snr7l | Неотсортированное

Telegram-канал snr7l - بِِصٌمَةّ خَيِّر

963

●تلاوات قرآنية منوعة ●قصص وحكم ومواعظ ●خواطر وهمسات راقية ●مسابقات إسلامية * وكل ما هو قيم ومفيد * ✔️ تاريخ تأسيس القناة: 2017/3/12 #قبل المغادرة،ارسل سبب مغادرتك هنا ،ڪي نصحح اخطاءنا،وشڪرا 🌸↓ للـتـواصـل ↓🌸 @Snr7lbot ↓↓نـَسـعـَدُ بـِگـم↓↓

Подписаться на канал

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالشورى فقال: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ} [آل عمران من الآية:159].

وقد اختلفت أنظار العلماء في معنى الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستشير إلى تفسيرين:

*التفسير الأول*: أن النبي صلى الله عليه وسلم مستغنٍ بالوحي وبتدبير الله له عن شورى أي أحد، وفائدة الشورى عندهم تكمن في أحد قولين:
الأول: تطييب خواطر أصحابه وإرضاء نفوسهم لما عُلم من أثر الشورى في ذلك.
الثاني: إن الأمر بذلك لما في الشورى من شرف وفضل ودلالة على الأحسن من الأمور مع ما للرسول صلى الله عليه وسلم من رأي وعقل وتدبير.

*التفسير الثاني*: أنه ليقتدي به من بعده وتكون سنة للمؤمنين بأن تكون أمورهم قائمة على التشاور .

ولهذا نص كثير من الفقهاء على وجوب الشورى في حقه عليه الصلاة والسلام .



يمكننا أن نستخلص سمات الشورى في سياسة النبي صلى الله عليه وسلم في الجوانب التالية:

• لم تكن الشورى قاصرة على الجانب السياسي، بل كانت الشورى حاضرة في غيره.

• كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشير في كل حال بحسبه، فمرة يخص فئة من خاصة أصحابه، ومرة يوسع دائرة الشورى لعموم أصحابه.

• كان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل شورى الناس وآراءهم ابتداءً، لاقتراح أمرٍ ما أو الاعتراض على فعل معين.

• كانت الشورى محصورة في جانب المباح من الأمور، وأما ما كان محرماً في الشريعة فليس ثَمّ شورى فيه، ولهذا أنكر على أسامة بن زيد رضي الله عنهما لما شفع في المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع فتجحده، فقال له: «أتشفع في حدٍ من حدود الله؟» .

• لم يكن ثَمّ طريقة معينة محددة لإجراء الشورى، وإنما يبحث من خلالها عن الوصول إلى الرأي السديد.

من مقال لد / فهد بن صالح العجلان
طريق الإسلام

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

ذو القعدة شهر من الأشهر الحرم التي ذكر القرآن الكريم عددها ولم يحددها بأسمائها وتولى النبي صلي الله عليه وسلم مهمة تعيينها وتحديدها، فعن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، مضر الذي بين جمادى، وشعبان"(متفق عليه).


ويروي جابر رضي الله عنـه فيقول: "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى أو يغزوا، فإذا حضر ذلك أقام بنا حتى ينسلخ"(رواه أحمد). ولم يكن الإسلام هو أول من حرَّم هذه الأشهر الأربع، بل لقد كان أهل الجاهلية يعظمونها ويحرمون القتال فيها، فجاء الإسلام مؤكدًا لذلك، يقول البيهقي: "وكان أهل الجاهلية يعظمون هذه الأشهر... فكانوا لا يقاتلون فيهن"(فضائل الأوقات للبيهقي).

هذا وقد وقعت في شهر ذي القعدة أحداث عظام زادت من مكانة هذا الشهر الكريم في قلوب المسلمين، فمنها:
صلح الحديبية:
في شهر ذي القعدة من السنة السادسة من الهجرة النبوية، وكانت بدايتها رؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورؤيا الأنبياء حق، وقد قصَّ علينا القرآن أمر هذه الرؤيا قائلًا: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا)[الفتح: 27]، والمعروف حول "سبب نزول هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام وهو بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه يدخل المسجد الحرام هو وأصحابه آمنين ويحلقوا رؤوسهم، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنهم داخلو مكة عامهم ذلك، فلما انصرفوا ولم يدخلوا، شق عليهم ذلك وقال المنافقون: أين رؤياه التي رآها؟ فأنزل الله هذه الآية ودخلوا في العام المقبل"(تفسير الخازن).



لقد خرج النبي صلى الله عليه وسلـم بناءً على هذه الرؤيا الصادقة في ألف وأربعمائة من الصحابة يريدون العمرة لا القتال، وقد لبسوا إحرامهم وقلدوا هديهم، ولقد كان من عادة أهل مكة ألا يصدوا عن البيت أحدًا قصده حاجًا أو معتمرًا، لكن قد أبى المشركون واعتبروها إهانة لهم وقالوا: لا تتحدث العرب أننا قد أُخذنا ضغطة، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلـم عثمان بن عفان مرسلًا إليهم يخبرهم أنما جاء المسلمون للعمرة فقط، وتأخر عثمان حتى شاع بين المسلمين أنه قد قُتل، وبايع المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلـم على القتال تحت الشجرة ؛ وهي بيعة الرضوان التي قال عنها القرآن: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)[الفتح : 18].



ولقد كان صعبًا على المسلمين أن يعودوا دون أن يعتمروا، ولقد جاء في الصحيحين ما يوضح درجة الهم والغم التي بلغوها، ومنها أن عمر بن الخطاب قال: "فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقًا، قال: "بلى"، قلت: ألسنا على الحق، وعدونا على الباطل، قال: "بلى"، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: "إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري"، قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: "بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام"، قال: قلت: لا، قال: "فإنك آتيه ومطوف به".



قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقًا؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به، - قال الزهري: قال عمر -: فعملت لذلك أعمالًا.



قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا"، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك، اخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا، فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غمًا. (متفق عليه).


الشيخ د صالح بن مقبل العصيمي
ملتقي الخطباء

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

بعد انتهاء غزوة بدر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمع جثث صناديد قريش فانطلق الصحابة ينفّذون أمر رسول الله وكان من بين هؤلاء عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ، الذي قام يتفحّص وجوه الجثث من حوله ، فإذا به يصل إلى أبي جهل وهو في الرمق الأخير ، فانطلق إليه مسرعاً ، فقال له : أأنت أبو جهل ؟ ، فردّ عليه : وهل فوق رجل قتلتموه أو رجل قتله قومه ؟ ، فقال ابن مسعود : أخزاك الله يا عدو الله ، فنظر أبو جهل إلى ابن مسعود رضي الله وهو جاثم على صدره ، فقال له : لقد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا ، فقطع ابن مسعود رأسه فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشّره بمقتل عدوّه اللدود .

وتمكّن المسلمون من جمع جثث المشركين التي بلغت أربعاً وعشرين جثّة ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تُسحب سحباً وتُلقى في أحد الآبار المهجورة في المنطقة.

وظلّ النبي صلى الله عليه وسلم في ساحة المعركة حتى إذا كان اليوم الثالث أمر بتجهيز راحلته ثم انطلق إلى موضع دفن المشركين ، وجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم : ( يا فلان بن فلان ، ويا فلان بن فلان ، أيسرّكم أنكم أطعتم الله ورسوله ، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ) ، فاستغرب الصحابة أن يُنادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أجساداً لا أرواح لها ، فأجابهم بقوله : ( والذي نفس محمد بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ) رواه البخاري .

وبعد الانتهاء من المعركة برزت مشكلة جديدة لم يتعامل المسلمون معها من قبل ، ألا وهي كيفية التصرّف في الغنائم التي غنمها المسلمون في المعركة ، ونزل القرآن الكريم مجيباً عن تلك التساؤلات : { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } ( الأنفال : 1 ) ، { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } ( الأنفال : 41 ) ، رواه أحمد ، فقسّم النبي صلى الله عليه وسلم الغنيمة بينهم بالتساوي .

ثم جاءت القضيّة الثانية ، وهي كيفيّة التعامل مع الأسرى ، فقد استشار النبي صلى الله عليه وسلم صحابته في شأنهم ، فكان رأي أبي بكر رضي الله عنه أخذ الفدية من الكفّار ليتقوّى المسلمون بها ، ولعلّ في ترك قتلهم فرصةً للمراجعة والتفكير بالإسلام ، بينما أشار عمر بن الخطّاب وسعد بن معاذ رضي الله عنهما بقتلهم ، لأنهم أئمة الكفر ، وفي التخلّص منهم ضربةٌ قويّة لأهل مكّة ، بل قال عبدالله بن رواحة رضي الله عنه : " يا رسول الله ، انظر واديا كثير الحطب فأدخلهم فيه ، ثم أضرمه عليهم نارا " .

ومال النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر رضي الله عنه ، فحسم الخلاف واختار الفدية ، لكنّ الله عز وجل عاتب نبيّه عتاباً شديداً على هذا الاختيار ، وذلك في قوله : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم ، لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم } ( الأنفال : 67-69 ) ، والعتاب إنما جاء لقبول النبي صلى الله عليه وسلم للفداء في وقتٍ لم تكن فيه الغلبة والظهور لأهل الحقّ ، مما يكون سبباً في ضعف المسلمين ومعاودة خصومهم للقتال ، وهذا لا يصبّ في مصلحة المسلمين .

وتذكر كتب السيرة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر رضي الله عنه وهما يبكيان ، فقال : يا رسول الله ، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ؟ ، فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ، فقال له : ( أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء ، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة - شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم .

ثم أذن الله سبحانه وتعالى بقبول الفداء ، فجعل الأسرى يفتدون أنفسهم بما يملكون من المال ، فمنهم من كان يدفع أربعة آلاف درهم ، ومنهم من كان يدفع أكثر من ذلك ، أما الذين لم يكونوا يملكون شيئاً فكان فداؤهم تعليم أولاد المسلمين الكتابة .

وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بمعاملة الأسرى معاملة حسنة ، وقال : ( استوصوا بالأسارى خيرا ) ، فامتثل الصحابة لذلك وضربوا أروع الأمثلة.

وقد تركت هذه المعاملة الحسنة أثرها في قلوبهم ، فأسلم كثيرُ منهم في أوقاتٍ لاحقة ، مثل السائب بن عبيد وأبو عزيز رضي الله عنهما ، وعاد أولئك الأسرى إلى مكّة وكلّ حديثهم عن كرم أخلاق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه .

إلا أن ذلك لم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم مِن قتل مَن اشتدّ أذاه للمسلمين كأمثال عقبة بن أبي معيط ، الذي قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والنضر بن الحارث الذي كان من أكبر المحرّضين على قتال المسلمين .

إسلام ويب

✍ تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

يوم الفرقان أو غزوة بدر كانت في 17 من رمضان سنة 2 هجرية، المعركة التي قلبت موازين العالم، أو بالأحرى عدَّلت موازين العالم المقلوبة.

إن بدرًا معركة بين ثلاثمائة ونيِّف من المسلمين أمام ألف من المشركين في نقطة مجهولة في الصحراء، وأيُّ محلل عسكري في ذلك الوقت لن يرى فيها أكثر من معركة بين قبيلتين أو مجموعتين من الناس، أو مشاجرة بين عائلتين، لا تحمل أيَّة خطورة على القوى العالمية الموجودة آنذاك.

إنَّ مقاييس الله ليست كمقاييس البشر، فقد حدثت عدة صدامات وحروب مروعة بين الروم والفرس، ولم يتغير من واقع العالم ولا من وجه التاريخ شيءٌ، أمَّا الصدام البسيط الذي حدث بين المدينة المنورة ومكة فقد غَيَّر وجهَ الأرض إلى يوم القيامة.

كانت القافلة المكية العائدة من الشام تختلف عن بقية القوافل في بعض الأمور المهمة:

*أولاً*: هذه القافلة من أكثر قوافل مكة مالاً، وضربها يمثِّل ضربة اقتصادية هائلة لمكَّة؛ ألف بعير مُوقَرَة بالأموال، لا تقل عن 50 ألف دينار ذهبي.

*ثانيًا*: هذه القافلة ليست بقيادة قائد مغمور من قواد مكة ، وإنما هي بقيادة أبي سفيان بن حرب من سادة قريش . ومن الواضح أن للقافلة عند قريش أهميةً بالغةً، ومن ثَمَّ جعلت لها حراسة مشددة وقوية مكوَّنة من ثلاثين أو أربعين رجلاً.

*ثالثًا*: وهو الأهم، أن هذه القافلة تمرُّ بجوار المدينة في شهر رمضان، أي بعد شهر ونصف فقط من أحداث سرية نخلة، وموقف المؤمنين مع هذه القافلة يؤكِّد صلابة موقف المسلمين، واستمرارية حربهم ضد قريش، ولا شك أن هذا سيهزُّ كفار مكة.

ولذلك خرج الرسول عليه الصلاة والسلام بأكبر عدد من المسلمين إلى هذه اللحظة، فكل السرايا والغزوات السابقة لم يتجاوز عدد المسلمين فيها مائتين. وخرج الأنصار ولأول مرة مع المهاجرين.

كان خروج الأنصار برغبتهم وبشورى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في صحيح مسلم، وقد استشار رسول الله الناس في الخروج للقافلة، وأعلن الموافقةَ أبو بكر وعمر وكثير من المهاجرين، ومع ذلك أخذ الرسول عليه الصلاة والسلام يطلب المزيد من الرأي حتى قال سعد بن عبادة زعيم الخزرج: "إيَّانا تريدُ يا رسولَ الله؟ والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نُخِيضَها البحر لأخضناها (أي الخيل)، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى بَرْكِ الْغِمَادِ لفعلنا". وخرج الأنصار وبعدد كبير.

وتزود الرسول بسلاح المسافر، وأخذ معه فرسين وسبعين من الإبل، وقسَّم جيش المسلمين إلى مهاجرين وأنصار، وأعطى راية المهاجرين لعلي بن أبي طالب، وأعطى راية الأنصار لسعد بن معاذ، وأعطى الراية العامَّة للجيش لمصعب بن عمير، وجعل على الساقة في مؤخرة الجيش قيس بن صعصعة؛ فهو إعداد في منتهى القوة، ولا تنسَ أن ذلك الجيش يخرج لقافلة يحرسها ثلاثون أو أربعون رجلاً، وهذا يعني أن الجيش الإسلامي عشرة أضعاف حُرَّاس قافلة مكة تقريبًا.

