مقالات وتغريدات الكاتب والصحفي الدكتور محمد جميح السفير والمندوب الدائم لليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو).
الخبر:
تلغراف عن مسؤول إيراني رفيع:
طهران قررت وقف دعمها للحوثي لتجنب الحرب مع أمريكا…وتعيد تقييم سياساتها تجاه وكلائها بالمنطقة، وتسحب عسكرييها من اليمن.
التعليق: أما كانوا ينكرون دعمهم للحوثي؟!
كيف يوقفون دعماً لم يكن إذن؟!
تذكرون تصريحاتهم عن عدم وجود أي خبراء عسكريين لهم يدعمون الحوثي؟!
وكما كذبوا أمس عندما قالوا إنهم لا يدعمون الحوثي، يكذبون اليوم بقولهم إنهم سيوقفون دعمه.
لا جديد:
#يكذبون_كما_يتنفسون
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
إذا كانت الضربات الأمريكية على مواقع الحوثيين في اليمن قد فشلت في استهداف البنية العسكرية لهم فلماذا يشددون على منع تصوير مواقع الضربات، أو الإدلاء بأي تصريحات حولها؟!
لماذا لا يترك الحوثيون المجال للإعلام للوصول لمواقع تلك الضربات ليطلع العالم على "جريمة العدوان الأمريكي على المدنيين اليمنيين"، كما يقولون؟!
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
يقع المدافعون عن الحوثيين في تناقض واضح، كذبهم يسقط سريعاً عندما يقولون إنهم ليسوا مليشيا طائفية.
ما رأي المدافعين عن هذه الجماعة التي تمتهن الكذب في قول مؤسس الجماعة حسين الحوثي إن رمزي المسلمين الكبيرين أبا بكر وعمر "مخطئون عاصون ضالون، لا يجوز. الاعتراف بخلافتهما"، وأن هذا هو مذهب إمامهم عبدالله بن حمزة.
أين المرقعون؟
هيا، تفضلوا، كيف يمكن ترقيع طائفية "علَم الهدى" و"القرآن الناطق"، حسين الحوثي؟!
كيف يمكن ترقيع فتوى عبدالله بن حمزة؟!
أما عبدالملك فيظن أنه يخدع الجمهور عندما يترضى - على الطريقة الإيرانية - عن "الصحابه المنتجبين"، وهؤلاء قلة قليلة - في نظره - ليس منهم كبار الصحابة ورموز المسلمين الموصوفون بأنهم "مخطئون، عاصون وضالون"، عنده وعند أخيه المؤسس، وعند كبار أئمتهم.
لا نحب الخوض في مثل تلك القضايا التاريخية، لولا أن تلك الجماعة تحاول إخفاء حقيقة توجهاتها الطائفية، تماماً، كما تخفي حقيقة أهدافها من وراء حروبها المختلفة التي ترفع لها شعارات براقة، لتغطي على حقيقة تلك الأهداف.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
محمد...من المرعى إلى المشهد العالمي
محمد جميح
لم يُكتب عن أحد من الناس ما كتب عن نبي الإسلام عليه السلام، كل مراحل حياته سُجلت، وتم نقل كل حالاته وجميع أوضاعه: علاقاته الأسرية، والاجتماعية والسياسية، حروبه ومعاركه، أسفاره وتنقلاته، نومه ويقظته، أكله وشربه، صلاته ونسكه، انتصاراته وانكساراته، ضحكه وبكاؤه، حتى وهو في غرفة نومه تم نقل حالاته، ومع كل تلك الأسفار الضخمة التي سجلت كل مراحل حياته، إلا أن سيرته كانت مضرب المثل لرجل كرس حياته كلها لما آمن به من رسالة، وكان إيمانه العجيب بها باعثاً لإعجاب الخصم قبل الصديق.
يتيم فقير، راعي غنم بسيط، يحلب الشاة، ويخصف النعل، وينقل الحطب لسيدات مكة، ويساعد في أعمال المنزل. لم يكن من شيوخ القبيلة، ولا كبرائها أو أصحاب الثروات، بل ورد القرآن الكريم اعتراض قومه على نبوته لأنه لم يكن من عظماء القريتين، حسب المعايير المادية: "وقالوا لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم"، وورد: "ووجدك عائلاً فأغنى"، ومع ذلك لم تمض إلا سنوات معدودة حتى كان يتراسل مع كسرى وقيصر وملوك وحكام العالم القديم، وبعدها وصلت جيوشه الشام وأطراف العراق، ولم تمض إلا عقود قليلة حتى دخلت جيوشه إسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا غرباً، ودخلت حدود الصين في الشرق، فيما يشبه المعجزة.
ثم إن المعجزة ليست مجرد "الفتح العسكري" ، فالمغول - مثلاً - فتحوا بلداناً واسعة في فترات قياسية، ولكن فتحهم اندثر لينكفئوا إلى صحاراهم، عدا أولئك الذين أسلموا وحكموا القارة الهندية. معجزة النبي تكمن في "فتحه الروحي"، إذ أن معظم الأقاليم التي دخلها دينه ظلت عليه إلى اليوم، بل إن أكبر بلدان العالم الإسلامي في شرق آسيا دخلها دينه دون جيوش.
وكان لا بد لرسالته، ولفتحه أن يدوم، لأنه عندما بلغ أوج قوته "صام" عن الدنيا، ولم ينغمس فيها كما فعل معظم من وصل إلى السلطة والثروة عبر التاريخ، بل إنه وهو الذي توسعت سيطرته ظل يلاعب الأطفال في أزقة مدينته، ويطعم الجياع، ويكون آخر من يشرب من العطشى، وكان يتعهد الأرامل، ويذهب إلى الحقول، ويغشى الأسواق، ويتفقد أحوال شعبه، ويربي أصحابه، وينصرف عن ملذات الدنيا التي تحصل عليها، في قصة كفاح بدأت بميل محمد عليه السلام إلى اعتزال مجتمعه والشعور بغربة روحه عن سياقه الاجتماعي والزماني والمكاني، والذهاب للجبال، والخروج للوديان، والانقطاع عن العالم فترات ينفرد فيها بنفسه، في خلوات أنضجت روحه، وهيأته لرعشة القلب التي على إثرها اهتز العالم الخارجي وما يزال إلى اليوم.
وفي رمضان دخل نبي الإسلام محمد عليه السلام كهفاً بأحد جبال مكة، وخرج يردد "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم". من يسمع هذه العبارة يشعر بشيء من جلال النص وقداسة المعنى الكامن في "اقرأ"، اللفظ المنفتح على "القراءة" بدلالاتها وإيحاءاتها العميقة، والكامن في "القلم"، اللفظ المنفتح على "الكتابة" بدلالاتها وإيحاءاتها العميقة، حيث تتلازم القراءة والكتابة تلازم "العلم والخلق" في دين النبي الجديد.
كان غار حراء فجوة في الجبل على ارتفاع أكثر من 600 متر والجبل يبعد عن مكة قرابة أربعة كيلومترات، إلى الشرق منها، وكان النبي وهو في الغار يرى مكة من هذا الارتفاع الذي يهيئ لرؤية العالم بعين أخرى، وتأمله ببصيرة قلب يتوثب للانفتاح على دفق جديد لا عهد له به. كان موضعه بين السماء والأرض يتيح له الفرصة لصقل روحه لتقبل الحدث الجلل أو "القول الثقيل"، كما جاء في القرآن الكريم.
وفي رمضان حزم النبي متاعه وتوجه إلى الغار الذي يختلي فيه بنفسه، ويتأمل في الخلق ويبحث عن الخالق الحقيقي الذي لم يره في أصنام قومه، حيث كان قبل بعثته أحد القلائل الذين "تحنثوا" حتى بلغوا مرحلة "الحنفية"، وهي ديانة إبراهيم الذي سيطلق عليه القرآن أب المسلمين: "ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين".
وفي ليلة من الليالي شعر النبي بتلك الرجفة التي ترعش القلوب التي أصبحت شفافة لدرجة اختراق الحجب، والوصول إلى عالم آخر يكمن وراء هذا العالم المرئي، حيث يحدث أن تكون لدى قلوب البشر القدرة على تلقي الفيوضات الإلهية، إذا وصلت مرحلة الطهارة التي تكون عليها قلوب الأنبياء.
