَّع، فأُوذي وأُهين، وقُذِف بالحجارة، وخرج من الطَّائف مطرودًا مُهانًا وقد تَجاوز الخمسين، ولكن أشد ما يكون عزيمة على مُواصلة رسالته، فأخذ يَعْرض نفسه بإصرار على القبائل في موسم الحجِّ، ويقول: ((ألاَ رجل يَحْملني إلى قومه، فإنَّ قريشًا قد منعوني أن أبلِّغ كلام ربِّي))؛ "ص. ابن ماجه".
فرفضَتْ خَمْسَ عشرةَ قبيلةً دعوتَه، حتى فتح الله له صدور الأنصار، فكانت بيعة العقبة الأولى والثَّانية، وكانت سفارة مصعب بن عمير إلى المدينة، الذي هيَّأ التُّربة الصالحة لاستمرار الدَّعوة، وتكوين الدَّولة في المدينة النبويَّة، فكانت الهجرة تتويجًا لِعَمَل دؤوب، وصَبْر شديد، وحركة لا تعرف الكلل أو الملل.
*3- حسن الصحبة:*
وتجلَّت في أبْهَى صُوَرِها مع أبي بكر الصدِّيق، الذي ذهب كثيرٌ من المفسِّرين إلى أنَّه هو المقصود بالْمُصدِّق في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ﴾ [الزمر: 33]، لَمَّا قال النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((إنِّي أُريتُ دار هجرتكم ذات نَخْلٍ بين لابتين)) وهُما الحرتان؛ "البخاري"، تَجهَّز أبو بكر، فقال له النبِيُّ - صلى الله عليه وسلَّم -: ((على رِسْلِك؛ فإنِّي أرجو أن يُؤْذَن لي))، فقال أبو بكر: "وهل ترجو ذلك بأبِي أنت؟" قال: ((نعم))، فحَبَسَ أبو بكر نفْسَه على رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - لِيَصحبه، فانتظر أربعة أشهر يعلف راحلتَيْن كانتا عنده، حتَّى أذن الله بالهجرة، فلما أخبَره النبِيُّ - صلى الله عليه وسلَّم - لَم يُصدِّق أنْ يكون صاحِبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - حتَّى قال: "الصحبةَ بأبي أنت يا رسول الله؟" قال رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((نعم))، قالت عائشة - رضي الله عنها -: "فوالله ما شعرت قطُّ قبل ذلك اليوم أنَّ أحدًا يبكي من الفرح، حتَّى رأيتُ أبا بكر يبكي يومئذٍ"؛ البخاري.
وعندما خرجا معًا، كان أبو بكر يتقدَّم النبِيَّ - صلى الله عليه وسلَّم - في ترَصُّد الأمكنة؛ حتَّى لا يصيبه أذًى، فسأله النبي - صلى الله عليه وسلَّم - قائلاً: ((يا أبا بكر، لو كان شيء، أحببتَ أن يكون بك دوني؟))، فقال
أبو بكر: "والذي بعثك بالحقِّ، ما كانَتْ لتكون من مُلِمَّة إلاَّ أن تكون بي دونَك"، فلما انتهَيا إلى الغار، قال أبو بكر: "مكانك يا رسول الله، حتَّى أستَبْرِئ لك الغار"؛ رواه الحاكم في "المستدرك"، وقال الذَّهبي: صحيح مُرسل.
*4- إتقان التخطيط*
*وحسن توظيف الطاقات:*
إن الهجرة تعلِّمنا كيف يؤدِّي التخطيطُ الجيِّد دَوْرَه في تحقيق النَّجاح، ومن أعظم أسُسِ التَّخطيط حُسْنُ توظيف الطاقات، وسلامة استغلال القدرات المتاحة، فالصَّدِيق قبل الطريق، والراحلة تُعْلَف وتُجهَّز قبل أربعة أشهر وبِسرِّية تامَّة، وعليُّ بن أبي طالب يُكَلَّف بالنوم في فراش النبِيِّ - صلى الله عليه وسلَّم - تَمويهًا على المشركين وتخذيلاً لَهم، وهو دور الفتيان الأقوياء.
وأمَّا دور النِّساء، فيمثِّله قولُ عائشة - رضي الله عنها - متحدِّثة عن نفسها وأختها أسماء: "فجهَّزْناهما أَحَثَّ الجَهازِ"أسرعه، والجَهاز: ما يُحتاج إليه في السَّفر، "وصنَعْنا لهما سُفْرة" الزَّاد الذي يُصْنع للمسافر "في جِراب" وعاء يُحْفَظ فيه الزاد ونَحْوه، "فقطعَتْ أسماءُ بنت أبي بكر قطعةً من نِطاقها، فربطَتْ به على فَمِ الجراب، فبذلك سُمِّيَت ذات النطاقين"؛ البخاري.