المخابرات الإسلامية حدَّدت أن القافلة ستمر قريبًا جدًّا من بدر، وبدر على بُعد 70 كم جنوب المدينة، واتَّجه الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة إلى بدر؛ لكي يقطع الطريق على القافلة.

على الناحية الأخرى كان على رأس القافلة المكيَّة أبو سفيان بن حرب، واحدٌ من أذكى وأدهى العرب، وهو أيضًا له مخابراته، وقد استطاع أن يعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة المنورة قاصدًا القافلة، لكنه لا يعرف إلى أيِّ مكان وصل رسول الله.

ولكنه لم يُضِع الوقت؛ فأرسل رسالة سريعة إلى مكة لاستنفار جيش مكة للخروج لإنقاذ القافلة، أرسل الرسالة مع ضمضم بن عمرو الغفاري.

قام الناس كلهم مسرعين، أخذوا الأمر في منتهى الجدية، بدأت قريش في جمع المقاتلين من كل مكان، وعملوا على إعداد جيش على أعلى مستوى.خرج على قيادة الجيش كل زعماء الكفر تقريبًا .. ولم يخرج أبو لهب بل أخرج واحدًا مكانه.

وجعلوا على رأس الجيش أبا جهل، فرعون هذه الأمة وسيِّد قريش.

تعاون مع كفار قريش الشيطان الأكبر إبليس لعنه الله، فعندما قررت قريش الخروج خافت من غدر بني بكر بها، وكان بينهما خلاف قديم؛ فكاد ذلك يقعدها، فتمثَّل لهم الشيطان في صورة سُراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، وكان من أشراف بني كنانة فقال لهم: "أنا جارٌ لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه" فخرجوا جميعًا، والقصة سندها صحيح، ولها أكثر من طريق. وسبحان الله! كم من المرات التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ساعد الشيطان أولياءه في حرب المؤمنين!

لكن كيد الشيطان هذا لا يسمن ولا يُغني من جوع، إنْ كان الله سبحانه وتعالى مع الفريق الآخر {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76]. فكان الشيطان ممن دفع الكافرين للخروج إلى حتفهم في بدر.

د/ راغب السرجاني
قصة الإسلام

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

أجور عظيمة في العشر الأواخر!

الشيخ حسن بخاري

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

من المعروف أن المهاجرين عندما وفَدوا إلى المدينة، استقبلهم إخوانهم الأنصار؛ انطلاقًا من قاعدة المؤاخاة بحبٍّ وإيثار لم يَعرف تاريخ البشرية مثلهما...وكان مما عرَضه الأنصار على المهاجرين أن يَقسموا بينهم أموالهم وأرضهم ودُورَهم، ولكن المهاجرين شكروا لهم كرَمهم، وعمِلوا في شتَّى مناشط الحياة مع إخوانهم الأنصار.

وكان الأنصار أصحاب مزارعٍ، فقالوا للرسول: "‏اقسِم بيننا وبين إخواننا النخيل، فقال: لا، فقالوا:‏ ‏تَكفونا المؤونة، ونَشْرَككم في الثمرة، قالوا: "سمِعنا وأطعنا"؛‏ رواه البخاري.

وقد بدأت عملية مزارعة كبرى في المدينة، أعقَبتها حركة إحياء للأرض الزراعية المهملة، وَفقًا للقاعدة الشرعية التي وضعها الرسول: ((مَن أحيا أرضًا مواتًا، فهي له))؛ رواه البخاري.

وقد أقطع الرسول علي بن أبي طالب عيونًا بيَنبُع، اشتَهرت فيما بعد بكثرة إنتاجها، وعمِل فيها علي رضي الله عنه بنفسه.

كما أقطع الزبير بن العوام أرضًا بالمدينة، استثمرها في الزراعة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.


وقد اشتَهرت الكثير من الأوْدِية التي انتشرت الزارعة بها في عصر الرسول، منها وادي "العقيق" الذي هو أهم أوْدِية المدينة، وفيه أموال أهل المدينة ومزارعهم.وهناك وادي "بطحان"، وكانت به مزارع بني النضير وأموالهم، كذلك وادي "مهزوز" كانت به أموال قريظة، ووادي "قناة" وهو ثالث أودية المدينة، ووادي "رانونا".

وعندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأقام سبعة أشهر في بيت أبي أيوب الأنصاري، قام الأنصار بالتنازل لرسول الله عن كل فضلٍ كان في خططهم؛ حتى يتمكَّن من تنظيم المدينة تنظيمًا يسمح بكفالة إخوانهم المهاجرين، بل إنهم - رضِي الله عنهم - قالوا للرسول: يا نبيَّ الله: إن شِئت فخُذ منازلنا، فشكَر الرسول لهم قولهم.

وقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسعد بن زُرارة (نقيب النقباء)، أن يَبيعه أرضًا متصلة بالمسجد الذي كان أسعد قد بناه لنفسه، فعرَض عليه أسعد أن يأخذها الرسول هِبة منه، لكنه رفَض؛ ليُقيم الموازين القانونية في التعامل، ودفَع ثمنها عشرة دنانير أدَّاها من مال أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

ثم أمَر رسول الله باتخاذ "اللَّبِن"، فاتُّخِذ، وبني به المسجد ورفَع أساسه بالحجارة، وسقفه بالجريد، وجُعِلت عُمُده جذوعًا، وبهذا وضع الرسول القاعدة الدينية والأساسية في بناء دولة المدينة؛ نظرًا لتعدُّد الوظائف التي كان يقوم بها مسجده الشريف، والتي يجب أن يقوم بها كلُّ مسجد.

واعتمادًا على تفويض الأنصار - رضي الله عنهم - للرسول في تنظيم أرض المدينة واقتصادها، بحيث يتحقَّق نسيج جديد إسلامي (إخائي) للمجتمع الجديد، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوجيه التعامل مع "الماء والزرع" تعامُلاً يَكفُل أقصى الفعالية، فعندما قال له بنو حارثة من الأنصار: "يا رسول الله، ها هنا مسارح إبلنا، ومرعى غنمِنا، ومَخرج نسائنا - يعنون: موضع السقاية - قال لهم الرسول: ((مَن قطع شجرة، فليَغرس مكانها، فغرَسنا الغابة)).



وقد قضى رسول الله في وادي مهزور أن يُحبَس الماء في الأرض إلى الكعبين ثم يُرسَل إلى الأخرى، لا يمنع الأعلى الأسفل، (وهي عملية داخلة في باب تنظيم المياه بالنسبة للزراعة)، وفي هذا الإطار ورَد أيضًا عن عبدالرحمن بن الحارث أن رسول الله قضى في سيل مهزور أن الأعلى يُمسك على مَن أسفل منه، حتى يبلغ الكعبين، ثم يُرسله على مَن أسفل منه.

وحدَّثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه، قال: قضى رسول الله في سيل مهزور أن لأهل النخل إلى العقبين، ولأهل الزرع إلى الشراكين، ثم يرسلون الماء إلى مَن هو أسفل منهم.


وفيما يتعلق بالأرض ومعادنها أو زراعتها، قام الرسول بتوزيع الأرض المتروكة في المدينة على الصحابة، فأقطَع عليه السلام بلال بن الحارث معادنَ بناحية الفروع؛ أي: أرضًا فيها معادنُ.


وعن جعفر بن محمد أن رسول الله أقطَع عليًّا رضي الله عنه أربع أرَضين: الفقيرين، وبئر قيس، والشجرة.


وعن أبي عكرمة مولى بلال بن الحارث المُزني، قال: أقطع رسول الله بلالاً أرضًا فيها جبل ومعدن، فباع بنو بلال عمر بن عبدالعزيز أرضًا منها، فظهر فيها معدن أو قال معدنان، فقالوا: إنما بعناك أرض حرثٍ، ولم نَبعك المعادن، وجاؤوا بكتاب النبي لهم في جريدة، فقبَّلها عمر، ومسَح بها عينه، وقال لقيِّمه: انظر ما خرَج منها، وما أنفقَت، وقاصهم بالنفقة، ورُدَّ عليهم الفضل.



وهكذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم- كنبي وقائد دولة - بتنظيم المياه والأرض، والأسواق، وتشجيع الزراعات والمهن والحرف، بحيث تحقَّق لدولة المدينة كِيان اقتصادي يواجه المسلمون من خلاله اليهودَ الذين كانوا يريدون احتكار عصب الاقتصاد في الداخل، ويواجهون كذلك الكِيانات الاقتصادية الخارجية.

الألوكة

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية
سيرته صلى الله عليه وسلم في الصداع والشقيقة

روى الإمام أحمد عن بريدة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان ربما أخذت الشقيقة النبي صلى الله عليه وسلم فيمكث اليوم واليومين لا يخرج .

وروى البخاري عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- قال : احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم في وسط رأسه من شقيقة كانت به .

وروى ابن ماجه عن بعض من [ . . . ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صدع غلف رأسه بالحناء ويقول : «إنه نافع بإذن الله من الصداع» .

وروى ابن السني وأبو نعيم عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي تصدع فيغلف رأسه بالحناء.

وروى البخاري عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرض موته : «وا رأساه» وأنه عصب رأسه .

وروى أبو نعيم عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- قال : «احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رأسه من أذى كان به» ، وفي لفظ : «من شقيقة كانت به» .

وروى الطبراني في الكبير ، وأبو نعيم عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الحجامة في الرأس شفاء من سبع إذا ما نوى صاحبها؛ من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها في عينيه» .

وروى ابن عساكر عن أبي الدرداء -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «المليلة والصداع يولعان بالمؤمن ، وإن ذنبه مثل جبل أحد حتى لا تدع عليه من ذنبه مثقال حبة من خردل» .

وروى الشيخان عن عبد الله بن بحينة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم] احتجم بلحي جمل من طريق مكة وهو محرم وسط رأسه .

وروى الحكيم الترمذي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم] : «إذا ادهن أحدكم فليبدأ بحاجبيه؛ فإنه يذهب بالصداع ، وذلك أول ما ينبت على ابن آدم من الشعر» .

وروى أبو نعيم في الطب عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبه صحته وجلده ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «متى أحسست بالصداع» قال : «وأي شيء الصداع ؟ » قال : «ضرب يكون في الرأس . قال : ما لي بذلك من عهد . قال : فلما ولى الأعرابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى الأعرابي» وفي لفظ : «فهل أخذك هذا الصداع ؟ قال : وما الصداع ؟ قال «عرق يضرب الإنسان في رأسه قال : ما وجدت هذا قط ، قال : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا» .

وفيه عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي صدع فيغلف رأسه بالحناء .

وفيه عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صدع رأسه في سبيل الله فاحتسبه غفر له ما كان قبل ذلك من ذنب» . [ ص: 144 ]

وروى البخاري في التاريخ وسنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما شكا إليه أحد وجعا في رأسه إلا قال له : احتجم ، ولا شكا وجعا في رجله إلا قال له : اختضب بالحناء» .

إسلام ويب

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فمنا الصائم، ومنا المفطر، فلا يجد (لا يعترض ولا يعيب) الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، يرون أن من وجد قوة فصام، فإن ذلك حسن، ويرون أن من وجد ضعفا فأفطر، فإن ذلك حسن) رواه مسلم. قال القاضي عياض: "وما ذكر فى الأحاديث من فطر أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وصومهم فى السفر، وأنه لم يعب بعضهم على بعض، كله دليل على إجماعهم على جواز الأمرين".

وفي قصة عمير بن الحمام رضي الله عنه في غزوة بدر وكانت في شهر رمضان من العام الثاني للهجرة النبوية الشريفة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض، فقال عمير بن الحمام الأنصاري رضي الله عنه: يا رسول الله! جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: نعم، قال: بخ بخ (كلمة تقال عند المدح والرضى)، فأخرج تمرات من قرنه (جعبته)، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل رضي الله عنه) رواه مسلم.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة فى رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، وصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: أولئك العصاة، أولئك العصاة) رواه مسلم. وهذا محمول على من تضرر بالصوم، قال الطيبي: " (أولئك العصاة) مرتين، وهذا محمول علي من تفرد بالصوم، وأنهم أمروا بالفطر أمرا جازما لمصلحة بيان جوازه، فخالفوا".

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام، قال: فنزلنا منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم، فكانت رخصة، فمنا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر فقال: إنكم مصبحوا عدوكم، والفطر أقوى لكم، فأفطروا، وكانت عزمة فأفطرنا. ثم قال: رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر) رواه مسلم. وأما عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا)، قال النووي: "فيه فضيلة الصيام في سبيل الله وهو محمول على من لا يتضرر به، ولا يفوت به حقا، ولا يختل به قتاله ولا غيره من مهمات غزوه، ومعناه المباعدة عن النار والمعافاة منها، والخريف السنة والمراد سبعين سنة". وقال ابن القيم: "وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله".

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: (سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان، فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بإناء من ماء فشرب نهارا ليراه الناس، فأفطر حتى قدم مكة. وكان ابن عباس يقول: صام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السفر وأفطر، فمن شاء صام ومن شاء أفطر) رواه البخارى. قال ابن القيم في زاد المعاد: "وسافر رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان فصام وأفطر وخير الصحابة بين الأمرين".

وقد بوب البخاري في كتاب الصوم: "باب الصوم في السفر والإفطار، ثم بوب بعده: باب: "قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر: ليس من البر الصيام في السفر". فأورد في الباب الاول حديث حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (أأصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام، فقال:إن شئت فصم وإن شئت فأفطر) رواه البخاري. وحديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حر شديد حتى إن كان أحد ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة).. وفي الباب الثاني (ليس من البر الصيام في السفر) أورد حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم فقال: ليس من البر الصوم في السفر)، قال ابن حجر في فتح الباري: "وبما أشار إليه ـ البخاري في تبويبه ـ من اعتبار شدة المشقة يجمع بين حديث الباب والذي قبله". وقال:"وفي الحديث استحباب التمسك بالرخصة عند الحاجة إليها وكراهة تركها على ترك التشديد والتنطع". وقال السندي: "(ليس من البر) أي من الطاعة والعبادة".

إسلام ويب

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

قال النبي صلي الله عليه وسلم: إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين، ويقول عليه الصلاة والسلام: إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة، وفي الرواية الأخرى: فتحت أبواب السماء.