كانت رعشة القلب صاعقة للكيان البشري، وكانت كافية لنفض ما في القلب من بقايا مادية، لكي يخلص تماماً للتلقي، وكانت حيرة النبي بعد التلقي كبيرة، كانت أكبر دليل على صدقه، إذ أنه خرج من الغار في حالة رعب، بعد أن "أجهده" ما ألم بقلبه من فيض، يقول كتاب سيرته إنه كان قوياً لدرجة أن النبي ظل فترة يغشى عليه كلما دهمه.
ليلة القدر
محمد جميح
قالت الراعية للدرويش:
خلقٌ كثير وقفوا على عتبة الزمن، ينتظرون ليلة القدر.
وحدهم الذين وقفوا على عتبة القلب صادفوها.
أضافت: ليلة القدر لحظةٌ داخلية تكثف فيها الزمن الخارجي.
قال الدرويش: لم أفهم.
قالت الراعية: اللحظة في حساب القلب هي الأبدية، والزمن لدى ساعة الروح مجرد رفَّة من جناح فراشة.
قال: لم أفهم.
قالت: لو صادفتها لفهمت.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
لن يجدي جيش الاحتلال الإسرائيلي كل أسلحة الموت التي جربها في غزة. مقاومتها لن تنكسر، لسبب بسيط، وهو أن قضيتها عادلة، وإيمانها بالقضية مدهش، ولأن لدى أهل غزة إيماناً كبيراً بأن الله معهم، وتلك أسلحة لا يجدي معها أي شيء.
الحل الوحيد الذي أدركه قبل الإسرائليين البريطانيون والفرنسيون وغيرهم من المحتلين هو إنهاء الاحتلال وترك الأرض لشعبها.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
المسألة اليهودية بين الحلين: النازي والصهيوني
محمد جميح
ضاقت أوروبا ذرعاً بالوجود اليهودي خلال القرون الثلاثة الأخيرة، ضاقت إلى الحد الذي بات ينظر إلى هذا الوجود على أنه معضلة، معضلة حقيقية: دينية وسياسية واقتصادية وثقافية، معضلة تحتاج إلى حل، وكما تنوعت أوجه هذه المشكلة، تعددت الحلول، وخاض في المشكلة وفي الحل فلاسفة ومفكرون، سياسيون واقتصاديون، صحافيون وكتاب، وظهرت عناوين ونحتت مصطلحات من مثل: «المسألة اليهودية أو المشكلة اليهودية» و«معاداة السامية» و«الحل النهائي للمسألة اليهودية» و«الغيتو اليهودي» أو «الحي اليهودي» وصولاً إلى «معسكرات الاعتقالـ« و«الهولوكوست» و«الحل النازي» ثم فكرة «الوطن القومي لليهود «، و«الحل الصهيوني».
وخاض الكثير في طرق حل هذه المشكلة التي بدا أنها مشكلة أوروبية خالصة، إذ لم يكن الوجود اليهودي يعد مشكلة في البلدان العربية والإسلامية، ولا في الأندلس التي عانى اليهود بعد سقوطها من ويلات محاكم التفتيش الإسبانية، كما عانى المسلمون، وكانت الحلول متفاوتة ما بين التخلص من اليهود، بنفيهم داخلياً بالفصل العنصري بينهم وعامة المجتمع المسيحي، وعزلهم في «الحي اليهودي» الذي تحول إلى «غيتو» منعزل تماماً عن بقية المجتمع ثقافياً واجتماعياً وقانونياً وأمنيا، وتجسد حل آخر في النفي خارج الحدود، بنزع الجنسية عنهم، ورفض أوروبيتهم، واعتبارهم أجانب غرباء ووافدين على القارة، ومصدر شر وكيد ودسائس ومؤامرة، كما عكست ذلك أعمال كثير من الأدباء والكتاب والشعراء والفنانين، إلى أن ابتكرت «الصهيونية بشقيها المسيحي واليهودي» فكرة «الوطن القومي لليهود» وفي إطار هذا الحل طرحت العديد من الخيارات في أمريكا اللاتينية وأفريقيا والبلاد العربية، لإقامة هذا الوطن الذي كانت فكرته نابعة من الرغبة في التخلص من «المشكلة اليهودية» أكثر من كونها رغبة في إنصاف اليهود وتحقيق مصالحهم.
وقد ظل «الحل الصهيوني» يتكامل تدريجياً، في انتظار اللحظة التاريخية الحاسمة التي يعلن فيها عن ميلاد «الوطن القومي اليهودي» وتمثلت تلك اللحظة في سنوات «الهولوكوست» أو «الشواء» أو «المحرقة» التي كانت الحل النازي الذي وظفه «الحل الصهيوني» للمشكلة الفلسطينية، في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
كان الفيلسوف اللاهوتي الألماني برونو باور يرى أن اليهود مسؤولون عما جرى لهم من معاملة من طرف المجتمعات التي عاشوا فيها، وفي كتابه «المسألة اليهودية» رأى أن تحقيق اليهود لذاتهم السياسية يتطلب تخليهم عن الدين، وفي ذلك إشارة إلى أن المشكلة اليهودية هي مشكلة دينية، والمشكلة الدينية تتمثل في المعتقد، وهو المعتقد الذي اختصر اليهودية/الدين في اليهودية الجين، حيث بولغ في تقديس العرق على حساب الديانة، حتى أن الانتساب للديانة أصبح محصوراً في أولئك الذين يمتلكون النسب، وحتى أصبح هؤلاء الذين يمتلكون النسب هم «شعب الله المختار» وكانت تلك إحدى أهم المعضلات التي وقفت حجر عثرة أمام اندماج اليهود في المجتمعات الأوروبية وغيرها، حسب باور وغيره، حيث لم تكن منظومة «الغيتو» أو «الحي اليهودي» ناتجة عن أن المجتمعات التي عاش فيها اليهود مارست نوعاً من «العزل» عليهم وحسب، ولكن المعتقدات اليهودية أسهمت كذلك في عزل معتنقيها إلى حد كبير، إذ يسهم الشعور بالتميز في عزل «المتميزين» عن بقية شرائح المجتمع، حتى أنهم «جعلوا أعشاشهم في مسام المجتمع البرجوازي وفراغاته» منعزلين عن عموم الناس، حسب تعبير باور.
وفي حين يرجع باور عزلة اليهود إلى العوامل الدينية والثقافية، فإن كارل ماركس، في كتابه «نصوص حول المسألة اليهودية» يرجع ذلك إلى الرأسمالية التي رآها الأساس المادي لليهودية، وهو ما يعني أن العوامل الاقتصادية هي المؤثرة في هذه العزلة، وبما أن اليهود أصحاب مال فإن ذلك دفعهم لشيء من العزلة، كأي رأسمالي يريد أن يعيش بعيداً عن الآخرين، على طريقة ماركس في تغليب العوامل المادية على العوامل الروحية والثقافية في تفسير حركة التاريخ والمجتمع.
وأياً ما تكن أسباب العزلة فإنه مع العزل تخرج الانطباعات المغلوطة والتصورات المسبقة والصور النمطية التي غالباً ما تكون سلبية، ومع الصورة السلبية يحدث استهداف الأشخاص والمجتمعات، وأما إذا ابتليت الطوائف المنمطة بقيادات تعمل على تكريس هذه الصور عن مجتمعاتها فإن تلك القيادات تضع في يد من يريد استهداف تلك الشرائح أو الطوائف مبررات الاستهداف، وهذا ما حصل، عندما اتخذت النازية تصرفات «الرأسمالية اليهودية» مبرراً للجرائم البشعة التي نفذتها ضد اليهود، تماماً، كما يرتفع منسوب «معاداة السامية» حول العالم بسبب جرائم حكومة اليمين الإسرائيلي التي تربط بين الصهيونية واليهودية.
سكرة القوة
محمد جميح
أكثر من 400 فلسطيني قتلتهم إسرائيل اليوم في غ. ز ة.
تعربد قوات الاحتلال في البلدان العربية من فلسطين إلى لبنان فسوريا واليمن.
إنه شعور أحفاد الناجين من الهولوكوست، شعورهم بالقوة الطاغية من جهة، وخوفهم من المستقبل الملغوم من جهة أخرى.