وأمَّا دور الأطفال، فيمثِّله عبدالله بن أبي بكر، قالت عائشة - رضي الله عنها -: "ثُم لَحِقَ رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - وأبو بكر في غارٍ في جبل ثَوْر، فكَمُنَا" اختفَيا "فيه ثلاثَ ليالٍ، يبيت عندهما عبدالله بن أبي بكر، وهو غلامٌ، شابٌّ، ثقفٌ"حاذق فطن، "لَقِنٌ" سريع الفهم، "فيدلج من عندهما بِسَحَر" قُبَيل الفجر، "فيصبح مع قريش بِمكَّة كبائتٍ، فلا يَسْمع أمرًا يُكتادان به إلاَّ وعاه، حتَّى يأتيَهما بِخَبَرِ ذلك حين يختلط الظَّلام" تشتد ظلمة الليل؛ البخاري.
ومِن كمال التخطيط، كان الراعي عامِرُ بن فهيرة يسلك بقطيعه طريق الغار؛ لِيُزيل آثار الأقدام المؤدِّية إليه، ثم يسقي النبِيَّ - صلى الله عليه وسلَّم - وصاحبَه مِن لبن غنَمِه.
ومن كمال التخطيط أنِ اتَّخَذ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلَّم - عبدالله بن أريقط دليلاً عارفًا بالطريق برغم كونِه مشركًا، ما دام مؤتَمنًا، متقِنًا لعمله؛ ولذلك أرشدَهم - بِمهارته - إلى اتِّخاذ طريق غير الطريق المعهودة.
*5- الثبات على الموقف*
*والبحث عن الحلِّ الشامل* ،
وليس الاقتصار على مفاوضات البدائل التَّرقيعيَّة، ومناقشات الحلول التخديريَّة الآنية، لقد بدأ الحلُّ الشامل منذ أن عُرض على النبيِّ - صلى الله عليه وسلَّم - أن يَعْبد إله المشركين عامًا، ويعبدوا إلَهَه عامًا، فأبَى ذلك، ثم تطوَّرَت العروض والمغريات حتَّى وصلَتْ إلى ذروتها مع عتبة بن ربيعة حين قال للنبِيِّ - صلى الله عليه وسلَّم -: "يا ابن أخي، إن كنْتَ إنَّما تريد بِما جئتَ به من هذا الأمر مالاً، جَمَعْنا لك من أموالنا حتَّى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفًا، سوَّدْناك علينا حتَّى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد مُلكًا، ملَّكْناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رَئِيًّا تراه" مَسًّا من الجن "لا تستطيع ردَّه عن نفسك، طلَبْنا لك الطِّبَّ، وبذَلْنا فيه أموالنا حتَّى نبرئك منه"؛ حسَّنَه في "ص. السيرة النبوية".
إن الحلَّ الشامل لبلاد المسلمين يَكْمُن في استقلالهم الكامل بذاتِهم، والعمل على التخلُّص من التبعيَّة الفكريَّة والاجتماعية، والاقتصادية والسياسيَّة للشَّرق أو للغرب، وليس عَبثًا أن يَختار عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - التَّأريخَ للمسلمين بالْهجرة، ويقول: "الهجرة فرَّقَت بين الحقِّ والباطل"، فحَلُّ الأزمات بِيَدِ الله لا بيد غيره، إنْ نَحْن عقَدْنا العزم على التمكين لدينه، ونَشْر سُنَّة نبيِّه، وهنا يطالعنا الدرس السادس.
*6- شدة التوكل على الله:*
يقول تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾ [القصص: 85]، قال ابن عباس: "لَرادُّك إلى مكَّة كما أخرجَك منها".
مَنِ الذي منع المشركين من أن يَعْثروا على النبِيِّ - صلى الله عليه وسلَّم - وصاحبه، وقد وقَفوا على شفير الغار، حتَّى قال أبو بكر: "لو أنَّ أحدهم نظر تَحْت قدمَيْه لأبصرنا"؟ إنه الله؛ ولذلك كان جواب الرسول - صلى الله عليه وسلَّم -: ((ما ظَنُّك يا أبا بكر باثْنَيْن اللهُ ثالثُهما؟))؛ البخاري.
إن التوكُّل سبيل النَّصر، فكلما احلولكَتِ الظُّلمات، جاء الصُّبح أكثر انبلاجًا، ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ﴾ [يوسف: 110]، إنَّها جنودُ الله التي تصحب المتوكِّلين عليه، هذا سُراقة بن مالك يُبْصِر مكان المختبِئَيْن، ويَحْزن أبو بكر ويقول: "أُتينا يا رسول الله"، فيقول له النبِيُّ - صلى الله عليه وسلَّم -: ((لا تَحزنْ؛ إِنَّ الله مَعَنا))، فإذا بالعدوِّ ينقلب صديقًا، يعرض عليهما الزادَ والمتاع، ويَذْهب بوصيَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((أَخْفِ عنَّا))؛ البخاري.