ويقول عليه الصلاة والسلام لأصحابه: إنه قد أتاكم شهر رمضان، شهر يجود الله به على عباده، وينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله فقوله عليه الصلاة والسلام: فأروا الله من أنفسكم خيرا معناه الحث على التقرب إليه بالطاعات، والمسارعة إلى أنواع الأعمال الصالحات من الصلاة والصدقات، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم في الليل والنهار، والإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار، وقول لا حول ولا قوة إلا بالله، إلى غير هذا من وجوه الخير، ومن ذلك الإكثار من الصدقة والإحسان، والدعوة إلى الله وتعليم العلم وتوجيه الناس إلى الخير، ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأسلوب الحسن والكلام الطيب والرفق.

ويقول عليه الصلاة والسلام: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين، ويقول صلي الله عليه وسلم: لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صومه فليصمه .

ويقول عليه الصلاة والسلام: يقول الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك خلوف الفم يعني الرائحة التي تصدر من الجوف، ولاسيما عند آخر النهار، فإن هذه الرائحة التي قد يكرهها الناس هي عند الله أطيب من ريح المسك لأنها نشئت عن عبادة الله، وعن طاعته سبحانه.

ويقول عليه الصلاة والسلام: الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وفي لفظ: ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم فالواجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن يراقب الله في هذا الشهر الكريم، وأن يعد العدة الصالحة، وأن يعزم العزم الصادق على أن يصومه، وأن يصونه مما حرم الله من الغيبة والنميمة ومن سائر المعاصي، ليس الصيام مجرد ترك الطعام والشراب، ولكن الصيام ترك ما حرم الله من الطعام والشراب وغير ذلك كالغيبة والنميمة وسائر المعاصي، فالمؤمن يصون صيامه عن كل ما حرم الله، يقول جابر ابن عبدالله الأنصاري الصحابي الجليل : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء، ويقول أنس ابن مالك الصحابي الجليل : (ما صام من ظل يأكل لحوم الناس) يعني ما صام الصوم الشرعي من صار في نهاره يغتاب الناس، فالواجب على المؤمن أن يصون صيامه، وأن يحفظه من كل ما حرم الله، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً: الصيام جنّة أحدكم من النار كجنته من القتال يعني يستره من النار ويصونه من النار إذا حفظه وصانه مما حرم الله.

و قام النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في رمضان ثلاث ليالي ثم ترك ذلك، وقال: إني أخاف أن تفرض عليكم صلاة الليل رحمة منه عليه الصلاة والسلام، ثم قال لهم: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة فلما توفي النبي عليه الصلاة والسلام وانقطع الوحي بموته صلى الله عليه وسلم وأفضت الخلافة إلى عمر رضي الله عنه جمع الناس على أبي بن كعب وصلوا التراويح، وقاموا رمضان في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا هو السنة أن تقام في المساجد في جميع الشهر، والسنة إحياء الليل في العشر الأخيرة من رمضان بالصلاة والعبادة والقراءة والدعاء، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشر ركعة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا» وهذا هو الأفضل أن يصلي المسلمون إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ثنتين لقوله عليه الصلاة والسلام: صلاة الليل مثنى مثنى فالسنة أن تصلى إحدى عشرة، هذا هو الأفضل والأرفق بالناس مع الطمأنينة والخشوع في القراءة والركوع والسجود وبين السجدتين والاعتدال بعد الركوع وعدم العجلة، وربما صلى عليه الصلاة والسلام ثلاث عشرة في بعض الليالي، فإذا صلى في رمضان ثلاث عشرة أو إحدى عشرة فهذا هو الأفضل، وهو الأرفق بالناس، ومن صلى ثلاثا وعشرين أو أكثر من ذلك فلا بأس، وقد صلى عمر والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ثلاثا وعشرين، وصلوا إحدى عشرة فعلوا هذا وهذا، وكله بحمد الله سنة، وكله قربة، والنبي صلى الله عليه وسلم ما حدد ركعات محدودة، بل قال: صلاة الليل مثنى مثنى.

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

جمع الله عز وجل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم صفات الجمال والكمال البشري، وكريم الصفات والأخلاق والأفعال، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد، وتملكت هيبته العدو والصديق، فكان صلى الله عليه وسلم صاحب هيبة تعلوه، ووقار يحيط به، وكان الذي يراه لأول وهلة يرى عليه المهابة والوقار، والذي يخالطه يرى تواضعه ورحمته، ويعرف مكارم وعظم أخلاقه. ففي السيرة النبوية لابن هشام، والشمائل المحمدية للترمذي، وأخلاق النبي وآدابه للأصبهاني، ودلائل النبوة للبيهقي، وغيرهم، أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه قال في وصفه للنبي صلى الله عليه وسلم: "من رآه بديهة (ابتداء) هابه، ومن خالطه معرفة أحبه). قال الهروي: "(من رآه بديهة) أي مفاجأة من غير روية كناية عن أول الوهلة، (هابه) أي خافه مخافة العظمة، ووقع في قلبه منه المهابة، (ومن خالطه معرفة) أي من حيث عرف ما كان عليه من حسن العشرة ودوام البشاشة". وقد وصفت أم معبد الخزاعية النبي صلى الله عليه وسلم حين مر بخيمتها مهاجرا فقالت: "رجل ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق .. إذا صمت علاه الوقار، وإن تكلم علاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنهم وأحلاهم من قريب".

وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة) رواه مسلم. قال النووي في فوائد هذا الحديث: "وفيه ما كانت الصحابة عليه من توقير رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلاله".
وعن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنها قالت: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة) رواه مسلم. قال الطيبي: "(وكان قد ألقيت عليه المهابة) كان هي التي تفيد الاستمرار، ومن ثم كان أصحابه في مجلسه كأن علي رءوسهم الطير، وذلك عزة منه لا كبر وسوء خلق، وإن تلك العزة ألبسها الله تعالي إياه صلوات الله عليه لا من تلقاء نفسه".
وعن قيلة بنت مخرمة الغنوية: أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وهو قاعد القرفصاء, قالت: (فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخشع أرعدت من الفرق (الخوف والفزع)) رواه أبو داود وصححه الألباني. قال البيضاوي: "والمعنى: أنه عليه الصلاة والسلام مع اشتهاره بالتخشع، لما رأيته هبته بحيث أرعدت من الفرق, وهذا غاية في المهابة, ودليل على أن مهابته أمر سماوي ليس بالتصنع". وقال الطيبي: "وهو مبالغة لكمال التخشع فيه وإلقاء رداء الهيبة عليه". وفي "مسند أبي يعلى" عن البراء بن عازب ر ضي الله عنه قال: (إن كان لتأتي علي السنة أريد أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فأتهيب منه).

ومع هيبته ووقاره، وعلو قدره ومنزلته صلى الله عليه وسلم، كان أشد الناس تواضعا وأبعدهم عن الكبر، وقد قال له رجل له: (يا خير البرية)، فقال متواضعا: (ذاك إبراهيم عليه السلام) رواه مسلم. وكان يقول: (لا تطروني (لا تبالغوا وتتجاوزوا في مدحي) كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله) رواه البخاري. ولما جاءه رجل ترعد فرائصه قال له: (هون عليك، فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد (اللحم المجفف في الشمس)) رواه ابن ماجه. وعلى قدر توقير العبد وتعظيمه لربه يكون توقير الخلق له، فمن عظم الله عز وجل ووقره زرع الله له المحبة والتوقير في قلوب الناس له، والنبي صلى الله عليه وسلم كان أعلم الناس بربه عز وجل، وأشد الخلق وأعظمهم خوفا منه سبحانه، فكان صلى الله عليه وسلم يقول: (ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني لأعلمهم بالله عز وجل وأشدهم له خشية) رواه البخاري.


وكان صلوات الله وسلامه عليه مع هيبته ووقاره يقضي لأصحابه حوائجهم، ويتواضع معهم، ويجيب دعوتهم، ويزور مرضاهم، ويشهد جنائزهم، ويشفق عليهم، ويشعر بآلامهم وآمالهم، فعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم، ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم) رواه الحاكم. وعن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار، فيسلم على صبيانهم، ويمسح برؤوسهم، ويدعو لهم) رواه النسائي.

شبكة إسلام ويب

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يصدع بالدعوة إلى الله، وكان ذلك بعد مُضي ثلاث سنين من عمر الدعوة، فأنزل الله تبارك وتعالى قوله: { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ }(الحجر:94)، فجهر النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة، وبيَّن لقومه ما هم فيه من الضلالة والشرك، والجهل والخرافات، ولمّا لم يمكنهم أن يواجهوا الحُجَّة بالحجة، جاهروه بعداوته، وعزموا على مخالفته، عصبية وجهلا، وتعرضوا له بالسب والشتم والإيذاء من أول لحظة دعاهم فيها، وكان من أوائل من تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم بالسب والإيذاء عمه أبو لهب وزوجته أم جميل حمالة الحطب ـ واسمها : أروى بنت حرب بن أمية، وهي أخت أبي سفيان، وكانت عونا لزوجها على كفره وجحوده وعناده، فلهذا تكون يوم القيامة عونا عليه وسببا في عذابه في نار جهنم .

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: ( لما نزل قوله تعالى: { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }(الشعراء:214)، صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا، فجعل ينادي، يا بني فهر، يا بني عدي، لبطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما الأمر؟، فجاء أبو لهب وقريش، فقال صلى الله عليه وسلم : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدّقيّ؟، قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقا!!، قال: إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبَّا لك، ألهذا جمعتنا، فأنزل الله في الرد عليه: { تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ * سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ }( المسد: ) ) رواه مسلم .
قال ابن كثير: " قال العلماء: وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة، فإنه منذ نزلت سورة المسد فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان، لم يقيض لهما أن يؤمنا ولا واحد منهما لا باطنا ولا ظاهرا، لا سرا ولا علنا، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة، على النبوة الظاهرة " .

ويقول السعدي: " السورة ( المسد )، آية باهرة من آيات الله، فإن الله أنزل هذه السورة، وأبو لهب وامرأته لم يهلكا (يموتا)، وأخبر أنهما سيعذبان في النار ولا بد، ومن لازم ذلك أنهما لا يُسْلِمان، فوقع كما أخبر عالم الغيب والشهادة " .
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: ( لمَّا نزلتْ : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ } جاءت امرأةُ أبي لهب ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ومعه أبو بكر، فقال له أبو بكر: لو تَنَحَّيتَ لا تُؤذيكَ بشيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه سيُحالُ بيني وبينَها، فأقبلتْ حتى وقفت على أبي بكر، فقالت: يا أبا بكر هَجَانَا صاحبُكَ، فقال أبو بكر: لا وَرَبِّ هذه البُنَيَّةِ ما ينطقُ بالشِّعْر ولا يَتَفَوَّهُ به، فقالت: إنك لمُصَدَّقٌ، فلمَّا وَلَّتْ قال أبو بكر: ما رَأَتْك؟!، قال: لا ، ما زال مَلَكٌ يسترني حتى وَلَّتْ ) رواه البزار .

لقد تكفّل الله تعالى بحفظ نبيه صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه: { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ }(المائدة: من الآية67)، قال ابن كثير : " أي بلغ أنت رسالتي، وأنا حافظُك وناصرُك ومؤيدُك على أعدائك ومُظفِرُك بهم، فلا تخف ولا تحزن، فلن يصل إليك أحدُ منهم بسوء يؤذيك".
ومن حفظه سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم أنه سخر له من الملائكة من يحميه ويحرسه، وقد أخْفَتْهُ الملائكة وسترته عن عيني زوجة أبي لهب فلم تره.

والأمثلة في السيرة النبوية لحماية وحفظ الملائكة للنبي صلى الله عليه وسلم كثيرة، منها ما رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: ( قال أبو جهل: هل يعفِّر محمدٌ وجهَه بين أظهرِكم ( يعني بالسجود والصلاة )؟ فقيل: نعم، فقال: واللاتِ والعزى، لئن رأيتُه يفعلُ ذلك لأطأنَّ على رقَبَتِه، أو لأعفِّرنَّ وجهَه في التراب، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي،زعمَ ـ ليطأَ على رقَبَتِه، قال: فما فجِئهم منه إلا وهو ينكُص على عقبيه، ويتقي ( أي يحتمي ) بيديه، فقيل له: مالَك؟!، فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نارٍ وهوْلاً وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لوْدنا مني لاختطفته الملائكة عُضواً عضواً ) رواه البخاري .

وكما حمت الملائكة النبي صلى الله عليه وسلم من أبي لهب وأبي جهل، فقد تنزلت لحمايته يوم أُحد، حين أطبق عليه المشركون، وتفرق عنه أصحابه، فعن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ قال: ( رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض، يقاتلان كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد ـ يعني جبريل وميكائيل ) رواه البخاري .

إسلام ويب

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

من هديه صلى الله عليه وسلم في كلامه وحديثه أنه كان يتكلم بالكلمات القليلة الواضحة والكثيرة المعاني، وهو ما يسره الله له من البلاغة والفصاحة، وبدائع الحكم ومحاسن العبارات، فكان كلامه يأخذ بمجامع القلوب ويأسر الأرواح، يعده العاد، ليس بسريع لا يحفظ، ولا بكلام منقطع لا يدركه السامع، بل هديه فيه أكمل الهدي، شهد له بذلك كل من رآه وسمعه. عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه) رواه البخاري. قال ابن حجر: "قولها: (لو عده العاد لأحصاه) أي لو عد كلماته أو مفرداته أو حروفه لأطاق ذلك وبلغ آخرها، والمراد بذلك المبالغة في الترتيل والتفهيم". وروى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام بين فصل، يحفظه من جلس إليه). قال ابن حجر: "لم يكن يسرد الحديث كسردكم" أي: يتابع الحديث استعجالا بعضه إثر بعض لئلا يلتبس على المستمع، زاد الإسماعيلي من رواية ابن المبارك عن يونس: "إنما كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلا، فهما تفهمه القلوب".
وتصف أم معبد كلام النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: "إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما (علا برأسه) وعلاه البهاء (الجمال)، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، حلو المنطق، فصل (في كلامه تفصيل واضح بين العبارة)، لا هذر ولا نزر (وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن (من شدة عذوبة منطقه كأن الجواهر تتساقط من فمه)..".
وكان من هديه صلوات الله وسلامه عليه في كلامه إعادة بعض الكلمات وتكرارها. عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا) رواه البخاري. قال المباركفوري: "والمراد أنه كان يكرر الكلام ثلاثا إذا اقتضى المقام ذلك لصعوبة المعنى، أو غرابته، أو كثرة السامعين لا دائما، فإن تكرير الكلام من غير حاجة لتكريره ليس من البلاغة". وقال ابن حجر: "أعادها ثلاثا": قد بين المراد بذلك في نفس الحديث بقوله: "حتى تفهم عنه"..وقال ابن التين: فيه أن الثلاث غاية ما يقع به الاعتذار والبيان". وقد يزاد على الثلاث للحاجة.
وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يبتسم أثناء حديثه وكلامه. عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث حديثا إلا وهو يتبسم في حديثه".