ما تحصل عليه الجيل الإسرائيلي الحالي في فلسطين هو الدين الذي كان لأجداده لدى الأوروبيين جراء الهولوكوست، دين دفعه من ليست لهم علاقة بالمحرقة، ولكنه كذلك دين سيتحتم على الأجيال الإسرائيلية اللاحقة دفعه للعرب والفلسطينيين الذين دفعوا ثمناً باهظاً لجريمة لم يرتكبوها.
هو دين واجب السداد، حيث يحدثنا التاريخ أن فواتير العدوان والاحتلال يتم سدادها، ولو بعد حين.
ما تحصل عليه الجيل الإسرائيلي الحالي هو ثمرة جهود غربية متواصلة، لإيجاد وطن لليهود في فلسطين، لا لتعويض اليهود، ولكن لكي تكون إسرائيل طليعة الاستعمار الغربي القديم/الجديد في البلاد العربية.
و"لله الأمر من قبل ومن بعد".
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
يافطات متعددة لحرب هدفها واحد
محمد جميح
في الحروب الست كان عنوان حرب الحوثي على اليمنيين "الدفاع عن النفس"، وبعد دخوله صنعاء توجهت مليشياته إلى عدن بحجة تثبيت الوحدة اليمنية، مع أنه كان يقول للحراك الجنوبي إنه مع مطالب الحراك بتقرير المصير للجنوب.
وفي حربه على تعز ورداع ومأرب والجوف كان العنوان "محاربة الدواعش والتكفيريين".
وجاءت حرب دولة الاحتلال إسرائيلي على غزة بعد فترة من الهدوء النسبي في اليمن، فاستغل الحوثي الحرب ليواصل اليافطات المكذوبة، ولكن باسم "مناصرة غزة"، هذه المرة.
تم التوصل لإطلاق النار في غزة، وذهب أصحاب الشأن في مقاومتها للتفاوض لوقف الحرب، لكن الحوثي استمر في معزوفته الجديدة التي فرح بها أكثر من غيرها: "نصرة غزة".
عندما تتغير عناوين الحرب ويافطاتها فاعلم أن هدفها المعلن غير هدفها الحقيقي.
وعندما تتعدد عناوين الحرب فاعلم أن عنوانها الوحيد هو "السلطة والثروة"، وهما الهدف الحقيقي والوحيد لحروب الحوثي الداخلية والخارجية، وهما اللذان قال الحوثي إنه لن يشترك في السلطة بعد دخوله صنعاء، ثم عض عليها بنواجذه وأمعائه.
عندما تبحث جماعة عن أي مبرر لاستمرار الحرب فاعلم أنها إنما تسعى لمصالحها لا لما ترفع من يافطات وشعارات.
واليوم يشن الأمريكيون ضربات هي الأعنف على مواقع للجماعة، بحجة الرد على قرصنتها البحرية.
اللافت أن ضربات الأمريكيين لم تلق إدانة إلا من إيران ومليشياتها، والبعض على استحياء.
لم يترك الحوثي لليمن أصدقاء ليدينوا الضربات. حتى وهو يشترك في حرب، فإن مهمته في الحرب كانت "القرصنة"، وهي مهنة لا تليق إلا به وبأمثاله.
اختطفت إيران، من خلال مليشياتها في اليمن، جزءاً من الأرض والناس، فحولت الأرض إلى حقل تجارب لصواريخها وطائراتها المسيرة، وحولت ملايين اليمنيين إلى رهائن ودروع بشرية، في هذه الحرب التي ليس لها هدف إلا تثبيت سلطة الحوثي والحصول على اعتراف دولي به.
أما الشرعية، فإنها تتحمل مسؤولية كبرى في ما يجري، لأنها أضاعت ولا تزال تضيع، الفرص المتتالية لتخليص اليمنيين من هذه المليشيا الطائفية التي تدعي أن هدف حربها الدفاع عن النفس ونصرة المظلوم، وعندما سقط النظام الظالم في دمشق ناحت عليه، لتكشف أنها تقاتل على أسس طائفية، لا علاقة لها بالقيم والمبادئ والأخلاق، ولا بالعروبة والإسلام.
وقليل من يعي ذلك.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
ورقة من مذكرات ذي النون
محمد جميح
داخلَ الحوت…
يا رب…
حرفي حجاب وقلبي الذي نسجت حوله العنكبوت تهاويمها قيدته هجوس الظلام.
داخل الحوت سبَّحتُ باسمك لكن نفسي عصتني إذ قلت هيا إلى الله، هيا إلى أفق سبّحتْ فيه أجنحةُ الغيم وانداح شوق الحمام.
رب هذا فؤادي في جوف حرف يغوص ببحر الكلام المطلسم والحوتُ كلَّ مساء يلوك فؤادي، ويحبسه في سراب الجهام.
وإذا قلت يا قلب: هيا إلى فجة الفجر، هيا إلى رشفات الضياء المقطر من بسمة الشفق المتدلي على الكون، هيا نشُقُّ سُجوفَ الظلام، تراود نفسي هواجيسها..
رب، أسرج بقلبي خيول المعاني، لأخرج من عتمة الحرف من شطحات الكلام.
داخل الحوت في برزخ الحرف، في لغةٍ موَّهتها قواميسها..
قصتي خرجت من تجاعيد معنى تعتَّق من طول ما خمَّرتْهُ المخيلات، واحترقت في مواعيده حدقات القرون.
شاحب الروح من بعد أن أبَقتْ بي شجوني إلى شاطئٍ لا معاني به، وفؤادي على الفلك، والفلك ناءت مجاديفه من كثيف الشجون.
حُلُمي غائمٌ..
فيه من حكمة الوقت لكنه خارجٌ من ركام الجنون.
حُلُمٌ يتجلى مساءً لقلبي، ويملأ جفنيَّ من خطرات النجوم، فتشرق في القلب كلُ المرائي وتورق كلُ الشموس ويشتعل الليل تحت الجفون.
قدر يدرك القلبُ أسرارَهُ ثم يحجبها عن فضول العيون.
واقف بي على شاطئ الحُلْم، يُظهر لي في المداد المعاني ويخفي بهامشه ما تقول المتون.
وأنا، كلما فتح الوقت في جوف روحي نافذة للسماء البعيدة عادت جفونُ القصيدة ملفوفةً في غلاف الظنون.
كلما راودتْ يرقاتِ المعاني حروفُ الفراشات عاد الكلام كسير الجناح إلى الصمت، والصمت موت المعاني بشرنقة الحرف والحرف..
يا نون ماذا تكون؟!
قدري عالق يا إلهي ما بين حرفين، يبديه في همهمات القواميس كافٌ، وفي ظلمة الحوت يخفيه نون.
قدري غائم الوقت، معناي منشطر بين حرفين يا رب قل للذي في الحروف المحالة كن فيكون.
قل له يا إلهيَ: كن فيكون..
داخل النون سبَّحتُ باسمك، حضّرتُ كل النبيين، حاولت أن أثقب السُجُف المدلهمات، ناديت يا رب أخرج فؤادي من جوف لفظ يبعثرني في شظايا السجوف.
عندما أبحر الحرف بي، ووصلنا لمجمع بحرين، أُنسيتُ حوتي، وآويتُ قلبي إلى صخرة اللفظ، كانت رياح الكلام تهشم حرفي، وكانت معانٍ ثقالٌ يؤود بها مركبي، ثم في لحظة قذفتني المعاني إلى اليم فالتقمتني تجاويف نون الكلام، وعذبني الحرف، جِلدُ الكلام تقرّح، يا رب وحدك تعلم أني أموت ونون الهواجيس يأكل لحم القوافي ويشرب ماء الحروف.
ضاق صدري بأهلي، وضاق بحرفي معناه، همتُ، يممتُ وجهي إلى اليم..
واليمُ لم يحتمل وطأة القلب، أسلمني اليمُ لليل..
والليلُ للنون أسلمني، ضاق بي بطنهُ..
آه يا رب من وحشة الموج والليل
من وحشة النون يبحر بي في الظلام الكثيف.
لا أنيس لروحي هنا في تجاعيد هذا الظلام الذي تتناسل أشباحه مثلما تتجاوب في جوفه حشرجات الطيوف.
رب لا غير وجهك لي مقصدٌ..
ولِّ قلبيَ قِبلةَ شاطئك الأيمن، اقبس له جذوة من حنين البراري..
وأنبت على جرح روحي يقطينة الصبر، أشف إلهي قروح الكلام، وأنت اللطيف الرؤوف…
رب أنت اللطيف الرؤوف.
https://www.alquds.co.uk/ورقة-من-مذكرات-ذي-النون/
ثم إن القضية ليست مجرد امتناع عن الأكل والشرب، ولكن قضية لجم هذه الغرائز المنفلتة في العالم، الغرائز التي دمرت الروح الإنسانية، الغرائز التي لو التزمت الشعوب بمواجهتها من خلال فلسفة رمضان لأرغمت الفلسفة الرأسمالية على التواضع أمام قدرة الروح على المواجهة، وهي القدرة التي تجلت حينها في صيام المهاتما غاندي عن «المنتج الرأسمالي» حتى أرغم بريطانيا على الانسحاب من الهند، حفاظاً على ما تبقى لها من مصالح هددتها قيم الروح التي انتصرت على غريزة الاستهلاك المنفلت.
تحدثنا الأدبيات الإسلامية أن نبي الإسلام عليه السلام لم يكن يشبع، وكان يقول في بساطة متناهية، ولكن بفلسفة عميقة «نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع» وهي القيمة التي جعلت النبي يصوم عن الدنيا حتى امتلكها، إذ تحدثنا سيرة هذا النبي العظيم أنه في اللحظة التي كان يشد على بطنه بحزامه من شدة الجوع، كان يبشر أصحابه بفتح دول عظيمة في اليمن وفارس والروم.
وعلى الرغم من أنه مرت عليه سنوات رخاء، بعد توسعه دولته، إلا أنه ظل يصوم عن الدنيا، لأنك لكي تملك الدنيا، يتوجب عليك أن تصوم عنها، حيث يكون حظ الكُمَّل الكبار أن يعيشوا مع المعاني العظيمة والقيم النبيلة والمبادئ الخالدة والعقيدة الراسخة، وهي المعاني والقيم والمبادئ والعقيدة التي لا يؤثر فيها الوجود المادي، إذ يتكثف الزمن في اللحظة التاريخية التي يبدو أن المستوى الأعلى (الروحي المجرد) هو الذي يؤثر في المستوى الأدنى (المادي الملموس) على عكس التصورات المادية التي بلورها كارل ماركس في أفكاره عن التفسير المادي للتاريخ.
وهذا هو المستوى الذي غير مجرى التاريخ بالرسالات العظيمة والفلسفات العميقة، والثقافات الخالدة والآداب الثرية، المستوى الذي بلغه محمد عليه السلام، عندما رفض السلطة والثروة، ومضى يحلب الشاة ويخصف النعل ويحمل الحطب ويرعى الغنم، ويعصب على بطنه ثلاثة أحجار، ويناول الفقراء قدح الحليب إلى أن يرتووا، ثم يشرب هو آخر القوم، ويصوم حتى إذا ما حان وقت الإفطار، أكل تمرات معدودات، وقال: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» ثم مضى يصلي صلاة الشكر لله، وهذا ما نحتاجه اليوم: الصوم كوقاية من جشع العالم المادي، والصلاة كنافذة إلى عالم الروح.
https://www.alquds.co.uk/رمضان-في-مواجهة-تسليع-الإنسان/comment-page-2/?unapproved=2394865&moderation-hash=9f37eb468c0bba58a686b18bc32cfd1f#comments
الخبر:
الرئيس اللبناني جوزيف عون:
حين تُحتَل بيروت.
وتُدمر دمشق.
أو تُهدد عمّان.
أو تأن بغداد.
أو تسقط صنعاء.
يستحيل أي كان أن يدعي أن هذا نصرة لفلسطين!
من الأولى أن تكون بلداننا العربية قوية ومزدهره ومتطورة لنصرة فلسطين.
التعليق:
هذا هو الطرح الذي لا يختلف عليه اثنان.
بقي أن نقول:
إنه مع الهيمنة الإيرانية، ولأول مرة في التاريخ يسمى الاحتلال مقاومة.
همسة في آذان بعض أشقائنا الفلسطينيين:
القدس لن تتحرر باحتلال مليشيات إيران لبيروت وسقوط صنعاء في يد هذه المليشيات، ولا بجراح بغداد أو تهديد أمن عمّان.
نقطة على السطر.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
عندما سقط حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق قال وكلاء النظام الإيراني إن العراق عاد لأهله، لأنهم أرادوا عودة العراق لإيران، وعندما سقط حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا قال الوكلاء ذاتهم إن سوريا عادت لإسرائيل، لأنهم أرادوا بقاء سوريا تحت سيطرة طهران.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
بين نتنياهو وغورو
محمد جميح
يزعم رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الجيش مستعد للدفاع عن دروز سوريا. الأمر الذي فجر تظاهرات عارمة في مدن سورية عدة، وفي المناطق الدرزية على وجه التحديد، للتنديد بالتصريحات الإسرائيلية الخبيثة.
هل يعيد التاريخ نفسه؟!
أبلغ الجنرال الفرنسي هنري غورو الزعيم السوري المسيحي فارس الخوري بأن جيوش الاحتلال الفرنسي جاءت لحماية المسيحيين في سوريا، نهض الخوري، وتوجه إلى الجامع الأموي في دمشق، وألقى فيه خطبة، جاء فيها: "إذا كانت فرنسا تدعي أنها جاءت إلى سوريا، لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي أطلب الحماية من شعبي السوري، وأنا كمسيحي من هذا المنبر، أشهد ألا إله إلا الله".
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
لم يكن صالح الوحيد الذي كان يرقص، بل إن الرقص ـ كما ذكر ـ كذلك من سمات الأفاعي التي تجيد تغيير حركاتها أثناء الرقص، كما تجيد تغيير جلدها، وقد ألفت فيكتوريا كلارك كتاباً عن صالح، مقتبسة عبارة الرئيس اليمني «الرقص على رؤوس الثعابين» فكان عنوان كتابها: «Dancing on Heads of the Snakes» حيث سجلت ملاحظاتها عن تجربة سياسية في بلادٍ، كان أحد وزرائها يرى أن التعامل الأمثل مع الحوثيين في اليمن هو «الضرب بيد من حديد» وذلك قبل أن يدخلوا صنعاء، ليتقلد هذا الوزير ـ فيما بعد في اليمن ـ واحداً من أهم المناصب لدى الحوثيين، وهو أمين العاصمة صنعاء.
السياسة ـ إذن ـ أكثر المجالات التي ارتبط بها الرقص، ليس جهة العلاقات التي ربطت راقصات شهيرات بساسة وزعماء كبار، ولا بتوظيف الراقصات لأغراض سياسية، ولا بعمل بعضهن في مجالات التجسس وحسب، ولكن، لاشتراك الرقص والسياسة في كثير من أوجه التشابه التي كتب عنها الكثير، إذ يهدف الحقلان إلى كسب الجمهور وتوجيهه، عبر حركات الجسد، كما في الرقص، أو حركات اللسان، كما في السياسة. وكما أن الرقص فن، فإن السياسة فن كذلك، والفن يعتمد في المقام الأول على الموهبة، ثم تأتي الدربة والتعليم لصقل الموهبة التي تُمتع الجمهور كما في الرقص، أو تخدعه كما في السياسة.
الحمد لله على قضائه وقدره.
رحل إلى الله الخال علوي الجعشاني.
رحل قبله أبناؤه وإخوته وهو بعدهم صابر محتسب، إلى أن لحق بهم.
جمعه الله بأحبته في مستقر رحمته.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
لا للضربات الجوية…نعم لبناء القدرات البرية
محمد جميح
الحقيقة التي يعلمها الجميع أن الضربات الأمريكية في اليمن لن تسقط الحوثيين، ولن تؤثر عليهم إلا بالقدر الذي يجعلهم يبتعدون عن ممرات الملاحة الدولية، إذا تم التفاهم على ذلك.
والحقيقة الثانية أن مليشيات إيران في اليمن استفادت من الحرب على غزة واستفادت من الرد الأمريكي والإسرائيلي في اليمن.