فضل الله عز وجل نبينا صلى الله عليه وسلم على الأنبياء بجوامع الكلم، واختصه بفصاحة اللسان، وبلاغة القول، وبدائع الحكم، وعلم ألسنة العرب، فكان يخاطب كل قبيلة بلسانها، ويحاورها بلغتها.

قال الخطابي: "إن الله عز وجل لما وضع رسوله موضع البلاغ من وحيه، ونصبه منصب البيان لدينه، اختار له من اللغات أعربها، ومن الألسن أفصحها وأبينها، ليباشر في لباسه مشاهد التبليغ، وينبذ القول بأوكد البيان والتعريف، ثم أمده الله بجوامع الكلم التي جعلها ردءا لنبوته، وعلما لرسالته، لينتظم في القليل منها علم الكثير، فيسهل على السامعين حفظه، ولا يؤودهم حمله، ومن تتبع الجوامع من كلامه لم يعدم بيانها".
ويقول ابن القيم في كتابه "زاد المعاد" في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كلامه: "كان صلى الله عليه وسلم أفصح خلق الله، وأعذبهم كلاما، وأسرعهم أداء، وأحلاهم منطقا، حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويسبي الأرواح، ويشهد له بذلك أعداؤه، وكان إذا تكلم تكلم بكلام مفصل مبين يعده العاد، ليس بهذ مسرع لا يحفظ، ولا منقطع تخلله السكتات بين أفراد الكلام، بل هديه فيه أكمل الهدي.

قالت عائشة رضي الله عنها: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا، ولكن كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس إليه"، وكان كثيرا ما يعيد الكلام ثلاثا ليعقل عنه، وكان إذا سلم سلم ثلاثا، وكان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلام، فصل لا فضول ولا تقصير، وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وإذا كره الشيء عرف في وجهه، ولم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا ..".


شبكة إسلام ويب

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية
قدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم نموذجاً تربوياً رفيعاً من خلال أقواله وأفعاله، حيث ركّز على أسس تنشئة الأبناء بطريقة صحيحة تضمن لهم حياة متوازنة ومستقيمة في الدنيا والآخرة. وصايا رسول الله في تربية الأبناء تشمل الجوانب الروحية، الأخلاقية، الاجتماعية، والعاطفية، لتكوين شخصيات قوية ومؤمنة قادرة على بناء مجتمع صالح.

1- البدء بتعليم العقيدة الصحيحة منذ الصغر
أولى مبادئ وصايا الرسول في تربية الأبناء زرع العقيدة الصحيحة في نفوس الأطفال منذ الصغر. فقد أوصى النبي عليه الصلاة والسلام بتعليم الأطفال التوحيد وتوضيح علاقتهم بالله سبحانه وتعالى. ومن أمثلة ذلك قوله لابن عباس رضي الله عنه عندما كان غلاماً:
“يا غلام، إني أعلّمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك…” (رواه الترمذي).

2- تعليم الأبناء الصلاة والطاعات
تعليم الابناء الصلاة والطاعات من أهم وصايا الرسول في تربية الأبناء. حثّ النبي صلى الله عليه وسلم الوالدين على تربية أبنائهم على الالتزام بالطاعات، وخاصة الصلاة التي تُعدّ عمود الدين. قال عليه الصلاة والسلام:
“مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع” (رواه أبو داود).

3- العدل بين الأبناء
من أهم وصايا رسول الله في تربية الأبناء الحثّ على العدل في المعاملة بينهم لتجنب زرع الغيرة والكراهية في نفوسهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم“ (رواه البخاري).

4- الرحمة واللين في التعامل مع الأبناء
من وصايا الرسول في تربية الأبناء الرحمة واللين معهم، النبي عليه الصلاة والسلام كان نموذجاً للرحمة في التعامل مع الأطفال، وكان يُظهر لهم الحب والعطف. من أمثلة ذلك تقبيله الحسن والحسين رضي الله عنهما، وقوله:
“من لا يَرحم لا يُرحم” (رواه البخاري).

5- غرس الأخلاق والقيم النبيلة
من وصايا رسول الله في تربية الأبناء أنه أوصى بتعليم الأبناء القيم والأخلاق الفاضلة التي ترفع من شأنهم في الدنيا والآخرة. قال صلى الله عليه وسلم: “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق” (رواه أحمد).

6- العناية بتربية البنات
أحد وصايا الرسول في تربية الأبناء لها وقع خاص لدى المسلمين، وهي العناية الخاصة بتربية البنات، فقد أولى النبي صلى الله عليه وسلم اهتماماً خاصاً بتربية البنات وأوصى بحسن معاملتهن. قال عليه الصلاة والسلام:
“من ابتُلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار” (رواه البخاري).

7- توجيه الأبناء للتعلم والعمل الصالح
توجيه الابناء للتعلم والعمل الصالح من بين أفضل وصايا الرسول في تربية الأبناء. النبي صلى الله عليه وسلم كان يشجع الأطفال والشباب على التعلم واكتساب المهارات المفيدة، كما فعل مع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حينما دعا له قائلاً:
“اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل” (رواه البخاري).

8- تحذير الأبناء من المعاصي برفق وحكمة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم أسلوباً حكيماً لتحذير الأطفال والشباب من الوقوع في المعاصي، كما فعل مع الشاب الذي جاء يستأذنه في الزنا، حيث خاطبه بمنطق وعقل، قائلاً: “أترضاه لأمك؟“ فأجاب: لا، ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: “ولا الناس يرضونه لأمهاتهم” (رواه أحمد).
هذا الأسلوب التربوي ضمن وصايا الرسول في تربية الأبناء يظهر أهمية الحوار والتفاهم في تصحيح السلوك.

9- غرس حب القرآن في قلوب الأبناء
أهم وصية من وصايا الرسول في تربية الأبناء هي دون شك غرس حب القرآن في قلوبهم. أوصى النبي ﷺ بتعليم الأبناء القرآن الكريم، لأنه أساس التربية الإسلامية. قال صلى الله عليه وسلم:
“خيركم من تعلم القرآن وعلمه” (رواه البخاري).
تعليم القرآن يُكسب الطفل الأخلاق الحميدة ويحصنه من الانحرافات الفكرية والسلوكية.

10- الدعاء للأبناء بدلاً من الدعاء عليهم
الدعاء للأبناء وليس الدعاء عايهم من أهم وصايا الرسول في تربية الأبناء، النبي عليه الصلاة والسلام حثّ الوالدين على الدعاء بالخير لأبنائهم، وتجنّب الدعاء عليهم حتى في لحظات الغضب. قال صلى الله عليه وسلم:
“لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم، ولا على أموالكم…” (رواه مسلم).

تأتي وصايا الرسول في تربية الأبناء من منطلق أن حسن التربية هو أساس استقامة المجتمع وبناء الأمة. الأبناء الصالحون ليسوا فقط مصدر سعادة للآباء بل هم رصيد الأمة ومستقبلها.

اسلام اون لاين

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

أطبق المشركون والأحزاب على المدينة في شوال من السنة الخامسة، وكانوا يرومون أن تكون وقعة الخندق نهايةً للإسلام والمسلمين، وردَّ الله الأحزاب عن المدينة بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال لكن أن تكون هذه الغزوة آخر غزوة للمشركين على المدينة فتلك آية، وأن يصدق فيهم حديثه صلى الله عليه وسلم : «الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم» فتلك من علامات النبوة.

والأمر الأعجب حين يستعدٌّ النبي صلى الله عليه وسلم لمبادرة المشركين، ويخرج بالفعل في ذي القعدة من السنة السادسة متجهاً إلى مكة (عام الحديبية).

استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوة يقينه وتوكله على الله وحسن سياسته وعميق تخطيطه أن ينجح في مباغتة عدوه:

أ ـ فهو حين أراد الخروج للحديبية استنفر العرب كافةً للخروج، وجيّشهم للذهاب معه إلى مكة حتى إذا أبطأ عليه المخلَّفون من الأعراب الذين تشاغلوا بالأهل والأموال، وظنوا ظن السوء أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً، لم يتأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشروعه، بل خرج بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب، كما قال ابن إسحاق

ب ـ وأعلن في خروجه أنه يريد تعظيم البيت والطواف به، ولذا أحرم بالعمرة من ذي الحليفة وقلّد هديه وأشعره، ومهما استكبرت قريشٌ في رفض حقِّ المسلمين في قصد البيت الحرام فالعرب عامة تنكر الصدّ عن البيت لمن قصده.

ج ـ وفي سبيل التخطيط للمباغتة لم يتحرك رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم دون علم بواقع عدوِّه، بل كان الرصد واستنفار العيون لتكون المباغتة مدروسة، والخِطة متكاملة، والمعلومات دقيقة ومتوفرة، وقد كان فمِن (ذي الحليفة) بعث (بشر بن سفيان الخزاعي) عيناً له إلى قريش ليأتيه بخبرهم.

وفي الجملة فقد استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمبادرته وتخطيطه أن يُحطِّم كبرياء قريش، وأن يشعرهم بقوة المسلمين إذ أضحت خيلهم على مقربة من مكة، وجُنّ جنون قريش وطار صوابها، ثم تنادوا وتواصوا ألا تسمع العرب أن محمداً دخل عليهم مكة عنوة، ورضوا راغمين أن يدخلها عليهم في عام قابل. وكانت مبادرة الحديبية ـ بحق ـ مسماراً يُدَقٌّ في نعش الملأ من قريش، وبداية النهاية للمستكبرين، وكانت للمسلمين مقدمة للنصر، مؤذنة بالفتوح، كيف لا وقد سماها الله فتحاً مبيناً، ثم كانت بداية لفتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجاً، بل بوابة ومنطلقاً لفتوح أخرى.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم مؤيَّدٌ من ربّه ولكنه مُعلِّمٌ لأمته، ولذا يحتاط في أموره ويأخذ بالأسباب المشروعة، وهو داعيةٌ للإسلام ويجنح للسلام، لا يتعطش للدماء بل يعظم ما حرم الله، ولذا نجده في صلح الحديبية يُصلي بأصحابه صلاة الخوف في عُسفان حين بلغه قرب خيل المشركين.

وليتفادى الاشتباك مع المشركين سلك طريقاً وعرة عبر ثنية المرار (مهبط الحديبية) وعندما بركت ناقته القصواء في الحديبية وقال الناس: خَلأَت القصواء، قال: «ما خلأت، ولكن حبسها حابس الفيل، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألونني ـ يعني قريشاً ـ خُطة يعظِّمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها».

ورغم عدوان قريش وكبريائها فقد ظل صلى الله عليه وسلم حريصاً على إسلامهم، مفضلاً حقن الدماء بينه وبينهم، متحسراً على أكل الحرب لهم، وقد عبّر صلى الله عليه وسلم عن ذلك كلّه بقوله: «يا ويح قريش! لقد أكلتهم الحرب ماذا عليهم لو خلٌّوا بيني وبين سائر الناس؟ فإن أصابوني كان الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وهم وافرون»

قال ابن القيم معلقاً: وفي قصة الحديبية من الفقه أن الاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة لأن بشر الخزاعي كان كافراً إذ ذاك، وفيه من المصلحة أنه أقرب إلى اختلاطه بالعدو، وأخذه أخبارهم.

وقال الحافظ ابن حجر معلقاً على قول (بُديل الخزاعي) ناصحاً للنبي صلى الله عليه وسلم حين خرج عام الحديبية: لقد غزوت ولا سلاح معك، فقال: لم نجئ لقتال، فتكلم أبو بكر، فقال بُديل: أنا لا أُتَّهم ولا قومي»، قال ابن حجر: والحديث فيه جواز استنصاح بعض المعاهَدين أهل الذمة إذا دلت القرائن على نصحهم، وشهدت التجربة بإيثارهم أهل الإسلام على غيرهم، ولو كانوا من أهل دينهم، ويستفاد منه: جواز استنصاح بعض ملوك العدوّ استظهاراً على غيرهم، ولا يعدٌّ ذلك من موالاة الكفار ولا موادة أعداء الله، بل من قبيل استخدامهم وتقليل شوكة جمعهم، وإنكاء بعضــهم ببعـض، ولا يلزم من ذلك جواز الاستعانة بالمشركين على الإطلاق.

ومن الفوائد في صلح الحديبية أن المشركين وأهل البدع والفجور والبغاة والظلمة إذا طلبوا أمراً يعظمون فيه حرمةً من حرمات الله تعالى أجيبوا إليه وأُعطوه وأعينوا عليه، وإن منعوا غيره، فيُعانون على ما فيه تعظيم حرمات الله لا على كفرهم وبغيهم، ويُمنعون مما سوى ذلك.

موقع مـداد

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

*🌹يوميات في السيرة النبوية🌹*

عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، قال: قال لي النَّبي صلى الله عليه وسلم: « *لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق*» .قوله صلى الله عليه وسلم: «ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ".
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « *كلُّ معروف صدقة، وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلْق*». قال المباركفوري: "...«وإنَّ من المعروف» أي: من جملة أفراده، «أن تلقى أخاك» أي: المسلم. «بوجهٍ» بالتنوين، «طَلْق» معناه: يعني تلقاه منبسط الوجه متهلِّله". وقال في (دليل الفالحين): " *أي بوجه ضاحك مستبشر، وذلك لما فيه من إيناس الأخ المؤمن، ودفع الإيحاش عنه، وجبر خاطره، وبذلك يحصل التَّأليف المطلوب بين المؤمنين* ". وقال أيضًا: "أي: متهلِّلٌ بالبِشْر والابتسام؛ لأنَّ الظَّاهر عنوان الباطن، فلُقْيَاه بذلك يشعر لمحبَّتك له، وفرحك بلُقْيَاه، والمطلوب من المؤمنين التوادُّ والتحابُّ" .

عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « *تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة*، وإرشادك الرَّجل في أرض الضَّلال لك صدقة، وبصرك للرَّجل الرَّديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشَّوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من *دلوك في دلو أخيك لك صدقة*». «تبسُّمك في وجه أخيك» أي: على وجه الانبساط. «صدقة» أي: إحسان إليه، أو لك، فيه ثواب صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، والصَّدقات مختلفة المراتب. قال المناوي: "...«تبسُّمك في وجه أخيك» أي في الإسلام، «لك صدقة» يعني: إظهارك له البَشَاشَة، والبِشْر إذا لقيته، تؤجر عليه كما تؤجر على الصَّدقة. قال بعض العارفين: "التبسُّم والبِشْر من آثار أنوار القلب، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ . ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ} [عبس: 38- 39]".

*قال ابن عيينة: "والبَشَاشَة مصيدة المودَّة، و البِرُّ شيء هيِّن، وجه طليق، وكلام ليِّن". وفيه رَدٌّ على العالم الذي يصَعِّر خدَّه للناس، كأنَّه معرض عنهم، وعلى العابد الذي يعبِّس وجهه ويقطِّب جبينه، كأنَّه منزَّهٌ عن النَّاس، مستقذر لهم، أو غضبان عليهم. قال الغزالي: "ولا يعلم المسكين أنَّ الورع ليس في الجبهة حتى يُقَطَّب، ولا في الوجه حتى يُعَفَّر، ولا في الخدِّ حتى يُصَعَّر، ولا في الظَّهر حتى ينحني، ولا في الذَّيل حتى يُضَمَّ، إنَّما الورع في القلب". قال ابن بطَّال: "فيه أنَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النُّبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة*".
المصدر: الدرر السنية

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

العصبية قد تكون مشكلة اجتماعية حين تقوم على أساس جاهلي، سواء كانت عصبية قبلية، أو دينية، أو جغرافية، أو عرقية، وقد جاء الإسلام بتهذيب تلك العصبيات، وإذابتها تحت مبدأ التعاون على البر والتقوى، ورفض ما سوى ذلك مما كان عليه العربي قبل الإسلام من التعصب لبني نسبه ولو لمواجهة الحق والعدل، وهذا من حكمة هذا الدين وقدرته على إدارة هذه التنوعات.

وقد كان إنجازا عظيما حين استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع العرب على رابط واحد، سيما وهم يومئذ شذر مذر، لا يربطهم إلا كونهم عربا، فوجههم نحو رابطة الإيمان، وسوى بينهم تحت سلطة الإسلام، ونذكر على سبيل المثال المواقف والتوجيهات النبوية التالية:

*الأول*: في رواية لمسلم: (اقتتل غلامان: غلام من المهاجرين، وغلام من الأنصار، فنادى المهاجر - أو المهاجرون - يال للمهاجرين، ونادى الأنصاري: يال للأنصار، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: (ما هذا، دعوى الجاهلية؟) قالوا: لا يا رسول الله، إلا أن غلامين اقتتلا، فكسع أحدهما الآخر، فقال: (لا بأس، ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه، فإنه له نصر، وإن كان مظلوما فلينصره). أخرجاه في الصحيحين.

يقول الوزير ابن هبيرة في كتاب الإفصاح: "وكسع: بمعنى ضرب دبره بيده أو رجله، وتداعوا: استغاثوا بالقبائل إلى الآباء يستنصرون بهم في ذلك، والدعوى: الانتماء، وكانت الجاهلية تنتمي في الاستعانة إلى الآباء فيقولون: يا آل فلان، وذلك من العصبية، وإنما ينبغي أن يكون الاستعانة بالإسلام وحكمه، فإذا وقعت بغيره فقد أعرض عن حكمه.

*الثاني*: حديث المعرور بن سويد، قال: لقيت أبا ذر بالربذة، وعليه حلة، وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلا فعيرته بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» أخرجاه في الصحيحين.

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حاضر التنبيه والتوجيه في كل موقف تظهر فيه رواسب العصبيات الجاهلية، وقد نال أبو ذر حظه من التوجيه والتأنيب، وزجره عن التعيير، وأخبره أن هذا من الموروث الجاهلي المتبقي عنده، وأن عليه السعي في التخلص منه، وقد فعل رضي الله عنه بهذا التوجيه النبوي، فألبس غلامه حلة كما لبس هو حلة، إمعانا منه في تطويع نفسه لرابطة الإسلام، واجتثاث ما تبقى من عصبيات الجاهلية العمياء.

*الثالث*: حديث جابر في خطبة حجة الوداع، قوله صلى الله عليه وسلم: " ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أضع دماءنا: دم ربيعة بن الحارث - كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع، فأول ربا أضعه ربا عباس بن عبد المطلب, فإنه موضوع كله". رواه أبو داود وغيره.
وهنا يقف النبي صلى الله عليه وسلم موقفه الأخير ليؤكد الحكم النهائي الأخير في إلغاء نعرات الجاهلية، وآثارها الاجتماعية من الثارات القبلية، وآثارها الاقتصادية من الربا المضاعف الذي اشتهر فيهم قبل الإسلام، وكأنه صلى الله عليه وسلم يختم جهوده الإصلاحية بالتأكيد على مفارقة الجاهلية، وتعميق رابط الأخوة الإسلامية.
الرابع: ما جاء في صحيفة المدينة التي اختطها النبي صلى الله عليه وسلم كوثيقة منظمة للعهد الإسلامي الجديد، ومما جاء فيها: «المسلمون من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أمة واحدة من دون الناس». وفيها: «هؤلاء المسلمون جميعا على اختلاف قبائلهم يتعاقلون بينهم، ويفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين». والعاني: الأسير.
ونص الصحيفة من مرويات أهل المغازي والسير، كابن إسحاق، وغيره، ورواها البيهقي في السنن من مراسيل ابن شهاب الزهري، واحتج بها أهل العلم، منهم ابن تيمية رحمه الله حيث قال عنها: (وهذه الصحيفة معروفة عند أهل العلم، روى مسلم في صحيحه عن جابر قال(كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل بطن عقوله ثم كتب أنه لا يحل أن يتوالى رجل مسلم بغير إذنه). انتهى من الصارم المسلول.

إسلام ويب

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

*هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العيدين*
كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي العيدين في المُصَلَّى، وهو المصلَّى الذي على باب المدينة الشرقي، وهو المصلَّى الذي يُوضع فيه مَحْمِلُ الحاج، ولم يُصلِّ العيدَ بمسجده إلا مرةً واحدة أصابهم مطر، فصلَّى بهم العيدَ في المسجد إن ثبت الحديث، وهو في سنن أبي داود وابن ماجة وهديُه كان فِعلهما في المصلَّى دائمًا.

*وكان يلبَس للخروج إليهما أجملَ ثيابه، فكان له حُلَّة يلبَسُها للعيدين والجمعة، ومرة كان يَلبَس بُردَين أخضرين، ومرة برداً أحمر، وليس هو أحمرَ مُصمَتاً كما يظنه بعضُ الناس، فإنه لو كان كذلك، لم يكن بُرداً، وإنما فيه خطوط حمر كالبرود اليمنية، فسمي أحمر باعتبار ما فيه من ذلك. وقد صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن غير معارضٍ النهيُ عن لُبس المعصفر والأحمر، وأمر عبد الله بن عمرو لما رأى عليه ثوبين أحمرين أن يَحرِقَهما فلم يكن ليكره الأحمر هذه الكراهة الشديدة ثم يلبَسُه، والذي يقُوم عليه الدليل تحريمُ لِباس الأحمر، أو كراهيتُه كراهية شديدة*.

وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكُل قبلَ خروجه في عيد الفطر تمرات، ويأكلهن وتراً، وأما في عيد الأضحى، فكان لا يَطعَمُ حتى يَرجِعَ مِن المصلَّى، فيأكل من أضحيته.

*و ثبت عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه*.

وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرج ماشياً، والعَنَزَةُ تحمل بين يديه، فإذا وصل إلى المصلَّى، نُصِبت بين يديه ليصليَ إليها، فإن المصلَّى كان إذ ذاك فضاءً لم يكن فيه بناءٌ ولا حائط، وكانت الحربةُ سُترتَه.

*وكان يُؤَخِّر صلاة عيد الفطر، ويُعجِّل الأضحى، وكان ابنُ عمر مع شدة اتباعه للسنة، لا يخرُج حتى تطلُع الشمسُ، ويكبِّر مِن بيته إلى المصلى. وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا انتهى إلى المصلَّى، أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جامعة، والسنة: أنه لا يُفعل شيء من ذلك*.

ولم يكن هو ولا أصحابُه يُصلون إذا انتهوا إلى المصلَّى شيئاً قبل الصلاة ولا بعدها.

*وكان يبدأ بالصلاة قبلَ الخُطبة
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أكمل الصلاةَ، انصرف، فقام مُقابِل الناس، والناسُ جلوس على صفوفهم، فيعِظهم ويُوصيهم، ويأمرهم وينهاهم، وإن كان يُريد أن يقطع بعثاً قطعه، أو يأمر بشيء أمر به. ولم يكن هُنالك مِنبر يرقى عليه، ولم يكن يخْرِجُ منبر المدينة، وإنما كان يخطبهم قائماً على الأرض، قال جابر: شهِدتُ مع رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة يومَ العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال، فامر بتقوى الله، وحثَّ على طاعته، ووعظ الناَّس، وذكَّرهم، ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذكَّرهُن، متفق عليه. وقال أبو سعيد الخُدري: "كانَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرُج يوم الفِطر والأضحى إلى المُصلَّى، فأول ما يَبدأ به الصَّلاةُ، ثم ينصرِفُ، فيقُوم مقابِلَ الناس، والناسُ جلوس على صفوفهم*..." الحديث (رواه مسلم).

*وكان يفتتح خُطَبه كلَّها بالحمد الله، ولم يُحفظ عنه في حديث واحد، أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير، وإنما روى ابن ماجه في سننه عن سعد القرظ مؤذِّن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه كان يُكثر التكبير بَيْنَ أضعافِ الخطبة، ويكثر التكبير في خطبتي العيدين. وهذا لا يدل على أنه كان يفتتحها به. وقد اختلف الناسُ في افتتاح خُطبة العيدين والاستسقاء، فقيل: يُفتتحان بالتكبير، وقيل تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار، وقيل: يُفتتحان بالحمد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو الصواب، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «كلُّ أَمْرٍ ذي بالٍ لاَ يُبْدَأ فيهِ بِحَمْدِ الله، فَهُوَ أَجْذَمُ». وكان يفتتح خطبَه كلَّها بالحمد لله*.

وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخالف الطريقَ يوم العيد، فيذهب في طريق، ويرجعُ في آخر فقيل: ليسلِّمَ على أهل الطريقين، وقيل: لينال بركتَه الفريقان، وقيل: ليقضيَ حاجة من له حاجة منهما، وقيل: ليظهر شعائِرَ الإِسلام في سائر الفِجاج والطرق، وقيل: ليغيظ المنافقين برؤيتهم عِزَّة الإسلام وأهله، وقيام شعائره، وقيل: لتكثر شهادةُ البِقاع، فإن الذاهب إلىَ المسجد والمصلَّى إحدى خطوتيه ترفعُ درجة، والأخرى تحطُّ خطيئة حتى يرجع إلى منزله، وقيل وهو الأصح: إنه لذلك كُلِّه، ولغيره من الحِكَم التي لا يخلو فعلُه عنها.

إسلام أون لاين
✍ تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وانتم بخير

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

كانت غزوة بدر ضربة قاسمة هائلة لقريش، وهزة عظيمة جدًّا لكبرياء وكرامة وعزة قريش؛ والتي كانت تحظى باحترام كل القبائل العربية، ولكن بعد (بدر) اهتزَّت مكانتها واختلف وضعها كثيرًا عن ذي قبل، فقد قُتل سبعون من المشركين ممن شاركوا في بدر، وأُسر سبعون آخرون. ووقعت قريش كلها في مأساة عظيمة بعد هذه الغزوة، والذين قتلوا من المشركين هم عمالقة الكفر وقادة الضلال وأئمة الفساد في الأرض، فمنهم فرعون هذه الأمة أبو جهل عليه لعنة الله، ومنهم الوليد بن المغيرة، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والنضر بن الحارث، وعقبة بن أبي مُعَيْط، وأمية بن خلف، وأسماء ضخمة جدًّا ومشهورة من هؤلاء السبعين الذين قُتلوا، وكان قتلهم جميعًا في يوم واحد.

وتخيَّل هذا الخبر عندما يصل إلى أسماع أهل مكة! وتعالَوْا نرى الْحَيْسُمان بن عبد الله الخزاعي، وهو مَنْ أبلغ الخبر إلى أهل مكة.

قالوا: "ما وراءك؟"

قال: "قُتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خلف، في رجال من الزعماء سماهم". أي أنه ظل يذكر لهم زعماء ورجالات قريش الذين قُتلوا.

فلما قال ذلك، قال صفوان بن أمية بن خلف -وهو من قادة الكفر حينئذٍ-: "والله إن يعقل هذا -أي أنَّ هذا الرجل لا يعقل- فاسألوه عني".

فقالوا: ما فعل صفوان بن أمية؟ وهو لم يشارك في بدر.

فقال: "ها هو ذا جالسًا في الحِجْر، قد والله رأيت أباه وأخاه حين قُتلا".

ووقع الخبر كالصاعقة على أهل قريش، ولم يصدِّقوا ما قال لهم الحَيْسُمان، وانتظروا رسولاً آخر يخبرهم بالخبر اليقين، فلا يُعقل أن يُقتل كل هؤلاء وفي يوم واحد. ثم جاء أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم الرسول، فأول من رآه أبو لهب -وهو لم يخرج في غزوة بدر- فقال أبو لهب لأبي سفيان: "هلم إليَّ؛ فعندك لعمري الخبر".

فجلس إليه والناس قيام عليهما، فقال أبو سفيان: "ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا، يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا". ثم يقول كلمة عجيبة: "وايم الله مع ذلك ما لُمْتُ الناس، لقِيَنَا رجالاً بيضًا على خيل بَلْق (أي بيضاء) بين السماء والأرض، والله ما تُليق شيئًا (أي: ما تترك أمامها شيئًا)، ولا يقوم لها شيء". وأبو سفيان يصرِّح بهذه الكلمات أمام المشركين، وهم يسمعون ولا يصدقون ولا يؤمنون.