وفي وقت نعرف جميعاً أن فلسطين هي آخر هم النظام الإيراني وأتباعه، وأنهم ينظرون للقدس كحصان طروادة الذي حملهم إلى داخل عواصم عربية تسيطر عليها مليشيات طهران، وأن اليمن والعراق ولبنان لا ينظر لها من طرف إيران ومليشياتها إلا كمنصات إطلاق صواريخ طهران وقواعد انطلاق طائراتها المسيرة، وحقل تجارب لأسلحتها، فإن الرد الأمريكي على نيران تلك المليشيات لا يؤثر تأثيراً كبيراً على تلك المليشيات، قدر ما يؤثر على بلداننا وبنيتها التحتية وسيادتها الوطنية.
أما تلك المليشيات فإنها لا تهتم للضرر الواقع على بلداننا جراء القصف الأجنبي، لسبب بسيط وهو أن هذه المليشيات الولائية ترى دولتها ودولة مشروعها في إيران، ولذا فإن تلك المليشيات لا تطالب إيران بالتدخل المباشر في الحرب، لأنها لا تريد أن تتعرض إيران للانتقام، قدر ما تريد لأوطاننا التعرض للانتقام الذي لا يضر المليشيات، بل ينفعها، لأنها توظفه لصالحها.
من هنا ينبغي رفض تلك الضربات، والعمل على دعم وتوحيد القوى المناهضة للحوثي من الداخل، لأن إسقاط الحوثيين من الداخل أسهل بكثير من إسقاطه من الخارج، ولأن الخارج لا يريد إسقاط الحوثي، ولكن يريد إعادة توجيه دوره الحقيقي في استنزاف الداخل العربي واليمني.
هزيمة الحوثي من الداخل هي الممكنة، وقد رأينا كيف انهزم في ظرف شهور معدودة عندما طُرد من الجنوب، عام 2015، وفي فترة وجيزة، مع زحف المقاتلين في الساحل، عام 2018،.
وأما صواريخ الحوثي التي تفيده في الهجمات الدعائية الخارجية فإنها لن تجديه في المعركة مع الداخل، شريطة توفر الإرادة السياسية وتوحيد الجهود مع قليل من الدعم لإنجاز المهام البرية.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
كان محمد صادقاً في كل حالاته، حتى وهو يعبر عن خوفه من هذا الطارئ الذي طرأ على قلبه، حتى قال "لقد خشيت على نفسي"، وكان صادقاً في حيرته إزاء هذه التجربة الروحية العميقة، لأن عادة الذين يخترعون الأكاذيب ألا تنتابهم الخشية والحيرة إزاء شيء هم اخترعوه وزوروه، على عكس من خوطب في القرآن بالآية: "فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك، لقد جاءك الحق من ربك، فلا تكونن من الممترين"، ليقول النبي فيما بعد: "لم أشك ولم أسأل"، بعد بلوغه مرحلة اليقين أن ما يأتيه وحي السماء.
وفي حين ذهب بعض الذين كتبوا عن النبي عليه السلام إلى القول إن محمداً لم يكن نبياً، فإنهم أقروا بأنه يستحيل لمن في مثل شخصيته إلا أن يكون صادقاً، ولكي يخرج هؤلاء من اعترافهم بصدق محمد، وتكذيبهم لنبوته، ذهبوا للقول إن النبي كان يتلبسه "مس من الجن"، فكان يتوهم أن ما يأتيه وحي، وما هو بوحي، في تفسير عجيب، حاولوا به تكذيب نبوته، رغم اعترافهم بصدق شخصيته، وحاولوا به دحض اعتقاد وجود ملائكة باعتقاد وجود "جن"، في محاولة للتخلص من الماوراء بالماوراء، حيث وقعوا فيما اتهموا به أتباع الأديان من "إيمان بالغيبيات والخرافة".
أما القرآن فيسمي هذا الكشف الروحي العميق "الوحي"، ويؤكد صدوره عن الله، لا عن الجن، وأنه "ما تنزلت به الشياطين، وما ينبغي لهم وما يستطيعون"، وهي تهمة قديمة وردت في القرآن الكريم، على لسان من آمن بوجود "شياطين" في حين أنه ينكر وجود "ملائكة"، وغيرها من اتهامات تذهب إلى أن النبي نقل عن "اليهود والنصارى"، وهي تهمة تفتح الباب على مصراعيه لنقول لا تتناهي إلى أن نصل إلى مصدر كل هذه النقول إن جاز أن نقول بها، وهو مصدر سماوي، حسب جميع الأديان الرئيسية في العالم، مع تأكيد نبي الإسلام أنه كان لبنة في بناء كبير، بل إن القرآن يؤكد حقيقة أن النبي الكريم جزء من سلاسل طويلة من الرسالات التي تدعو إلى "إسلام" الأمر لله، وبلغ الأمر أن القرآن يجعل دعوة النبي محمد هي دعوة كل الأنبياء والرسل من آدم إلى محمد، بل إن القرآن يسمي ديانات كل الأنبياء السابقين "الإسلام"، أي التسليم لله، حسب التصور الإسلامي للدين.
وبعد، كان محمد نبياً عظيماً، وكانت عظمته في بساطة شخصيته، ووضوح معتقده، وبعده عن التعقيدات التي دخلت العقائد قبله، بفعل المؤثرات السياسية والقومية والفلسفية وغيرها من المؤثرات.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
البن اليمني في طريقه لقائمة اليونسكو للتراث العالمي
محمد جميح
تم اليوم تسليم ملف البن اليمني الذي يشمل المعارف والممارسات المرتبطة بزراعة البن في اليمن، لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، بعد تغطية معظم الجغرافيا اليمنية، وذلك لإدراجه على قائمة التراث العالمي.
خلال السنوات الماضية ظللنا نبحث عن هيئة يمنية ذات كفاءة وقدرة مهنية في مجال البن للمساهمة بإعداد الملف وتمويله، وأخيراً وجدنا من أبناء اليمن الأخيار من تكفل بذلك.
مؤسسة القمة للتنمية، بقيادة رئيس مجلس الأمناء ومؤسسها الأخ فارس الشيباني، وزملاؤه في المؤسسة، وعلى رأسهم الأخت منال السقاف، نقطة الاتصال الوطني للملف، والفريق الميداني الذي يمتلك خبرة عميقة في مجال البن اليمني تضاهي الخبرات العالمية، كلهم بذلوا وقتهم وجهدهم لتسليط الضوء على البن اليمني وإبراز مكانته، وتعريف العالم بقيمته، ودوره المهم في المشهد العالمي لصناعة البن.
يستحق هذا الفريق كل الشكر والتقدير على جهودهم المضاعفة والإنجاز الكبير الذي حققوه، والذي تُوّج بتسليم الملف إلى سكرتارية اليونسكو
عندما عرضت خطة إعداد الملف على رئيس مجلس الامناء للمؤسسة أبدى استعداده الكبير، وأثبتت المؤسسة قدرتها على العمل والإبداع والإنجاز، بشكل يدعو للإشادة والإعجاب، ويثبت أن قطاع الأعمال اليمني يمكن أن يتميز عندما تناط به المهام المختلفة.
حق المؤسسة علينا الإشادة، وقد أصبحت رائدة في إحداث تغيير حقيقي ومستدام في قطاع البن اليمني، منذ تأسيسها في عام 2018، ومروراً بجهودها في مجالات التوعية والتسويق والبحث العلمي، وإلى لحظة رفع ملف البن اليمني لليونسكو.
يُعد هذا الترشيح خطوة جوهرية في مسيرة الاعتراف بالبُن اليمني كرمز ثقافي واقتصادي ليس فقط لليمن، ولكن للعالم أجمع. إذ يمثل البن اليمني إرثًا يمتد لقرون، حيث لعب دورًا أساسيًا في تاريخ القهوة عالميًا، وكانت موانئ اليمن، وعلى رأسها ميناء المخا، نقطة انطلاق هذه الحبوب السحرية نحو بقاع العالم.
كل الشكر والتقدير لمعالي الأخوين: معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة وسالم عبدالله السقطري وزير الزراعة والري على دعمهما وحماسهما الكبيرين لإنجاز الملف.