وكان ممن حضر هذا الموقف من المسلمين الذين يخفون إسلامهم، أبو رافع، وهو غلام العباس بن عبد المطلب وقد أُسر العباس في بدر، قال أبو رافع: "تلك والله الملائكة ". يقول أبو رافع: "فرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربة شديدة، فثاورْتُه، فاحتملني فضرب بي الأرض ثم برك عليَّ يضربني، وكنت رجلاً ضعيفًا، فقامت أم الفضل -وهي زوج العباس رضي الله عنها وكانت تكتم إسلامها- إلى عمود من عمد الحجرة، فأخذته فضربته به ضربةً فلقت في رأسه شجَّةً منكرة، وقالت: تستضعفه أنْ غاب عنه سيده؛ فقام مولِّيًا ذليلاً، فوالله ما عاش إلا سبع ليال، حتى رماه الله بالعَدَسة فقتلته، فلقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثًا ما يدفنانه حتى أنتن في بيته، وكانت قريش تتقي العدسة وعدواها كما يتقي الناس الطاعون، حتى قال لهما رجل من قريش: ويحكما! ألا تستحيان؟! إن أباكما قد أنتن في بيته لا تغيبانه. قالا: إنا نخشى هذه القرحة. قال: انطلقا، فأنا معكما. فما غسلوه إلا قذفًا بالماء عليه من بعيد ما يمسونه، ثم احتملوه فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار، وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه".

وهذه النهاية لأبي لهب كانت بعد سبع ليال فقط من غزوة بدر، وفَقَد المشركون قائدًا آخر من كبار قوادهم بعد أن فقدوا هذا العدد من زعمائهم في بدر، وكانت نهايته في منتهى الخزي والعار والذلة والمهانة، مع أنه كبير بني هاشم، وكان من المفترض أن تكون هناك جنازة مهيبة لهذا القائد، وتَقْدُم وفود العرب لتعزّي في وفاته، لكن لم يحدث هذا؛ لأن العرب تتشاءم من المرض الذي مات به أبو لهب.

وكما نرى ترتَّب على انتصار المسلمين في بدر أزمات كثيرة للمشركين في مكة:

أولاً: *أزمة سياسية*: فقد فَقَدت قريش مكانتها بين العرب واهتزت هيبتها تمامًا.

ثانيًا: *أزمة اجتماعية*: فما من بيت في قريش إلا وقد أصيب منه واحد أو اثنان.

ثالثًا: *الأزمة الكبيرة جدًّا والخطيرة أيضًا، وهي المشكلة الاقتصادية*، حيث كانت قريش تعتمد على التجارة في رحلة الصيف ورحلة الشتاء، وتمر إحدى الرحلتين على المدينة في طريقها إلى الشام، ووجود دولة في المدينة المنورة بهذه القوة بحيث إنها تسيطر على المداخل والمخارج المؤدية إلى الشام، هذه القوة -لا شك- ستمنع التجارة إلى الشام، ولو مُنعت التجارة مع الشام سقطت التجارة كُلِّيَّة في مكة، وستتأثر كذلك تجارة اليمن؛ لأنهم كانوا يأتون من الشام بما يبيعونه في اليمن، ومن اليمن بما يبيعونه في الشام، وهكذا.

د/ راغب السرجاني
قصة الإسلام

✍ تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

🔖 عمل فضله عجيب!
‏وغفلة الناس عن مثل هذا العمل في هذه الليالي أعجب!

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

إنا لله وإنا إليه راجعون فقدناك يا شيخنا!
#الحويني

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

بما أن الهدف الأسمى من الصيام تحقيق التقوى فما السبيل إلى تحقيقه يا تُرى؟
وحتى لا يمرّ الشهر دون التفكر بهذا المقصود اخترنا لكم هذا المقطع الذي يجيبنا الشيخ الفاضل حسن بخاري فيه عن سؤال: ( كيف نحقق ال

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

بعض أهم الأحداث التي وقعت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان
نزول الوحي و القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم .. وبدء الدعوة الإسلامية .. وكان ذلك في يوم الإثنين الحادي والعشرين من شهر رمضان .. وجاء التصريح به في الآية الكريمة { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن }[ البقرة /185] .. وفي حديث عند مسلم برقم (1162 ) فيه التصريح بيوم الاثنين .

إرسال سرية حمزة بن عبد المطلب في رمضان السنة الأولي للهجرة و هي سرية سيف البحر طبقات ابن سعد و سيرة ابن هشام .



و في شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة و بالتحديد في يوم ( 17 ) كانت غزوة بدر الكبرى .
مصرع أبي جهل ( عمرو بن هشام ) وأمية بن خلف والعاص بن هشام بن المغيرة – خال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه - في هذا الشهر في غزوة بدر وغيّبوا في القليب .

و في الشهر نفسه من السنة الثانية ماتت رقية بنت الرسول الله صلى الله عليه وسلم زوج عثمان بن عفان رضي الله عنه . انظر : طبقات ابن سعد والاستيعاب والسير للذهبي.

و في نفس الشهر من نفس السنة وبالتحديد في يوم ( 25 ) و بعد عودته صلى الله عليه وسلم من بدر مباشرة ، كانت سرية قتل عصماء بنت مروان التي كانت ممن يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وتعيب الإسلام وتحرض على النبي صلى الله عليه وسلم وقالت في ذلك شعراً . سيرة ابن هشام وابن سعد في الطبقات .

وفي شهر رمضان من السنة الثالثة للهجرة وبالتحديد ليلة النصف منه ولدت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ابنها الحسن رضي الله عنهما . تاريخ خليفة وتاريخ بغداد .

وفي نفس الشهر من نفس السنة تزوج النبي صلى الله علية وسلم بزينب بنت خزيمة بنت الحارث ، أم المساكين : الطبقات الكبرى لابن سعد .


وفي السنة الخامسة من الهجرة نزلت براءة الطاهرة المطهرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها من حديث الإفك الذي اتهمت فيه بعد منصرفهم من غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع ، حيث كانت هذه الغزوة في شعبان ، وفي قصة الإفك من حديث عائشة رضي الله عنها : ( فاشتكيت حين قدمت شهراً والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك .. الخ ) فالشاهد من هذا أن حديث الإفك امتد إلى رمضان يقيناً . : البداية والنهاية .

وهناك خلاف في تاريخ سرية عبد الله بن عتيك لقتل سلام بن أبي الحقيق .. حيث يذكر بعض المؤرخين أنها كانت في رمضان من السنة السادسة . : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة .

وفي رمضان من السنة السادسة للهجرة كانت سرية زيد بن حارثة إلى بني فزارة . : السيرة النبوية لابن هشام .


إرسال سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة ، وهي الغزوة التي قَتَلَ فيها أسامة بن زيد رضي الله عنه رجلاً بعد أن قال لا إله إلا الله . انظر : البخاري مع الفتح ومسلم والبداية والنهاية وطبقات ابن سعد .


ومن الأحداث أيضاً ما وقع في أول شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة ، وهي إرسال سرية أبي قتادة إلى بطن إضم . أنظر تفاصيل هذه السرية في : سيرة ابن هشام وابن سعد في الطبقات .


ومن الأحداث التي وقعت في السنة الثامنة للهجرة ، فتح مكة .. وكان خروج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة في عاشر رمضان ودخل مكة لتسع عشرة ليلة خلت منه . انظر تفاصيل الفتح في كتب السير ..


و أيضاً إرسال سرية خالد بن الوليد رضي الله عنه لهدم العزى في نفس السنة لخمس ليال بقين من شهر رمضان . انظر : طبقات ابن سعد . و السرايا والبعوث .


وسرية سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة وذلك لست بقين من رمضان . انظر : طبقات ابن سعد و السرايا والبعوث .

وسرية عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى سواع ، صنم هذيل فهدمها .: طبقات ابن سعد .


عودة النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك ، وكان ذلك في السنة التاسعة من الهجرة ، حيث كان خروجه صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في رجب ، واستغرقت هذه الغزوة خمسين يوماً أقام منها عشرين يوماً في تبوك ، والبواقي قضاها في الطريق جيئة وذهاباً . :الرحيق المختوم .

قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام التاسع معلنين إسلامهم ، انظر : البداية والنهاية . وسيرة ابن هشام .


قدوم رسول ملوك حمير بكتابهم وكان ذلك في رمضان من السنة التاسعة للهجرة . انظر البداية والنهاية و سيرة ابن هشام .


قدوم جرير بن عبد الله البجلي على النبي صلى الله عليه وسلم وإسلامه في رمضان من السنة العاشرة . : الإصابة وتاريخ المدينة لابن شبة .

وقد صام عليه السلام تسع رمضانات ، لأن صيام رمضان فرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة ، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول في سنة إحدى عشرة من الهجرة .


ملتقى الخطباء / أبو عبد الله الزهبي

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

لم يكن حال النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان كحاله في غيره من الشهور، فقد كان برنامجه صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر مليئا بالطاعات والقربات، وذلك لعلمه بما لهذه الأيام والليالي من فضيلة خصها الله بها وميزها عن سائر أيام العام، والنبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان قد غفر له ما تقدم من ذنبه، إلا أنه أشد الأمة اجتهادا في عبادة ربه وقيامه بحقه.

وسنقف في هذه السطور مع شيء من هديه عليه الصلاة والسلام في شهر رمضان المبارك حتى يكون دافعا للهمم، ومحفزا للعزائم أن تقتدي بنبيها عليه الصلاة والسلام، وتلتمس هديه.

فقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر في هذا الشهر من أنواع العبادات، فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان، وكان عليه الصلاة والسلام -إذا لقيه جبريل- أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن، والصلاة والذكر والاعتكاف.

وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور، حتى إنه ربما واصل الصيام يومين أو ثلاثة ليتفرغ للعبادة، وينهى أصحابه عن الوصال، فيقولون له: إنك تواصل، فيقول: (إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني) أخرجاه في "الصحيحين".

وكان عليه الصلاة والسلام يحث على السحور، وصح عنه أنه قال: (تسحروا، فإن في السحور بركة) متفق عليه، وكان من هديه تعجيل الفطر، وتأخير السحور، فأما الفطر فقد ثبت عنه من قوله ومن فعله أنه كان يعجل الإفطار بعد غروب الشمس وقبل أن يصلي المغرب، وكان يقول كما في الصحيح: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) وكان يفطر على رطبات، فإن لم يجد فتمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء، وأما السحور فكان يؤخره حتى ما يكون بين سحوره وبين صلاة الفجر إلا وقت يسير، قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية.

وكان يدعو عند فطره بخيري الدنيا والآخرة.

وكان صلى الله عليه وسلم يقبل أزواجه وهو صائم، ولا يمتنع من مباشرتهن من غير جماع، وربما جامع أهله بالليل فأدركه الفجر وهو جنب، فيغتسل ويصوم ذلك اليوم.

وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع الجهاد في رمضان، بل إن المعارك الكبرى قادها صلى الله عليه وسلم في رمضان، ومنها بدر، وفتح مكة، حتى سمي رمضان شهر الجهاد.

وكان يصوم في سفره تارة، ويفطر أخرى، وربما خير أصحابه بين الأمرين، وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم؛ ليتقووا على قتاله، وفي "صحيح مسلم" عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: كنا في سفر في يوم شديد الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة. وخرج عام الفتح إلى مكة في شهر رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: (أولئك العصاة، أولئك العصاة) رواه مسلم.

وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، ليجتمع قلبه على ربه عز وجل، وليتفرغ لذكره ومناجاته، وفي العام الذي قبض فيه صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرين يوما.

وكان إذا دخل العشر الأواخر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد مئزره مجتهدا ومثابرا على العبادة والذكر.

هذا هو هديه صلى الله عليه وسلم، وتلك هي طريقته وسنته، فما أحوجنا -أخي الصائم- إلى الاقتداء بنبينا، والتأسي به في عبادته وتقربه، والعبد وإن لم يبلغ مبلغه، فليقارب وليسدد، وليعلم أن النجاة في اتباعه والاقتداء به، والفلاح في السير على طريقه وهديه.

إسلام ويب

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

ثبت في المسند وصحيح مسلم من حديث المطلب بن ربيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس" قال الشوكاني -رحمه الله- : وإنما سميت أوساخا لأنها تطهرة لأموال الناس ونفوسهم، قال تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) [التوبة: من الآية103] انتهى .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال " أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كخ كخ إرم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة "
وقد ذكر بعض أهل العلم بعض الحكم التي لأجلها حرمت الصدقة على محمد وآله عليهم الصلاة والسلام، منها: شرف النبوة وارتفاع مقام النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الخلق، فحرم الله عز وجل عليه وعلى آله الصدقة حفظا لمكانته من أن يرتفع عليه من هو أدنى منه بصدقة أو زكاة.
ومنها: أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) [ الشورى: من الآية23]، وقال : ( قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ) [ص:86]
فلو أن الله عز وجل أحل له ولآله الصدقات لأوشك المشركون أن يطعنوا فيه، فأغلق الله تعالى باب طعنهم من هذه الناحية بتحريم الصدقات عليه وعلى آله، وإلى هذا المعنى أشار الحافظ ابن حجر ، والإمام الشوكاني رحمهما الله .

وأما صدقة التطوع فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يجوز لآل محمد صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا منها ، وهذا القول هو المشهور من مذاهب أئمة الفقه الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله) .
انظر: "رد المحتار" ، "التاج والإكليل" ، "مغني المحتاج" ، "كشاف القناع" .
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
" ولا يحرم على آل محمد صدقة التطوع ، إنما يحرم عليهم الصدقة المفروضة :
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر [الصادق] بن محمد [الباقر] عن أبيه : أنه كان يشرب من سقايات الناس بمكة والمدينة فقلت له : أتشرب من الصدقة وهي لا تحل لك ؟ فقال : إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة .
قال الشافعي : وتصدق علي وفاطمة على بني هاشم وبني المطلب بأموالهما , وذلك أن هذا تطوع , وقبل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من صدقة تصدق بها على بريرة , وذلك أنها من بريرة تطوع لا صدقة " انتهى .
"الأم" (2/88) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" ويجوز لذوي القربى الأخذ من صدقة التطوع .
قال أحمد في رواية ابن القاسم : إنما لا يُعطَوْن من الصدقة المفروضة , فأما التطوع , فلا . وعن أحمد , رواية أخرى : أنهم يمنعون صدقة التطوع أيضا ; لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( إنا لا تحل لنا الصدقة ) .
والأول أظهر ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المعروف كله صدقة ) متفق عليه . وقال الله تعالى : ( فمن تصدق به فهو كفارة له ) وقال تعالى : ( فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ) ولا خلاف في إباحة المعروف إلى الهاشمي , والعفو عنه وإنظاره . وقال إخوة يوسف : ( وتصدق علينا ) .
والخبر [يعني الحديث] أريد به صدقة الفرض ; لأن الطلب كان لها , والألف واللام تعود إلى المعهود " انتهى .
"المغني".
اسلام ويب/ الإسلام سؤال وجواب

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

الرؤيا ما يراه الإنسان في نومه، والرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوّة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) رواه البخاري. والرؤيا الصادقة الصالحة كانت من بدايات مراحل الوحي لنبينا صلى الله عليه وسلم، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح) رواه البخاري.