الشكر موصول للدكتورة فاطمة مصطفى الخبيرة الدولية في مجال التراث غير المادي التي أشرفت وتابعت خطوات إعداد الملف، وعملت مع الفريق الميداني بشكل مستمر إلى أن وصلنا إلى هذا الإنجاز الكبير.
كما أشكر الدكتور عمرو سفيان الذي شاركنا النقاش حول الملف وساعد في التواصل مع مؤسسة القمة للتنمية، والشكر موصول للأخ إبراهيم الصايدي.
لا يفوتنا هنا أن نشكر منظمات المجتمع المدني التي ساندت جهود إعداد الملف وفي مقدمتها
مؤسسة انصاف للتنمية
منظمة جودن للتنمية
مؤسسة نمو يمن للتنمية
بذرة لتجارة البن
ينتظرنا عمل مستمر لمتابعة الملف لدى الهيئات المختلفة لليونسكو، حتى لحظة الإعلان عن إدراج البن اليمني ضمن قائمة اليونسكو للتراث غير المادي.
شكراً مجدداً لكل من أسهم في إعداد الملف والشكر لله أولاً وأخيرا
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
من لم يقبل الحقيقة من الصديق الودود قبلها من العدو اللدود
محمد جميح
حولت إيران اليمن وبلداناً عربية أخرى إلى حقول تجارب ومنصات إطلاق لصواريخها، في حروبها التي تهدف للهيمنة والسيطرة ومشاغلة القوى الدولية عن البرنامج النووي، بعد أن بنت طهران لها مصدات مليشاوية، تبعد الحرب عن حدودها، وتقدم بلداننا - عبر مليشياتها - قرباناً على مذبح الطموحات الامبراطورية لحكام إيران.
حروب قذرة بعناوين مطهرة، حروب هيمنة تحت عنوان مقاومة، حروب احتلال المنطقة بعنوان تحرير فلسطين.
واليوم، وبدلاً من أن تضرب الطائرات الأمريكية طهران تضرب صنعاء، لأن إيران جعلت صنعاء أحد خطوط الدفاع عن طهران.
أما بالنسبة لأولئك الذين يصفقون للقصف الأمريكي، حتى وإن كان يستهدف الحوثيين، على اعتبار أنه سيقضي على الحوثي، ويوصلهم صنعاء، هؤلاء، عليهم أن يعلموا أن الأمريكيين هم من أوقف - مع غيرهم - طرد الحوثيين من ميناء الحديدة، وأن هدف الأمريكيين مجرد تقليم أظافر الحوثي لا قطع يده، وأن الخارج لا يمكن أن يحسم حرباً داخلية.
الذي يريد استرداد بلاده من يد المليشيات لا يستردها دون أن يخوض معركته من داخل البلاد، والذي يريد خوض معركة رئيسية لا يذهب للمعارك الجانبية، والذي يسعى لغاية نبيلة لا يدخل في صراع على المال.
حوصر عبد الفتاح البرهان داخل مقر قيادة الجيش السوداني فترة طويلة من قبل قوات الدعم السريع، تماماً، كما حوصرت قيادة الشرعية في صنعاء.
استطاع البرهان الخروج من العاصمة الخرطوم وانطلق إلى بورت سودان، تماماً، كما استطاعت قيادة الشرعية الخروج من العاصمة صنعاء والوصول إلى بورت عدن، في تشابه كبير بين الحالتين!
أين يكمن الفرق؟
بقي البرهان وصمد في بورت سودان، وهاهو اليوم يطارد قوات الدعم السريع من حي لآخر، ومن مدينة لأخرى، وخرجت قيادة الشرعية من عدن وهاهي اليوم تتوسل وطنها على أبواب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وبطبيعة الحال، لن تبقى صنعاء في يد مليشيات طهران، ولن يظل مصير اليمنيين رهن مشاريع طهران التوسعية، والحوثي قبل غيره يرى بعينيه مصيره في مصير غيره من الطغاة، ولكن تخليص اليمن من شرور هذه العصابة الإجرامية لن يكون إلا من نصيب من يستحق هذا الشرف العظيم.
لن يعجب هذا الكلام كثيرين يعجبهم الوضع الحالي، لن يعجب أصحاب المعارك الصغيرة والمشاريع الصغيرة والطموحات الصغيرة والخيال العقيم.
أخيراً:
من لم يقبل الحقيقة حلوةً اليوم من الصديق الودود قبلها غداً مُرّةً من العدو اللدود
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
وإذ قيل ما قيل، فإن ما سبق قوله عن «المسألة اليهودية» أو «المشكلة اليهودية» أو «الحل النهائي للمشكلة اليهودية» كل ذلك كان شأناً أوروبياً، ولم يكن اليهود يوماً ما مشكلة في الوطن العربي والعالم الإسلامي، بل كانوا مشكلة أوروبية، حتى أن «معاداة السامية» هي عنوان أوروبي وغربي، لا عربي ولا إسلامي.
يتحدث المؤرخ اليهودي الإسرائيلي البريطاني من أصل عراقي عن «تاريخ طويل من التسامح الديني والتعايش بين مختلف الأقليات» في البلدان العربية، ويشير في أحد لقاءاته المتلفزة إلى أن «التعايش المسلم اليهودي في البلدان العربية لم يكن عبارة عن فكرة مجردة، ولكنه كان واقعاً ملموساً، بشكل يومي».
ويستذكر حياته في بغداد، ويقول إن «العراق لم يكن لديه مشكلة يهودية، بل هي أوروبا التي كان لديها مشكلة يهودية، وإن اليهود في أوروبا كانوا هم (الآخر) المطلوب منه الوقوف بعيداً» وهو الذي يشير إلى أن «معاداة السامية كانت مرضاً أوروبياً» وأنها «ولدت في أوروبا، في العصور الوسطى…وتم تصديرها من أوروبا إلى الشرق الأوسط».
وبما أن «المشكلة اليهودية» لم تكن مشكلة عربية إسلامية، رأى الباحثون عن حلول أن «الحل النهائي» لهذه المشكلة يجب أن يكون في المناطق التي لم تولد فيها تلك المشكلة، وذلك بعد أن تم الاتفاق على أن «الحل الصهيوني» في إقامة «وطن قومي» هو الحل الأنسب أوروبياً، حيث اتفق طرفا الصهيونية المسيحية واليهودية على ذلك الحل، وتم الاتفاق لاحقاً على أن يكون هذا الوطن في فلسطين.
لكن، ومع مرور السنوات يتكشف لليهود قبل غيرهم أن «الحل الصهيوني» ليس الحل الأنسب، ذلك أن دولة إسرائيل كانت وليدة الحركة الصهيونية، والصهيونية ليست حركة تحرر وطني، كما روج لها زعماؤها، ولكنها امتداد للاستعمار الغربي، وكما رحل المستعمرون عن تلك الأرض، فإن كثيراً من المفكرين يتحدثون بشكل مستمر عن أن الاحتلال سيسقط، وأن المشروع الصهيوني برمته سينهار، وقد أثبتت الحرب الأخيرة على غزة هشاشة هذا المشروع، كما يرى الحبيب شوباني في كتابه «المسألة اليهودية في عصر الطوفان» حيث أثبتت هذه الحرب أن هذا المشروع برمته هو مشروع استعماري غربي، وأنه لم يكن ليستمر لولا الدعم الغربي الكبير لهذا المشروع الذي نجح في التدثر بعباءة اليهودية، الأمر الذي جعل «المشكلة اليهودية» أكثر التباساً، وحلها أكثر تعقيدا.
https://www.alquds.co.uk/المسألة-اليهودية-بين-الحلين-النازي-وا/
"رب إني مظلومٌ فانتصر"
لسان حال غزة.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
دردشة
محمد جميح
لا أدري كم مرة دمر الحوثيون حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان"، قبل أن يعترفوا بأن الهجمات الأخيرة تنطلق منها، يبدو أن "ترومان" بسبعة أرواح!
تضامن العالم كله مع غزة، لأنها كانت تقاتل قوات احتلال، فيما لم يتضامن غير نظام الملالي ومليشياته مع الحوثيين، لأنهم يمارسون أفعال اللصوص والقراصنة، ولأنهم يمارسون الابتزاز، ويأخذون الرشوة، ويسمحون للسفن التي تدفع لهم بالعبور.