قال ابن حجر: "فرؤيا النبي كلها صادقة وقد تكون صالحة وهي الأكثر، وغير صالحة بالنسبة للدنيا كما وقع في الرؤيا يوم أُحُد (رؤيا النبي مقتل بعض أصحابه)". وقال القاضي عياض: "(أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحى الرؤيا الصادقة): فى هذا حكمة من الله تعالى، وتدريج لنبيه صلى الله عليه وسلم لما أراده الله عز وجل به لئلا يفجأه الملك، ويأتيه صريح النبوة بغتة فلا تحتملها قوى البشرية، فبدأ أمره بأوائل خصال النبوة وتباشير الكرامة، من صدق الرؤيا". وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: "قال المهلب: هى تباشير النبوة وكيفية بدئها، لأنه لم يقع فيها ضغث، فيتساوى مع الناس فى ذلك، بل خُصَّ بصدقها كلها، وكذلك قال ابن عباس: رؤيا الأنبياء وحى، وقرأ: {إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ}(الصافات:102) فتمم الله عليه النبوة، بأن أرسل إليه الملَك فى اليقظة، وكشف له عن الحقيقة، فكانت الأولى فى النوم .. حتى أكملها الله له فى اليقظة تفضلاً من الله تعالى".

والسيرة النبوية فيها الكثير من الرؤى التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وحدثت وتحققت وفق ما رآها، ومن ذلك:
رؤيته صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة دار الهجرة قبل ذهابه إليها، ورؤيته في المنام امرأة سوداء ثائرة الرأس، خرجت من المدينة حتى نزلت الجحفة، فأولها أن وباء المدينة ـ الذي كان متفشيا فيها ـ خرج من المدينة ونُقِل إلى الجحفة. ورؤيته صلى الله عليه وسلم للملائكة وهي تحمل له عائشة رضي الله عنها قبل زواجه بها بمدة وتقول له: (هذه امرأتك (زوجتك))، وهو يقول: (إن يكُ هذا مِنْ عند الله يُمْضِه). ورؤيته صلى الله عليه وسلم في نومه قبل غزة أحد بقراً تذبح، وكان تأويلها النفر من أصحابه الذين أصيبوا في أُحُد وقُتِلوا. وكذلك رؤيته صلوات الله وسلامه عليه في المنام لبعض أصحابه الذين سيغزون بعد موته ويركبون البحر، فسألته أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها أن يدعو الله لها أن تكون منهم، فأخبرها أنها منهم، وقد وقعت وتحققت هذه الرؤيا في زمن معاوية رضي الله عنه. وكذلك رؤيته صلى الله عليه وسلم لمفاتيح خزائن الأرض التي وضعت بين يديه، وكذلك رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة أنه في دار عقبة بن رافع، وأنه أتي برطب، فأولها الرفعة لنا في الدين، والعاقبة في الآخرة، وأن ديننا قد طاب.

عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرؤيا الصادقة من الله، والحُلْمُ من الشيطان) رواه البخاري، قال الطيبي: "الحُلْمُ عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح". والرؤيا الصادقة الصالحة ـ تسُر ولا تَغُر، وتؤدي بصاحبها إلى البشرى والعمل، لا إلى الغرور والكسل.

النبوة فيها عقائد وعبادات، وتشريعات وأحكام، وفيها إخبار عن بعض ما سبق وما سيأتي من الغيب، وفيها أشياء كثيرة من النذر والبشارات.. فجزء من النبوة فيه إخبار ببعض الأمور الغيبية، والرؤيا الصالحة الصادقة تدل أحيانا على شيء غيبي يحدث في المستقبل، سواء كان شيئاً حسناً أو سيئاً، وهنا تلتقي الرؤيا مع النبوة في هذه الجزئية، قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: "إن لفظ النبوة مأخوذ من النبأ، والإنباء، وهو الإعلام في اللغة، والمعنى أن الرؤيا إنباء صادق من الله، لا كذب فيه، كما أن معنى النبوة الإنباء الصادق من الله، الذي لا يجوز عليه الكذب، فشابهت الرؤيا النبوة في صدق الخبر عن الغيب".

إسلام ويب

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

الحسن والحسين -سيدي شباب أهل الجنة ابني الخليفة الراشد علي رضي الله عنه، وابني فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء الجنة، فأما الحسن فهو الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته أمير المؤمنين أبو محمد ولد في نصف شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة قاله ابن سعد وابن البرقي وغير واحد، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث حفظها عنه منها ما في السنن الأربع، قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر وذكر دعاء القنوت المشهور الذي أوله اللهم اهدنا في من هديت....

واختلف في سنة وفاته فنقل ابن حجر عن الواقدي أنه مات سنة تسع وأربعين، وقال المدائني مات سنة خمسين، وقيل سنة إحدى وخمسين، وقال الهيثم بن عدي سنة أربع وأربعين، وقال بن منده مات سنة تسع وأربعين، وقيل خمسين وقيل سنة ثمان وخمسين، ويقال إنه مات مسموما، قال ابن سعد أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا بن عون عن عمير بن إسحاق دخلت أنا وصاحب لي على الحسن بن علي فقال: لقد لفظت طائفة من كبدي وإني قد سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذا، فأتاه الحسين بن علي فسأله من سقاك فأبى أن يخبره رحمه الله تعالى. انتهى، ودفن في البقيع رضي الله عنه.

وأما الحسين فهو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي أبو عبد الله سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، قال الزبير وغيره ولد في شعبان سنة أربع وقد حفظ الحسين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أحاديث منها ما رواه ابن ماجه وأبو يعلى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة وإن قدم عهدها فيحدث لها استرجاعا إلا أعطاه الله ثواب ذلك. لكن في إسناده ضعف كما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله، وقد قتل الحسين يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، كذا قال الجمهور وشذ من قال غير ذلك، ودفن في كربلاء رضي الله عنه.

وللحسن والحسين فضائل كثيرة منها ما هو لهما ومنها ما هو لأحدهما، وقد صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناك أشياء ضعيفة وموضوعة ولذلك قال الحافظ ابن حجر وقد صنف جماعة من القدماء في مقتل الحسين تصانيف فيها الغث والسمين والصحيح والسقيم.

وهذه نبذة من فضائلهما فقد روى الترمذي وحسنه من حديث أسامة بن زيد قال: طرقت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة فقال: هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما.

وفي الترمذي أيضا من حديث بريدة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه... الحديث.

ومن طريق عبد الرحمن بن مسعود عن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم -أي يقبل- هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى إلينا، فقال: من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني.

وعند أبي يعلى من طريق عاصم بن زر عن عبد الله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما، فإذا قضى الصلاة وضعهما في حجره، فقال: من أحبني فليحب هذين. وله شاهد في السنن وصحيح ابن خزيمة عن بريدة وفي معجم البغوي نحوه بسند صحيح عن شداد بن الهاد، وفي المسند من حديث أم سلمة قالت: دخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين فوضعهما في حجره فقبلهما واعتنق عليا بإحدى يديه وفاطمة بالأخرى فجعل عليهم خميصة سوداء، فقال: اللهم إليك لا إلى النار، وله طرق في بعضها كساء. وأصله في مسلم، ومن حديث حذيفة رفعه: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. وله طرق أيضا وفي الباب عن علي وجابر وبريدة وأبي سعيد، وفي البخاري عن أبي بكر: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي معه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة ويقول إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين.، وقد صح عن إبراهيم النخعي أنه كان يقول: لو كنت في من قاتل الحسين ثم أدخلت الجنة لاستحييت أن أنظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي صحيح البخاري عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الحسن والحسين: هما ريحانتاي من الدنيا. رضي الله عنهما وأرضاهما.

إسلام ويب

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

من أكبر الأدلة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته هي أُميَّته؛ حيث جاء وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب بهذا الكتاب المعجز القرآن الكريم، هذا الكتاب الذي أعجز البلغاء بفصاحته، وأعيا الفصحاء ببلاغته، كما حوى هذا الكتاب كل ما يحتاجه الإنسان لدينه ودنياه، ففيه العقائد والعبادات، وفيه الأحكام والتشريعات، وفيه الأدب والأخلاق، وفيه المواعظ والقصص، وفيه الجدل والحجاج، إلى غير ذلك مما لا يتناهى منه العجب، ولا ينقطع منه الدهش، كل ذلك أتى على يد نبي أمي لم يقرأ يومًا حرفًا، ولم يخط بيمينه يومًا كلمة، لذلك كانت أميته صلى الله عليه وسلم هي موضع عظمته، ودليل صدقه، وآية من الآيات الدالة على نبوته.

لذلك كان من أكبر ما وجَّه المشككون إليه سهامهم، وسدد إليه الملحدون رميهم هي أميته، فحاولوا إنكارها بشتى السبل، وراموا نفيها بكل الحيل، حتى يصح لهم زعمهم بأنه نقل هذا القرآن من الكتب السابقة، وأنه كان على علم بما فيها، فقد كان يقرأها بلسانه، وينسخها بيده، لذلك أخذوا يتأوَّلون الآيات الصريحة التي تدل على أميته، وينكرون السنة الصحيحة التي تثبت هذه الأمية بما لا يدع مجالا للشك، وكل همهم من وراء ذلك هو هدم أكبر دليل على صدقه صلى الله عليه وسلم.
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48].

فهذه الآية واضحة تمام الوضوح، فالله عز وجل يقول له: إنك يا محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليك القرآن لم تكن عندك المقدرة أن تقرأ كتابًا، أو تكتبه بيدك، ولو كانت عندك هذه المقدرة، لتشكك المتشككون في القرآن الكريم، وقالوا: إنه من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث نقله من الكتب السابقة التي قرأها واطلع عليها، سبحان الله وقد وقع بالفعل ما توقعه القرآن الكريم؛ حيث كثر الطعن في القرآن الكريم، وأكثر ما وُجِّه إليه من طعن أنه منقول من كتب الأولين، إن هذه الآية في حد ذاتها معجزة كبيرة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث وقع بالفعل ما ذكره القرآن الكريم، وسيظل يقع طالَما كان هناك معادون للقرآن متشككون فيه، والرد عليهم هو نفسه ما ذكره القرآن، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميًّا، فلم يقرأ في حياته كتابًا، ولم يخطه بيمينه، فكيف إذًا يأتي بهذا القرآن الكريم؟

قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ [الأعراف: 157].

فالآية واضحة تمام الوضوح، ظاهرة كمال الظهور أنه كان نبيًّا أميًّا، وتكاد تطبق مجامع اللغة وعلماء اللغة على أن (الأمي) هو الذي لا يقرأ ولا يكتب.

فابن قتيبة قد نسَب كلمة أمي إلى أمة العرب التي لم تكن تقرأ أو تكتب، فقال: (قيل لمن لا يكتب أمي؛ لأنه نسب إلى أمة العرب؛ أي جماعتها، ولم يكن من يكتب من العرب أي جماعتها، ولم يكن من يكتب من العرب إلا قليل ...)



ويقول ابن منظور: "والأُمِّيّ: الَّذِي لَا يَكْتُبُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: الأُمِّيُّ الَّذِي عَلَى خِلْقَة الأُمَّةِ لَمْ يَتَعَلَّم الكِتاب فَهُوَ عَلَى جِبِلَّتِه، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَعْنَى الأُمِّيّ المَنْسُوب إِلَى مَا عَلَيْهِ جَبَلَتْه أُمُّه أَيْ لَا يَكتُبُ، فَهُوَ فِي أَنه لَا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأَن الكِتابة هِيَ مُكْتسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إِلَى مَا يُولد عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا وَلَدَته أُمُّهُ عَلَيْهِ، وَكَانَتِ الكُتَّاب فِي الْعَرَبِ مِنْ أَهل الطَّائِفِ تَعَلَّموها مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الحِيرة، وأَخذها أَهل الْحِيرَةِ عَنْ أَهل الأَنْبار. وَفِي الْحَدِيثِ: إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُب وَلَا نَحْسُب؛ أَراد أَنهم عَلَى أَصل وِلَادَةِ أُمِّهم لَمْ يَتَعَلَّموا الكِتابة والحِساب، فَهُمْ عَلَى جِبِلَّتِهم الأُولى، وَفِي الْحَدِيثِ: بُعِثتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيَّة؛ قِيلَ لِلْعَرَبِ الأُمِّيُّون لأَن الكِتابة كَانَتْ فِيهِمْ عَزِيزة أَو عَديمة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ".


الألوكة
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

بعد أحداث غزوة أحد وما حصل فيها، من ابتلاء للمسلمين، انتشر بين الأعداء الشعور بالفخر، وحصلت لديهم الرغبة في الكيد بالمسلمين والقضاء عليهم، بل اتجهت أنظار المشركين من الأعراب إلى محاولة غزو المدينة، مناصرة لقريش، ودفاعا عن عقائدهم الفاسدة، وطمعا في خيرات المدينة. ومن ذلك قيام خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي بجمع الحشود من هذيل وغيرها بعرنة (وادي بعرفات)، لغزو المسلمين في المدينة، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي عبد الله بن أنيس الجهني إليه، وكلفه بمهمة قتله.

قال عبد الله بن أنيس : ( دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد بلغني أن ابن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني وهو بنخلة أو بعرنة فأته فاقتله، قلت: يا رسول الله انعته لي حتى أعرفه، قال: إنك إذا رأيته أذكرك الشيطان، وآية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وجدت له قشعريرة . قال: فخرجت متوشحا سيفي حتى دفعت إليه وهو في ظعن(نساء) يرتاد(يطلب) لهن منزلا، وحيث كان وقت العصر فلما رأيته وجدت ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة، فأقبلت نحوه وخشيت أن تكون بيني وبينه مجاولة(مطاردة) تشغلني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي، فلما انتهيت إليه قال: من الرجل؟ قلت: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لذلك، قال: أجل إني لفي ذلك . قال: فمشيت معه شيئا حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف فقتلته، ثم خرجت وتركت ظعائنه(نساءه) منكبات عليه، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني قال: أفلح الوجه، قلت: قد قتلته يا رسول الله، قال: صدقت . ثم قام بي فأدخلني بيته فأعطاني عصا فقال: أمسك هذه العصا عندك يا عبد الله بن أنيس ، قال: فخرجت بها على الناس فقالوا: ما هذه العصا؟، قلت: أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني أن أمسكها عندي، قالوا: أفلا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله لم ذلك؟، قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا؟، قال: آية بيني وبينك يوم القيامة، إن أقل الناس المتخصرون يومئذ. قال: فقرنها عبد الله بن أنيس بسيفه، فلم تزل معه حتى مات، ثم أمر بها فضمت في كفنه ثم دفنا جميعا ) ( أحمد ) .