أصحاب الشأن الحقيقيون في غزة يتفاوضون مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف الحرب، فيما الحوثيون يواصلون عملياتهم، تحت عنوان "نصرة غزة"!
هم ليسوا "ملكيين أكثر من الملك"، ولكنهم يهدفون باسم غزة لتثبيت سلطتهم، والحصول عن طريق "القرصنة" على "الاعتراف الدولي".
أوصل الحوثيون بعض اليمنيين إلى التصفيق للضربات الأمريكية في بلادهم، للأسف الشديد، حيث لم يترك الحوثيون لهم صديقاً داخلياً أو خارجياً، إلا عصابة "علي خامنئي بابا"، والأربعين مليشيا حرامية.
لا يرضى بأن تضرب الطائرات الأجنبية بلاده إلا معطوب الضمير، لكن هذه العصابة التي وظفت كل العناوين لصالح مشروعها في السلطة والثروة أعطت الذرائع للتدخلات الدولية في بلادنا، والتي دفع المدنيون فاتورتها الباهظة.
كان اليمن معروفاً في العالم بأنه مهد واحدة من أقدم الحضارات في العالم، ثم جاء المتطرفون من الدواعش والحوثيين فأصبح اليمني ممنوعاً من دخول أغلب البلدان، لأسباب معروفة.
كان اليمن دولة ذات سيادة، ومنذ أن أصبح الحوثيون يدافعون عن سيادته ذهبت السيادة في مهب الريح.
يبدو أن الحوثيين يختصرون مفهوم "السيادة" في شخص "السيد"!
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
مجنون
محمد جميح
أمشي وحدي، متحدثاً إليك…
يتحاشاني المارّة…
يقولون:
مجنون يحدث نفسه…
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
تشرفت بحضور إفطار دعت إليه المقاومة الإيرانية، بحضور المناضلة مريم رجوي، وعدد من الشخصيات العربية في باريس.
تصميم هذه المقاومة بزعامة مجاهدي خلق على إسقاط نظام الكهنوت الديني في طهران يدعو للتأمل.
لم يكن يخطر على بال أحد أن نظام الشاه سيسقط، ولا أن نظام بشار الأسد سينهار خلال أيام، ومع ذلك سقطت ديكتاتورية الشاه الامبراطورية وديكتاتورية بشار الإجرامية، وسيسقط رأس الأفعى الطائفية في طهران بإذن الله.
وإذا قطع رأس الأفعى في طهران فإن ذيولها سترقص رقصة الموت الأخيرة.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
رمضان في مواجهة «تسليع» الإنسان
محمد جميح
رمضان والرمضاء مشتقان من الفعل الثلاثي «ر م ض» الذي يحيل على شدة الحرارة، أو الحريق المادي الذي يشعله في الجسد الجوع والعطش، لينبعث بسببه حريق روحي يضيء البصيرة، حسب أهل العرفان الذين ربطوا شفافية الروح برقة الجسد، وارتواءها بعطشه، وامتلاءها بجوعه، وحيث ارتواء الروح يعني تفجر جداول الحكمة، وامتلاؤها يعني مقاومة الطين.
ليس الهدف جوع الجسد وعطشه، بل تقوية مقاومة الروح، إحداث نوع من التوازن بين غذاء الروح وطعام الجسد، وهذه فلسفة لا بد منها لمواجهة طغيان الفلسفة الرأسمالية والثقافة الاستهلاكية.
عندما زار الكاتب اليهودي ليو بولد فايس الذي أسلم وأطلق على نفسه اسم محمد أسد، عندما زار القاهرة، سجل في كتابه «الطريق إلى مكة» بعض الملاحظات، منها ما ذكره في قوله: «خلال هذه الأيام (أيام الصيام) ينبض الناس في شوارع القاهرة بوميض خاص في عيونهم، كما لو كانوا قد رفعوا إلى مرتبة سامية 30 ليلة».
وفي زمن طغيان المادة وفلسفة الاستهلاك المدعومة بأنياب شركات التكنولوجيا الحديثة يصبح الكلام على الروح ضرباً من الأحاديث الهزلية، لأن فلسفة الاستهلاك تريد مجتمعات مدجنة، يمكن توجيهها عن طريق أمعائها إلى الوجهة التي يراد للغرائز أن تتسع لتلتهم ما تبقى من إنسانية الإنسان، ليحصل أغوال المال على مرادهم في اختصار المجتمع في الفرد، واختصار الفرد في الجسد، وتسليع الجسد، من خلال مجموعة من الغرائز التي انتهت بالإنسان إلى تقديس التفاهة، في عالم يلهث وراء البريق الخاطف، و«التفاهة المقدسة».
ولكيلا نقع أسرى للغريزة التي يراد لنا أن نتقولب لإشباعها كان الصوم ضرورة، قبل أن يكون فريضة في معظم الأديان، لكي نتحرر من سطوة الغريزة، حيث يمثل التحرر من سطوتها بداية الطريق لمقاومة هذا الزيف المخيف الذي يلف العالم.
الصيام – إذن – فلسفة مغايرة لفلسفة الاستهلاك الرأسمالية، إنه ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب من الفجر إلى غروب الشمس، بل هو روح مقاومة، تقاوم بها القيمُ الروحية فلسفةَ الاستهلاك الرأسمالي التي تسعى لتحويل الإنسان إلى سوق، الصوم حركة مقاومة لتسليع الإنسان، لحبسه في معدته، لاختصاره في أعضائه الجنسية، إنه محاولة لتحرير الإنسان من سطوة الغريزة، ومن ثم انعتاقه من حبال الرأسمالية التي تلتف حوله بوماً بعد آخر، والتي تحاول خنق أشواق روحه بأمعائه، وهذا هو معنى حديث نبي الإسلام عن أن «الصوم جُنَّة» أو وقاية من سطوة الغرائز والماديات.
وبنظرة على تاريخ الأنبياء والفلاسفة والمفكرين والمعلمين الروحانيين نجد أنهم قاوموا مد الغرائز، وسعوا لتقنينها – وليس لإلغائها ـ إذ لا بد للتاريخ من غريزة لكي يتحرك، ولا بد للغريزة من تقنين، لكي تسير حركة التاريخ في مسار صحيح، حيث الغرائز المنفلتة تعني تاريخاً منفلتاً، والبطون الممتلئة تعني نهماً لا حدود له، وحيث التحول من فلسفة رمضان إلى فلسفة الاستهلاك يعني إطلاق العنان للشركات العابرة للحدود، وتجار الحروب وأغوال الفساد، لتدمير حضارة الإنسان، لنصبح في زمن تقول الرأسمالية فيه إنها ستشتري الأوطان، لتحولها إلى منتجعات ومكب غرائز تملأ الجيوب بدماء الناس، وتعمر ناطحات السحاب من عظام البشر، وتقتات على التطهير العرقي والإبادة الجماعية، وامتصاص أرواح وأجساد الشعوب، في فجور لم نشهد له مثيلا.
تصوروا لو كان أقطاب الرأسمالية الذين يحكمون العالم اليوم، لو كانوا يصومون، لو كانوا يشعرون بفقراء العالم، لو كانت لديهم قيم روحية، لو عرفوا معنى القناعة، معنى السعادة المنبعثة من قوة الروح، معنى الامتلاء والري الروحي الذي يأتي من الصوم، لو كان لديهم رهافة الصائمين، هل كنا سنعيش في عالم تمتلك أدنى نسبة من سكانه أعلى نسبة من موارده، وتعيش أعلى نسبة من سكانه على أدنى نسبة من ثرواته؟!
يقول ابن عطاء الله السكندري: «إذا أردت أن تصفو روحك، فاجعل جسدك يحترق، جوعاً وعطشا، فإن الجوع نار تحرق علائق الدنيا» حيث تنفتح الروح على معان لا تتناهى من الحب والعطف والرحمة والشعور بالقرب والتواصل الفكري والعاطفي، وهي المعاني التي تقدحها نار رمضان التي تصقل الروح لتفتحها على عالم الحب، في فلسفة جلال الدين الرومي الذي قال: «كل نار تحرق إلا نار الحب، فإنها تطهر».