المتخصرون: هم الذين يصلون بالليل، فإذا تعبوا وضعوا أيديهم على خواصرهم، وقيل: من لهم أعمال صالحة يتكئون عليها يوم القيامة كما يتكئ الإنسان على عصاه .

قال ابن هشام : وقال عبد الله بن أنيس في قتله لخالد الهذلي أبيات من الشعر، منها :

وقلت له خذها بضربة ماجد ... حنيف على دين النبي محمد

وكنت إذا هم النبي بكافر ... سبقت إليه باللسان وباليد

والناظر في هذا الحدث يلحظ فيه حكما باهرة، وفوائد جمة، ينبغي الوقوف عندها للاستفادة منها في حياتنا وواقعنا، منها :

اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالجانب الأمني للدولة الإسلامية، ومتابعته تحركات الأعداء ومؤامراتهم، ووضع الحلول المناسبة للمشكلات والأزمات في وقتها الملائم، ومن ثم لم يمهل خالد بن سفيان حتى يكثر جمعه ويشتد ساعده، بل عمل على القضاء على الفتنة بحزم وهي في أيامها الأولى، وبذلك حقق للمسلمين مكاسب كبيرة، إذ قلل التضحيات المتوقعة من مجيء خالد بن سفيان بجيش لغزو المدينة، وأخاف كل من تسول له نفسه من محاولة التعرض بالأذى للمسلمين والدولة الإسلامية، وهذا العمل يحتاج لقدرة في الرصد الحربي، وسرعة في اتخاذ القرار .

كذلك أظهر هذا الحدث فراسة وحكمة النبي صلى الله عليه وسلم في اختيار الكفاءات من أصحابه، فكان يختار لكل مهمة من يناسبها.

وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الدقيق لخالد الهذلي دليل علي انه الصادق المصدوق

وقد كافأ النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أنيس على نجاحه في مهمته الكبيرة مكافأة عظيمة، لكن هذه المكافأة لم تكن مادية دنيوية كما يتمنى الكثير ممن يقوم بالمهمات الشاقة في جيوش العالم قديما وحديثا، بل كانت أسمى من ذلك وأعظم، فهي وسام شرف أخروي قل من يناله، وهذا يدل على علو مكانته في الآخرة، والتي نالها بحب النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته، والتضحية في سبيل الله عز وجل .. فقد أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم بشارة الخلود في جنة عرضها السموات والأرض، أعطاه عصا، وجعلها علامة بينه وبين رسول الله يوم القيامة، يتكئ عليها وتأخذ بيده، كما تأخذ صلاة الليل بيد صاحبها يوم القيامة إلى النجاة ، ومن ثم لم يترك عبد الله هذه العصا أبدا، وأوصى أن تدفن معه في قبره ..

إسلام ويب

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_السيرة_النبوية

السيرة النبوية فيها الكثير من المواقف والأحاديث الدالة على نهي وتحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الخصومة، وأمره وحثه صلى الله عليه وسلم على السعى في الإصلاح بين الناس، لما فيه من وَصْلٍ لأرحامٍ قدْ قُطِعت، وتقْوية لأخوة وصُحْبَة قدْ وهَنَت.

يكفي لبيان خطورة الشحناء والخصومة بين المسلم وأخيه أنها مانعة لمغفرة الله عز وجل للذنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تُفتح أبواب الجنة يومَ الاثنين ويوم الخميس، فيُغْفَر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينَه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظِروا هذين حتى يصطلحا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حتى يصطلحا) رواه مسلم. قال النووي: "(أنظروا هذين) أي: أَخِّرُوهما حتى يرجعا إلى الصلْح والموَدَّة". وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَحِلُّ لرجُلٍ أن يَهجُر أخاه فوق ثلاثِ ليالٍ، يلتقيان: فيُعرِض هذا، ويُعْرِض هذا، وخيرهما الذي يبدأُ بالسَّلام) رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: (من هجر أخاه سَنَةً فهو كسفكِ دمِه) رواه أبو داود وصححه الألباني.

عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى. قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة) وفي رواية: (لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين) رواه الترمذي وصححه الألباني. وإصلاح ذات البين: إزالة أسباب الخصام والنزاع، بالتّسامح والعفو، أو بالتّراضي".

لما علم النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض أصحابه من أهل قُباء اختلفوا ذهب للإصلاح بينهم، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: (أنَّ أهلَ قُباءٍ اقتَتلوا حتى ترامَوْا بالحجارة، فأُخبِرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: اذهبوا بنا نُصْلِحُ بينهم) رواه البخاري. قال ابن حجر في "فتح الباري": "في هذا الحديث فضل الإصلاح بين الناس وجمعِ كلمة القبيلة وحسمِ مادة القطيعة، وتوجهِ الإمام بنفسه إلى بعض رعيته لذلك، وفيه تقديمُ مثلِ ذلك على مصلحة الإمامة بنفسه". وقال ابن بطال: "فيه: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التواضع والخضوع والحرص على قطع الخلاف وحسم دواعِي الفُرقة عن أمته كما وصفه الله تعالى".
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه: (أنَّ زوج بَرِيَرة عبدٌ أسود يقال له مغيث، كأنِّي أنظر إليه يطوف خلفها يبْكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباسٍ: (يا عباس، ألا تعجَب منْ حُبِّ مغيثٍ بَرِيرة، ومن بغضِ بريرةَ مغيثًا؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو رَاجَعْتِه، قالتْ: يا رسول اللهِ تَأْمُرُني؟ قال: إنَّمَا أنَا أَشْفَع..) رواه البخاري. قال ابن حجر: "(إنما أنا أشفع) أي: أقول ذلك على سبيل الشفاعة له لا على سبيل الحتم عليك"، وقال ابن بطال: "قال الطبرى: فيه من الفقه جواز استشفاع العالم والخليفة فى الحوائج والرغبة إلى أهلها فى الإسعاف لسائلها، وأن ذلك من مكارم الأخلاق، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: (اشفعوا تؤجروا)".

لأهمية الإصلاح بين الناس، أجاز النبي صلى الله عليه وسلم الكذب للإصلاح بين المتخاصمين، كأن يذكر الذي يصلح على لسان أحد المتخاصمَين مدحاً لخصمه وثناء عليه، من غير أن يكون هذا قوله حقيقة، فعن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس بالكاذب من أصلح بين الناس، فقال خيراً، أو نَمَّى خيراً) رواه البخاري. قال ابن العربي: "الكذب في هذا وأمثاله جائز بالنص رفقاً بالمسلمين لحاجتهم إليه". وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحلُّ الْكذب إلاّ في ثلاث: يحدِّثُ الرَّجلُ امرأته (زوجته) لِيُرْضِيَها، والكذب في الحرب، والكذب ليصلحَ بين النَّاس) رواه الترمذي وصححه الألباني. والمقصود بالكذب بين الزوجين: الكذب في إظهار الود والمحبة لغرض دوام الألفة واستقرار الأسرة، وليس المراد بالكذب ما يؤدي إلى أكل الحقوق، أو الفرار من الواجبات ونحو ذلك، قال النووي: "وأما كذبه لزوجته وكذبها له فالمراد به في إظهار الود والوعد بما لا يلزم ونحو ذلك، فأما المخادعة في منع ما عليه أو عليها، أو أخذ ما ليس له أو لها فهو حرام بإجماع المسلمين والله أعلم".

قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ من الناسِ ناساً مفاتيح للخير، مغاليق للشرِّ، وإنَّ مِن الناس ناساً مفاتيح للشرِّ، مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل اللهُ مفاتيحَ الخيرِ على يديْه، وويلٌ لمن جعل اللهُ مفاتيحَ الشرِّ على يدَيْه) رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

إسلام ويب

✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…

بِِصٌمَةّ خَيِّر

#يوميات_في_التاريخ_الإسلامي

يسمِّي المقدسي إقليم خراسان وما وراء النهر «إقليم المشرق». حيث قال: إنه أجل الأقاليم وأكثرها أجلة وعلماء، وهو معدن الخير ومستقر العلم وركن الإسلام المحكم وحصنه الأعظم، ملكه خير الملوك، وجنده خير الجنود، فيه يبلغ الفقهاء درجة الملوك. وقد قال محمد بن عبد الله لدعاته: «عليكم بخراسان فإن هناك العدَدَ الكثير والجَلَد الظاهر، وهناك صدور سليمة وقلوب فارغة لم تتقسمها الأهواء، ولم تتوزعها النِّحَل ولم يقدح فيها فساد، وهم جند لهم أبدان وأجسام، ومناكب وكواهل، وهامات ولحى وشوارب، وأصوات هائلة، ولغات فخمة.» وهم كانوا عدة الانقلاب والثورة على الأمويين، ونقل الخلافة إلى العباسيين.

ويقول المقدسي: قرأت في كتاب بخزانة عضد الدولة «خراسان في غذاء الهواء، وطيب الماء، وصحة التربة، وإحكام الصنعة، وتمام الخِلقة، وجودة السلاح والتجارة والعلم والعفَّة والدراية ترس في وجه الترك»؛ وأهل خراسان أشدُّ الناس تفقُّهًا، وبالحق تمسكًا، وهم بالخير والشر أعلم، وإلى إقليم العرب ورسومهم أقرب، وإقليمهم أكثر أجلَّة وعقلاء، مع العلم الكثير، والحفظ العجيب، والمال المديد، والرأي الرشيد، به مرو التي قامت بها الدنيا، وبلخ وإليها المنتهى، ونيسابور فلا تُنْسى.
ثم قال: وهو أكثر الأقاليم علمًا وفقهًا، وللمذكِّرين به صيت عجيب، ولهم أموال جمَّة؛ وبه يهود كثيرة ونصارى قليلة، وأولاد علي رضي الله عنه فيه على غاية الرفعة، ولا ترى به هاشميًّا إلا غريبًا، ومذاهبهم مستقيمة، غير أن الخوارج بسجستان ونواحي هراة كثيرة، وللمعتزلة بنيسابور ظهور بلا غلبة، وللشيعة والكرَّامية بها جلبة، والغلبة في الإقليم لأصحاب أبي حنيفة إلا في كورة الشاش، وطوس، ونسا، وأبيورد … فإنهم شفعوية، ولهم جلبة بهراة وسجستان وسرخس.

وبهذا الإقليم عصبيات بين الشيعة والكَرَّامية، وبين الشافعية والحنفية، وقد يهراق في هذه العصبيات الدماء، ويدخل بينهم السلطان.

وقد أخرجت هذه البلاد ما لا يحصى من رجال الحديث والفقه، خدموا العلم خدمة كبرى بجدِّهم وصبرهم على البحث ورحلتهم إلى أقاصي البلدان، يأخذون العلم من أهله حيث كان؛ فعلى رأس المحدِّثين الإمام البخاري، وهو من بخارى، كما تدلُّ عليه نسبته، ورحل إلى الجبال ومدن العراق، والحجاز والشام ومصر يجمع الأحاديث بالأسانيد، ويعنى بالمتن وبالسند، وبرجال الحديث وتاريخهم، ومعرفة درجة الثقة بكل منهم مع الحفظ التام، والدقة العجيبة.

كما أخرجت نياسبور مسلم بن الحَجَّاج النيسابوري مؤلف الصحيح المنسوب إليه «صحيح مسلم» وهو كذلك رحل إلى الحجاز والعراق والشام ومصر، وروى عن أهلها، وجمع الحديث واستخرج صحيحه من ثلاثمائة ألف حديث، و«بعض المحدِّثين يفضِّل صحيحه على صحيح البخاري؛ لما اختصَّ به من جمع الطرق، وجودة السياق، والمحافظة على أداء الألفاظ كما هي من غير تقطيع ولا رواية بمعنى». وكان كتابه مصدرًا لحركة كبيرة في الحديث بين النيسابوريين، وانتفع به خلق كثير، ومات سنة ٢٦١ﻫ بنيسابور.

كما أخرجت البلاد كثيرًا ممن بلغوا مبلغ الاجتهاد في الفقه مثل أبي حاتم محمد بن حبان التميمي السمرقندي، إمام كبير له تصانيف كثيرة في الحديث والجرح والتعديل، وطوف في البلاد وقال: «لعلنا أخذنا عن ألف شيخ بين الشاش والإسكندرية.» وقد ولي قضاء سمرفند، ورحل إليه الناس لأخذ العلم عنه، وإليه مرجع كثير من المحدِّثين في حكمه على رجال الحديث بالجرح والتعديل، مات سنة ٣٥٤ﻫ.

وأبو بكر محمد بن المنذر النيسابوري، وكان إمامًا مجتهدًا، قال الذهبي: كان على نهاية من معرفة الحديث والأخلاق، وكان مجتهدًا فلا يقلد أحدًا، توفِّي سنة ٣١٦ﻫ.

ثم كان بهذه الأقاليم كثير من علماء الشافعية والحنفية.
فمن أكبر رجال الشافعية محمد علي القفَّال الشاشي، كان يعدُّ إمام عصره فيما وراء النهر، وناشر مذهب الشافعية فيه، وكان يقول بالاعتزال، وله كتب في الفقه والأصول، وخرج غازيًا في الحروب بين المسلمين والروم، وأخذ أسيرًا إلى القسطنطينية، ثم عاد إلى بلاده، ومات بالشاش سنة ٣٦٥ﻫ.

وأبو بكر بن فورك الأصفهاني الأصل، الأصولي المتكلِّم، ناصر الأشعري، اضطُهد بالري لكثرة الاعتزال بها، فطلبه أهل نيسابور، وبنوا له مدرسة يعلم فيها، وألَّف مصنَّفات كثيرة نحو المائة، ومات سنة ٤٠٦ﻫ بنيسابور.

وأبو بكر أحمد بن الحسن البيهقي الحافظ الشافعي، رحل إلى كثير من البلاد، ثم عاد إلى بلده، وأخذ في التصنيف، وأكثر منها حتى قالوا: إنها تبلغ نحو ألف جزء

المصدر : مؤسسة هنداوي
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

Читать полностью…
Подписаться на канал