هذه الطهارة هي التي كان يمكن أن تمنع تغول الفلسفة الاستهلاكية التي لا تشبع من دماء وعظام ودموع غالبية سكان الكوكب، وهي الفلسفة التي قسمت العالم إلى عالمين: عالم ينتمي إلى نيويورك ولندن وطوكيو، وآخر ينتمي إلى الأحياء الهامشية، ومدن الصفيح التي تعصف بها الاضطرابات العرقية والسياسية الناتجة عن اختلال الموازين الاقتصادية في عالم لا يعرف معنى رمضان، رمضان الحقيقي الذي هو في الأصل شهر الصوم، وليس شهر الأكل والشرب والموائد العامرة.
تناقض
محمد جميح
عندما صنفت الإدارة الأمريكية تنظيمي القاعدة و"داعش" منظمات إرهابية تماشى نظام طهران وأبواقه في بلداننا العربية مع التصنيف الأمريكي، وقالوا عن القاعدة وداعش إنها منظمات إرهابية.
وعندما صنفت واشنطن الحوثيين وبعض التنظيمات الإيرانية في بلداننا العربية منظمات إرهابية قال الإيرانيون وأبواقهم إن أمريكا لا تصنف إلا "أحرار الرجال"، وإن التصنيف الأمريكي "وسام شرف"!
تُرى هل القاعدة وداعش "أحرار الرجال" في عيون نظام طهران وأدواته؟!
هل يستحقون "وسام الشرف"؟!
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
سيتعين على العواصم التي يتواجد بها قيادات حوثية مصنفة على قوائم الإرهاب أن تتعاطى مع قرار التصنيف.
هناك شركات نفط، ومكاتب تصدير واستيراد وقنوات تلفزيونية تملكها قيادات في جماعة الحوثي.
من حق ومن واجب الحكومة اليمنية أن تتخاطب مع هذه العواصم بشأن العصب المالي والصوت الدعائي لهذه الجماعة التي ارتكبت من الأعمال الإجرامية ما لا يمكن وصفه.
🌐 قناة محمد جميح تيليجرام
/channel/MohammedJumeh
قال الدرويش:
من التفت إلى غير قلبه بطلت صلاته.
رمضان مبارك
الرقص بين الفن والسياسة
محمد جميح
الرقص فن قديم، شهدته الحضارات المختلفة، مارسه الإنسان في مناسبات متنوعة، والإله «بس» هو إله الرقص في الحضارة الفرعونية، وكانت توابيت الفراعنة تحمل صوراً لشخصيات راقصة، كأنما تعبر عن بهجة اللقاء في العالم الآخر، أو عن رغبة في تهيئة جو فرائحي في عالم الموتى، ضمن طقوس «الرقص الجنائزي» القديم.
وكان الرقص المرتبط بالمناسبات الدينية موجوداً في معابد سومر وبلاد ما بين النهرين، وشهدته حضارات فارس والهند، وأواسط آسيا ومعابد آلهة الإغريق والحضارات القديمة في الأمريكيتين. وهناك من يذهب إلى أن الرقص كان في الأصل نوعاً من الصلاة للآلهة القديمة، والشاهد على ذلك رقصات المطر التي تقدم لآلهة الخصب، ورقصات الديانة الشامانية التي تتم لجلب غضب الآلهة على الأعداء، أو توسل نصر «الأرواح» وغيرها من الأغراض، ولا تزال بعض القبائل البدائية من سكان الغابات في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وغيرها يمارسون بعض الطقوس والشعائر الدينية في حركات راقصة.
ويحدثنا القرآن الكريم عن أن طقوس الرقص كانت تمارس أثناء موسم الحج إلى مكة قبل الإسلام، «وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية» وتحدثنا كتب السيرة النبوية أن أهالي يثرب استقبلوا نبي الإسلام عليه السلام بالرقص والغناء، كتعبير عن فرحهم بقدومه، ولا يزال الرقص يحظى بمكانة دينية رمزية لدى فرق التصوف الإسلامي، وهناك أنواع مختلفة من هذا الرقص الصوفي الذي يعيد تشكيل حركات الجسد على إيقاع روحي خالص.
وفي ساحات الحرب كان الإنسان يتغنى بألحان ملحمية للحماسة، ويمارس نوعاً من الرقص، لترهيب العدو، ولا تزال بقايا رقصات الإنسان القديم في ساحات المعارك، لا تزال موجودة في إيقاعات النوتات العسكرية، وفي إيقاع حركات عناصر حرس الشرف والمراسيم والتشريفات لدى الجيوش الحديثة. كما لا تزال بعض الرقصات تؤدى بالسيوف والخناجر وأدوات الحرب القديمة، لتعكس هذه الرقصات أصولها الأولى التي تعود إلى أجواء المعارك والحروب.
غير أن الجانب الفرائحي ظل هو الجانب الأهم في فنون الرقص، حيث رقص الإنسان في المناسبات والأعياد، ورقص في الأعراس، وفي حفلات تنصيب الملوك، وفي مناسبات تقليد الأمراء بالسيوف، ونيل ثقة حاكم أو أمير في المناصب والمهام، إذ ارتبط الرقص بالفضاء العام ومجالاته المختلفة من اقتصاد واجتماع وسياسة، وما يرتبط بهذه المجالات من مناسبات وأحداث.
وإذا كان الرقص فناً، فإن السياسة فن كذلك، وهما يشتركان في أمور كثيرة، والفارق الوحيد بين الرقص والسياسة يكمن في أن الراقصة تحرك جسدها، فيما يحرك السياسي لسانه، على رأي المرحوم إحسان عبد القدوس. السياسي يرقص على إيقاع الأحداث، يرقص بتحريك جسده ولسانه ومواقفه وهو في كل الحالات يرقص بتحريك ضميره، تبعاً لإيقاعات المصلحة والتوجهات العامة، واهتمامات الجمهور والرأي العام، والسياسي البارع كالراقصة البارعة يجيد تقديم المَشاهد الاستعراضية القائمة على المفاجأة والإدهاش والخفة والرشاقة، وتحريك المواقف والضمير، حيث الرقص بتحريك المواقف هو أكثر أنواع الرقص السياسي شهرة وتأثيرا.
السياسة رقص والرقص سياسة، وكما يتحتم في الرقص ـ أحياناً ـ أن يتم في حيز مكاني ضيق، يتحتم على السياسي كذلك أن يرقص فوق حقول ألغام، وفي هوامش ضيقة ومعقدة، وكما تقفز الراقصة في حركات رشيقة لتقديم أفضل العروض يقفز السياسي من موقف إلى آخر، لتقديم عروض، ليس بالضرورة أن تكون هي الأفضل.
وقد مارس الرقص ساسةٌ كُثر، على طول التاريخ السياسي للأمم والشعوب، ساسة يقفزون من مراكب غارقة إلى أخرى شبه ناجية، ساسة مارسوا رقصة القرود التي تقفز من غصن إلى آخر، ومن شجرة إلى غيرها. وفي 2011 كان الرقص السياسي ميزة واضحة، عندما ضرب «الربيع العربي» أنظمة في المنطقة، وحينها حجز هؤلاء الساسة لهم مكاناً في المراكب التي أبحرت عبر موجات الربيع المتلاطمة، ثم لما عتت الريح مرة أخرى، قفزوا إلى مراكب أخرى، في رشاقة لاعبي السيرك أو راقصات الباليه.
وإذا كانت السياسة رقصاً، فإن الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح كان يرى أن السياسة والحكم في اليمن رقص خاص، يشبه «رقصة الموت» عند العصافير الذبيحة، «رقص على رؤوس الثعابين» حسب تعبيره، وهو رقص مخيف، لأن الذي يرقص ـ هنا ـ لديه مهمتان: الأولى ممارسة الرقص، والثانية الانتباه لرأس الأفعى، حيث ينظر بعين إلى الجمهور، ويضع أخرى على رؤوس تلك الزواحف القاتلة. الرئيس صالح أجاد لعقود «رقصة الموت» تلك، وكان ماهراً فيها، لكنه ربما نسي أن الثعابين ـ وهي تتهيأ للدغتها المميتة – تمارس كذلك نوعاً من الرقص، وهذا ما كان، عندما تعرض للدغة قاتلة من أحد الثعابين.